كان على المواطن العربي والسوري بخاصة أن يتنازل عن كل حقوقه في امتلاك مواطنيته بانتظار استعادة (الوطنية الفلسطينية)، هكذا قال له القوميون (الناصريون والبعثيون) خلال نصف قرن من تصدرهم النضال القومي، لم يقدموا له سوى هدر المواطنة وهدر الهوية القومية، يرافقها مزيد من ضياع فلسطين وتبددها، لكن الأهم بالنسبة لهم، كان دائما إنقاذ مقولة (العقيدة القومية) التي يصدح بها الخطاب بغض النظر عن مآلات هذه العقيدة ومدى مطابقتها لواقعها المهزوم، ما دامت إسرائيل لم تستطع إسقاط أنظمة إنتاج هذا الخطاب (التقدمية والثورية).
وكلما جنح مفكر أو مجموعة فكرية أو سياسية باتجاه أن يذكروا الأمة بآدميتها، وأن الحرية هي الأصل في وجود الفرد والأمة، وأن الاستبداد هو سر أسرار الهزائم المتوالية نعت بالانحراف وإضعاف الشعور القومي وبعث الوهن في نفسية الأمة حيث يسجن اليوم أصدقاؤنا في قيادة إعلان دمشق، بل إن العدو نفسه يعلن بأنه يهزمنا ليس بسبب تفوقه الأسطوري بل بسبب قابلياتنا للهزيمة، كما سبق لابن غوريون أن عنّف جنرالاته على خيلائهم بعد انتصارهم في حزيران 1967، مؤكدا لهم أن انتصارهم عظيم لا بسبب عظمتهم بل بسبب أن عدوهم متخلف وجاهل ومستبد، ولا تزال إسرائيل تقاتلنا بمقوماتنا هذه ذاتها، إذ كلما ازددنا انحطاطا واستبدادا ازدادت تفوقا وعظمة، ولعل أول مقومات قوتها وتفوقها هو ديموقراطيتها واستبدادنا وليس تفوقها العسكري والاقتصادي والعلمي فحسب، بل وليس بسبب تدينها وعلمانيتنا كما يريد أن يتخيل اليوم الإسلاميوين الذين يرشحون أنفسهم لمواصلة قيادة هزائم الأمة… بعزيمة وهمة.
إذ أنهم يكتشفون المأساة الفلسطينية اليوم وكأنهم لم يسمعوا بها من قبل، وذلك- على الأغلب- لأن حماس هي من يقود مآسيها اليوم… إذ أن الشيخ متولي شعراوي صلى صلاة الشكر لهزيمة جمال عبد الناصر والبعثيين (معسكر الشيوعية) أمام إسرائيل في حزيران 1967… لكنهم اليوم يحدثونا عن أهوال غزة ، وكأن إسرائيل لم ترتكب من الجرائم في تاريخها إلا جرائم غزة تحت قيادة حماس…! حيث “العيون المطفأة بالسلاح الفوسفوري… ويحدثونا عن إسرائيل ومستودعاتها العامرة بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية…. وحديث العينان المطفأتان في غزة، يقولون: ترقبوا غداً، فربما تطفئ أعين كثيرة في كل مدينة وقرية من مدنكم وقراكم في دمشق وحلب في السويداء وطرطوس وسلمية والقامشلي وعين العرب وعفرين ومرمريتا..
لن نطيل في إيراد المقتطفات من الخطاب الأخواني الذي يتحدث بهذه الصيغ الإنشائية التهويلية ، كأن ما حدث في غزة لم يحدث إلا بالأمس، وكأنهم لم يسمعوا بغزة من قبل بمآسيها ومآثرها التي شكلت قبل حماس كوابيس للقادة الإسرائيليين الذين عبر أحدهم عن حلمه في أن يستيقظ ويراها غارقة في البحر…هذه الكوابيس كانت قد صنعتها غزة للمحتل الإسرائيلي دون آلاف القتلى والجرحى الذين يقدمون اليوم كحجة على الانتصار… ودون أن تدعي غزة أنها منتصرة بمآسيها وآلامها وجثث نسائها وأطفالها ، بل كانت قادرة أن تحقق انتصاراتها الأخلاقية على إسرائيل من خلال الكشف عن جرائم العدو، وليس عن مزاعم انتصارات الصديق التي لا داعي -مع الانتصارات إذا صحت- الإطناب في الحديث عن العيون المطفأة بالفوسفو، أي إذا كنا منتصرين فلا داعي للحديث عن جرائم ووحشية العدو ومآسينا، بل أن نترك للعدو أن يتحدث عن مآسيه بسبب انتصاراتنا…!
