لولا فساد “الأخوة” في حركة “فتح” الذي وصل الى حد التعفن، ولولا كثير من الممارسات اللا انسانية التي مارستها أجهزة أمنية سلطوية فتحاوية تعددت حتى أصبحت أكثر من عدد الأجهزة التي كانت موجودة في عراق صدام وما زالت موجودة في سوريا الأسد، ولولا اصرار اسرائيلي متواصل على اغلاق كل الطرق المؤدية الى سلام عادل يمنح الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم في دولة متواصلة جغرافيا وقابلة للحياة، ولولا تدهور الوضع المعيشي للسكان في أراضي السلطة الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص، نتيجة الاجتياحات الاسرائيلية اليومية للمناطق الفلسطينية والحصارات المتتالية وجدار الفصل العنصري اضافة للفساد الذي تغلغل في جسد السلطة مما أدى الى فقدان مئات الملايين من الدولارات من مستحقات الشعب على شكل سرقات علنية قام بها رموز السلطة جميعهم وبدون استثناء أي مستوى، لغاية دخول السيد سلام فياض في تشكيلة السلطة قبل بضع سنوات من الآن، ولولا الخطاب الديني البراق بالتوازي مع ضخ كميات مهولة من المال الايراني “الشريف” الذي خدعت به “حماس” الناس في مجتمع تعلق بقشة الدين، بعد أن فقد آماله بالقومي واليساري. لولا كل هذا ما كان لحركة فاشية اجرامية كحركة “حماس” أن تفوز بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني عبر انتخابات قال عنها القاصي والداني أنها الأكثر نزاهة وشفافية في تاريخ الديمقراطيات العربية الضحل أساساً.
كان لا بد من هذه المقدمة، درءا لمحاولات البعض “الخبيث والطيب” التصيَد في المياه العكرة، حيث اصبح من العُرف السائد أن من يوجه سهام نقده الى حركة “حماس” يُتهم بأنه “فتحاويٌ سلطويٌ” بالضرورة والعكس صحيح، في مشهد بائس لم يعد يرى في فلسطين إلا فتحاوي فاسد متعفن أو حمساوي ظلامي مجرم، في اقصاء واضح لبقية مكونات المشهد الفلسطيني. ولا أهتم هنا ببقية “البقالات” الفلسطينية، انما المهم هو الأغلبية الفلسطينية غير المنتمية، المغلوبة على أمرها، والتي تنتمي لها كاتبة هذه السطور، والمُصادر قرارها وخيارها، باسم تشكيل هلامي فاسد لا يُستدعى إلا حين الحاجة لشرعيته – التي كانت يوما – اسمه منظمة التحرير الفلسطينية تارة، وباسم الدين وتجاره و “مروجّيه” تارة أخرى.
حركة “حماس” لم تشذ عن القاعدة التي حكمت عمل كل تنظيمات الاسلام السياسي، وبالأخص منها تلك المحسوبة على تنظيم “الاخوان المسلمين”، من حيث القدرة على توظيف السماء للوصول الى غايات أرضية، أو خاصية التلون المستمر بدون الارتكاز على مبادئ ثابتة؟ لكن ما يميز “حماس” عن غيرها هو سيطرتها الفعلية على جزء مزدحم من الجغرافيا الفلسطينية عبر انقلابها على نفسها وعلى السلطة الفلسطينية، وهو ما شكل نقطة تحول فاضحة كشفت عيوبها أمام جمهورها الخاص قبل الجمهور الغزاوي العام التي أصبحت تحكمه.
استطاعت “حماس” دوما أن تلقي هذه العيوب على كاهل السلطة والأخرين عندما كانت في مواقع المعارضة، وبعد ذلك في حكومات الوحدة الوطنية المتعاقبة، الا انها وبعد أن أصبحت حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة لها وحدها دون غيرها الأمر والنهي، ظهر عجزها الواضح عن تقديم نفسها كنموذج صالح لحكم الناس ولو بمستوياته الدنيا. لا بل انها اتجهت في تصرفاتها وتعاملها مع الجمهور الفلسطيني نحو النموذج “الطالباني” وما يحتويه من اجرام دموي تجاه الاخر المختلف سياسيا، وخنق المجتمع الغزواي بحزمة من الاجراءات الدينية التعسفية، ضاربة بعرض الحائط كل ما يتمتع به المجتمع الفلسطيني من خصوصية تاريخية ميزته عن عرب الطوق – باستثناء لبنان – ملخصها انه اعتاد على هامش من الديمقراطية في حياته سواء في تعامله مع فصائل المنظمة او حتى نمط حياته في ظل الاحتلال الاسرائيلي المباشر.
