مروان طاهر- خاص بـ”الشفّاف”
اصدرت محكمة في فرجينيا حكما غيابيا في حق الرئيس السوري بشار الاسد وآصف شكوت رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السورية وصهر الاسد يـُلزمهما بدفع مبلغ سبعمئة وخمسين مليون دولار، بعد ان حملتهما المحكمة المسؤولية عن قتل اربعة من جنود مشاة البحرية الاميركية المارينز، على ايدي جماعات ارهابية دخلت الى العراق عن طريق الاراضي السورية، وبعلم اجهزة الامن السورية، التي قدمت تسهيلات للارهاببين للتسلل الى العراق.
قد يبدو حكم المحكمة في فرجينيا معزولا في توقيته، إلا أذا تم وضعه في السياق العام للسياسة الاميركية نحو سوريا التي يبدو انها تتجه في علاقتها مع واشنطن نحو ما يشبه لما حصل مع ليبيا في قضية لوكربي، فيكون عندها الحكم في فرجينيا اول الحلقات في سلسلة مواقف اميركية لاستهداف النظام السوري، الذي ما زال يمعن في اللعب على اوتار المتناقضات الدولية، ومتجاهلا في الوقت نفسه القرارات الدولية بشأن لبنان وعلاقته بحماس وايران.العراق وحقوق الانسن في سوريا.
في المعلومات الواردة من واشنطن ومن العراق ان القوات الاميركية التي تعرف باسم قوات دلتا فورس هي التي قامت بالاغارة على البوكمال السورية وعملت على اسر المدعو ابو غاديه المسؤول عن تهريب انتحاريين الى العراق.
ابو غاديه ويطلق عليه الاميركيون تسمية “سلة المعلومات” نظرا للكم الهائل من المعطيات المتعلقة بانشطة الارهابيين في العراق التي اعترف بها للقوات الاميركية.
وفي المعلومات ان السوريين فوجئوا بعملية البوكمال، بعد ان كانوا اعتقدوا لوهلة انهم استطاعوا، من خلال ما قالوا انه تنسيق امني مع الاميركيين، قد وصل الى مرحلة متقدمة، وتاليا هم يستطيعون التعمية على انشطة ابو غادية في البوكمال، الا ان الاستخبارت العسكرية الامركية كانت في انتظار ساعة الصفر للانقضاض على “سلة المعلومات” خصوصا وان معلومات الاستخبارات الاميركية تشير الى ارتباطه بعلاقة قوية جدا مع احد الجنرالات السوريين من العاملين مع مباشرة مع اصف شوكت ويدير ما يعرف بقسم المجاهدين العرب
معلومات الاستخبارات الاميركية تشير الى ان ما يسمى بقسم المجاهدين كان يقسم العناصر التي يتم الحاقها به الى قسمين الاول يتوجه مباشرة الى بغداد وقسم آخر الى طرابلس في شمال لبنان بحجة ان مراكز التدريب القتالية في المدينة شبيهة بشوارع مدينة بغداد لينضم المسلحون بعده الى تنظيم فتح الاسلام.
وتشير معلومات الاستخبارات الاميركية الى ان السلطات السورية التي قتلت المدعو ابو القعقاع والذي كان يلعب دور عملت على استبداله بابو غاديه وتم تسليمه مسؤولية ما يعرف بقسم التجنيد و الموارد البشرية لتجنيد مقاتلين وارسالهم الى العراق.
وتشير المعلومات الى ان الاستخبارات الاميركية بدأت منذ حوالي العام بالتحقيق في الانشطة السورية وتسهيل تسلل ارهابيين الى العراق في اعقاب عثور قوة امريكية في منزل في قرية سنجار شمال العراق، على وثائق باسماء اكثر من اربعمئة عنصر عربي، التحقوا بما يعرف ب “دولة العراق الاسلامية “، وبعد التحقيقات تبين للقوات الاميركية ان هؤلاء دخلو من سوريا عبر وسطاء سوريين يحظون بحماية الامن السوري، حيث كان يتم استقبالهم في مطار دمشق الدولي ومن ثم ينقلون الى دمشق، ومنها الى منطقة البو كمال تحت اشراف جنرال سوري وابو القعقاع ومن بعده المدعو ابو غاديه الذي كان يدير عمليات التجنيد ونقل الاموال والتوصيل الى دمشق والارسال الى العراق ولبنان وهذا ما يؤكده وجود عدد كبير من السعوديين في صفوف تنظيم فتح الاسلام
الاستخبارات الاميركية وبعد عملية سنجار كشفت الخلية الاولى حيث اتضح لها لاحقا خريطة توزع الارهابيين ودولهم.
وتشير االمعلومات الى ان اربعين في المئة من الارهابيين هم من السعودية ومن بينهم فتى في السابعة عشرة من العمر معتقل حاليا في حد سجون بغداد وعشرين في المئة من بينهم هم من ليبيا وثمانية في المئة من سوريا والنسبة المتبقية من الجزائر والمغرب.
وإزاء هذه المعلومات كان على القوات الاميركية ان تتحرك من دون ان تعـُلم السلطات السورية، خشية ان تعمل الاخيرة على قتل ابو غادية لتصيب اكثر من عصفور بحجر واحد، اولا التخلص من شاهد على تورط الاجهزة السورية بتسهيل تسلل ارهابيين الى العراق، وثانيا، تأكيد دور سوريا في التصدي للارهاب ، فضلا عن تأكيد استهداف سوريا من قبل جماعات ارهابية معظمها من السعودية.
إلا ان حساب الحقل السوري لم يتطابق في هذه الهجمة مع حساب البيدر الاميركي فعملت الاستخبارات الاميركية على القبض على “سلة المعلومات” ابو غادية الذي استفاض في شرح تورط الاجهزة السورية.
فهل نشهد لوكربي سورية مدّعمة باعترافات ابو غادية.؟ حيث يبدو ان محكمة محكمة فرجينيا كانت البداية، ومحكمة الحريري الحلقة الثانية فهل يعي النظام السوري حجم المخاطر التي يجر اليها الشعب السوري والمنطقة؟.
Mtaher08@gmail.com