لكن الأخوان يريدون التهويل علينا لتبرير فعلة تبرئتهم (الوطنية) لعصابة النظام في سوريا الذي لم يتاجر أحد مثله بالقضية الفلسطينية سوى حليفه الإيراني اللاحق، ولم ينزل أحد من الكوارث والمآسي والجرائم بالشعب الفلسطيني –ناهيك عن الشعب السوري- بقدر ما أنزلت عصابات هذا النظام، حتى أن إسرائيل تبرر أرقام خسائر جرائمها الوحشية نحو الفلسطينيين أمام العالم على أنها اقل مما يفعله الشقيق السوري بشقيقه الفلسطيني…!
هذا الاكتشاف العبقري الأخواني حول: (توفير الجهد… وتوحيد القوى…والتوقف عن افتعال أسباب الصراع وخنادقه وأطره.)، هو المبرر السياسي الذي يستند له النظام في وضع كعب جزمته على فم المجتمع لإخراسه عن التداعي إلى الحق على حد تعبير الكواكبي، وهو المبرر الذي تستند له كل الأحزاب والقوى (لقومية والإسلامية واليسارية) المتواطئة مع النظام في السكوت على جرائمه وفساده خلال عقود، وهو مبرر أنها تتحالف معه من أجل “توفير الجهد” في المعركة المصيرية مع العدو الإسرائيلي –كما كان يمكن لخالد بكداش أن يفسر التحاقه الذليل بالنظام- أي ليس من أجل ارتزاقها وتكسبها ونهبها وفسادها باسم القضية الفلسطينية…دون أن تنتظر هذه القوى التي أطلق عليها تسمية (الجبهة الوطنية التقدمية) خمسين سنة من الجرائم الإسرائيلية لتكتشف هذا الاكتشاف الساذج (المضحك المبكي) عن دعم جهود مقاومة النظام، حيث يغدو المثل الشعبي في ذروة الحكمة تجاه الموقف الإخواني الذي يبرر التحاقه كما برره خالد بكداش منذ أربعين سنة، وهذا المثل الشعبي هو القائل : (الله يرزقكم الحج والناس راجعة )…
بل والطريف في الأمر أن يقوم الخطاب الإخواني بالرد على القراءات والتفسيرات للموقف الإخواني في تعليق نشاطهم بطريقة حادة وعنيفة وكأنهم خجلون من موقفهم هذا –وليتهم يكونون خجلين بحق-الذي يعكس مدى الارتباك الذي أوقعوا أنفسهم وجماهيرهم وأصدقاءهم به، إذ أصدروا بياناً ردوا فيه على هذه التقارير التي وصفوها بـ”الكاذبة” و”الملفقة”. وفيما يلي بعض فقرات نص البيان الذي نشرته أخبار الشرق:
لقد أثلجَ الموقفُ الإسلاميّ والوطنيّ المشرّف، الذي اتخذته جماعتنا في إعلانها تعليقَ أنشطتها المعارضة، توفيراً للجهد العام لدعم المقاومة… وقد بدأت الدوائرُ المشبوهةُ ببثّ الأخبار الكاذبة، ونشر التقارير الملفّقة، حولَ ذلك الموقف وتداعياته، في محاولاتٍ يائسةٍ لتشويه صورة الجماعة، وإثارة البلبلة والشكوك حولَ مواقفها وسياساتها.. تقاريرُ وأخبارٌ لا أصلَ لها، منها ما صدرَ عن مؤسّساتٍ صحفيةٍ غربية، غامرت بمصداقيتها، ومنها ما يتحدّثُ عن وساطةٍ إيرانيةٍ بين الجماعة والنظام، ومنها ما يتحدّثُ عن لقاءٍ مرتقَبٍ بين المراقب العام للجماعة والرئيس السوري بشار الأسد، ومنها ما يتحدّث عن وساطةٍ تركيةٍ أو قطرية، أو عن دورٍ لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، أو لمكتب الإرشاد..
