يمثل ذهاب عدد من الشخصيات الكويتية الرسمية والشعبية الى فلسطين المحتلة تحولا على قدر كبير من الاهمية وذلك لانه ينخرط في رفد مشروع المقاومة لكسر سياسة الحصار التي تنتهجها اسرائيل في مواجهة الشعب الفلسطيني وعمقه العربي. ان تبني العرب للقدس عاصمة ثقافية للعرب في وقت تؤكد اسرائيل ان القدس عاصمتها الموحدة الابدية يمثل مدى اهمية الانفتاح العربي على القدس والشعب الفلسطيني في الارض المحتلة. لهذا فالموقف الوطني والعربي الذي عبرت عنه مجموعة كويتيون من اجل القدس برئاسة السيدة لولوة الملا وجمعية الخريجين، و الشيخ احمد الفهد رئيس مجلس الامن الوطني غيره من الشخصيات الكويتية( الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون بدر الرفاعي) لكسر الحصار المفروض على الفلسطينين والتأكيد على عروبة القدس يعبر عن طبيعة ارتباط قضية القدس والمسألة الفلسطينية بالكويت العمق العربي. فالذهاب الى الاراضي المحتلة بما في ذلك زيارة د.وليد الطبطبائي واخرون في سعيهم التضامن مع غزة يساهم في رفد مشروع المقاومة وتثبيت الحق العربي. ان الهدف الاسرائيلي في فلسطين يختلف عن اي مشروع استعماري اخر: فالهدف هو احلال سكان مكان سكان واحلال مستوطنين مكان مواطنين والنيل من القدس وتهويدها وتهميش سكانها العرب من المسلمين والمسيحيين. لهذا فأن التركيز على انفتاح الكويت و العالم العربي علي الارض العربية المحتلة وعلى القدس والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يعود ويثبت امكانية قيام مشروع مضاد للتمدد الاسرائيلي. يجب ان يكون الهدف من كل هذا رفد صمود الفلسطينيين واشعارهم بدفئ العالم العربي تجاههم في ظل الظروف الحالكة التي تواجههم.
ان نصرة الحقوق العربية في فلسطين تتطلب ان نتجاوز عقدة الخوف من الاتهام بالتطبيع، اذ علينا ان نقوم اولا بواجبنا تجاه ما هو صائب في قضية تمس كل العرب والمسلمين كما تمس الشعب العربي الفلسطيني. في زيارة الشيخ احمد الفهد والوفود الكويتية الشعبية تحمل رمزية على قدر كبير من الاهمية. فهي تؤكد الارتباط المقدس بالقدس والذي يمس العرب في كل مكان دينيا وثقافيا وسياسيا، وتؤكد بنفس الوقت بأن القدس ليست العاصمة الابدية لاسرائيل، وانها ارض عربية كانت اول قبلة للمسلمين وهي ثاني الحرمين. لقد استشهد من اجل القدس عشرات الالوف من العرب في حروب ممتالية على مدى النصف الثاني من القرن العشرين.
ان موقف الشخصيات الكويتية الزائرة للقدس والاراضي المحتلة هو نقيض التطبيع وعكسه. فالتطبيع بنظري هو ذلك الفعل الذي يوافق على ما قامت به اسرائيل من استيطان واحتلال وقهر لتغير معالم الارض والسكان. التطبيع موافقة على الفعل الاسرائيلي وتخلى عن القرارات الدولية التي تنادي بحق العودة وايقاف الاستيطان وعروبة القدس و تقرير المصير للشعب الفلسطيني. ان عدم الذهاب وعدم كسر الحصار الذي تفرضه اسرائيل على الفلسطينيين هو التطبيع بعينه. بل ان الذهاب الى الارض المحتلة والتضامن مع الشعب الفلسطيني في مقاومته المدنية والانسانية والوطنية ضد الاحتلال شكل متطور ومتقدم من اشكال المقاومة. يجب ان يذهب كل العرب مهما كانت القوانين الاسرائيليه المانعه ومهما تطلب الامر من مشقة من اجل تقوية مشروع مواجهة الاستيطان ومواجهة الجدار و التمدد الاسرائيلي.
منذ فجر تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي قبل نشوء اسرائيل وبعد نشوءها عام ١٩٤٨ كانت فلسطين ولازالت مرآة العرب. فانتكاستها عنت باستمرار ان العرب في حالة تراجع، وضمورها عنى ان العرب في ضمور. لهذا لم يكن غريبا ان كل حركة نهضة في العالم العربي من المحيط الى الخليج ربطت القضية الفلسطينية بطموحاتها وامالها. حصل هذا مع بدايات النهضة العربية الاولى وحصل مع الدول العربية المستقلة وحصل مع حركة القوميين العرب وحركات اليسار العربي في السابق كما ويحصل اليوم مع الاسلاميين ومع الوطنيين العرب اكانوا في ايران او جنوب لبنان او في القاهرة او الاردن والكويت. ان نجاح العرب بمواجهة التحدي الكبير الذي يثيره الاحتلال ونتائجه سيكون مفصليلا لتقرير مستقبل العرب الثقافي والسياسي. ان كسر الحصار الذي تفرضه اسرائيل يتطلب تكثيف الزيارات وتكرارها وتحولها لشكل من اشكال الحج السياسي المقاوم.
shafgha@hotmail.com
استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت