وردنا البيان التالي من المحامي مهند الحسني في دمشق، وهو رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان، عن مجموعة محاكمات بحق ناشطين سياسيين معارضين، أو “منشقّين” كما درجت التسمية في جمهوريات بريجنيف و.. شاوتشيسكو.
صديقنا حبيب صالح كتب وثيقة للدفاع عن نفسه أمام المحكمة “الموقّرة”، ولكن “الموقرة” اعتبرته بياناً سياسياً وهي بصدد التحضير لدعوى قضائية إضافية من الممكن تحريكها على موكله بناء على تلك الوثيقة”!
ولولا أن الدكتور وليد البنّي، عضو الأمانة العامة في إعلان دمشق للتغيير السلمي الديمقراطي، في السجن لكانت أعجتنا نكتة محاكمته بتهمة “توهين نفسية الأمة” من داخل السجن وبناءً على “إخبارية” قدّمها “مخبر نصّاب” (كل المخبرين نصّابين، لكن هذا المخبر نصّأب بالمهنة في ما يبدو). وخبر محاكمة الدكتور وليد البنّي من النوع المضحك المبكي: سجين سياسي يُحاكَم وهو في السجن بناء على كلام “همسه” في أذن “مخبر نصّاب” فتكون التهمة “توهين نفسية الأمة” التي تكون في هذه الحالة “أمّة نصّابين”! (هل يعرف أحد من هو الجهاز السوري “الأديب” الذي اخترع تعبير “توهين نفسية الأمة”؟ هذه “التوهين” ينبغي تسجيلها في مكتب براءات “الملكية الفكرية” قبل أن تسطو عليها “أجهزة” أخرى أو حتى.. العدو الصهيوني!)
ينبغي أن يكون المرء “بعثياً” لكي “يتفتّق” ذهنه عن مثل هذه “النهفات”. وهذا كله يذكّرنا بخبرية نقابة عمال المجاري الصحية في اللاذقية (أو ربما مدينة أخرى) التي جعلها النظام تُصدِر (أو أصدر نيابةً عنها) بياناً ضد إبن العم رياض الترك، وبالمرحوم “الشهيد” صدّام حسين الذي “يُذكَر له” أنه أصدر قانوناً “ذا مفعول رجعي” يتضمن حكم الإعدام على كل من انضمّ إلى الحزب الشيوعي قبل 10 سنوات من صدور القانون! وهذا كله يدخل في جدلية “قانون بعثي”!
قضية المهندس مشعل التمّو سهلة نسبياً: فالقانون يعطي المواطن الحقّ في اختيار المحامين الذين يوكلهم بالدفاع عنه، ولكن القاضي “الموقّر” قرّر أنه لا يحق لمشعل التمّو سوى بمحامي واحد. يعني مواطن “كردي”، ويطلب محاميين..! وربما لأنه “كردي ومعارض”، فالإستجواب “العلني” حسب القانون يصبح “سرّياً”! أمّة البعث لا تشمل “الأكراد” ربما لأنهم.. “شعوبيين”!
المحاكمات شملت أيضاً ” النشطاء السياسيين مصطفى جمعة بكر ومحمد سعيد حسين العمر وسعدون حمود شـيخو، وأسماؤهم جديدة علينا، ولكن يبدو أنهم “أضعفوا الشعور القومي” و”انتسبوا لجمعية تهدف لتغيير كيان الدولة بالعنف” (لماذا لم يقدّموا “إلتماساً مهذّباً” لمخابرات الطيران أو حتى لجهاز أمن الدولة لتغيير كيان الدولة باللطف؟) و”أثاروا النعرات العنصرية والمذهبية”. نتمنّى على قرّاء “الشفّاف” في سوريا أن يوافونا ببعض المعلومات عن هؤلاء “المجرمين الخطرين” الذين نرسل لهم تحياتنا واحترامنا لشجاعتهم في وجه الطغيان!
ولا بد لليل البعث أن ينتهي!
“الشفّاف”
*
بيان
بحضور عدد من المهتمين و ممثلي السلك الدبلوماسي عقدت محكمة الجنايات الثانية بدمشق برئاسة المستشار أحمد البكري مطلع هذا الاسبوع الأحد الموافق 8/2/2009 جلسة لمحاكمة الكاتب الصحفي حبيب صالح و كانت الجلسة مخصصة للدفاع.
تقدم وكيل المتهم بدفاع خطي مؤلف من ثلاث و عشرين صفحة استعرض فيها وقائع القضية و الأدلة المتوفرة فيها و التمس في نهايتها إعلان براءة موكله مما أسند إليه.
