وجدي ضاهر-الشفاف خاص
احتدمت حدة المنافسة الانتخابية بين الوزير السابق سليمان فرنجية ومنافسه في زغرتا المرشح ميشال معوض على خلفية زيارة معوض الى اوستراليا ومخاطبته المهاجرين البنانيين عموما والزغرتاويين خصوصا وحثهم عى المشاركة في العملية الانتخابية المقبلة. ورد فرنجيه بمخاطبة انصاره من ابناء زغرتا في اوستراليا بعد ان اتهم معوض بـ” شحادة الاصوات” من الخارج واستخدام المال السياسي لتأمين مجيء مغتربين للتصويت.
وإزاء الاسفاف الذي بلغه الخطاب السياسي بين المرشحين، لا بد من لفت النظر الى عدد من القضايا كانت سبقت الاشارة اليها في مقالات سابقة.
اولها قانون الانتخابات: لقد تم التحذير من ان اعتماد قانون العام 1960 الانتخابي وان لمرة واحدة، تفصيلا على قياس العماد عون والوزير فرنجية تحديدا لتأمين اعادته الى الندوة البرلمانية وبضغوط من حزب الله على وقع احداث السابع من ايار، سوف يفجر خلافات مسيحية مسيحية اولا واخيرا، وهذه بوادرها. وهذه الخلافات مرشحة للانتقال الى دوائر انتخابية اخرى بأوجه مغايرة تبعا لطبيعة التنافس الانتخابي والدوائر الانتخابية. ولكن ستكون سمتها الغالبة بين قوى 14 اذار المسيحية من “قوات لبنانية” و”كتائب” وشخصيات من جهة، وتيار عون من جهة ثانية.
ثانيا ، نجح المرشح ميشال معوض في ان يعيد التنافس الانتخابي في زغرتا الى عقود مضت ووضعه في إطار التنافس العشائري الذي حذر منه النائب سمير فرنجية. وبدل ان يكون شعار المعركة الانتخابية سياسياً بامتياز انسجاما مع طبيعة المرحلة الراهنة، وجد معوض نفسه في موقع الدفاع عن نفسه وعن اصوله السياسية والاجتماعية وعن مصادر تمويله، وبطبيعة الحال هذا ليس شعار الحملة الانتخابية لقوى الرابع عشر من آذار.
المستغرب هو ان يستغرب المرشح معوض رد الوزير فرنجيه الذي يعرفه وخبره جيدا. وما قاله فرنجية في حق بيت معوض سياسيا كان الاجدى بالأخير ان يرد عليه لا ان يتجاهله، وكان الاجدى بمعوض ان يعيد للمعركة الانتخابية طابعها السياسي لا الشخصي.
قال فرنجية في حديثه للأوستراليين اللبنانيين: “أتمنى عليكم أن تعودوا لتاريخ هؤلاء الناس. فعندما كانت سياستنا تربّح، هل كانوا ضدها؟ أم كانوا في صلبها؟ وكانوا أساسيين وكانوا مستثمرين لهذا الخط وعندما اعتبروا أنها أصبحت تخسّر إنقلبوا عليها وأصبحوا يتكلّمون بالسيادة والحرية والاستقلال. ولكن عندما كانت سوريا في لبنان كانوا سوريين أكثر منا، وكانوا سوريين أكثر من كل من هم اليوم مع سوريا. نحن حلفاء سوريا عندما كانت سوريا قوية في لبنان وحلفاؤها عندما زال نفوذها”. كان على معوض ان يصوب معركته الانتخابية في الاتجاه السياسي الذي تناوله فيه فرنجيه مع عائلته من ضمن ما تناوله في هجومه عليه، لا ان يرد عنه تهم النسب فنسبه معروف ولا يحتاج الى توضيح وعليه ان يفاخر به لا ان يدافع عنه. فهو، وان اتهمه فرنجيه، ليس متهما على الاطلاق. وهنا ايضا لا بد من تسجيل موقف يحسب لفرنجيه وهو مكمن قوته وضعفه في آن. ففرنجيه يباهي بعلاقته بسوريا وبعلاقته الشخصية بآل الاسد، وهو لم يتنازل يوما عن هذه المباهاة. وهنا تكمن قوته. فهذا ملعبه وميدانه، وهو استطاع استدراج معوض اليه من دون ان يرد الاخير.
