حسن فحص – خاص “الشفاف”
للوقوف على المشهد السياسي الايراني والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها والتي تقارب حالة الانقلاب، اضافة للوقوف على مكونات هذا المجتمع السياسية والاجتماعية، لا بد من قراءة التركيبة الدستورية والقانونية للنظام في الجمهورية الاسلامية الايرانية وتوزيع السلطات بين مراكزها والعلاقات التي تحكمها.
التركيبة الدستورية للنظام
المسلمة الاولى التي يؤكد عليها الدستور الايراني هي ان كل السلطات في النظام الايراني تنتخب شعبيا بشكل مباشر او غير مباشر. وطبقا لهذا المبدأ، يمكن تقسيم السلطات في هذا النظام بين مراكز منتخبة بالاقتراع المباشر ومراكز تنتخب بالواسطة أي بشكل غير مباشر.
1 – المراكز التي تنتخب بالاقتراع المباشر:
اولا: رئيس الجمهورية الذي يتولى مهمة رئاسة السلطة التنفيذية وتشكيل الحكومة على ان تأخذ الثقة من مجلس الشورى او البرلمان، ويتولى رئيس الجمهورية مهمة الدفاع عن برامج الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية امام مجلس الشورى ويكون مسؤولا عنها. ويعتبر رئيس الجمهورية اعلى سلطة في البلاد دستوريا بعد ولي الفقيه – او مرشد النظام الاسلامي.
ثانيا: النواب او اعضاء المجلس النيابي او مجلس الشورى الاسلامي حسب التسمية الدستورية له، ويتولى مهمة التقنين ويمنح الثقة للوزراء ويقوم بمراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها. ويتكون من مئتين وتسعين عضوا من ضمنهم الاقليات الدينية المعترف بها رسميا في الدستور، وهي اليهودية الممثلة بنائب واحد، والمسيحية – الارمنية ممثلة بنائبين، والزردشتية ولها نائب واحد، ونائب عن الاشوريين.
ثالثا: مجلس خبراء القيادة، وينتخب من قبل الشعب بالاقتراع المباشر، ويتولى مهمة انتخاب وعزل مرشد النظام ومحاسبته حسب الدستور. ويشترط لعضويته ان يكون المرشح منتميا للمؤسسة الدينية ومن الفقهاء.
رابعا: المجالس البلدية
2 – المراكز التي تنتخب بالاقتراع غير المباشر:
اولا: مرشد النظام وهو يعتبر اعلى سلطة في النظام حسب الدستور، ويتولى مهمة التنسيق بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية. وينتخب من قبل مجلس خبراء القيادة المنتخب بدوره من قبل الشعب. وتشمل صلاحيات المرشد تعيين رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وقائد اركان القوات المسلحة وقادة القوات العسكرية – البرية والجوية والبحرية في الجيش وحرس الثورة الاسلامية وقوى الامن والشرطة – والاعضاء الفقهاء في مجلس صيانة الدستور واعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام. وبعض اعضاء المجلس الاعلى للامن القومي، فضلا عن تعيين اعضاء المجلس الاعلى للثورة الثقافية.
ثانيا: السلطة القضائية، ويتولى مرشد النظام مسؤولية تعيين رئيس السلطة القضائية. التي تتولى بدورها الاشراف على كل المحاكم في ايران.
ثالثا: مجلس صيانة الدستور او المجلس الدستوري. ويتشكل من اثني عشر عضوا، ستة منهم من الفقهاء او رجال الدين المنتمين للمؤسسة الدينية ويعينهم مرشد النظام مباشرة. اما الاعضاء الستة الاخرين فهم من رجال القانون، وتتولى السلطة القضائية مهمة ترشيح اثنا عشر مرشحا اي ضعف العدد المطلوب وتقدمهم لمجلس الشورى الذي ينتخب ستة منهم.
ويتولى هذا المجلس مهمة مراقبة جميع مشاريع القوانين التي يناقشها مجلس الشورى ومطابقتها مع الاحكام الشرعية والدستور، وبعد موافقته عليها تأخذ صفتها القانونية. كما يتولى هذا المجلس مهمة التدقيق ودراسة اهلية المرشحين لرئاسة الجمهورية والبرلمان ومجلس خبراء القيادة.
رابعا: مجلس تحديد مصلحة النظام او ما بات يعرف في الادبيات الاعلامية والسياسية بـ” مجمع تشخيص مصلحة النظام “، ويتولى مرشد النظام تعيين جميع اعضائه، الى جانب عضوية رؤوساء السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية الطبيعية فيه. و مهمته التحكيم في الخلافات التي تنشأ بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور حول اقرار القوانيين و ترسيم السياسة العامة للبلاد.
تجدر الاشارة هنا الى ان رئيس الجمهورية يتولى مهمة رئاسة المجلس الاعلى للثورة الثقافية والمجلس الاعلى للامن القومي.
العلاقة بين المؤسسات الدستورية – تحديد المسؤوليات
أ – مرشد النظام
يتولى مرشد النظام الذي هو ولي الفقيه السلطة الرئيسة في نظام الجمهورية الاسلامية في ايران. والجهة الوحيدة التي لديها الحق دستوريا في مساءلة مرشد النظام هي مجلس خبراء القيادة الذي لديه صلاحية انتخاب المرشد وعزله من منصبه.
والسلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية تقوم باعمالها تحت رعاية ولي الفقيه على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها.
ب – رئاسة الجمهورية
لقد حدد الدستور الايراني صلاحيات رئيس الجمهورية بالسهر ومراقبة حسن تطبيق دستور الجمهورية الاسلامية، وان على السلطات الاخرى تقديم مسوغاتها وتوضيحاتها له في حال صدر عنها اية مخالفة للدستور.
ج – مجلس الشورى
بناء للدستور، فان جميع السلطات مسؤولة امام مجلس الشورى، ولدى هذا المجلس الحق في التحقيق والتدقيق في امور كل السلطات والمؤسسات الرسمية، وكل ما له علاقة بشؤون البلاد.
والمجلس يمنح كل وزراء الحكومة الثقة، وله الحق بتوجيه الاستدعاءات والاستجوابات لهم، وايضا من صلاحياته ان يسحب الثقة من اي وزير لا يقدم مرافعة عن وزارتها واعمالها لا ترضي ممثلي الامة. فضلا عن اقراره لموازنة الدولة.
د – السلطة القضائية
يحق للسلطة القضائية ان تراقب عمل السلطة التنفيذية فيما يتعلق بحقوق المواطنين. ويمكنها مراقبة ممتلكات مرشد النظام ورئيس الجمهورية ومساعديه والوزراء وعائلاتهم.