في رثاء عساف ابو رحال
“انتبهي هنا لغم… عليك ان تضعي قدمك تماما حيث اضعها لنصل الى الشريط”…. اتابع خطواته بدقة واتبعه بحذر… حتى نصل الى شريط شائك… يصرخ بي “اركضي خلفي… سيطلقون النار”…وبدأ الرصاص ينهمر فوق رؤوسنا… هم دخلوا مزارع شبعا وانا ركضت بسرعة البرق الى خارج “الحدود”… الى الطرقات الوعرة التي يحفظها مراسل المزارع عن ظهر قلب… امتهن سلوك طرقاتها كما امتهن نقل جرحها… وجرح قراها…
تحطمت الصورة وسقط القلم من يد عساف لينتهي المراسل الجنوبي خبرا يعجز عن نقله وشهيدا لا يلتقط صورته…
زميلي في المهنة، رفيقي في تغطية يوميات تحرير الجنوب، اخي الكبير في الرحلة الى مزارع شبعا… تلك المزارع التي تسلكها كرعاة الماعز بالجبال والطرق الوعرة وبين الألغام التي زرعتها قوات الاحتلال… فتجتاز شريطها الشائك كما تدخل باب منزلك… منزلك في كفرشوبا وزوجتك الطيبة تقف على عتبة الباب ترحب بزملاء عساف: “الليلة هنا..الغرف جاهزة فالعودة الى بيروت مساء غير امنة”…
…هل امنة طرقات الجنوب ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا والعديسة والحدود القاتلة؟ هل آمنة ارضنا في الجنوب حيث بقيت وصمدت ونقلت ألمها بالقلم والصورة؟
انت اليوم ألمها يا عساف كما كنت قلمها يا صديقي….
…ونبيت الليلة في منزل مراسل المزارع الشهم… نمضي الليل نستمع الى قصص لا تنتهي عن الاحتلال وظروف العمل في زمن الاحتلال… رحل المحتلون وتبدلت ظروف العمل لكن المهنة تبقى هي هي مراسل على خط النار… كل يوم يسلك طريقا غير امنة وينقل صورتها… ويحزن مع حزنها.
هل يعلم الجميع انك حررت مزارع شبعا؟؟؟ هل يحفظ عفيف دياب صورة العلم اللبناني الصغير الذي رفعته هناك؟
اتذكر الجنارك…”اقطفي يا هناء انها من مزارع شبعا…طعمها مختلف”… نعم يا عساف طعمها مختلف، كل ما في الجنوب مختلف حتى مراسلي الجنوب يختلفون… لهم طعم الجنارك وقلب الأسد…
لم اكن اتوقع رحيلك الا شهيدا في ارض الجنوب…. مراسل الشريط في زمن الشريط… مراسل المزارع في زمن المزارع ومراسل الجنوب في زمن الجنوب.. انتبه يا عساف…. لم تنتبه.. انه صاروخ…. تحطمت الكاميرا واحترق القلم… واصبحت الخبر
hanouche44@hotmail.com
هناء حمزة
الزميل الودود صاحب القلب الأبيض
مني الجسم الاعلامي في لبنان والزملاء الاعلاميون في الجنوب بخسارة جسيمة اثر استشهاد الزميل عساف بو رحال، الزميل الودود صاحب القلب الابيض والبيت المفتوح والعلاقة الانسانية مع كل من عرفه وتعرف اليه. هو الاب المكافح الذي ربى مع زوجته ام مازن اثنين من خيرة شباب لبنان. مازن استاذ مادة الرياضيات في منطقة مرجعيون. وجرجس التلميذ الضابط في الجيش اللبناني صديق الطبيعة والبيئة والرياضة معا. ونسرين شقيقتهما المتاهلة في بيروت.
هو الانسان الذي تعرفت اليه في كنف جريدة “المستقبل” منذ انطلاقتها في العام 1999، قبل ان ينتقل للعمل في مؤسسات اخرى في وقت لاحق، لتستمر العلاقة الوثيقة بيننا والزيارات المتبادلة والرحلات المشتركة؟ وليس آخرها رحلتنا لمناسبة عيد التجلي العام الماضي الى قمة جبل حرمون مع زميله الذي لا يغادره المعلم متري حيث يثبت في كل مرة بان تقدم عمره لم يقو عليه وهو الذي لوى ذراع الزمن بابتسامة لا تغادره وابوة كانت موضع فخر له وصداقات متشعبة على امتداد الوطن وبعلاقة انسانية مع الطبيعة وزيتونها وممالك نحلها.
رحمك الله يا نحلة جبل الشيخ وزيتونة الكفير وراشيا حاصبيا. سنفتقدك جميعا.
فادي البردان
عن جريدة المستقبل اللبنانية
الصحفي الذي سقط على الحدود: في رثاء عساف ابو رحال
– احر التعازي والمواساة لأهل واقارب واحبة شهيد لبنان والعرب والانسانية , صورته محمولا على نقالة في ارض المواجهة تصدرت كافة الصحف الامريكية الرئيسية هذا اليوم
http://media3.washingtonpost.com/wp-dyn/content/photo/2010/08/03/PH2010080304059.jpg