” للإطلاع على الدفاع يرجى فتح الرابط ”
http://www.shro-syria.com/2008/content/view/99/80/
ثم أفاد الوكيل القانوني للمحكمة الموقرة أن إدارة السجن كانت قد صادرت من موكله الأوراق التي كان يعدها لتقديمها للمحكمة الموقرة و المتضمنة أقواله الأخيرة التي منحه المشرع الحق في تلاوتها قبل قفل باب المرافعة، و هناك معلومات غير مؤكدة تفيد أن مفرزة التحقيق في سجن دمشق المركزي اعتبرتها بيان سياسي و هي بصدد التحضير لدعوى قضائية إضافية من الممكن تحريكها على موكله بناء على تلك الوثيقة، علماً بأن موكله و بعد أن انتهى من كتابه أقواله الأخيرة حولها بشكل نظامي لإدارة السجن للسماح له بالاحتفاظ بها لتقديمها في هذه الجلسة للمحكمة الموقرة
و التمس الوكيل القانوني من المحكمة تسطير كتاب إلى سجن دمشق المركزي لموافاة المحكمة الموقرة بتلك الأقوال التي كان الموكل يعدها في دار التوقيف ليدافع بها عن نفسه و يوضح من خلالها بعض النقاط المثارة في الملف المنظور.
هيئة المحكمة قررت بالاتفاق بعد تلاوة الدفاع أصولاً على ضبط الجلسة تسطير كتاب إلى فرع دمشق المركزي لموافاة المحكمة بصورة خطية عن أقوال المتهم الأخيرة التي كان قد أعدها بنفسه و فسح المجال أمامه لتلاوتها قبل قفل باب المرافعة و تعليق الجلسة ليوم 1/3/2009.
في الوقت الذي تبدي فيه المنظمة السورية لحقوق الإنسان قلقها الشديد من سياسات التمييز التي يتعرض لها المعتقلين السياسيين في سجن دمشق المركزي، فإنها ترى في إجراءات محكمة الجنايات الثانية بدمشق ضمانة لحقوق المتهم و صيانة لحق الدفاع المشروع و احترام للأصول و القانون و تكريس لعراقة القضاء .
من جهته أصدر السيد قاضي التحقيق العسكري الثالث الموقر بدمشق قراره في القضية المثارة بحق الدكتور وليد البني “عضو الأمانة العامة في إعلان دمشق للتغيير السلمي الديمقراطي” بتهمة وهن نفسية الأمة سنداً للمادة / 286 / عقوبات بناءاً على إخبار من أحد النزلاء زعم فيه أن إدارة السجن كانت قد كلفته بمراقبة الدكتور البني و التنصت عليه و أن الأخير كان قد صرف بعض العبارات و الكلمات في أذنه دون أن يتمكن شخص ثالث من سماعها …!!
و بالتحقيق الفوري مع الدكتور البني من قبل مفرزة التحقيق في سجن دمشق المركزي أنكر الدكتور البني التهمة المسندة إليه و تبين أن المخبر كان قد استجر منه مبلغ خمسة عشر ألف و خمسمائة ليرة سورية بدسيسة احتيالية و أنه من أصحاب السوابق بالنصب والاحتيال داخل المؤسـسة العقابية .
و بإحالة الضبط للنيابة العامة العسكرية حركت دعوى الحق العام بحق الدكتور البني و أحيلت القضية للسيد قاضي التحقيق العسكري الثالث الذي أصدر قراره الملمح إليه بتاريخ 17/12/2008 والمتضمن اتهام الدكتور وليد البني بجناية وهن نفسية الأمة سنداً للمادة المذكورة و محاكمته لأجل ذلك أمام محكمة الجنايات العسكرية بدمشق.
فتقدم وكيله القانوني بطعن على قرار الاتهام للغرفة العسكرية بمحكمة النقض بتاريخ 28/1/2008
” للإطلاع على الطعن يرجى فتح الرابط ”
http://www.shro-syria.com/2008/content/view/97/81/
تأمل المنظمة السورية لحقوق الإنسان من الغرفة العسكرية بمحكمة النقض فسخ القرار الاتهامي الملمح إليه إعادة الملف لمرجعه إحقاقاً للحق و اتباعاً للأصول و القانون.
على جانب منفصل آخر فقد سبق لقاضي الإحالة بدمشق و أن أصدر قراره القابل للطعن بالنقض و المتضمن اتهام المندس مشعل تمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي سنداً للمواد / 285 – 298 – 307 – 388 – 287 / عقوبات.
تقدم الوكيل القانوني للمتهم بطعن على قرار الاتهام استعرض من خلاله المثالب و الأخطاء التي شابت القرار الاتهامي.
” للإطلاع على الطعن يرجى فتح الرابط ”
http://www.shro-syria.com/2008/content/view/98/80/
غير أن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض قررت رد الطعن موضوعاً و تصديق القرار الاتهامي الصادر عن السيد قاضي الإحالة و محاكمة المهندس مشعل تمو موقوفاً أمام محكمة الجنايات بدمشق بما أسند إليه من تهم.
و بتاريخ 8/1/2009 استجوبت محكمة الجنايات الأولى بدمشق برئاسة المستشار محي الدين حلاق المهنس مشعل تمو استجواباً إدارياً في غرفة رئيس المحكمة.
