في الوقت الذي تحركت فيه دبابات ومدفعية الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لقصف منازل المواطنين الآمنين في منطقة ردفان بجنوب اليمن، عقب مطالبتهم بإخراج المعسكرات المحيطة بمدنهم وقراهم، خرجت صحيفة “الرياض” السعودية في افتتاحيتها ليوم الأربعاء 29 أبريل 2009 بدعوة لتقديم دعم مالي خليجي لنظام الرئيس اليمني، لأن أي انفصال بين الشمال والجنوب سوف تكون توابعه كزلزال هائل على أمن المنطقة كلها. وقبل ذلك أيد رئيس تحرير “الشرق الأوسط”، السيد طارق الحميد، خطاب الحرب الذي ألقاه الرئيس اليمني في 25 أبريل محذرا فيه أبناء شعبه، من الصوملة والعرقنة، وأن اليمنيين يمكن أن يتقاتلوا من منزل إلى منزل ومن نافذة إلى نافذة. وبدا رئيس تحرير “الشرق الأوسط” في مقاله الذي جاء تحت عنوان “لا لعودة الإنفصال إلى اليمن” وكأنه غير ملم بأوضاع هذا البلد العربي المجاور لبلاده، أو كأنه تلقى تعليمات من جهات عليا للكتابة حول موضوع لم يكن مستوعبا له.
خطاب الرئيس اليمني لم يكن موجها لشعبه لأن اليمنيين يعرفون رئيسهم جيدا، بعد أن خبروا أساليبه 31 عاما متواصلا، ولكنه كان موجها بشكل غير مباشر للجيران في السعودية والخليج، من أجل تخويفهم وابتزازهم لاستدرار الأموال القادمة من الخليج، تحت زعم الحفاظ على استقرار اليمن. ويبدو أن الأستاذ طارق الحميد كان من بين من انطلت عليهم الحيلة، في حين أن صحيفة الرياض كانت أكثر عمقا وإدراكا لما يجري في تحذيرها للكارثة القادمة من اليمن، رغم أن كاتب كلمة الرياض السيد يوسف الكويليت أوصلنا إلى نفس النتيجة الخاطئة، وهي ضرورة مساعدة نظام الرئيس اليمني، تحت مسمى إنقاذ اليمن الشقيق. وفي الواقع فإن عددا كبيرا من اليمنيين سينظرون إلى ذلك بأنها مساعدة للرئيس على قمع شعبه لأن المساعدات الخليجية تصب دوما في قربة مخرومة وإدارة فاسدة، وقيادة غير مؤتمنة، علاوة على أنها سوف تستخدم في الحرب التي يشنها الرئيس ضد الشعب في الجنوب والشمال من أجل الحفاظ على كرسي الحكم.
لذلك أحب لفت أنظار كتاب الرأي البارزين من الزملاء في صحيفتي “الرياض” و”الشرق الأوسط” أن شعبية الرئيس علي عبدالله صالح في جميع محافظات جنوب اليمن، وفي محافظة “صعدة المكلومة” بشمال اليمن لا تختلف كثيرا عن شعبية الرئيس السوداني عمر البشير في اقليم دارفور وفي جنوب السودان. وبالتالي فإن المطالبة بدعم نظام يقمع شعبه بالطائرات والدبابات تجعل الأشقاء في السعودية والخليج، يقفون في مرمى المُدافِع عن الدكتاتورية والظلم والفساد والعبث، ويعادون شعبا عريقا يتوق للتحرر، من رئيس فرضته عليهم المملكة العربية السعودية في يوليو 1978، بشهادة موثقة ذكرها في كتابه صديق السعودية الأول في اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله.
إننا في اليمن عانينا كثيرا من الرئيس الذي اختاره لنا ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز شفاه الله، ونود الآن أن نقرر مصيرنا بأنفسنا في الشمال وفي الجنوب، وليعلم الجميع من أبناء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية المتحمسين لشعار الوحدة أن بقاء الوحدة اليمنية مرهون برحيل الرئيس علي عبدالله صالح لأن سياساته المدمرة، أصبحت أكبر خطر لا يهدد الوحدة اليمنية فقط بل يهدد استقرار إقليم الجزيرة العربية كلها.
