في العدد الأخير من مجلة “le courrier international” تجد في الزاوية السفلى من الصفحة ما قبل الاخيرة خبراً صغيراً مفاده “ان لأحمدي نجاد ماضِ … يهودي”.. وتتابع المجلة: “فأحمدي نجاد، العدو المعلن لإسرائيل له أصول يهودية”. وهذا الخبر منقول عن daily telegraph ، التي تظهر صورة للرئيس الإيراني مأخوذة خلال انتخابات العام 2008 وهو يحمل فيها جواز سفره. ولقد قامت المجلة بتكبير الوثيقة وأظهر ذلك ان اسمه كان “صابورجيان”، وهو بحسبهم اسم يهودي. وملاحظة مختصرة على جواز السفر هذا تظهر ان اسرته غيّرت شهرتها عندما تحولت الى الاسلام بعد ولادة محمود أحمدي نجاد”. وهذا ما تؤكده الدورية البريطانية . ويبدو ان اسم صابورجيان، بحسب الدورية نفسها، يعني “النساج” أو “الحائك”، وهو بدقة أكبر من كلمة “صابور” وهو اسم الشال المستخدم للصلاة عند اليهود في اللغة الفارسية. واثناء احدى المقابلات الرئاسية على التلفزيون وعندما حشر الرئيس المعروف بهجوماته الحادة اعترف انه غيّر اسمه. لكنه لم يقل أبداً ماذا كان اسمه السابق، ولا فسّر السبب الذي دفعه لتغييره. “انه يحاول عبر خطاباته المعادية لاسرائيل، ان يبعد أي شك حول ارتباطاته مع اليهود، لأنه يشعر بهشاشته في مجتمع شيعي راديكالي”، يعلّق علي زاده من مركز الدراسات العربية الفارسية في لندن في معرض تحليله للموضوع. ولقد طالب مهدي غزالي، أحد المدوّنين الايرانيين، بالقيام بتحقيق حول أصول الرئيس، لكنه أوقف هذا الصيف، كما تسوق المجلة اللندنية.
الخبر بحد ذاته أقرب الى أخبار التسلية والترفيه، وهو لم يستوقفني لأسباب عرقية أو للشماتة أو التشهير. لكن لأن هذا الخبر يكتسب معانٍ عدة، وربما يساهم في تفسير جانبٍ من حماس أحمدي نجاد “غير المتزن” في الإصرار على إظهار معاداته لدولة إسرائيل ولعدم اعترافه بحقيقة وجود المحارق النازية ضد اليهود في موقف واضح في معاداته للسامية. فما الذي يضطره الى هذه المبالغة؟ وما الذي يدفعه الى استعادة الخطابات القومية العربية الشوفينية من دفاترها العتيقة والتي كانت تنادي بالويل والثبور وبضرورة رمي اليهود الى البحر وما شاكلها من شعارات رنانة أقلع عنها أصحابها بعد اقتناعهم بلا جدواها وحتى بضررها على القضية الفلسطينية وعلى صورة العرب، خاصة ان من يستخدمها لا يكون عادة سوى مهذار لا يؤخذ كلامه على محمل الجد ولا يريد به سوى دفع تهمة التقصير عن نفسه. لكني في الحقيقة كنت أتساءل دوماً عن جدوى قيام نجاد بتكرار لازمته تلك مع أنها لم تخدمه هو أو صورته بدليل الأوضاع الغارق بها. كما تظهر العديد من تصريحات شخصيات من النظام الاسلامي نفسه محاولات خجولة لترميم الخلل الذي تحدثه مثل هذه التصريحات.
لكن إذا صحّ الخبر فإنه ربما يلقي الضوء، من الناحية النفسية، على هذا الجانب القهري عند نجاد الذي يدفعه دفعاً الى إظهار معاداته للسامية بوعي أو لاوعي، وإلى رفض وجود المحارق، غير المجدي بالطبع، والتي ولو كان هناك اختلاف على احجام ضحاياها، إلا انه لا وجود لأي اختلاف حول حقيقتها التاريخية. وعلى كل حال طالما كانت أحاديث نجاد العنترية تذكرني ببعض الصليبيين الجدد المتعصبين الذين يلجأون إلى نفي وجود النبي محمد نفسه في محاولتهم للتقليل من شأن الاسلام.
فلماذا يلجأ نجاد – من الزاوية النفسية – الى هذا العنف الخطابي ضد اليهود؟
في سياق تفسير مواقف المسلمين والعرب في المجتمع الاوروبي ومحاولاتهم إظهار اختلافهم العلني عبر إشارات ورموز: حجاب، كف فاطمة، طقوس.. وبعد فترة أولى طويلة نسبياً من “عدم الظهور العلني” أو “التخفي” إذا أمكن القول عندما كانوا مستجدين على التواجد في أوروبا. استتبعتها مرحلة جديدة من الإعلان عن هذا الوجود بالطرق والوسائل المشهدية التي نعرفها.
يسود الاعتقاد بان الانسان يخاف من الاختلاف، وان هذا يشكل جوهر العنصرية. لكن الممارسة تظهر ان هذا غير صحيح. ان ما يخاف منه الانسان هو اللاتمايز، وحسب دوبوي Dupuy ان اللاتمايز هو الذي ينتج التفتيت الاجتماعي، لماذا؟ لأن وحدة الكل تفترض تمايزه، أي وضعه بشكل تراتبي – شرط عدم الخلط بين التراتبية واللامساواة.
