اليمن على وشك الإنفجار، يردّد الصديق منصور هائل في كل مقالاته. مصر قنبلة على وشك الإنفجار، يقول علاء الأسواني في المقابلة التالية التي نقلها “الشفاف” عن جريدة “الفيغارو” الفرنسية. منصور هائل متشائم، في حين يتحفنا الأسواني بتفاؤل ندر أن صادفناه لدى الكتّاب المصريين في الحقبة الأخيرة. هل تكون مصر على عتبة تغيير ديمقراطي يحمل في طياته الحلّ لمشكلات الأصولية والمرأة والأقليات؟ “إنتفاضة الإستقلال” اللبنانية تتعثّر تحت وطأة ضغوط لا طاقة لبلدٍ صغير على حملها. و”الثورة الخضراء” في إيران لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، بانتظار ما سيحدث في طهران بعد 4 أيام. فهل تحمل “أم الدنيا”، بمنكبيها العريضين، شعلة الديمقراطية في منطقة تمثّل “الرجل المريض” في العالم المعاصر؟ لنحلم مع الأسواني..!
“الشفاف”
*
الفيغارو: “عمارة يعقوبيان”، التي عرّفت الجمهور الواسع بك، رسمت صورة كالحة لمصر فاسدة سياسياً، ومنافقة دينيّاً، ومُجحِفة إجتماعياً. هل ما تزال صورة مصر كما رسمتَها؟
علاء الأسواني: ما تزال مصر كما وصفتها، ولكنها بدأت تعي حالتها. إن مصر تعاني منذ زمن طويل من مضاعفات مرض يُسمّى الديكتاتورية. في سنوات الثمانينات والتسعيناتظ، كانت قلة من الناس تدرك ذلك. أما اليوم، فإن المصريين، وخصوصاً الشبّان، يدركون أن المرض موجود وأنه لا مفرّ من الشفاء منه. ثمة حركة سياسية بارزة جداً تطالب بالديمقراطية والعدالة، ولكن الوعي المستجدّ يطال جميع الميادين، بما فيها الأدب. نحن على أهبة تغيير كبير نخطو نحوه بخطوات كبيرة.
• هذا الشباب يمثّل نصف شعب مصر. ولكنه لم يعرف سوى الرئيس حسني مبارك ويبدو غير معبّأ وبعيداً عن الأوهام. ما الذي يجعلك متفائلاً؟
علاء الأسواني: ما يدفعني للتفاؤل هو أن كثيرين بين الشبان بدأوا ببلورة وعي سياسي. إنها معجزة صغيرة، لأنها تتم بدون مساعدة من أحد. فالتعليم في وضع كارثي، ووسائل الإعلام في حالة كارثية. كل العوامل مجتمعة لكي لا يدركوا شيئاً، ولكي لا يبالوا بما يحدث في بلادهم، ولكي يحلموا بالهجرة منها. مع ذلك، فإن عدداً متزايداً من الشبّان رسموا صورة واضحة للمستقبل. وهم الذين يحرّكون مصر اليوم. هم الذين صنعوا “ظاهرة البرادعي”، هم وليس المثقفين.
• لكن محمد البرادعي يقول أنه يشعر بالقلق لأن المصريين ينتظرون “مخلّصاً” في حين أن التغيير لن يأتي، حسب البرادعي، إلا من جهود الجميع… هل تلمس بوادر لذلك؟
علاء الدين الأسواني: لا ينبغي الإستخفاف بقوة الخيال. هل كان بوسع أحد، في سنوات السبعينات، أن يتنبّأ بانهيار الإتحاد السوفياتي؟ هل تنبّأ أحد بالثورة الفرنسية؟ الإستخفاف بالخيال يعني الإذعان إزاء قوة السلطة. أنا لا أتحدث عن الثورة، ولكن النظام، في لحظة مناسبة، لن يظلّ قادراً على مقاومة الضغوط. في الأشهر الأخيرة، نام مئات المصريين على الرصيف أمام مبنى البرلمان لكي يندّدوا بتدهور أوضاعهم المعيشية، وهذا في حين تراكم النخبة الحاكمة ثروات هائلة. إن المشكلة ليست أن هؤلاء الناس فقراء فحسب، بل في أنهم لم يعودوا قادرين على الحياة، بكل بساطة. إذا ما استمرّ الضغط في التصاعد، فإن النظام سينتهي إلى الإنكسار.
• وهذا بالتحديد ما يخيف الناس في الغرب، بل وفي مصر نفسها. فمن يستطيع أن يتوقّع عواقب ذلك؟
علاء الدين الأسواني: ولكن ذلك يخيفني أنا أيضاً! إذا ما أفلت زمام الوضع، فستكون تلك كارثة على الجميع. هنالك أغلبية من الفقراء في مصر، إن مصر قنبلة على وشك الإنفجار. ولكن، هل ذلك سبب للصمت؟ بالعكس! إن التغيير الديمقراطي هو الذي سيسمح بنزع فتيل القنبلة، وليس دعم الديكتاتورية التي تمثّل السبب المباشر لهذا الوضع الكارثي.