الحركة “الحوثية” في شمال اليمن، صنعها الرئيس علي عبدالله صالح بشهادة مؤسسيها، بغرض ابتزاز السعودية بحجة الحاجة إلى مال لمحاربة المد الشيعي، في حين أن الكثير من إخواننا في الخليج، لا يعرفون أن علي عبدالله صالح نفسه شيعي، وهذا لا يعيبه بقدر ما يكمن العيب في سياساته التي أدت إلى نشوب خمس حروب بين الجيش اليمني وأبناء قبائل “صعدة” الذين اضطروا للدفاع عن انفسهم ضد عصابات النظام المسلحة. ومن المفارقات في هذه الحرب المتكررة أن الرئيس اليمني بعد أن عجز عن تقديم أدلة على وجود دعم إيراني للحوثيين ذهب بنفسه إلى ليبيا وحثّ الزعيم الليبي معمر القذافي على التواصل مع الحوثيين، وهو الأمر الذي كشفه القذافي في حوار مع “قناة الجزيرة” قال فيه، لم أعرف رقم هاتف يحي الحوثي، إلا بعد أن أعطاني إياه الرئيس علي عبدالله صالح. ويبدو أن القيادة اليمنية أرادت بهذه الخطوة استفزاز السعوديين بإبلاغهم عن وجود دعم ليبي للحوثيين، من أجل الحصول على المزيد من المساعدات لشن الحرب على أبناء صعدة تحت ستار مقاومة الخطر الليبي إلى جانب الخطر الإيراني.
ولم يكتف الرئيس اليمني باستغلال حركة الحوثيين من أجل الحصول على مساعدات سعودية وصلت حسب اعترافه إلى أكثر من مليار دولار أمريكي، لا ندري نحن اليمنيين كيف أنفقها، بل أيضا استغل تنظيم “القاعدة” لتخويف الأشقاء في السعودية بهم وهو قادر على إلقاء القبض على أفراد تنظيم القاعدة وقيادات الجهاد بحكم أن كثير منهم كانوا إلى ما قبل أسبوعين أعضاء في قيادة حزبه.
وأنا هنا لا ألقي التهمة جزافا، ولا أتهم الرئيس اليمني بدعم الإرهاب بدون دليل بل لدي دليل دامغ صادر عن قيادة الحزب اليمني الحاكم المؤتمر الشعبي العام، ونشرته جميع الصحف الحكومية، وهو بيان تتهم فيه الحكومة اليمنية الشيخ طارق الفضلي بدعم الإرهاب، ونهب أراضي الجنوب. وجاء الاتهام عقب إنضمام الفضلي للحراك الجنوبي. ولكن الحزب الحاكم نسي أن طارق الفضلي كان عضوا قياديا في الحزب وشريكا سياسيا للرئيس اليمني منذ عام 1990 حتى 2009، وبالتالي فإن الحزب الحاكم بناء على هذه القاعدة شريك أساسي في دعم الإرهاب. أما الشيخ طارق الفضلي، فقد أبدى استعداده للمثول أمام أي محكمة، بشرط أن تتم محاكمة الجميع. ومن يعرف أساليب الرئيس اليمني عن قرب سوف يدرك أن الرئيس سيعمل خلال الفترة المقبلة كل ما في وسعه للتخلص من طارق الفضلي ليس لأن الرجل يهدده بفصل الجنوب عن الشمال، ولكن لأنه قادر على فضح علاقته بالإرهاب بأدلة قاطعة تتضمن تفاصيل التفاصيل.
وبعد أن وجد الرئيس اليمني أن كلا من الحركة الحوثية وتنظيم القاعدة غير كافيين لاستدرار الدعم الخليجي، لجأ حاليا إلى تخويف دول الجوار من انفصال جنوب اليمن، وأن ذلك سوف يقود إلى حرب طاحنة في اليمن وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحدث لأنه لم يعد هناك في اليمن من هو مستعد أن يقاتل ضد أبناء الجنوب الساعين للحرية، باستثناء المأمورين من أفراد القوات المسلحة ممن يقاتلون بروح معنوية منهارة نظرا لمعرفتهم أنهم يدافعون عن كرسي الرئيس وليس عن الوحدة اليمنية.