المساواة النافية لمبدأ الاختلاف هي سبب الخوف المتبادل، الانسان يخاف من “الهو – نفسه”. وهذا ما يفسر محاولة الاكراد لاظهار تمايزهم بعد ان كان صدام يؤكد عدم الاختلاف بينهم وبين العرب كما يلي: “عرب ، كرد، كلنا عرب”. ما يعني ضمناً عدم الاعتراف بهم وطمس وجودهم كمختلفين. وهذا هو منبع العرقية. لكن هناك خطر ان يشكل “الحق بالاختلاف” ارادة للنبذ (حسب استخدام لوبن السياسي الفرنسي العنصري لها)،أي غطاء لنوع جديد من العرقية، تحت شعار احترام الهويات الخاصة بالجماعات، الذي يكشف عن الخوف من الاختلاط.
كيف نفهم مواقف أحمدي نجاد في هذا السياق؟ يبدو تماماً أنه في المرحلة الاولى من هذه الظاهرة، المرحلة التي يحاول فيها “التخفي” وإظهار “عدم اختلافه” عن المحيط الجديد الذي انتقل إليه ويحتضنه ويرفعه إلى أعلى المناصب. إنه يريد أن ينفي عن نفسه شبهة تأثير جذوره الدينية اليهودية – في مجتمع متعصب يرفض إعطاء الأقليات الدينية والعرقية واللغوية حقوقها أومعاملتها بالمثل بالرغم من حفظ الدستور لهذه الحقوق – على مدى ولائه وانتمائه الجديدين. وكأنه يقول: أنا مسلم أكثر منكم وأنا متشيّع متعصّب لمذهبي أضعاف أضعاف ما أنتم عليه، ولا يعني كوني “جديد” على هذا الولاء أني طارئ مزيف.
لا يحتاج من يشعر بالانتماء الحقيقي إلى اللجوء إلى البراهين الدائمة لتأكيد انتمائه وعدم اختلافه عن محيطه. ولا يحتاج لأن يكون ملكياً أكثر من الملك. لكن الرئيس الإيراني يخاف إذا ما خسر اختلافه البيّن عن جذوره المفترضة أن يتعرّض للعنف وللنبذ من قبل حاضنيه الجدد. لكن هذا أيضاً يزيد في هشاشته ويجعله عرضة للابتزاز والتهديد بفضحه في حال لم يقم بما يتوجب عليه لقاء القبول به في جماعته الجديدة!!
monafayad@hotmail.com
كاتبة من لبنان
http://www.awan.com/pages/oped/229167#
عن أحمدي نجاد ذي الجذور اليهودي! هامش أو (انصاف الصليبيين): تعليقا على حركة (ميشال عون) العصية على الفهم في تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية , كتب (Vassilli Ruderman) تعليق لافت :(شيء وحيد لا استطيع فهمه: اذا اعتبرنا عون او غيره عقبة ومهما كان نوعها, يبقى لدينا حلين عمليين : حل باشراكه وآخر باستثناءه , ولنتوقف عن طرق الموضوع ليل نهار.. المواطن اللبناني موقفه صريح وثابت , وما نقرأه حماقة يعاد صياغتها باشكال مختلفة وباسماء مختلفة .. ) http://www.metransparent.net/spip.php?article8477&lang=ar&id_forum=8946#forum8946 في الماضي القريب كان عون رمز مقاومة الوجود والنفوذ السوري في لبنان قبل ان يفكر اي (حريري) بذلك .. وهو يدرك ان زيارته… قراءة المزيد ..
عن أحمدي نجاد ذي الجذور اليهودي!
لي رجاء للكاتبة..
إن ما نعيبه على الإسلاميين يجب أن نتجنب الوقوع به، فلنبتعد عن إثارة المشاعر العاطفية والإهتمام بالقشور، والإلتفات للمضمون، ما يهمنا هو ما صدر عن الرجل وما يقوله هو عن نفسه أنه مقتنع به، وهو ما يتحمل مسؤليته، وليس السبب الذي أدى به إلى تبني هذه المسؤلية، بمعنى أنه إن كان يكره اليهود لأنه مسلم متشدد بالأصل أو كان يهودياً ثم أسلم وتحول إلى كره اليهود، الأمر سيان لأن النتيجة واحدة، وهو أنه قد أصبح يكره اليهود وأصبح يتصرف على هذا الأساس، وعليه فإن هذه هي الحقيقة التي يجب التعامل معها.
عن أحمدي نجاد ذي الجذور اليهودي! وقعت (الدكتورة) في مصيدة (الموت والبوصلة) فمهما كان (المحقق : المثقف , النخبة) حاد الذكاء وواسع الاطلاع وواثق من فعالية ادواته فأنه يبقى (دائما وابدا) خطوة على الأقل خلف المجرم .. فمجرم (بورخيس) انتقاما من المحقق الذي اوقع اخية يخترع الأدلة ويزرعها في طريق المحقق ليكتشفها المحقق (ببراعة) ويستدرجه الى المكان المطلوب ليعلن تفوقه الكلي عليه : فهذه القصة موجودة (بصياغة اعمق وأدق) منذ اكثر من اربع سنوات http://www.guardian.co.uk/world/2005/jul/02/iran.roberttait هي جزء من اعادة انتاج (النجاد) وتسويقه بالوسيلة الانجع (سر , اكتشاف , محفز ..) وبالتأكيد ستبقى هامش لأن صعودها للسطح سيذريها .. ما قاله… قراءة المزيد ..