أنظروا إلى إيران. أنا على قناعة أنه لو كان الشاه قد وافق على إجراء إصلاحات ديمقراطية في اللحظة المناسبة، فإن الثورة الخمينية ما كانت لتحصل.
• بمعنى أنه ينبغي التحرّك قبل فوات الأوان؟
علاء الدين الأسواني: لقد درست الطب (ما يزال الأسواني يعمل كطبيب أسنان) والجراحة، وهنالك قاعدة بسيطة: إذا لم ننجح بإزالة سبب المرض، فإن ذلك يؤدي لقتل المريض. وذلك ما سيحلّ بمصر إذا لم نفعل شيئاً. ولكن الحلول موجودة فعلاً. لقد حصل أكثر من 800 ألف مصري على شهادات عليا في الغرب. وهذا العدد يفوق عدد سكان بعض الإمارات العربية. إن جميع المواهب مشلولة الآن، ولكن إذا ما أعطيناها الفرصة للتعبير عن نفسها، فلن تكون مصر بحاجة إلى أكثر من 10 سنوات لكي تصحّح وضعها. إننا، فقط، بحاجة إلى نظام يعمل.
• لكن مصر تواجه تحدّياً آخر، هو نهوض الأصولية الإسلامية، سواء “السلفية” أو “الوهّابية”، التي تقوض أسس المجتمع، على غرار مكانة المرأة ووضع الأقلية القبطية. هل يمكن تحقيق النصر في هذه المعركة الأخرى؟
علاء الدين الأسواني: هذه قناعتي. إن الوهابية هي تأويل للإسلام يتعارض كلياً مع تأويلنا نحن، تأويل مقفل كلياً، ومعادٍ للديمقراطية، ومعادٍ للفنون، وللمرأة بصورة خاصة. الوهابيون مسكونون بهاجس المرأة، إلى حد مَرَضي تقريباً. وهم لا يرون المرأة ككائن بشري، وإنما حصراً كأداة للذة وكآلة لإنجاب الأطفال. إن السعوديين ينفقون ملايين البرودولارات من أجل تسميمنا، عبر فضائياتهم التلفزيونية، ولكن الثقافة المصرية قوية وراسخة الجذور. ولا يسع أحد أن يحبسها في قارورة “الوهّابية” الصغيرة. إن هاتين المعركتين، المعركة ضد الأصولية، والمعركة من أجل الديمقراطية، مترابطتان. إذا ما انتصرنا في واحدة، فإننا ننتصر في الثانية.
• القسم الظاهر هو الحجاب الكامل. في مصر، كما في فرنسا، فإن الحكومة تسعى لمنعه، ولكنها تواجه إعتراضاً بإسم الحرية الفردية والحرية الدينية. كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
علاء الدين الأسواني: أنا أفهم الرغبة في منع النقاب، لأنه علامة إستبعاد من المجتمع ولا صلة له بالدين. ولكن الحكومات الغربية منافقة إلى حدّ ما. فالنساء اللواتي ترتدين النقاب في أوروبا تعلّمن القيم الوهّابية في مساجد تموّلها السعودية. ولسوء الحظ، فإن أحداً في الغرب لا يريد أن يزعج السعوديين بسبب نفطهم، إلا حينما يتعلق الأمر بالنقاب. من الأفضل أن يعالج الغرب جذور المشكلة عبر تشجيع التعليم المعتدل للإسلام، وعبر الحدّ من النفوذ السعودي.
• هل تتفق مع ما قاله محمد البرادعي لجريدة “الغارديان” بأن الحكومات الغربية تتحمل مسؤولية معيّنة في نهوض الأصولية؟
علاء الدين الأسواني: كلياً. إن خلق الظلم والإحباط، ومساندة الديكتاتوريات العربية، يولّد الإرهاب. إن باراك أوباما، مثلاً، الذي أثار خطابه أمالاً كبيرة قبل عام، يكثر من الحديث عن الديمقراطية. ولكن رؤيته، وأنا لا أشك في إخلاصه، تصطدم بالخطوط الحمراء للسياسة الخارجية الأميركية، وخصوصاً في ما يتعلق بإسرائيل، وتثابر واشنطن على دعم بعضٍ من أسوأ أنظم المنطقة. إن في ذلك تناقضاً رهيباً.
أجرى المقابلة مراسل “الفيغارو” Tangi Salaun
علاء الأسواني: مصر قنبلة على وشك الإنفجار!1) لم يلتقي الصحفي البريطاني (John R. Bradley) بعلاء الاسواني فحسب , بل كانت روايته (عمارة يعقبيان) ملهم ودليل له في تأليف كتابه (Inside Egypt: The Land of the Pharaohs on the Brink of a Revolution) .. وامضى المؤلف جزء كبير من بحثه مستمعا الى الاسواني وشلته على مقاهي القاهرة , الكتاب يصل الى استنتاج الاسواني (مصر قنبلة على وشك الإنفجار) .. ولا ندري ايهما (سرق) الآخر ؟! .. والمفارقة ان المؤلف (يزدري) الاسواني وشلته .. الكتاب منع في مصر , ثم نشر في صحف .. ثم تم (تسويقه) على انه (ممنوع) وهي تقنية… قراءة المزيد ..