ومع إدراكنا لصعوبة تحقيق انفصال اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي، إلا أننا ندرك جيدا استحالة استمرار الوحدة بالشكل الذي هي عليه وتحت القيادة الحالية، ونتمنى من الأشقاء في الدول المجاورة أن يساعدونا بالكف عن مساعدة نظام غير مسؤول ورئيس غير مدرك أنه يقود شعبه إلى الهاوية. احفظوا أموالكم لشعوبكم، وإذا ما توقفتم عن مساعدتنا سوف ننهض لمواجهة مشكلاتنا بأنفسنا، وسوف نكون قادرين على إسقاط المتسبب في هذه المشكلات، مع بقاء النظام والاستقرار والأمان.
وإذا كانت دول الخليج راغبة في مساعدة الشعب اليمني، وليس النظام، فعليها أن تفتح أبوابها للعمال اليمنيين بدلا من محاصرتهم وبدلا عن الاستمرار في ضخ الأموال في جيوب محاصريهم من قراصنة الحكم وعسكر السلطة، الذين يسمون أموال الخليج بالمال المدنس إذا ما ذهبت لغيرهم. والرئيس علي عبدالله صالح هو صاحب إطلاق صفة “المال المدنس” على المال القادم من الخليج، ولكنه الآن يطالب بنصيبه من هذا “المال المدنس”.
almaweri@hotmail.com
صحفي يمني أميركي مقيم في واشنطن
ردا على صحيفة “الرياض”: إنقاذ الخليج لعدو الشعب اليمني خطأ فادح اولا: لا يوجد شعب عربي او اسلامي يستطيع عبر صناديق الانتخابات بشكل شفاف وصادق ( ديمقراطي )ان يصل الى السلطة , على فرعون لن تمر هدة المغالطة , بان الشعوب هي التي تختار قياداتها او تساعدة في الوصول الى السلطة, السعودية لها يد وباع طويل في اليمن الشمالية وبدون موافقتها لا يدخل الحمام او يخرجة منة احدا , بدون موافقت آل سعود لم يشن عبد اللة الاحمر الحرب الغير انسانية على الجنوب , وهو معروف لكل العرب انة عميلكم هو وابنائة واياديهم ملطخة بدماء اطفال اليمن الجنوبيين , هومن… قراءة المزيد ..
ردا على صحيفة “الرياض”: إنقاذ الخليج لعدو الشعب اليمني خطأ فادحاعتقد فقط ولا اجزم لأن الجزم من صفات الصحفيون والكتبة الشموليون والذين يعتقدون ان دولة مزدهرة في اليمن بجنوبه وشماله سيضعف المملكة العربية السعودية، اقول اعتقد ان كل دولة ونظام له اولوياته و طريقة ادارته لسياسته التي لا تعجب القومويون والشيوعيون المنكرين لراسمالية الفرد الداعمين لراسمالية الحزب الحاكم والمحتمين بالغرب والشرق على السواء. ونظام صالح او عبدالله او البشير…الخ لم يأتوا من المريخ بل اوصلتهم شعوبهم لماهم فيه،صح ام خطأ ليس هذا المهم ولاكن انظروا ، كلما جاء نظام محلي يحاول القيام من كبوته يخرج له حسكة ممن يسمون بالقومجيون… قراءة المزيد ..
ردا على صحيفة “الرياض”: إنقاذ الخليج لعدو الشعب اليمني خطأ فادحهل صالح هو الوجة الآخر للارهاب السياسي ؟! نعم, صالح اراد من خلال الارهاب السياسي المحلي البقاء على كرسي السلطة مدى العمر ,وسيترك الكرسي لوريثة في حالة تتازم الامور مع الغرب ولكن لن يتخلى عن الارهاب الدي يأمن لة البقاء في كرسي السلطة . الغرب في القريب العاجل سوف يصدر قرارات تخص ان صالح ليس افضل من صدام , البشسير,….. , لا ننتظر هدا من قبل الانظمةالعربية وبشكل خاص السعودية التي تريد ان تحافظ على صالح قدر الامكان لزمن طويل , رغم انة ارعن مثل صدام , يتسبب لها بين… قراءة المزيد ..