“الشفاف”- بيروت – خاص
أثارت حماسة النائب السابق أسامة سعد لخوض معركة انتخاب مجلس بلدي ومخاتير في مدينة صيدا استغرابا لبنانيا، خصوصا ان المعركة محسومة النتائج سلفا في ضوء موازين القوى في المدينة المختل اصلا لصالح “تيار المستقبل” بنسبة تتجاوز الستين في المئة على اقل تقدير.
ومع ذلك قرر سعد خوض المعركة الانتخابية بعد ان أفشل جميع محاولات التوافق والائتلاف في مجلس بلدي بعيد عن المحاصصة السياسية وتوزع الحصص بين تيار المستقبل والنائب السابق سعد وعائلات المدينة.
بدايات مسيرة التوافق المتعثرة بدأها نائبا المنطقة، الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، عبر طرح اسم المهندس محمد السعودي المشهود له بكفاءته المهنية وحياديته السياسية. هذا الامر لاقى استحسانا من قبل فاعليات المدينة خصوصا ان السعودي ليس ببعيد عن النائب السابق اسامة سعد وهو من الوجوده المحترمة في المدينة.
وتتالت مسيرة التوافق بعد ان رفع كل من الرئيس السنيورة والنائب البهية الحريري يديهما عن السعودي وأطلقا يده في اختيار مجلس بلدي يلبي طموحات المدينة وحاجاتها الانمائية، وابلغاه انهما لا يشترطان عليه ولا يضعان فيتو على اي احد يختاره على ان تتم مراعاة معايير النزاهة والكفاءة في اختيار الاعضاء بعيدا عن الانتماءات السياسية.
السعودي اطلق حملة استشارات في المدينة خرج بعدها ليعلن عن صيغة توافقية لا تلغي احدا وتحفظ للجميع حقوقهم، معتمدا المعايير المتفق عليها من اجل اختيار الاعضاء.
اول مسمار في نعش التوافق دقّه النائب السابق اسامة سعد بوضعه فيتوات على عدد من الاسماء، لينتقل من هذه النقطة الى المطالبة بسحب عدد من المرشحين من اجل استبدالهم بآخرين من حزب الله وحركة امل. كما طالب بحصة حزبية في المجلس البلدي بما لا ينسجم مع روحية الاتفاق على الصيغة التوافقية.
سعد، وبعد دخول رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خط الوساطة، تراجع عن طلب تمثيل حزب الله وطالب بحصة حزبية تمثله. فجاراه المهندس السعودي الى آخر الطريق طالبا اليه تسمية عدد من الاشخاص على ان يختار من بينهم السعودي اربعة اعضاء. وكان رد سعد بان هذا الامر لا يفرض عليه، وهو يختار من يشاء وعلى السعودي الالتزام بخيارات النائب السابق سعد في ترشيح الاعضاء.
عندها توقفت مساعي التوافق، واعلن الرئيس بري سحب يده من اي وساطة وسحب مرشح حركة امل من لائحة التوافق برئاسة المهندس السعودي الذي استكمل لائحته. وترشح مقرر اللجنة الخماسية في تيار المستقبل احمد الحريري في الدقائق الاخيرة لعضوية المجلس البلدي في مقابل ترشح منى معروف سعد في اللائحة المقابلة.
النائب السابق سعد عقد مؤتمرا صحفيا عاب فيه على مواطنيه من ابناء صيدا المغتربين توافدهم الى لبنان، حسب زعمه، للمشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية خصوصا من قال إنهم يعملون في مؤسسات الحريري في الخارج.
واستغرب اهالي صيدا هذا الموقف من سعد متسائلين عما اذا كان الاقتراع يجب ان يبقى محصورا بالمقيمين على الاراضي اللبنانية دون سواهم من اللبنانيين طالما أن آلية إقتراع المواطنيي في الخارج لم تعتمد حتى الآن. واضافة ان النائب سعد اضاف الى قوانين الانتخابات شروطا إضافية من بينها عدم احقية التصويت لمن يعمل في مؤسسات الحريري سواء في الخارج او في الدخل لكي تستقيم المعركة الانتخابية.
المعلومات الواردة من عاصمة الجنوب تشير الى ان سعد كان أقرب الى التفاهم مع المهندس السعودي على لائحة إئتلافية تجنب المدينة معركة سياسية حامية إلا أنه، ونزولا عند “طلب” حزب الله، قرر إفشال جميع مساعي التوافق وخوض معركة انتخابية خاسرة في وجه تيار المستقبل.
وتضيف المعلومات الى ان الحزب يحاول من خلال صيدا إثبات ما عجز عن تحقيقه في بيروت وما يعجز عن تحقيقه في أي دائرة انتخابية أخرى.
ففي بيروت اخفق حزب الله في تظهير وجود معارضة “سُنية” وازنة في مقابل زعامة تيار المستقبل وجمهوره. كما ان مساعي التوافق في عاصمة الشمال، طرابلس، لا تلحظ اي دور لحزب الله في السير بها، مواجهةً مع تيار المستقبل او توافق. فوجد الحزب ضالته في النائب السابق اسامة سعد الذي تبرع من موقعه الصيداوي اولا، والسني ثانيا، والسياسي ثالثا، لخوض معركة مع تيار المستقبل في صيدا التي هي ايضا مسقط رأس آل الحريري.
وإزاء هذا الدور الذي أنيط بالنائب السابق أسامة سعد كان لا بد لتيار المستقبل من شخذ همم انصاره ومؤيديه ليس لكسب المعركة، بل لتأكيد النسب والاحجام التي نتجت عن الانتخابات البلدية وتسجيل الفارق مرة ثانية بين تيار المستقبل وأخصامه في صيدا والذي تجاوز 13000 الف صوت.