سارت “حماس” بخطى ثابتة من “الاصلاح والتغيير” وهو عنوان برنامجها الانتخابي الى الإفساد والتدمير. فبعد عام ونيف على تسلمها الحكم انقلبت على نفسها وعلى الاخرين بشكل دموي لم يشهد التاريخ الفلسطيني مثيلا له حتى خلال المواجهات مع المحتل الاسرائيلي، وهو ما اضطر المئات من أبناء شعبنا للجوء الى اسرائيل طلبا للحماية من “الاخوة المجاهدين”. وقد اقترفت فصلا دمويا آخرا حين هاجمت مجموعة من الاسلاميين ليسوا بعيدين عن نهجها وهدمت أحد مساجد غزة على رؤوسهم. أكثر من ذلك فقد خاضت “حماس” بشعب غزة حربا بالوكالة لصالح ملالي ايران أصحاب الأموال “الشريفة” ولصالح النظام السوري، ليجد أهل غزة وبقية الشعب الفلسطيني بأن نتائج تلك الحرب قد تجاوزت في استحقاقاتها استحقاقات النكبة الكبرى عام 1948 التي مرت ذكراها الثانية والستون قبل أيام.
قوانين بدائية تم فرضها على شعب غزة مثل قطع يد السارق ورأس المتآمر وكلاهما فلسطيني، الأول جائع بسبب الحصار والثاني معارض، وتحجيب المجتمع الفلسطيني، واغلاق صالونات الحلاقة النسائية، والتنكيل بالأخرين وتكميم أفواههم عبر اغلاق كل المؤسسات الاعلامية التي تختلف مع نهجهم الظلامي، والسيطرة على الانفاق والسماح لملايين الحبوب المخدرة من دخول القطاع، وفرض ضرائب ذات مسميات غريبة على كل شيء في غزة مما شكل عبئا اضافيا على المواطن الغزاوي لم يعد باستطاعته تحمله، واعدامات غير قانونية جرى تنفيذها فعلا قبل فترة. وأخيرا استخدام الاسلوب الاسرائيلي في هدم بيوت المواطنين بالجرافات التي بدأت قبل أيام وما زالت مستمرة حتى اللحظة. هذا هو واقع غزة باختصار تحت حكم “حماس” بعيدا عن تزييف الاعلام الارهابي وأكاذيبه، وتحليلاته المثالية، وعلى العرب والمسلمين أن يعوا هذا الواقع جيدا، وأن لا يكونوا ضحايا لذلك الاعلام، الذي خدعهم، وهو السبب الذي جعل “حماس” تكسب العرب والمسلمين وتخسر أهل غزة.
أتفهم موقف “حماس” الأن باصرارها على تاجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر بعد تحقيق المصالحة. فهي تحتاج لوقت حتى تحاول أن ترمم سمعتها القذرة التي اكتسبتها بأفعالها الدموية، ولكن أي وقت مهما طال لن يكون بمقدوره تغيير قناعات أهل غزة تحديدا الذين تعرفوا مباشرة على “حماس” وأفعال مجاهديها الأشاوس، ودفعوا ثمن ذلك غاليا من دمائهم ودماء أبناءهم وكرامتهم وحريتهم ومستقبلهم. اني أقترح على “حماس” وأتحداهم بذات الوقت أن يذهبوا باتجاه انتخابات حرة نزيهة فقط في قطاع غزة، طالبة من القيادة الفلسطينية ومن خلفها المجتمع الدولي أن تعمم نتائج هذه الانتخابات على بقية مناطق السلطة في الضفة الغربية. بمعنى آخر، لو فازت “حماس” بنسبة سبعين بالمئة في انتخابات غزة فانها تحصل تلقائيا على سبعين بالمئة في كل أراضي السلطة. فهل هناك أفضل من هذا الاقتراح بالنسبة لحركة تدعي ان كل أهل غزة يناصرونها، يدعمها في ادعائها هذا اعلام عربي سلفي اجرامي مخادع يحلل كل شيء ويحرمه بذات الوقت حسب مقتضيات المصالح الحزبية. فهل تقبل “حماس” هذا التحدي وتخوض هذه الانتخابات؟ أم ان الانتخابات والعملية الديمقراطية برمتها هي بدعة من بدع الكفار وكل بدعة ظلالة وكل ظلالة في النار، وبالتالي فهي حلال لمرة واحدة فقط، الهدف منها الوصول الى السلطة على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.
