يعيش فيلهلم ديتل الآن في قرية هادئة قرب مدينة “ميونيخ” بعد أن أمضى11 عاماً كـ”عميل” لجهاز إستخبارات ألمانيا الغربية (جهاز “بي إن دي”) في الشرق الأوسط.
حتى سلسلة الإعتقالات الأخيرة التي شهدها لبنان في العام الماضي ضد من أطلقت عليهم تسمية “عملاء الموساد” لا تغيّر رأي فيلهلم ديتل في أن “أجهزة الإستخبارات الغربية، بما فيها أجهزة لبنان، غير كفؤة”. إن “ديتل”، الذي يعيش الآن في قرية هادئة قرب “ميونيخ”، يعرف الموضوع جيداً. فطوال 11 سنة، كان “ديتل” عميلاً لجهاز إستخبارات ألمانيا الغربية (جهاز “بي إن دي”) في الشرق الأوسط، تحت غطاء عمله كصحفي يراسل مجلة “كويك” الألمانية (التي توقّفت عن الصدور الآن) ثم كصحفي حرّ.
ودفعه عمله لزيارة سوريا، ولبنان، والأردن، ومصر، والسعودية وبلدان أخرى، واجتمع مع إرهابيين، وقادة عسكريين، وممثلي أجهزة إستخبارات، وسياسيين. وقد نقل إلى القرّاء إنطباعاته في المئات من المقالات التي كتبها، ثم في عدد من الكتب. أما المعلومات الاكثر سرّية فكان يدبّجها في تقارير يرفعها إلى مسؤوليه في جهاز الإستخبارات الألماني. ولكن عمله انكشف بعد بضع سنوات.
وفي مقابلة كان مجلة “هآرتز” قد أجرتها معه في يونيو 2007، اعترف “ديتل” قائلاً: “نعم كنت جاسوساً. كنت مسؤولاً عن تجميع المعلومات وعن إدارة العملاء. وقمت برشوة ضباط في الجيوش. وسافرت في كل أنحاء الشرق الأوسط- سوريا ولبنان والأردن ومصر- وخاطرت بحياتي من أجل ألمانيا”.
وبعد أن ترك جهاز “بي إن دي” (لديه مشكلات قضائية مع الجهاز الآن) فقد نشر في ألمانيا كتاباً بعنوان: “جيوش الظل”: أجهزة إستخبارات العالم الإسلامي”:
“Schattenarmeen: Die Geheimdienste der islamischen Welt”
والكتاب يؤرّج لأجهزة التجسس في البلدان الإسلامية، وخصوصاً العربية منها. ويبحث “ديتل” عن ناشر إسرائيلي لكتابه.
إن كتاب “ديتل” الجديد هو أعمق كتاب حول الموضوع منذ الكتاب الذي وضعه “ياكوف كاروز” (Yaacov Caroz) بالعبرية بعنوان “الأجهزة السرّية العربية” في العام 1976، بعد عشر سنواته من استقالته من منصبه كنائب مدير “الموساد”.
أجهزة وحشية وفوق القانون، بل إنها هي القانون
ويقول “ديتل” أن “معظم أجهزة الإستخبارات العربية تختلف كلياً عما تعوّدنا عليه في الغرب وعن نظرتنا إلى أجهزة الإستخبارات. فمعظم عمل جهاز “بي إن دي” الألماني مثلاً هو تجميع المعلومات ذات القيمة الإستراتيجية أو السياسية أو العسكرية، وفهم وتقييم وتحليل الوجهات العامة، وليس قتل الناس وتعذيبهم. أما أجهزة الإستخبارات العربية فتعتبر أن مهمتها الأولى هي الحفاظ على النظام أو حماية الزعيم، ولذا فأنها تكون وحشية ولا ترتدع عن القيام بأي عمل. إنها فوق القانون. بل إنها هي القانون. وهذه الأجهزة تعتبر نفسها أجهزة إلهية. فهي تعذّب المشبوهين بلا هوادة، بحيث لا يدهشنا أن يعترف مشبوهون كثيرون بأي جريمة. واعتقادي أن هذا الأسلوب هو ما سمح لهم بكشف حلقة التجسّس الإسرائيلبية في لبنان”.
أمن حزب الله خطف المشبوهين وحقق معهم قبل تسليمهم لاستخبارات الجيش
إن تقييم “ديتل” يتعارض كلياً مع تقارير الصحافة الدولية التي جاء فيها أن انكشاف الشبكة الإسرائيلية نجم عن معدات المراقبة والتنصّت الحديثة التي قدّمتها الولايات المتحدة للجيش اللبناني.
ويقول: “بدأ انكشاف الأشخاص الذين اتهموا بالعمل للموساد مع استجوابهم على يد جهاز الأمن الوقائي في حزب الله، الذي حقّق في السلوك الخارج عن المألوف لعدد من المشبوهين، من نوع الإرتفاع غير المبرّر لمصاريفهم الشخصية. وفي مرحلة لاحقة من التحقيق، قام هذا الجهاز بـ”اعتقالهم”، أي أنه خطف المشبوهين، وقام بتعذيبهم، وانتزع الإعترافات منهم “.
