وجدي ضاهر الشفاف – خاص
ابلغت مصادر مطلعة “الشفاف” ان توقيت زيارة رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الامير مقرن بن عبد العزيز الى دمشق جاء اثر زيارة لنظيره السوري اللواء علي مملوك الى الرياض قبل حوالي اسبوع حاملا رسالة من القيادة السورية الى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وبعد مهرجان بيروت الذي اثبتت فيه قوى الرابع عشر من آذار حضورها ودورها وزخمها.
المصادر تضيف ان السعودية ارادت ابلاغ دمشق انها قادمة اليها من بوابة بيروت بعد ان بدأ العد التنازلي لبداية عمل المحكمة الدولية أوائل الشهر المقبل.
والسعودية على دراية كاملة بان القيادة السورية سوف تتعرض لمرحلة ضغط كبيرة من قبل الادارة الاسرائيلية الجديدة مقابل رفع سيف المحكمة المسلط فوق رأس النظام السوري، اي كي لا تصل المحكمة الى مستوى لا يتحمله النظام البعثي في دمشق.
وتتمثل هذه الضغوط حسب المصادر في عروض اسرائيلية لدمشق ابرز عناوينها وقف تدخلها في الشأن الفلسطيني، وسلام مقابل قليل من الارض، واضعاف حزب الله مقابل ترسيم بعض حدود مزارع شبعا لصالح سوريا.
ولا تغفل المملكة عينها عن ايران والموقف الاسرائيلي المتزمت تجاه نظام الملالي، خصوصا ان اسرائيل دفعت في مباحثاتها مع الادارة الاميركية السابقة، وتدفع مع الجديدة، من اجل ضرب ايران والحؤول دون امتلاكها السلاح النووي. لذلك فان الاجندة الاسرائيلية في عرضها لدمشق سوف تتضمن اثماناً تدفعها دمشق للادارة الاميركية وهي تتمثل بوقف تمثيل دمشق بوابة للمصالح الايرانية للدخول الى العالم العربي، وابعاد “الفصائل الارهابية الفلسطينية” حسب التعبير الامريكي عن دمشق، ووقف دعم حزب الله والاعتراف الكامل وغير المنقوص وعدم التدخل المطلق في الشأن اللبناني.
الى ذلك تريد الادارة الاميركية من دمشق تسليمها العديد من الملفات الامنية، وخصوصا ما يتعلق بالامن العراقي والكشف عن حجم الارتباط بين الاجهزة الامنية السورية و الخلايا الارهابية في العراق
وفي يقين المملكة ان فرص التسوية السورية-الاسرائيلية والامركية-السورية اصبحت اصعب كلفة على النظام البعثي ومردودها اقل بكثير من ما كان يتوقع.
لذلك جاءت المبادرة السعودية قبل الاول من اذار وقبل ان يتعرض النظام السوري لمزيد من الضغوط مع ما يعنيه ذلك من ان المحكمة ستطال اركاناً كبار في النظام وستتسبب بتحول كبير في لبنان يسقط او يضعف جماعة سوريا.
وفي المعلومات الي توافرت لـ”الشفاف” ان سياسة اللحظة الاخيرة السعودية تأتي في مجملها خوفا على استقرار لبنان اضافة الى الخوف من اعادة تصدير الارهابين العائدين من العراق ليس الى لبنان هذه المرة بل الى السعودية ودول اخرى.
وهذا ما جعل الامير مقرن يحمل الرسالة بنفسه في سعي صادق، على صلة بأمن المنطقة والخطر المحدق بلبنان اولا، واستقرار النظام السوري اذا جدّت المحكمة في اجراءاتها خصوصا ان ثمن المحكمة على سوريا كبير ومحاولة الحد من آثاره
والتخفيف عنه سعودية بامتياز وثمنه اقل بكثير. وحسب المصادر، يكاد يختصر هذا الثمن باحترام سيادة واستقلال لبنان والابتعاد عن الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني والنأي بدمشق عن رعاية الارهاب والتعاون مع المجتمعين الدولي والعربي في هذا المجال.
وفي الاجندة السعودية مع دمشق، لا تشترط الرياض على سوريا قطع علاقاتها بإيران بل الابقاء على مصالح مشتركة مع طهران على ان لا تكون على حساب مصالح الامة العربية.
وفي سياق متصل تحدثت المصادر عن ان المبادرة المصرية نحو الرئيس السوداني عمر حسن البشير وازمة دارفور وبشخص اللواء عمر سليمان، ما هي الا رسالة مبطنه الى الاسد بان البشير متل بشار يسيران على نفس النهج في علاقاتهما الدولية
وموقع سوريا بالنسبة للسعودية بنفس حجم موقع الخرطوم بالنسبة للقاهرة.
اي ان الكبار العرب معنيون باستقرار الاطراف المغامرين.
و تضيف المصادر ان زيارة الامير مقرن الى دمشق لا تخلو من محاولة للوقوف الى جانب تيار داخل النظام السوري بدأ يتشكل وهو من العلويين الخائفين من انقلاب الوضع ضدهم والذين يخشون من سيطرة اطراف داخل العائلة السورية المالكة على منافذ الدولة السورية كافة.
وفي سياق متصل قالت المصادر المطلعة للشفاف ان المملكة العربية السعودية تريد من دمشق ان تنضم الى قمة القاهرة من اجل اعادة اعمار غزة بدلا من المشاركة في قمة الدوحة التي تقف وراءها ايران.
ويبقى ان الايام المقبلة سوف تحمل في طياتها تفاصيل اكثر عن الرسالة السعودية الى سوريا وما اذا كانت القيادة في دمشق سوف تستفيد من الفرصة الجديدة التي تمنحها لها الرياض.
وإذا كان ردّ الفعل السوري إيجابياً، فالأرجح أن تكون الخطوة التالية إجتماع قمّة قريباً بين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشّار الأسد.
abouelkim@hotmail.com