لا نعرف ما الداعي لكل هذا التهويل في الحديث عن دوائر مشبوهة و عن الأخبار الكاذبة والملفقة التي تشوه وتلفق موقفهم بهدف إثارة البلبلة والشكوك كما يدعون: إذا كان ثمة تقديرات هنا وهناك لتفسير سياقات المبادرة الأخوانية الغريبة، فأين تشويه الصورة في الحديث عن ثمة وساطة ايرانية؟… أليست إيران هي قائدة المحور (المقاوم) الذي تتوضع في محوريته حماس بدون خجل…؟ وأين تشويه الصورة في الحديث عن ممكنات لقاء بين المراقب العام للجماعة وما يسمونه بـ (الرئيس السوري بشار الأسد)؟ أليس تعليق المعارضة للنظام السوري يستوجب اللقاء للتنسيق لـ”توحيد الجهود” في (النضالي القومي والجهادي الإسلامي ) لتحرير غزة وكامل التراب الفلسطيني وفق برامج حلفائهم في حماس طليعة جبهة المقاومة الإيرانية: (الولايتية) –السورية (الأسدية -المخابراتية)…!
وأين البعد المشبوه للدوائر المشبوهة عند الحديث عن دور للوساطة يقوم به الشيخ القرضاوي (أعلم أهل زمانه) على حد تعبير الإخوانيين الذين لم يمر أسابيع على تثمينهم لموقفه التحذيري من التبشير الشيعي الايراني فقفزوا –فجأة- لأن يكونوا في القاطرة التي تقودها ايران… وأين الدور المشبوه إذا تم الحديث عن وساطة الأتراك (الذين نغصوا –بوطنيتهم المفاجئة-على المحور الإيرانو-سوري كفاحيته التحالفية الطائفية، فشغل الأخير الأمني السوري آلته الإعلامية للتذكير الطائفي بالتاريخ العثماني للأتراك…! أو أين الشبهة إذا قام القطريون-الذين غدوا من الممانعين- بهذه الوساطة، ماداموا قد أصبحوا في جبهة المقاومين لأمريكا حليفة إسرائيل في عقر دارها، أي في وسط قاعدتها العسكرية الأمريكية بالدوحة…!!
لا يستطيع المرء أن يفهم كل هذا الاستهجان والغضب الإخواني نحو الاستنتاجات السالفة، إلا وكأن الأخوان خجلون مما أقدموا عليه من إعلان تعليقهم لنشاطهم أمام ناسهم وجمهورهم، أي أنه تعليق لوجودهم ذاته كمعارضين، الذي لا مبرر لهذا الوجود ذاته سوى مناهضة الاستبداد أولا و آخرا… وليس مناطه هذا الموقف السياسي الخارجي أو ذا ك صادقا كان أم كاذبا، وما يستتبع هذا الموقف بالضرورة من تحالف مخجل مع نظام خاض بدمهم ودم شعبهم بحرب قل نظيرها في تاريخ طغيان الاستبداد ضد مجتمعه تحت كذبة توحيد الجهود في سبيل معركة الجميع…!؟
ويختم البيان الإخواني ديباجته بدعوة كلّ الأطراف على الساحة الوطنية، أن يعيدوا قراءةَ الموقف في ضوء المستجدّات الدولية والإقليمية، وفي ضوء الحقائق الموضوعية التي تحكمُ الحاضرَ والمستقبلَ على السواء…” هذه الدعوة كان لها ما يبررها في بداية قيام النظام وإعلانه عن برنامجه (الوطني والقومي) في مواجهة المشروع الصهيوني في السبعينات، وهذا ما فعلته كل فصائل العمل الوطني والقومي واليساري في سوريا فيما سمي بـ(الجبهة الوطنية التقدمية)، لكن أن تأتي هذه الدعوة بعد أربعين سنة من التدمير المنظم والممنهج للبنية الوطنية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية لمجتمعنا الذي تعرض لويلات لا تقل عن ويلات شعب غزة على يد قوات الاحتلال الصهيوني، فإنها لعمري دعوة ظاهرها الوطنية وباطنها تقديم المصلحة