ناشط تركي كان في عداد المشاركين في قافلة النائب البريطاني السابق جورج غالاوي التي حضرت سابقا الى غزة، قال في حديث جانبي مع أحد الصحفيين في “مركز رشاد الشوا الثقافي” حيث تم استقبال المشاركين في تلك القافلة من قبل “حماس”: كنت أعتقد بأن غزة منطقة مدمرة كليا والناس جياع في الشوارع، والبيوت مهدمة، وأننا سندخل منطقة معدومة الحياة، ولكنني فوجئت بأن في غزة سيارات فارهة ومحلات فخمة ولم أرى دمارا ولا غيره. لم أكن أتوقع بأن حفل استقبالنا سيكون في هذا المكان (يقصد مركز رشاد الشوا الثقافي) لأنني كنت أتخيل بأن جميع الناس سيخرجون لاستقبالنا في الشوارع وكنت أتهيأ لهذه اللحظة، ولكن بصراحة – والكلام ما زال للناشط التركي – أرى بأن جميع من يلتفون حولنا هم فئة واحدة جميعهم ملتحون، أي من المتدينيين التابعين “لحماس”، ولم أرى بينهم أناسا عاديين ومواطنين من فئات أخرى. وسأل الناشط التركي الصحفي: هل الناس في غزة تكره “حماس” وتعتبر مجيئنا هنا مساندة لها ولذلك لم يستقبلنا أحد سوى هؤلاء الملتحين؟ رد الصحفي انه: بامكانك أن تقيّم الأمور بنفسك، هز الناشط رأسه ولم يعلق. وعندما سأله الصحفي هل ستعود مرة أخرى؟ رد التركي، لا أعتقد.
غزة أسيرة بيد عصابة طالبانية واستمرار بقاء غزة في الأسر هو عار على الجميع، والجميع هنا هو الحكومات العربية ومن وراءها المجتمع الدولي. و”حماس” لن تترك غزة وأهلها إلا بذات الطريقة التي تخلًص بها الشعب الأفغاني من حركة “طالبان”. والأغلبية الساحقة من أهل غزة لا تتردد فيما لو سألتها عن الحل بالاجابة: أننا مع تشكيل تحالف دولي تقوده مصر أو أي دولة أخرى عربية أو أجنبية، ومنهم لا يجد مانعا بأن تقود الولايات المتحدة هذا التحالف، لتحرير أهل غزة من براثن الاجرام الحمساوي.
كاتبة فلسطينية
“حماس”.. نكبة النكباتفاروق عيتاني — farouk_itani@live.com من تعتبر المبحوح مجرما قتله مجرمون، من تعتبر فتح فلسطين على يد العرب احتلالا، من تعتبر الاثار في فلسطين يهودية وليست للاخرين، من تعتبر الانتخابات العراقية الحالية والسابقة ديمقراطية،هي ببساطة انقلبت هويتها.هي صورة عن الضياع و جهل بتاريخ البشرية. هي صورة من عالم افتراضي للميدياالغربية.لن اتهما بسوء النية فلا تهمني نواياها، وساخذ ظاهر قولها الذي يفيد انها تعمل من اجل الفلسطينين.وأقول:هي لم تقرأ تاريخ البشريةولم تقف بعد على حقائق الحياة.أوحسبت ان الدنيا بضع مفاهيم في الحداثة و ما بعدها؟أوحسبت انها ترى الحقيقة من جميع جوانبها؟أوحسبت ان توزيع الازهار والرسم على الحيطان والجلوس في الفيترينا… قراءة المزيد ..
“حماس”.. نكبة النكبات– اذا اجبرت ادارة اوباما نتنياهو على فض ارتباطه بليبرمان للتحالف مع ليفني , فاءن ذلك سيجل كنجاح داخلي امريكي لهذه الادارة (وهذا لا يعنينا) .. واذا نجح نتنياهو في صيانة تحالفه مع ليبرمان حتى الانتخابات الاسرائيلية القادمة , فاءن ذلك سيجل كنجاح داخلي لنتنياهو في مقاومة الضغوط الامريكية (وهذا لا يعنينا) ايضا .. فنحن كعرب من كافة الاقطار العربية كما تشير استطلاعات الرأي (100%) مع زوال الحالة الاسرائيلية الاجرامية (STATUS) المسماة جزافا “دولة : state” .. بانتقال السلطة الآيلة للانهيار في ايران من الحاضنة الصينية والروسية الدولية , الى الحاضنة التركية البرازيلية , فاءن ذلك مؤشر واضح… قراءة المزيد ..