هذا تعليق كتب ردا على بريد وصلني مع الرابط ادناه.
إنتقاد شديد في السعودية لآراء العريفي حول الشيعة و السيستاني
http://www.alarabiya.net/articles/2010/01/04/96317.html
*
لقد تابعت الكثير من مثل هذه الأفكار التي أتيح لها الإنتشار عبر الإنترنت والتي يحسب اصحاب هذه الأفكار الإقصائية المتعنتة انهم يذودون عن دين الله الحق بها وأنهم “لم او لا تأخذهم في الله لومة لائم”، او انهم ينافحون عن السنة المطهرة، الى غير ذلك من المتخيلات التي تصنعها أذهانهم.
العريفي وغيره كثير ممن أتابع ما يسمى مجازاً “احاديثهم” -لأن بعضها أقرب الى السخافات- عبر “اليوتيوب” في واقع الأمر كأني بهم لا ينافحون الا عن فكرة سموهم الشخصي وعن رفعتهم هم، لأنهم في نظر انفسهم على الدين الحق ولعلهم يحسبون أنفسهم من الفرقة الوحيدة الناجية!!
إن هذا الدفاع المستميت، الإقصائي، الفظ الذي يزعم إحتكار معرفة ما من شخص بعينه عن مبدأ او فكر يعتنقه، ليست دفاعا بحتا عن الفكرة بحد ذاتها فقط بل هي كذلك دفاع ذلك الشخص عن نفسه. فبغير تلك الفكرة التي يتمسك بها يتسلل الشك الى أعماقه ويفقد احد اهم مبرراته وأهم دعائم شخصيته الا وهي الفكرة ذات الحقيقة المطلقة والتي بغيرها لا شغل لهم و لا مكانة.
إن أتباع أي فكر إقصائي او استعلائي هم اكبر عددا عادة -و أعلى صوتا- من اتباع الفكر المتوسط الذي يسمح بتعدد الأفكار والإتجاهات، وهذا مشاهد.
يقول لنا علم الإجتماع ان أمثال العريفي ليسو حالة فريدة وليسو حكرا على دين دون آخر. فلو كان العريفي مسيحيا او شيعيا او بوذيا لكان هو هو، إقصائيا و مستعليا كما هو الآن.
و العريفي حاضر في المثال الذي أرسل إلي ولا مقصد لي بالتحامل عليه شخصيا، انما هو مثال من واقع الحال.
ان من ولد شيعيا مثلا لا نصيب له من الدين الا إتباع ما يوحى اليه من علماء الطائفة و كبارها. و كذلك من كان قاديانيا او أحمديا او إسماعيليا، وبالتالي كذلك من كان سنيا، لا فرق البتة. والردود جاهزة و معدة سلفا، ويحفظ تلك الردود كما يحفظ الآية من القرآن، وأغلب الظن انه تعلم الردود حتى قبل ان يقابل شخصا واحدا من خارج ملته او من خارج طائفته، ثم يظن الظان المسكين انه على الحق لأنه “يعلم” ان دينه هو الأمثل لم فيه من مزايا الخ.
لذلك مع الزمن و برغم إيماني السابق المطلق بأفكار طائفة دينية معينة، أصبحت أقرب قلبا وعقلا من فكرة ان كل الطرق تؤدي الى الله – على نسق كل الطرق المؤدية الى روما- و إن كان الله جل جلاله إرتأى ان يكون خلقه مللا و نحلا فإنه لمن لزوم العدل ان يأذن لهم بإن يصلوا اليه بما لديهم -او بما وصل اليهم- من دين على علاته. وإن كانت بعض الأديان او النحل تشوبها بعض الشوائب والتراكمات التي تكاثرت عبر السنين و القرون.
لو سألنا ما نسبة المؤمنين -من أي ديانة كانت- ممن درسوا، او يدرسون، دينهم نقدا و تحليلا ليتبحروا في العلم و ليصلوا الى معرفة دينهم الحق كما كان يجب ان يكون دون الزوائد، فإن ظني ان النسبة صغيرة جدا و أظنها كسورا مئوية و ليست حتى رقما صحيحا كاملا.
هذا لا يعني البتة -بالنسبة لي على الأقل- ان علينا ان نقبل الأديان كما هي دون فرز او تحقيق، لأنني شخصيا أعتبر هذا الأمر من الواجبات الشرعية التي كلف بها الإنسان، لأن الدين ليس دينا في غياب العامل البشري.
فنسبة كبيرة من “الدين” هي في الواقع إضافات انسانية تقوم حياة المؤمن بها، بدونها او بغيرها.
و في إيماني الشخصي ان الإسلام ليس غريبا عن مثل هذه الإضافات والتحولات ولا هو منزه عن مثل هذه التراكمات. بل أظن احيانا ان به أكثر مما بغيره، بسبب تمسكنا بتراث حشرناه في الدين حشرا و علمناه الطلاب حفظا و تكرارا على مدى إثني عشر قرنا او ما يقرب من ذلك. و يحلو لنا بعد ذلك ان نؤمن بان اسلام اليوم هو الإسلام كما نزل على رسول الله وكما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ان ما يدافع عنه المدافعون ليس تنزيها للإسلام عن التدخل الإنساني او عن العامل البشري ابدا. بل هو في واقعه ليس الا رفضا لإستبدال العامل البشري القديم -ابو حنيفة ، الشافعي، الحسن البصري، ابن القيم او الأئمة من الشيعة الخ- بعامل بشري جديد و معاصر – بعض أفكار القرضاوي، شلتوت، جمال البنا، الموسوي و غيرهم.
ثم تكون المأساة اننا ندافع عن أفكار اجيال خلت، لها ما كسبت ثم نلزم انفسنا بها و ننسى ان ما كسبنا نحن فقط يعد لنا. ولنا الأجر- نون الجمع تعود علينا نحن كأمة مكونة من افراد معاصرين مجتمعين- مرتين ان أصبنا و مرة ان أخطأنا.
و الله تعالى أعلم…
doctor.nassar@googlemail.com
عن الذود عن الإسلام بداية : اشكر الاستاذ (ايمن نصار) على الالتفات لهذا الموضوع (الهام جدا) ومقاربته الممتازة له . فقد امضيت الايام القليلة الماضية في متابعة تداعيات هذه الردة الى (الجاهلية) عن (الاسلام) التي قادها (العريفي) ورد الفعل (الاشتراطي) الآلي الذي تحدثة هكذا (اضاليل) لدى قطاع من الجمهور العربي الذي بات (مبرمجا) بهكذا خطاب (جاهلي) .. فالسواد الاعظم من التعليقات ما هي الا انعكاس لعقلية فصامية منغلقة ومتقوقعة , فالعريفي لا يضيف (معرفة) ولا يعزز (حوار) او يطرح (حلول) .. بل يؤجج (نزعات) ويحشد (اصطفاف) . الموقف “شبه” الرسمي السعودي باستنكار (العريفي) والابتعاد مسافة كافية عنه (جيد) , ولكنه… قراءة المزيد ..