What goes around comes around
ما يصدر عنك يعود إليك
(ج) فى فضاء السماء أو القبة السماوية (تجاوزا) حركتان متضادتان، إحداهما هى حركة الأرض حول الشمس، وتستغرق 365,2564 يوما من الأيام الأرضية، والأخرى مضادة لها هى حركة العصور (ages, eons)، فى هيئة معاكسة لحركة البروج (signs). فبينما بدأت العصور بعصر الحمل ثم سارت حتى عصر الحوت، وهى الآن فى عصر الدلو (Aquarius)، فإن البروج تبدأ ببرج الحمل ثم الثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الأسد ثم العذراء ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدى ثم الحوت ثم الدلو. فإذا كانت إحداهما تتخذ دورة وفقا لدورة عقارب الساعة (likewise) فإن الأخرى تتخذ دورة عكسية (anti likewise). ومدة كل عصر 216 عاما شمسيا، وذلك فى المتوسط، لأن المدة قد تزيد أو تنقص تبعا لإنحراف محور الأرض.
وقد ظهر السيد المسيح، كمعلم للإنسانية، ومرشد للبشرية، أوائل عصر الحوت، ولهذا كان يُرمز للمسيحية بالسمكة كناية عن الحوت. واختلفت الآراء فى بداية عصر الدلو (Aquarius) لكن الأرجح أنه بدأ يوم 4 فبراير 1962 حين اجتمعت فى برج الدلو الخمسة كواكب المهمة من كواكب المجموعة الشمسية، هى عطارد (خاتم الكواكب) والزهرة ومارس والمشترى (كبير الكواكب) وزحل. وثم قول آخر على أنه بدأ يوم 23 يناير 1977، وقول ثالث على أنه بدأ يوم 20 مارس 2000، ورأى رابع على أن عصر الدلو بدأ فى 17 ديسمبر 2007 ؛ وهذه الآراء الأربعة هى أرجح الآراء وأدناها إلى الصحة، وهى كلها تُجمع على أن عصر الدلو قد بدأ بالفعل، وأن البشرية أصبحت محكومة بخصائصه، ذلك أن الكون كله وحدة واحدة، وجمعا متكاملا ؛ يؤثر كل جرم فيه على الأجرام الأخرى، ويتأثر بها كذلك، بما ينتهى إلى أن الكل يؤثر ويتأثر بالكل.
فى عصر الدلو (العصر الجديد) يترابط العلم والدين والروح والأخلاق، فهو عصر العقل والرشد الإنسانى، الذى يصير كل إنسان فيه سعيدا مكتملا عارفا (بالمعرفة المقدسة) ؛ ومن ثم يصبح كل إنسان فيه كالمعلم (روح الله وكلمته) ابن الله، وتكون الحكمة الأساسية لديه هى التنوير والحق والضمير (مبدأ ماعت). ولابد لهذا العصر – للدلالة على شروقه – أن يبدأ بالمعلم الروحى الكبير.
وقد قال بعض المختصين، فى عام 1977، إن روح الله وكلمته تحيا على الأرض. ويوجد كاهن مهم فى إسرائيل إذ كان الكاهن الخاص برئيس الوزراء الأسبق شارون، وقد تنبأ قبل عام من مرض شارون بأنه سوف يعجز عن الحركة والفهم وسوف يموت عاجزا، وهو ما حدث بالفعل، قال هذا الكاهن إن الروح العظيم موجود بيننا، وأنه لن يعلن عن نفسه إلا عندما يحين الحين، وتدق الساعة الكونية.
ولأن عصر الدلو هو عصر دفوق الماء، فقد زادت فى بدايته الأعاصير وكثرت الأمطار وتوالت النوّات. ومن إرهاصات هذا العصر ثورة حقوق الإنسان، وثورة الشباب (فى الستينيات من القرن الماضى)، وثورة العلم، وثورة المعلومات، وثورة الإتصالات، وثورة الفضاء (بقيادة ناسا)، وثورة الجنس التى عمت العالم كله فى أربعة عقود، وسوف تنتهى إلى أن يوجد ما يسمى (unusex) وهو تعبير له إستعمالات كثيرة، لكنه فى هذا الصدد يعنى الشىء الثمين والأصيل، كما يعنى العتيق وذو القيمة العالية (أى غير المبتذل) ؛ أى إن ثمت تغيرا جوهريا سوف يطرأ على مفاهيم وسلوكيات الجنس.
