أزرار أزرار.. نعيش في غابة من الأزرار.. زر لتشغيل الكمبيوتر وآخر للتلفزيون، زر للغسالة وآخر للمكيف.. بكبسة زر نضيء مدينة وبكبسة أخرى نعتمها.. بكبسة زر نشن حربا نووية وبأخرى حربا معنوية.. بكبسة زر نطلق صاروخا وباخرى نطلق إشاعة. وبقي زر واحد لم يخترعوه بعد.. زر لإطفاء العقل. أحيانا أحلم أن أجد ذاك الزر الذي إن «كبسته» أستطيع أن أوقف عقلي عن التفكير وأقفل دماغي وأرتاح حتى ولو لدقائق فقط. أريد ان «أكبس زرا» فأطفئ عقلي حتى لا أفكر بالسياسة ومصائبها ولا بالانتخابات ونتائجها، ولا بالنواب ولا بالحكومة، ولا بمستقبل العالم الإسلامي ولا بوحدة العالم العربي. أريد أن أكبس زرا وأرتاح.
لا أريد أن أفكر في الثقافة والفن والمسرح في بلادنا، ولا بتكلفة إنتاج أغاني الفن الهابط التي وصلت في بلادنا إلى 16 مليار دولار سنويا، ولا في حرية الكلمة، ولا في الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومات لقمعها. لا أريد أن أحلل لماذا يقرأ الأميركي سنويا حوالي 11 كتابا، والأوروبي 7 كتب، بينما لا يقرأ العربي، الذي ينتمي إلى أمة «اقرأ»، إلا ربع صفحة.
لا أريد أن أفكر في مرجعيات التكفيريين، ولا في شبق الانتحاريين، ولا في فتاوى الموضة ورضاع الزميل وزواج الرضيعة، ولا في مشايخ آخر زمن ولا في جهاد المسلمين على المسلمين.
أريد أن أكبس زرا وأرتاح كي لا أفكر في لماذا فقط الخيرون هم من يموتون ويبقى الأشرار ليميتونا مائة مرة في اليوم. لا أريد أن أفكر في الجهل والتخلف والفقر التي تغرق شعوبنا، ولا بالـ 100 مليون عربي الأميين (ثلث العرب) الذين لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة.
لا أريد أن أفكر في أسباب خيانة زوج جارتي لها، وهل تفكر هي أن تذيقه طعم ما أذاقها، ولا في أصدقائي ومشاكلهم ومشاجراتهم. لا أريد أن أفكر في شغب الشباب وتفاهة البنات، ولا في قصات الشعور ولا في موديلات الحجابات. لا أريد أن أفكر في سر قرار فصل الجنسين في الجامعات ولا في المشاكل النفسية والاجتماعية التي تأتي من ورائه، ولا في زيادة معدلات العنوسة بين بناتنا وشبابنا.
أريد أن أكبس زرا وأرتاح من القلق المستمر على أولادي ومستقبلهم وصحتهم، لا أريد ان أفكر في سلامتهم وهم في بلاد الغربة ولا في اختياراتهم عندما يعودون. لا أريد أن أقلق بشأن صحة زوجي وقياس ضغطه ومستوى الكولسترول في دمه، ولا بشأن صحة أمي وسلامة إخوتي. لا أريد أن أفكر في الواجبات الاجتماعية وفرح فلانة وعزاء فلنتانة، ولا أن أذهب لأبارك لابنة صديقة في مستشفى لأجد نفسي في عرس خمس نجوم. ولا أريد ان ادخل عزاء لأجد معظم الفتيات بمكياج وتسريحات آخر موضة.. ولا أريد أن أتساءل أين ذهب الحياء من وجوه بناتنا.
وأخيرا.. لا أريد أن أفكر لماذا وصلت حصيلة الرسائل الخليوية SMS التي تظهر على الشريط الموجود أسفل الشاشة في القنوات الفضائية العربية الهابطة إلى 8 ملايين دولار.
كل ما أريد أن افعله هو أن اكبس زرا وأطفئ عقلي لأرتاح حتى ولو لدقائق فقط.
Dalaa@fasttelco.com
«كبسة زر»
كيف لو تعرفت على التقنية الجديدة الي تتحدى العالم وتقول
امتلك موقع الكتروني وتحكم به بكبسة زر من
http://www.kabsetzr.com