(كتب مهدي خلجي، وهو إبن أحد آيات الله ودرس لسنوات عديدة في “قم”، هذه الدراسة قبل أيام من إنتخابات الرئاسة الإيرانية. وهو يشرّح فيها بالتفصيل إمكانيات التلاعب والتزوير التي يمكن أن يستخدمها النظام الإيراني لتعديل النتائج..).
*
مع اقتراب موعد الإنتخابات الإيرانية، يوم الجمعة في 12 يونيو، فإن المرشّحين الثلاثة الذين ينافسون أحمدي نجاد بدأوا بالإعراب عن قلقهم المتزايد من إمكانية تزوير نتائج الإنتخابات. فلا يقتصر تأثير النظام الحاكم في الحملة الإنتخابية نفسها، من نوع التغطية المتحيّزة التي يوفّرها التلفزيون الحكومي، بل إن من الممكن تزوير عمليات التصويت بطرق عديدة.
إجراءات التصويت
وفقاً للقانون الإيراني، فإن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن إدارة العمليات الإنتخابية. وفي كل دائرة إنتخابية، تقوم الوزارة بتشكيل لجنة تنفيذية تضم رئيس الدائرة، والرئيس المحلي للهيئة الوطنية للتسجيل المدني، والمدعي العام أو ممثله، إضافةً إلى 8 شخصيات محلّية تُحظى بالإحترام. كما يتوجّب على “مجلس الوصاية” أن يشرف على الإنتخابات في كل مكتب إنتخابي، ولهذا الغرض فقد أنشأ لجان مراقبة تضمّ أكثر من 130 ألف عضو. ويحق لكل مرشّح أن يرسل مراقباً إلى كل مكتب إنتخابي ثابت من أجل مراقبة عمليات التصويت وعمليات فرز الأوراق الإنتخابية.
إن العملية الإنتخابية في إيران تتّبع منهجاً مختلفاً عن المنهج المعمول به في البلدان الغربية. مثلاً، ليس هنالك تسجيل للناخبين. فأهلية أي شخص للإقتراع تُحَدَّد بواسطة “شهادة الولادة” (مع أن إيران استحدثت بطاقات هويّة شخصية مؤخراً، فإن هذه البطاقات لا تُستَخدَم في العملية الإنتخابية). وبطاقة الهوية، الصادرة عن الهيئة الوطنية للتسجيل المدني، تشبه جواز السفر، وفيها عدة صفحات يمكن إضافة أختام عليها. ويمكن للناخبين أن يتوجّهوا إلى أي واحد من الـ60 ألف مكتب إنتخابي داخل إيران، أو في أنحاء العالم، بما في ذلك المكاتب الموجودة في 35 مدينة أميركية. وحيث أن القانون لا يفرض على المواطن التصويت قرب مكان سكنه، فإن عدد المصوّتين في أي مكتب إنتخابي، أو حتى في مدينة ما، يمكن أن يفوق عدد الناخبين المؤهّلين في الدائرة المعنيّة. وحينما يتسلّم الناخب أوراق الإنتخاب، فإن الهيئة المشرفة تقوم بتسجيل رقم “شهادة الولادة” التي يحملها، وتختمها. ولكن، لا يبدو أن هنالك أي نظام للتحقّق من صحّة شهادات الولادة، سواءً أثناء التصويت أو بعده.
آليات التلاعب
يمكن التلاعب بعمليات التصويت بسهولة بطرق عدة:
جمع شهادات الولادة: في إنتخابات سابقة، راجت تقارير بأن “لجنة الإمام الخميني”، وهي جمعية خيرية حكومية تابعة لـ”القائد” (أو “القائد الأعلى”، كما يحبّ أن يسمّي نفسه)، علي خامنئي، قامت بـ”استئجار” بطاقات ولادة تعود إلى مواطنين فقراء. وكانت هنالك مزاعم بأنه، بعد ساعات التصويت النظامية، يقوم المزوّرون بتعبئة أوراق تصويت بالإستناد إلى بطاقات الولادة “المُستأجرة”. وفي بعض الإنتخابات، فإن عمليات التصويت تظل مفتوحة لعدة ساعات بعد وقت الإقفال المقرّر، الأمر الذي يثير مخاوف بأن الوقت الإضافي يُستخدم لوضع أوراق تصويت غير صحيحة.