(د) كل أولئك يقطع بأن عصر الدلو (Aquarius) هو العصر الذى له خصائص وتأثيرات تتغير فيها السماء والأرض والإنسان، فيشع عليهم ويتدفق منهم النور الإلهى، وفيه يتجلى الإنسان الكونى، فكيف يكون هذا الإنسان وكيف يصير ؟
كما بدأنا أول قول نُعيده. لقد كان إهداء كتابنا الرابع حصاد العقل (المنشور فى 1973) إلى “الإنسان الكونى، الذى أشرق عصره فلاحَ بالأفق المبين، يطوى الكون فى ذاته، وينشر الكون من ذاته”.
• فالإنسان الكونى هو الذى يُقدّر كل ما ورد فى الدراسة عن “العقيدة الكونية” حتى وإن خالفت آراءه، وصادمت معتقداته، ما دام لا يوجد فى هذه المعتقدات وتلك الآراء ما يشفى روحه ويملأ قلبه ويرهف ضميره.
وحتى إذا لم يُقدّر ما ورد بهذه الدراسة، فعليه ألا ينكرها أو يجحدها، ما دام لم يجد غيرها يضم شظايا الأفكار المتناثرة، ويلمّ نثار المعتقدات المتتالية، وما دام أنه لم يبحث فيما تضمنته (الدراسة) بعمق ورصانة، بل أخذها بخفة وجفاوة.
• وهو الذى يؤمن بأن الله واحد، واحدية كلية وواحدية جَمْعية، فهو الكل فى واحد، والواحد فى الكل ؛ وأنه خلق الإنسان ليخْلُق به.
ولا يمكن للإنسان، الذى ازدوج من طبيعة العالم المادى، أن يعى الواحدية أو التوحد، الكلية أوالجمعية، إلا إذا اتبع أسلوب الوعى العالى، والتصوف الراقى، فعمل على التوحد فى ذاته والتوحيد بين قطبيه. ففى الإنسان عقل وله قلب. وللعقل جنوح وللعاطفة جموح، وخير ما يفعل الإنسان الواعى الراقى أن يتوحد فى ذاته وأن يُوحّد من نفسه، حتى لكأنما يحب بعقله ويفهم بقلبه. ومن واحديته هذه سوف يصل إلى الأفق الأعلى، وهو فى الجسد لم يزل، فيدرك واحدية الله ويتوحد بها.
• وهو الذى يعرف أن فى نفسه الجنة وفى نفسه النار، فى ذاته الصعود إلى نور الجلالة وفى ذاته السقوط إلى ظلام الضلالة. وأن الأفعال والأقوال هى جزاء نفسها، فالعدل كَفَاء ذاته والظلم سَوَاء نفسه ؛ فيفعل كل ما فيه خير ويبعد عن كل ما فيه شر، بدافع من نفسه الراقية ووازع من ضميره السامى، دون رهبة من عقوبة أو رغبة فى مثوبة.
• وهو يعرف أنه نفحة من الله، ووحدة من الكون، وفكرة على الأرض (والوحدة هنا تعنى ما يعنيه اللفظ الإنجليزى unit، وهو غير لفظ وَحدة).
• وهو يعرف أنه يوجد من قبل الأزل ويستمر إلى ما بعد الأبد، فى حيوات متتالية، ووجود متصل، يحقق به معناه، ويفض مغزاه، ويفى بكل ما عليه. فالموت ليس نهاية للحياة، لكنه باب ينفتح بها إلى حياة أخرى، تتحدد أوضاعها بما قدم من حياته وما أخّر، ما فعله من قبل وما لم يفعله، ما قاله أو ما لم يقله.
• ويعرف أن من سنة الحياة وقانون الكون وأمر الله أن يكون ديّان نفسه، ومسيح روحه، وخلاص ذاته ؛ وأن كل ما يصدر منه يعود إليه، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ؛ فالقاعدة الأساسية هى أن (من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ؛ ولا إستثناء من هذه القاعدة أبدا.
ولأن عمرا وَاحدا قد لا يتسع لجنى ثمار أفعاله وأقواله – إيجابا وسلبا – فإن الحيوات تستمر حتى يستوفى ما عليه ويستأدى كل ما له.
• والشعائر والمراسم سبلا لتطهير النفس وتنقية الذات، لكنها ليست غاية فى ذاتها، ولا تغنى أبدا عن النقاء والطهارة ؛ بل ينبغى أن تؤدى إليها ؛ وإلا تجمّدت بالإنسان وجـمُدت به وصارت مجرد حركات ومحض لفتات ونطق كلمات.