اشترط رئيس محكمة الجنايات الأولى للشروع بالاستجواب أن يقتصر الحضور مع المتهم على محامي واحد فقط إضافة لشقيقه “بصفته الشخصية ” و ذلك على الرغم من إبراز سند توكيل رسمي من قبل محامي آخر طالباً السماح له أيضاً بحضور جلسة الاستجواب.
إلا أن السيد رئيس محكمة الجنايات الأولى أصّر على موقفه مؤكداً أن المشرع السوري اشترط حضور محامي واحد فقط مع المتهم جلسة الاستجواب الإداري و طلب من المحامي الآخر إخلاء الغرفة.
و بالفعل تمّ الاستجواب بحضور محامي واحد فقط و لم تتمكن المنظمة السورية من متابعة ملابسات استجواب المهندس مشعل تمو سوى بعض العبارات المتناثرة و ذلك على الرغم من أن الاستجواب استمر لأكثر من ساعة وربع.
المنظمة السورية لحقوق الإنسان تبدي قلقها مما جرى في محاكمة المهندس تمو و ترى في إجراءات محكمة الجنايات الأولى بدمشق اجتهاد في غير موضع النص و تزوداً في غير محله القانوني مما ينعكس سلباً على حق الدفاع المشروع ذلك أن:
· الأصل في المحاكمات أمام محكمة الجنايات هو : العلنية.
· و ليس هناك سرية في أي إجراء من إجراءات محكمة الجنايات.
· كما أن المشرع السوري لم يشترط أن يقتصر التمثيل أمام المحكمة الجنايات في جلسة الاستجواب الإداري على محامي واحد.
· في حين أن المشرع السوري اشترط على رئيس المحكمة تسمية محامي مسخر في حال عدم وجود محامي أصيل، فمن باب أولى السماح لأكثر من محامي بحضور جلسة الاستجواب.
· الأصل في الأشياء الإباحة و لا يجوز المنع إلا بمقتضى نص واضح و صريح.
في الوقت الذي تؤكد فيه المنظمة السورية لحقوق الإنسان على مطالبها المتكرره بطي ملف الإعتقال السياسي من حياتنا العامة فإنها تنظر بإيجابية لإحالة بعض المعتقلين السياسيين أو سجناء الرأي و الضمير للقضاء العادي بعد أن كانوا يحالون سابقاً للقضاء الاستثنائي ” و تنوه لسلبية متمثلة في أن نقابة المحامين تشترط أن لا يزيد على المحامين الوكلاء في سند التوكيل عن اثنين أو ثلاثة محامين و في أحسن الأحوال خمسة محامين و إلا فإنها لن تسمح لمندوبها بالنزول للنظارة لتنظيم سند التوكيل.
و أحياناً يذعن بعض المحامين لهذا الإملاء و يضطر المحامين غير المذعنين للانتظار ريثما تحال القضية لمحكمة الجنايات لتنظيم سندات توكيل جديدة لللمعتقل فتصطدم هيئة الدفاع بإملاءات جديدة من قبل المحكمة من قبيل عدم السماح لها بحضور جلسة الاستجواب الإداري.
ترى المنظمة السورية لحقوق الإنسان في هذا السلوك من نقابة المحامين تدخلاً مخالفاً للقانون ذلك أن:
· الشخص الوحيد الذي يملك الحق في تسمية وكلائه القانونيين هو المتهم نفسه و ليس للنقابة أن تتدخل في تحديد عدد أو أسماء الوكلاء القانونيين الذين يختارهم المتهم.
· الوكالة القضائية التي تنظمها نقابة المحامين هي عقد غير ملزم ما بين الموكل و الوكيل القانوني و قيام الوكيل بأعمال الوكالة يجعله قابلاً بها.
· القانون نظم أصول حضور و تمثيل المحامين العرب و الأجانب للمدافعة و المرافعة في سوريا و لا يجوز الحد أو تقيد ما أباحه النص القانوني بالسلوك أو الممارسة العملية.
على جانب منفصل استجوب قاضي التحقيق الأول يوم الثلاثاء 10/2/2009 النشطاء
السياسيين :
مصطفى جمعة بكر
و محمد سعيد حسين العمر
و سعدون حمود شـيخو
على خلفية ما أسند إليهم من تهم سنداً للمادة / 285 / عقوبات و المتعلقة بإضعاف الشعور القومي .
و المادة / 306 / عقوبات و المتعلقة بالانتساب لجمعية تهدف لتغيير كيان الدولة بالعنف.
و المادة / 307 / عقوبات و المتعلقة بجنحة إثارة النعرات العنصرية و المذهبية.
تعّبر المنظمة عن أملها بصدور عفو عام شامل عن جميع السجناء السياسيين و معتقلي الرأي والضمير و النظر بجدية لطي ظاهرة الاعتقال السياسي و الشروع في حزمة الإصلاحات المنشودة بما فيها الاصلاحات السياسية التي يرنو لها المواطن السوري و يّعلق عليها كبير الأمل.
دمشق 12/2/2009 المحامي مهند الحسني
رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان