ينكب النظام السوري بكل عزم وتصميم على انجاز الانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة بما يؤدي الى عودة الرئيس بشار الاسد من الباب العريض و”الشرعي” الى لبنان عبر بوابة البرلمان.
فاستراتيجية الاسد الذي يقود شخصيا هذه العملية باتت واضحة المعالم، لجنة متباعة واشراف خاصة تتولى التنسيق مع الادوات والاتباع في لبنان بقيادة ميشال سماحة، عملية علاقات عامة او ما يعرف بالاجنبية ب”PR” لتجميل صورة سوريا في الخارج وعبر وسائل الاعلام بقيادة مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان، مشاورات مباشرة يجريها الاسد مع كل الافرقاء المتعاملين معه من اللبنانيين كل على حدة للوقوف على مطالبهم وتوقعاتهم وحجم الدعم الذي يحتاجونه حتى لا يقع في مطب المعلومات المغلوطة التي يمكن ان يفيده بها الاخصام المتنافسون، والابرز اعتماد استراتيجة طالما برع في تطبيقها السوريون تحت شعار “فرّق تسد” لزرع الشقاق داخل الطوائف والمناطق.
واول الغيث في المباشر، ترجم بما شاهدناه في الجبل: اعادة اشعال فتيل الصراع بين النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان، في موازاة رسالة من حاكم الشام سلمها بامانة وئام وهاب.
فارسلان لوح وهدد برفع الغطاء عن الجبل وعن جنبلاط وعائلته، وايضا اباحة اي عملية اقتحام الهية للجبل كما كاد ان يحصل في 7 ايار. ووهاب اوصل الرسالة بشكل اوضح وسمّى الاشياء باسمائها، متحديا الدولة واجهزتها ومصغرا مؤسساتها لاسيما القضائية منها وقيادة الجيش، مهددا ومتوعدا بان القتل مباح له و”الرجال يوقف بالطريق”!
اما الجرح الكبير فنجح الاسد في توسيعه واعادة النزف اليه عبر الاخراج الهوليودي الذي نُفذ باتقان المحترفين لزيارة الجنرال والعماد السابق ميشال عون الى سوريا.
برع الاسد في توجيه سهامه الى القيادة الروحية المسيحية المتمثلة بالبطريركية المارونية العاصية دائما وابدا امام كل مشروع لتذويب لبنان والحاقه بكيانات اخرى عبر التاريخ والى القيادات السياسية والزمنية منها لاسيما رئيس الجمهورية الذي برهن في ممارسته منذ بداية عهده انه بعيد بطباعه واسلبوه عن سلفه كل البعد، وانه ساع وبجدية لاعادة الاحترام لكرسي رئاسة خال السوريون انهم انهكوه الى حد الانكسار خلال عقود مضت.
الاسد يتابع وعن كثب خارطة الاستعدادات الانتخابية وتحالفاته المحتملة، وهو استشعر ضعف ادواته في المتن الشمالي بعد انفصال القوة المرجحة التي يمثلها النائب ميشال المر عن الحليف السوري القديم الجديد ميشال عون، ووهن الوجود القومي السوري ومَن هناك من شتات البعثيين، فهرع الى استدعاء حزب الطاشناق واسماعه ما يجب حتى لا تفكر قيادته بالانفصال عن تكتل عون المركب سوريا منذ العام 2005 والالتحاق بالحليف التاريخي ابن المتن الذي انتفض واعترض على محاولات تفريغ لبنان من رئاسته الاولى ميشال المرّ.
اما في المقلب الشيعي، فان الاسد مرتاح لتمكن ادواته من السيطرة على الوضع، هم تلاميذ شطار تعلموا افضل سبل الترهيب والتخويف والقمع والبطش من الاساتذة في النظام التوتاليتاري السوري لخنق اية محاولة لممارسة الحق الديمقراطي داخل الطائفة من عمليات حرق سيارات وترويع بالسلاح والمال.
وفي الجانب السني، يظهر الحنق السوري على المملكة العربية السعودية من على ألسنة ابواق سوريا في لبنان حيث ان المملكة لم تتأخر عن فتح ابوابها للجميع بمن فيهم حلفاء سوريا من السنّة والعمل على احتوائهم قبل ان ينجح مشروع المثالثة الذي يسوق له حلفاء دمشق وفي طليعتهم ميشال عون وحزب الله. وعلى هذه الجبهة يمكن ان نتوقع هجمة سورية شرسة قد ترغم وبالاساليب المعروفة لنظام الاسد الحلفاء من السنة على التريث قبل الانتقال من ضفة الى اخرى فلا احد بمنأى عن اليد السورية مهما قرب او بعد.