• ويعرف أن الكون كله أفكار متدفقة، وأن الحركة والتقدم أساس فيها. وهى تظهر فى صور شتى، وفقا للجانب الذى يحدث النظر إليها منه. فقد تظهر كمّاً يمكن تجازؤه ؛ أوتبدو كيانات متفردة، لكن الحقيقة أنها جميعا كلٌّ فى واحد.
• ويعرف أن القلب هو معبد الله بالمعنى الذى سلف من أن القلب والعقل سويان متداخلان واحدان، فليس معبد الله فى مكان أو فى بناء أو فى هيئة، لأن الأمكنة والأبنية والهيئات خارج المرء، وهو إن اتخذها بداية للوصول إلى الله دمّر نفسه، وألقى بها إلى خارج ذاته. أما القلب، المتوحد بالعقل، فهو السبيل الوحيد والطريق الصحيح إلى الله تعالى، وعليه من ثم أن يُعنى بالجُوّانى بدلا من البرانى، وأن يهتم بالداخل عوضا عن الخارج، وأن يحفل بالباطن وليس بالظاهر، وأن يحتفى بالروح أكثر من الحرف.
• ويعرف أن عهد الله كان للإنسانية جميعاً، وللإنسان جنسا لا نوعا (بتعبير المناطقة) ولم يكن ولن يكون لأمة أو لشعب أو لقبيلة أو لفرد أيا كان.
• ويعرف أن التجريد لا التجسيد، هو الذى يدرك منه الألوهية الحقة، ذلك أن التجريد يُفرّد ويجرّد أما التجسيد فإنه يعدد ويوثّن (أى ينتهى إلى عبادة الوثن) وقد سلفت الإشارة إلى ذلك من قبل.
• ويعرف أن الوصول إلى الله، من خلال ذاته، لا يحدث ولا يكون إلا إذا كان أسلوب المرء فى الحياة هو الصموت والسكوت والسكينة والرزانة والرصانة، ذلك بأن الثرثرة والرغى تُبدد ذات الإنسان فى ألفاظ بلا معنى ولا مغزى إلا الهروب من القانون الكونى والإنفلات من سنّة الحياة، وهو ما ينأى بها عن الطريق إلى الله.
• ويعرف أن عمله الدؤوب هو مكافحة ظلمات الجهل والفعل، فيعمل مع غيره على انحسار الظلمات وانتشار النور ؛ حتى يكون بحق معينا لله (عون الله) وليس معيقا، إذ – كما جاء فى القرآن – يصلى الله وملائكته على الإنسان لإخراجه من الظلمات إلى النور.
• ويعرف أنه من الضرورى أن يكفّ عن الشراهة أيا كانت، لأن الشراهة تجعله يطغى ويبغى، فيكون عونا لقوى الشر والظلام ضدا للنور والخلاص.
• ويعرف أن كل ما فى الكون من أجرام (وهو منها) تتبادل التأثر والتأثير – على درجات، واقترافه الضُرّ أوالإساءة لأى جـِرم (من الأجرام) أو إقترافه الضُرّ أو الإساءة لأى إنسان، يؤثر على التوافق الكونى، ويخدش القانون الإلهى (الحق والعدل والإستقامة والنظام) فيكون مردوده عليه جزاء سيئا، مهما طالت به الأيام أو بعدت به الحيوات. وهو أمر لابد أن يدفعه إلى المحبة الصادقة والإخاء الإنسانى، بصرف النظر عن إختلافات الجنس واللون واللغة والدين، وما إلى ذلك.
• ويعرف أن الخلاص الحقيقى هو من ذاته التى أسرتها روحانية الأرض العمياء وكبـّلتها دورة القدر التى تُحكم قبضتها عليه. وأن تحريره وخلاصه لن يكون إلا مع الكل وبالكل، وأداته الفعالة فى ذلك هى المعرفة المقدسة. فلا خلاص لفرد أو لجماعة أو لشعب أو لأمة دون خلاص للبشرية جميعاً. ومؤدى ذلك أن يتعاون الكل مع الكل ببصيرة ووعى يهيىء للحقيقة الكونية، من أن الخلاص هو للإنسانية جميعاً ولروحانية الأرض ولما أُسر فيها من روحانية حملها الإنسان لينقذ بها الأرض من عمائها وضلالها، فوقع المُنقذ بجهالته فى أسر من كان عليه أن ينقذه.
• ويعرف أن الإيمان بغير خلق، إيمان جاف ضامر ؛ وأن الخلق بغير إيمان مستنير، هو عُرضة للزيوغ والضياع.