ثالثا: وهذا ايضا يعيدنا الى المربع الاول، وهو مسؤولية معوض في استعجال اعلان لائحة انتخابية من دون العودة الى قوى الرابع عشر من آذار، من دون التشاور مع ركن اساسي في ثورة الارز النائب عن دائرة زغرتا سمير فرنجيه. ومع تسجيل التقدير للمرشحين الآخرين مع معوض، ولكن طبيعة المرحلة السياسية لا تحتمل طريقة إدارة معوض لها في نقلها من السياسة التي تواجه المخاطر التي تحدق بلبنان الى منافسة على زعامة زغرتا تسعى الى تغييب عائلة فرنجية! وسعى المرشح معوض الى الاستفادة من الزخم السياسي لقوى الرابع عشر من آذار على المستوى الوطني ومحاولا توظيفه في معركة جانبية على اهميتها، في السعي الى إبعاد الوزير فرنجيه عن الندوة البرلمانية. إلا أنه ومن خلال هذه الادارة اعطى فرنجية زخما عائليا وعصبية عشائرية اصبح معها من الصعوبة بمكان تحاشي وجوده نائبا بعد اشهر.
إن ما يحصل في زغرتا في حاجة الى إعادة تصويب بعيدا عن ممارسات الهواة في السياسة والمغامرين الصغار. ويستوجب، اولا وآخرا، تدخل قيادات قوى الرابع عشر من آذار لوضع المعركة الانتخابية في نصابها الطبيعي بين قوى الاستقلال والحرية والسيادة من جهة وبين قوى الاستتباع و”شكرا سوريا”. ولكي لا يسري التعميم، فإضافة الى مسؤولية معوض المباشرة عن استعجاله إعلان لائحة في زغرتا، هناك مسؤولية على قوى الرابع عشر من آذار في تأخير إعلانها برنامجها السياسي الذي ستخوض الانتخابات على أساسه. واذا كان هناك تفهم لاسباب تأخر إعلان اللوائح الموحدة لقوى الرابع عشر من آذار إفساحا في المجال امام مزيد من التشاور لاختيار المرشحين وعدم استباق قوى الثامن آذار في إعلان اللوائح، فما ليس مفهوما هو لماذا تأخر إعلان البرنامج السياسي وإن كانت عناونه معروفة وهي تتكرر بشكل شبه يومي على السنة القادة؟
اما المخرج في زغرتا، وهذا اقتراح برسم قوى الرابع عشر من آذار وقوى ثورة الارز، فيكمن في اعادة انتاج لائحة لهذه القوى يكون عمادها ما يطلق عليه تسمية (دينامو) ثورة الارز ولقاء قرنة شهوان النائب سمير فرنجية، وهو الذي يخوض معاركه الانتخابية تحت شعار ثابت في الوطنية وتاليا إعادة إنتاج شعار سياسي جديد للمعركة الانتخابية في زغرتا بدلا من تعييرهم بشحاذي الأصوات. وإذا كان لا بد من كسب هذه المعركة، فليتم ربحها بالشعار السياسي وليس بشعار شعبوي انتخابي صرف على غرار الشعار الحالي (“انتخب مين ما بدك بس مرقلنا صوت”)! فلا هذا هو بشعار سياسي ولا انتخابي، وإن كان فهو لا يليق بثوابت ثورة الارز التي عمل معوض على تقزيمها في زغرتا الى مستوى إزاحة عائلة فرنجية عن الندوة النيابية.
أخيرا، ملاحظة برسم المرشح معوض ، كان الاجدى الاستفادة من خلاف فرنجية-عون في زغرتا على ترشيح العوني فايز كرم بدلا من اعطاء فرنجية اكثر من ورقة تبدو رابحة لينقل المعركة من صفوف قوى الثامن آذار الى سجال شعبوي عشائري.