اذا، فالنظام السوري يستعد على قدم وساق لخوض الانتخابات النيابية في لبنان على امل الفوز بالاكثرية لوقف عمل المحكمة الدولية كهم اول والعودة على اكثر من صعيد الى اسلوب الاحتلال والوصاية الذي عهده اللبنانيون على مدى عقود مضت.
وفي المقابل، ماذا في جعبة قوى ثورة الارز؟ قوى الاستقلال والسيادة والحرية؟ قوى لبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه؟ جمهور ثورة الارز سلف قياداته الكثير وعلى مضى ثلاث سنوات خلت برهن عن التزامه، واثبت حضوره وثباته في مكانه على الرغم من الترهيب والتخويف والقتل والاغتيال. هذا الجمهور لم يفقد الامل بقدرة قادته على الاتفاق والوقوف موحدين وراء مشروع واحد يحصن لبنان من العودة السورية كما من المد المتسارع لولاية الفقيه.
تلوم جهات ديبلوماسية غربية عدة قوى الرابع عشر من آذار وقادة ثورة الارز على عدم الاستفادة طالما الفرصة سانحة من الدعم الدولي الكبير الغربي والعربي لحركتهم ولتوجههم. فهذه القوى فوتت العديد من الفرص التي تأتي مرة في العمر، مثل عزل حزب الله واجباره على الالتحاق بمشروع الدولة عندما انسحب السوري تحت وطأة ثورة الملايين، مثل الدخول بمفاوضات مباشرة مع اسرائيل لحل المسائل العالقة مع الدولة العبرية وفق المبادرة العربية للسلام وهو الامر الذي استفاد منه السوري وقبض فاتورته وبقي لبنان متأخرا الى الوراء، ومثل اعادة احياء مؤسسات الدولة خصوصا لجهة تطبيق اتفاق الطائف كما يجب وكما ينص عليه الدستور من دون مساومات وحسابات وهو الامر الذي منعه السوري طوال خمسة عشر عاما في وقت كانت قوى الحرية تصرخ بملايين الاصوات –وكلنا يعلم انه في حينها كانت تلك الاصوات اقوى واكثر فعالية من مئات آلاف الصواريخ التي يملكها حزب ولاية الفقيه- نعم فشلت قوى الرابع عشر من آذار في اقتناص الفرص ولكن الوقت ما زال متاحا لتحقيق بعض ما حلم به جمهور ثورة الارز.
فرصة انتخابات ربيع 2009 تحدد مصير لبنان ومساره: لبنان الحر السيد المستقل الذي يحب الحياة ويشكل القلب النابض للمنطقة ام لبنان الملحق بالمشاريع المحورية المرتبطة باحزاب شمولية عقائدية متطرفة وبقايا انظمة توتاليتارية تعشق الموت وسيلة وتعتاش على سفك الدماء.
فالى متى الانتظار؟! يا قادة ثورة الارز اصحوا، تضامنوا، توحدوا خلف حلم لبنان واعلنوا لجمهوركم بصوت واحد برنامجا انتخابيا متكاملا وفي اسرع فرصة ممكنة حتى لا تدفعوا بمن آمنوا بصدقيتكم ووقفوا ليس وراءكم فحسب بل في مرات عدة اماماكم الى اليأس والتخلي.
اخرجوا من حالة ردة الفعل الى حالة اخد المبادرة والفعل. لا تخافوا اخصامكم ولا تخجلوا من مشروعكم. قودوا السفينة بحزم وفخر لان هدفكم سام ونبيل وقضيتكم قضية وجود وحق وعدالة فكونوا شرسين بطروحاتكم ولا تهتموا لان الفاتورة لا يمكن ان تبلغ اكثر مما بلغت،، والا فانتم مذنبون امام الشعب والوطن والتاريخ.
nourelsa@hotmail.com
بين نظام الاسد وقوى الاستقلال.. بدأ العد العكسي.Wow what an article. This must become the call for action to the March 14 heroes. Honey, do you not know that there is a president for the next 6 years or so? Do you not know that there is a commander in chief of the army? Honey, do you not know that neither Syria nor God can return to Lebanon without a carte blanche for the major powers, i.e. the US, France and a few others? Honey, wake up and stop that emotional nonsensical orgasm about March 14. Oh please, honey! Wake… قراءة المزيد ..