الناخبون المؤهّلون: إن الإستناد إلى شهادات الولادة يعقّد إحتساب الناخبين المؤهّلين. وتعطي الهيئات الحكومية المختلفة تقديرات متفاوتة جداً : في حين تعطي وزارة الداخلية رقم 46 مليون ناخب إيراني مؤهّل، فإن مركز الإحصاءات الإيراني يزعم أن عدد الناخبين يفوق 51 مليوناً. إن عدم إمكانية حتى تقدير عدد الناخبين المؤهلين يجعل من الصعب التحقّق من وضع أوراق إنتخابية “مزوّرة” في صناديق الإقتراع. ويفيد “المركز الوطني للتسجيل المدني” أن عدد شهادات الولادة يفوق بكثير عدد المواطنين الإيرانيين. فالعديد من هذه الشهادات هي “بدل عن ضائع” مزعوم، وليس هنالك ما يمنع أي مواطن من استخدام الشهادتين للتصويت في مركزي إقتراع مختلفين. يُضاف إلى ذلك أن بعض الإيرانيين لا يقومون بإلغاء شهادات ولادة أقربائهم بعد وفاتهم. وفي الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، أعلنت مصادر إصلاحية أن ميليشيا “الباسيج” استخدمت ما يزيد على 2 مليون شهادة والدة مزوّرة.
الأمّية: وفقاً للإحصاءات الرسمية، يصل معدّل الأمية في إيران إلى 20 بالمئة. وينبغي على المقترعين أن يكتبوا إسم المرشّح الذي يفضّلونه على ورقة الإقتراع؛ إن الرموز المصوّرة غير مقبولة، وليس مسموحاً للناخبين أن يضعوا علامة “X” إلى جانب إسم المرشح الذي يختارونه. وحيث أن كثيرين لا يجبدون الكتابة، تسمح الحكومة لمتطوّعين، غالباً ما يكونون من “الباسيج” بالتواجد داخل مراكز الإقتراع لمساعدة المقترعين في كتابة إسم المرشّح الذي يختارونه. أي أن متطوّعي “الباسيج” يمكنهم بسهولة أن يكتبوا أي إسم يشاؤون.
مراكز الإقتراع المتنقّلة: وفقاً لوزارة الداخلية، هنالك أكثر من 14000 صندوق إقتراع متنقّل لخدمة الأشخاص غير القادرين على التصويت في 47000 مركز إقتراع ثابت (مثلاً، المقعدين، والعجّز، والعسكريين)؛ إن عدد مراكز الإقتراع المتنقّلة يعادل 10 أضعاف العدد الذي اعتُمِدَ في الإنتخابات السابقة. إن تأمين مراقبة كافية للصناديق المتنقّلة أمر صعب للغاية، الأمر الذي يخلق وضعاً لا يراقب فيه أحد عمليات الإقتراع أو عمليات فرز الأصوات.
عمليات عدّ الأصوات: ربما كانت عملية عدّ الأًصوات، على مرحلتين، هي الأكثر إثارة للتساؤل في الإنتخابات الإيرانية. ففي كل مركز إقتراع، وبعد انتهاء ساعات التصويت، يتم عد الأصوات وتسجيلها في “الإستمارة 22” بحضور ممثّلي المرشّحين، ووزارة الداخلية، ومجلس الوصاية. ولكن هذه الإستمارات تظل سرية، ولا يتم إعلان النتائج سواء للصحافة أو للمرشحين. ثم تأتي المرحلة الثانية، حيث يتم إرسال الإستمارات إلى وزارة الداخلية، وهنالك يتم فرز الأصوات ونشرها في “الإستمارة 28″، التي تعطي نتائج التصويت لكل دائرة إنتخابية. ولكن، حيث أنه لا توجد مراقبة للأعمال التمهيدية، فلا سبيل لمقارنة “الإستمارة 28″ بـ”الإستمارة 22”. بكلام آخر، يمكن لممثلي مجلس الوصاية أو وزارة الداخلية أن يغيّروا الأعداد الإجمالية قبل إعلانها. إن هذه المرحلة تثير شكوك المرشّحين والمراقبين الخارجيين حول مدى دقّة عمليات عد الأصوات، ونزاهتها.
