كمال ريشا – الشفاف – خاص
على بعد ايام عدة من انطلاق عجلة الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان تبدو المعارك باهتة، ما خلا بعض الاماكن التي ارتدت طابعا سياسيا مغلفا بشعارات انمائية.
الصورة العامة للانتخابات البلدية تزداد بهتانا كلما ابتعدت عن المناطق المسيحية، من دون ان يعني ذلك ان هذه المناطق ستشهد حروب داحس والغبراء بين المتنافسين على شغل المراكز البلدية والاختيارية.
ومع إقتراب موعد فتح صناديق الاقتراع تتظهر الصورة اكثر. فالمناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله وحركة امل لن تشهد معارك تذكر. فما خلا بعض البلديات التي يسعى اللقاء العلمائي برئاسة الشيخ عباس الجوهري الى إحداث خروقات فيها، فإن البلديات والمخاتير في هذه المناطق تم تعيينهم باتفاق حزب الله وحركة امل. وكان خير معبّر عن واقع الحال ما اعلنه نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من ان الحزب والحركة بامكانهما إعلان النتائج قبل موعد الاستحقاق بأسابيع.
ومؤخراً، رعى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط حفلات تتويج بلديات توافقية مما لا يبقي سوى بلدية دير القمر، كبرى بلدات الشوف المسيحي، وبعض البلديات في المناطق المختلطة، خارج إطر التوافق الدرزي – الدرزي.
وفي المقابل، تترنح مساعي التوافق في العاصمة بيروت تحت مطرقة مطالب الجنرال عون الذي، وعلى جري العادة، يطالب بما له ولغيره، ويتطاول على نتائج الانتخابات التشريعية مطلقا مع قيادييه سيلا من الاتهامات تُقيد في معظمها بـ”ضمير الغائب المضمر للمجهول”، على قاعدة “هم يريدون تغييبنا وحرماننا” من دون ان يوضح العونيون من هم هؤلاء الـ”هم” الذين يريدون تغييبهم.
اما في المناطق المسيحية فيبدو ان الاتجاهات التوافقية تسير في بعض الاماكن وتنحى في اتجاه صناديق الاقتراع في اماكن اخرى. ففي حين نجح التوافق في “جونيه”، فهو اخفق في “جبيل” بسبب إرادة عونية لإفتعال مواجهة مع رئيس الجمهةرية بعد تحييد مسقط رأس الرئيس في “عمشيت” في جبل لبنان ونقل المواجهة الى مدينة “جبيل” لتصبح مواجهة بين لائحة “جبيل أحلى” التي يرأسها رجل الاعمال زياد الحواط مدعوما من عائلات جبيل وقوى الرابع عشر من آذار و”الولاء لجبيل” التي يرأسها الوزير السابق جان لوي قرداحي متحالفا مع العونيين ومدعوما من قوى الثامن من آذار.
ومع ذلك تبدو المعركة الانتخابية باهتة لونا ومضمونا ما خلا في مدينة جبيل. ويمكن ملاحظة هذا البهتان في اعلانات الطرقات التي تتكثف على الطريق الساحلي في جبيل وتنقطع من حدود جبيل العقارية وصولا الى مدينة جونية لتختفي بعدها الاعلانات الانتخابية لصالح اعلانات “الاحذية” و”حفلات السهر” و”الالبسة”.و”الادوات الكهربائية والالكترونية” المقسطة على مدى سنوات العمر……!
ولكن ما يثير الاستغراب هو بعض الاستخدامات المضمرة في الإعلانات عن اللوائح البلدية والاختيارية في جبيل وجونيه.
جونية و”العدرا”
ففي جونيه على سبيل المثال تم إقحام “السيدة العذراء” في الشأن الانتخابي بإعلان وقوفها الى جانب لائحة رئيس المجلس البلدي الحالي جوان حبيش ضد “الكل” المجهول! حيث يشير إعلان إحدى اللوائح وبلهجة اهالي المنطقة “الكل ضدنا والعدرا معنا”! وحقيقة يمكن ان يدرك اهالي جونية فقط من هم هؤلاء “الكل الضد” والذين ربما كانوا “لائحة التوافق” برئاسة المهندس طوني افرام والتي تضم جميع حساسيات المدينة من انصار النواب السابقين والحاليين والعائلات والاحزاب والشخصيات والفاعليات الاقتصادية وسواها لتجنيب المدينة إنقساما عاموديا وافقيا على غرار ما حصل في الانتخابات السابقة. ولكن الاكيد هو أن احداً، لا اهالي جونيه ولا سواهم، لن يستطيع فهم موقف “السيدة العذراء” من هذه الانتخابات، ولماذا تم إقحامها في موقف مع فريق ضد “الكل”!وماذا لو خسرت هذه اللائحة هل تكون السيدة العذراء خاسرة ايضا؟!!
اما اذا قصد اصحاب هذه اللائحة وجود مقام “سيدة حريصا” في نطاق بلديتهم العقارية، فكان أجدر بهم ان يعلنوا عن لائحتهم بطريقة مختلفة لا تقحم المقامات الدينية في انتخابات بلدية بطريقة عنصرية وشوفينية.
اما في جبيل فكانت لائحة “جبيل احلى” سباقة في اعلان الطرقات فجاءها الرد غريبا وغير مفهوم من لائحة “الولاء لجبيل” حيث اعلنت هذه اللائحة عن نفسها بالاستناد الى إعلان منافستها. فجاء الإعلان على الشكل التالي”اكيد جبيل احلى بلا ضغوط؟؟؟ واستكملت اللائحتان شعاراتهما الانتخابية فلائحة “جبيل احلى” اكملت عنوانها الانتخابي من دون استفزاز المنافسين بشعارات من نوع “سياحتنا ستصبح احلى” شوارعنا احلى” اقتصادنا احلى”،
في حين اعتمدت اللائحة المقابلة على تجهيل الفاعل ايضا وتظهير المفعول به. وفي جبيل يتم هذا التظهير على الشكل التالي “بلا ضغوط الصوت بيعلى”، ولكن من هو هذا الذي يضغط في جبيل وعلى من؟!
جبيل: معركة عونية مع الرئيس سليمان
فاستنادا الى الواقع السياسي الحالي في البلاد، فإن قوى 8 آذار هي التي تفرض ايقاعها على البلاد والعباد سلما وترهيبا وضغوطا وما الى ذلك. وهذه القوى هي التي تدعم لائحة “الولاء لجبيل” فمن هم الذين يضغطون إذا؟!! وعلى من يمارسون الضغوط؟!! إلا إذا كان المقصود بتجهيل الفاعل الذي يضغط على لائحة الوزير السابق قرداحي هو الرئيس ميشال سليمان، على اعتبار ان رئيس اللائحة المنافسة هو شقيق صهره. عندها فقط يتحول القائم بفعل الضغط من المجهول الى المعلوم، فيحدد العونيون هدفا هو الرئيس سليمان فتستقيم عندها المعركة في نظرهم فيحولون انفسهم الى ضحية مطروحة في سوق البيع والاضطهاد والاستبعاد.
ومع ذلك تبقى الشعارات الانتخاية البلدية متقطعة تعكس بهتانا انتخابيا ولا مبالاة من قبل المواطنين الذين ربما ارادوا هذه المرة الاحتفاظ باصواتهم خشية ان تتم سرقتها بالقوة وتحت مسميات متعددة من نوع “الديمقراطية التوافقية” و”هيئة الحوار الوطني” و”حكومة الوحدة الوطنية” وسوى ذلك من البِدَع اللبنانية كما حصل في نتائج الانتخابات النيابية.