وبعدئذٍ فقط تم تحويلهم إلى جهاز إستخبارات الجيش، الذي يتولّى مسؤولية الأمن الداخلي في لبنان.
وقد أفادت تقارير نُشِرت في لبنان وفي فرنسا في الأسبوع الماضي أن موجة جديدة من الإعتقالات تمحور حول مسؤولين كبار في شركة “ألفا”، وهي الشركة المسؤولة عن تشغيل الهاتف الخليوي في لبنان منذ العام 1996. وقد اعتقل المدعو “طارق الربعة”، الذي كان يعمل في الدائرة الفنية للشركة، بعد أن أثار الشبهات بسبب إنفاقه غير الطبيعي في باريس.
وللحؤول دون اختراق صفوفه من جانب “الموساد”، فقد أنشأ حزب الله شبكة هاتف خليوي مستقلة، رغم إعتراضات حكومة السنيورة السابقة، وبذلك فإنه عزّز وضعه كدولة ضمن الدولة.
وقد أقام الحزب شبكته بفضل الخبرات والتمويل الذي وفّرته إيران. وتغطّي الشبكة المناطق التي يتمركز فيها اللبنانيون الشيعة.
ويضيف ديتل: “حقاً أن الإستخبارات الإسرائيلية فشلت في لبنان، ولكن فشلها، في نهاية المطاف، يعود إلى الحظ أكثر مما يعود لاحتراف الأجهزة المضادة. هذه المرة، كانت الأجهزة اللبنانية أكثر حظّاً. ولم أطالع ولم أسمع أي ردّ فعل إسرائيلي، وقد يكون الصمت أفضل. ولهذا السبب، فأنا لا أعرف ماذا قامت به إسرائيل بالنسبة لما حدث في لبنان، وما هي الدروس التي استخلصتها, ولكن، إستناداً إلى ما أعرفه عن الأجهزة السرية الإسرائيلية، فأنا على قناعة بأن الإسرائيليين قاموا بتحقيق حول ما حصل في لبنان ووصلوا إلى خلاصات. وفي نهاية المطاف، فاعتقادي هو أن جهاز الإستخبارات اللبناني، على غرار أجهزة البلدان العربية الأخرى، لن يتغير في المستقبل، وسيظّل عديم الكفاءة”.
اعتقل قرب “حماه” في العام 1982
وبالعودة إلى “ديتل”، فإن حياته المزدوجة في الشرق الأوسط عرّضته لبعض المخاطر. فقد اعتقل في العام 1982 قرب مدينة “حماه”، بعد ارتكاب أجهزة الأمن السورية مجزرة بحق “الإخوان المسلمين” الذين تمرّدوا على النظام. ولكن “ديتل” قدّم لضباط الأمن الذين استجوبوه شريط مقابلة صوتية أجراها مع وزير الإعلام السوري أثناء زيارته لـ”حماه”، وزعم أنه تم تحديد موعد له لإجراء مقابلة مع الرئيس حافظ الأسد بعد أيام.
وكانت نقطة مقابلته مع حافظ الأسد كذبة، ولكن حالة التلفونات الرديئة في سوريا حالت دون التحقق من صحة مزاعمه. وبفضل خوف المحققين السوريين من القصر الجمهوري، وتعرّفهم إلى صوت وزير الإعلام، فقد اقتنعوا بأقوال “ديتل” وأطلقوا سراحه.
وهو يروي هذه القصة ليبرّر اعتقاده بأن عناصر أجهزة الإستخبارات العربية يخشون ارتكاب خطأ يكلّفهم وظائفهم أو حتى حياتهم أكثر مما يخشون عدم القيام بعملهم بصورة كفؤة.
ويضيف: “لحسن حظ أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية أن خصومها من هذه النوعية”.
ديتل: الأمن الوقائي لحزب الله كشف العملاء والأجهزة العربية كلها غير كفؤة لأن همّها حماية أنظمتها
hassan — hara13_sa@yahoo.com
اوافق بأن الاجهزة المخابراتية في الانظمة العربية تعمل من اجل تعزيز نظام الحاكم من الشعب فقط , واذا جاء القرار من دول كأميركافي تغيير الحاكم نجد ان هذه الاجهزة تنفذ من دون سؤال. يا سبحان الله
ديتل: الأمن الوقائي لحزب الله كشف العملاء والأجهزة العربية كلها غير كفؤة لأن همّها حماية أنظمتها
ان مشكلة النظام السوري انه يؤمن بالصياح والعنف والنفاق لكي يعمي البصر والبصيرة اين تحرير الجولان التي انسحب الجيش منها بدون قتال ان تاريخ النظام السوري هو دعم الميليشيات الارهابية والمافيات المخابراتية كما لوحظ في سوريا ولبنان والعراق من اجل قتل الديمقراطية والشعوب المسكينة التي هي ضحايا هذة الاحزاب الميليشية والمخابرات الارهابية فمنذ ولادة حزب البعث الى الان تدمر شعوب المنطقة اكثر مما فعلته الصهاينة ، لبنان يسعى نحو الديمقراطية وهذا يشكل خطر على النظامين السوري والايراني الميليشي