• ويعرف أن خير ما يكسبه الإنسان لنفسه : روح صفىّ، وقلب نقىّ، وضمير سوىّ. وكل ما عدا ذلك تورّم فى الجسد وليس نموا للذات.
• ويعرف أن الطرق والسبل إلى الله تتعدد بتعدد الذوات الإنسانية، وأن لابد لكل إنسان من أن يعرف طريقه الذاتى، فيتّبعه ولا يتبع طريق شخص آخر، مهما بدا هذا الطريق فى منظومة شبه متكاملة أو ظهر لدى مجموعة وإن كانت كثيرة العدد والعتاد والعدة.
• ويعرف أنه لو صلُح (بالمعرفة) كان كَفَاءَ الكون كله، وإن ساء (بالجهل) صار هباء منفوخا، سرعان ما يتبدد وكأنه ما كان.
• ويعرف أن الغاية لا تبرر الوسيلة، ذلك أن هذا المبدأ ضد النظام الأخلاقى الذى لابد أن يكون لكل الناس وفى كل الواقعات، وإلا حدث فيه إستثناء. والإستثناء من النظام الأخلاقى ولو مع فرد واحد أو فى واقعة مفردة يهدمه كلية ويدمره تماما ويجعل الذى قام بالإستثناء بغير أخلاق أبداً.
إن المبدأ الصحيح أن نُبْل الغاية من نبل الوسيلة، وفضل الوسيلة من فضل الغاية.
• وأن يعرف أن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنه على النطاق الكونى لا يمكن أن يستفيد من سعى غيره، كما لا يمكن لغيره أن يستفيد من سعيه هو.
• وأن يعرف أنه لن يبدأ الطريق إلى الله من داخل نفسه إلا أن تكون له براءة الأطفال، وعزيمة الأشدّاء، ووهج العقول. وهو ما لا يتحقق إلا إذا تخلص من الخبث واللؤم والكيد والرياء والعَداء والغضب والإنتقام وما إلى ذلك.
• ويعرف أن الطريق والسبيل إلى الله يبدأ من نفسه هو، لا من شىء خارجى عنه، رؤية كانت أو مبنى أو مؤسسة.
• وأن يعرف أن ما سلف من بنود هى علامات الطريق إلى المعرفة المقدسة التى لن يعرفها حقا إلا بنفسه ومن ذاته إن توحّد فيهما ثم توحد بالله، حيث يصله فيض من النور يدفع به إلى ما هو أكثر وما هو خاص به من المعرفة المقدسة.
حينذاك، سوف يحق له أن يقول : إن روحى هى الإله.. وهى الأزلية والأبدية، وهى الكونية والإنسانية. بهذا يتحقق المبدأ الكونى بأن الله هو الواحد فى الكل والكل فى واحد (All in one and one in All).
saidalashmawy@hotmail.com
* القاهرة
الإنسان الكونى 17 (د)
المستشار محمد سعيد العشماوى قاض عادل وإنسان فاضل ومفكر رصين ، فمن يكون غيره معلم العصر الجديد ؟.
الإنسان الكونى 17 (د)
كان المحامون يقولون عن أسباب الأحكام التى يكتبها المستشار محمد سعيد العشماوى إنها سلاسل من ذهب ، وأنا أستعير هذا الوصف لأقول عن مقالاته وكتاباته إنها سلاسل من ذهب مطعمة بفصوص من الماس الثمين .
الإنسان الكونى 17 (د)
تحيات من ملايين القراء لموقع شفاف اللبرالى المستنير الذى ينشر مقالات المستشار سعيد العشماوى .
سوف يدخل التاريخ وينال الخلود هذا الموقع .
أما المستشار العشماوى فقد أعلن بمقالاته أنه هو الإصلاحى الشامل .
الإنسان الكونى 17 (د)
أعرف كثيراً فى الفلسفة بحكم دراستى وإطلعت على بعض الفكر الدينى .
والمقال الذى ختم به المستشار العشماوى كتاباته عن العقيدة الكونية يحتوى فى كل جملة بل وفى كل كلمة ما ينسف أخطاء كثيرة ويؤسس لمعتقد كونى جديد .
الإنسان الكونى 17 (د)
مقال رائع جداً ما أعظمه وأفخمه أنه يدخل إلى القلوب بسهولة وينتشر فى الضمائر بسلاسة .
هل يصدر هذا الكلام الجميل الراقى إلا من مرشد للإنسانية وضمير للعصر .