الايديولوجية على المصلحة الوطنية، أي التضامن العقائدي مع(أخوانية) حماس في مشرعها السلطوي العقائدي الطامح إلى انتزاع الشرعية من منظمة التحرير الفلسطينية لكن بطريقة غير شرعية، يكون الدافع الأول لضريبتها الشعب، تماما كما دفعنا نحن الشعب السوري ضريبة الشعارات الايديولوجية الكاذبة للنظام باسم الوطنية التي تآكلت وتعفنت وتفتت إلى فئوية أقلوية طائفية تقدم التحالفات مع الأجنبي الإيراني عل حساب محيطها القومي العربي، لكن الكارثة ستكون أكبر مع الأخوان الذين سيرضون بمحور يكونون فيه مرتهنين لمحور طائفي (قومي-مللي) آخر هومحور ثيوقراطي شعبوي استبدادي، في حين راهن الجميع على ممكنات إسلام ديموقراطي تقوده تجربة حزب العدالة والبناء التركي، وتكون الجماعة الأخوانية السورية فيه بمثابة البوابة العربية الأخوانية إلى التجربة المدنية الليبرالية التركية، لا أن تلحق إلحااقا تبعيا مستلب الهوية الوطنية والقومية بالمشروع الإيراني، إذ أن الخيار الإسلامي الديموقراطي هو الخيار الطبيعي والتلقائي للجماعة الأخوانية السورية التي ذاقت من صنوف الاستبداد والقهر والإبادة والاستئصال ما ينبغي أن يطهرها تطهيرا من كل مخلفات الاستبداد دون أي مراهنة على وطنية مدعاة له.
وذلك بمواجهة جذرية لا هوادة فيها مع جلادها الأوتوقراطي العصبوي الإجرامي الذي يلتحق موضوعيا بالثيوقراطي الاستبدادي الإيراني الأجنبي، لا أن يلتحق الضحية-مهما كانت أخطاؤه- بجلاده باسم أي قضية كانت، فليس للجلاد قضية عبر التاريخ سوى قضية طغيانه، ولم يثبت لنا التاريخ أن مستبدا انتصر على عدوه الديموقراطي والتعددي منذ هزيمة الفرس الشهيرة أمام اليونان في موقعة (سلاميس)، وقد كان فلاسفة اليونان يدركون أن انتصارهم هو انتصار الحرية اليونانية على الاستبداد الفارسي، أي كونهم أحرارا في أوطانهم عكس الفرس الذين كانوا عبيدا لأكاسرتهم في الماضي ولولاية فقهائهم في الحاضر، ولذا انهزموا من قبل أمام اليونان ولاحقا أمام العرب، وانهزم وليهم الخميني-في الحاضر- أمام حتى مجرد ديكتاتور عربي (صدام حسين)، وقد تكشفت-مع ذلك- مزاعمهم الجهادية أمام غزة بعد تنصلهم وحليفهم حزب الله من بضعة صواريخ أطلقها فلسطينيو المخابرات السورية (الجبريليون)… وإذا قيل لنا وماذا عن ستالين وانتصاراته ؟ نقول انتصر ستالين في إطار التحالف الغربي الديموقراطي على الديكتاتورية النازية، أما هزيمة استبداديته فقد كانت مؤجلة في صورة هزيمة الإتحاد السوفييتي في أواخر الثمانينات.
إن القراءة التي يدعونا إليها الأخوان على ضوء المستجدات بعد غزة إنما هي قراءة قديمة ومتقادمة لأكثر من خمسة عقود، وهي المرحلة التي كان يمكن فيها المراهنة على الديكتاتورية فيما سمي حينها بـ( النظام الوطني والقومي التقدمي)، أما اليوم بعد أن تكشف لنا -وفي الملموس والمحسوس- أن الطغاة ليسوا إلا جسرا للغزاة، وأن لا تحرر وطني أو قومي إلا بالتحرر السياسي والديموقرطي، أي لا تحرر وطني أو قومي إلا بقيام الحريات الداخلية السياسية والاجتماعية والثقافية والتعبيرية واحترام حقوق الانسان، وإلا بدون ذلك فليس ثمة إلا الهزائم تترى…!