المصادقة على الإنتخابات: تتم المصادقة الرسمية على نتائج الإنتخابات في مرحلتين. المرحلة الأولى هي مصادقة مجلس الوصاية، وهو هيئة منحازة لا تخفي خياراتها السياسية. وفي الماضي، حدث أن ألغى مجلس الوصاية نتائج التصويت في مقاطعات معيّنة بحجة أنه حدثت فيها مشاكل. وليس بالصدفة أن تلك المقاطعات كانت مقاطعات حاز فيها الإصلاحيون نسبة مرتفعة. أما المرحلة الثانية من عملية التصديق فتتمثل في المرشد علي خامنئي، الذي يملك السلطة الدستورية لتجاوز نتائج التصويت إذا قرّر ذلك. وفي رسالة نُشِرَت في 7 يونيو، أعربت مجموعة من موظفي وزارة الداخلية عن قلقها بشأن خطط الوزارة للتدخل وتزوير النتائج بمختلف الطرق. وقد كشف موظفو وزارة الداخلية فتوى أصدرها آحد آيات الله في “قم”، تمنح موظفي الوزارة الحق الديني لتزوير الإنتخابات لصالح أحمدي نجاد. وتقول مصادر إصلاحية، بينها موقع “روز” أن صاحب الفتوى هو “آية الله محمد تقي مصباح يزدي”، المعروف بتأييده الشديد لأحمدي نجاد. كما وجّه ممثّلو مير حسين موسوي ومهدي كرّوبي رسالة مفتوحة، تم نشرها في 8 يونيو، إلى سكرتير مجلس الوصاية، أحمد جنتي، حذّروا فيها من التلاعب بالإنتخابات.
خلاصة
:
لا يثق منافسو أحمدي نجاد بأن وزارة الداخلية ستحترم القانون وتسمح بإجراء إنتخابات نزيهة. وقد اقترح مهدي كرّوبي ومير حسين موسوي تأليف “لجنة لصيانة نزاهة عمليات التصويت” من أجل الإِشراف على الإنتخابات نيابةً عن المرشحين، ولكن وزارة الداخلية ومجلس الوصاية رفضا الفكرة. وليس واضحاً مدى التلاعب الذي سيحصل في يوم 12 يونيو، ولكن من الواضح جداً أن أجراءات الإنتخاب في إيران تتيح مجالاً وفيراً للتزوير على نطاق واسع.
صناعة تزوير الإنتخابات في إيران مع انه لاشك ابدا في امكانية و سهولة صناعة التزوير في ايران الا ان المسرحية كلها سمجة ولا لزوم لها الا من باب التقية لكي يقال بأن هناك ديمقراطية والحقيقة الناصعة الواضحة لكل مراقب ان اختيار الرئيس لايتم بواسطة الشعب المغلوب على امره و المضحوك عليه بالرغم من تكلفه العناء، بل بواسطة الأجهزة المتنفذة (ثورويا) وعلى رأسها جهاز المرشد الأعلى ، وهم من يسمح لهذا المرشح او ذاك بالمرور و تحقيق النتائج المرجوة بناء على مدى قربه او بعده من فكر الثورة وبالتالي كل هذه المسرحية ماهي الا لتغليف المرشح المفضل لأجهزة الثورة المتنفذة بورق… قراءة المزيد ..