إن القراءة الجديدة للوقائع تؤكد لنا أن خوضنا لمعركتنا الديموقراطية ومعركة الحريات السياسية والتمثيلية ضد أنظمة الطغيان وفي مقدمتها عصابة النظام السوري هي أعظم تضامن نقدمه لغزة ولمستقبل فلسطين، وإن كشف زيف الشعارات الكاذبة للمحور الإيراني بمطامحه الاقليمية (النووية)، والسوري بمطامحه العائلية والعصبوية في التملص من مقصلة المحكمة الدولية التي تنتظره على الأبواب، هو المدخل الضروري لدخول معركة التحدي المدني والحضاري والسياسي والعسكري مع إسرائيل، وليس بدعوتنا-من قبل الأخوانيين- للاندراج في منظومة 8 آذار التابعة والملحقة بنظام الملالي الايراني ومخابرات النظام الطائفي في سوريا، والذي لا يخفي أبدا استهدافه للشهيد الحريري بوصفه استهدافا طائفيا علنيا بكل وقاحة وفدامة… أم أن الأخوان لا يريدون أن يتذكروا إلا ما تزينه لهم أوهامهم السلطوية من خلال المراهنة على حماس بتدشينها مستقبل السلطة الأخوانية في المنطقة كما يتوهم ويتخيل ويتهوس راسم استراتيجياتها عربيا واسلاميا، ضاربين بعرض الحائط دماء الشعب اللبناني وشهدائه على أيدي عصابات نظام القتل الطائفي الذي يراد له التبرئة الوطنية على أيدي الحركة الأخوانية عربيا- وأخيرا وهو المأساوي- سوريا، حيث الجماعة السورية التي كان يراهن على جذريتها تجاه أولوية الديموقراطية، بوصف الديموقراطية هي المدخل البرهاني والاختباري لأية وطنية مدعاة…لنفاجأ باكتشاف وطنية النظام، ويوازيه في الغرابة اكتشاف أن ثمة مأساة فلسطينية وأن ثمة مجازر في غزة بعد نصف قرن… كل ذلك إنما يعطي انطباعا وكأن الأخوان لم يستشعروا المأساة الفلسطينية إلا بعد قيادة حماس لها كما يتساءل الكثيرون، سيما حينما يدعو-بعض رموزالأخوان- الحركة الديموقراطية في 14آذار اللبنانية أن تلتحق بجماعة 8آذار الملتفة حول شعار انطلاقتها ( شكرا لسوريا الأسد)، إن في ذلك خذلانا مبينا للشعب اللبناني وخذلانا لحركته الشعبية الديموقراطية في تحالف ثورة 14آذار من أجل الحرية والاستقلال وتقريب موعد دمشق مع الديموقراطية…بمقدار ما هو خذلان فجائعي –حتى ولو كان رمزيا بدون أوهام حول الحجم والأثر الفعلي لفعل التعليق- للشعب السوري الذي لا يزال قادرا على افتداء الحرية من خلال مناضليه ومعتقليه من كافة التيارات الوطنية من قادة إعلان دمشق: الليبرالية واليسارية والقومية وخاصة الإسلامية الديموقراطية…
يمكن للإخوان أن يتراجعوا عن موقفهم المتسرع-وليتهم يفعلون- الذي أحرجهم أمام أهلهم وأنصارهم ومحبيهم الواثقين بمبدأيتهم ومناقبيتهم الأخلاقية، دون أن يضعوا أنفسهم في خانة واحدة مع نظام معاد لشعبه قبل-بل وبدون- أن يكون معاديا لإسرائيل، التي هي الصديق المتبقي الوحيد –مع إيران- لهذا النظام الذي لم يهددها يوما قط ولن يهددها…بينما هي(إسرائيل) تستخدمه ممسحة لمهابة (جزمتها العسكرية) كلما توجهت لها إهانة عسكرية من الشعب الفلسطيني أو اللبناني…
mr_glory@hotmail.com
* كاتب سوري- باريس