خاص بـ”الشفّاف
لا يترك لنا العماد عون عون فرصة التأمل في مواقفه وتحليلها واستخلاص العبر والدروس منها لكي نوسع مداركنا العقلية كلبنانيين نعاني من لوثة الجهل، والتي انعم الله علينا بالجنرال لينتشلنا منها، ويلقي علينا تباعا بكمّ من المواقف التي تستعصي على مداركنا العقلية للفهم وتستوجب منا فسحة من الوقت لنعود بالذاكرة والبحث الى مواقف سابقة لربطها وتحليلها واستذكار ما فاتنا او ما اغفلناه عمدا لاننا على جهل مبين وان الله جل جلاله وضع في طريق جهلنا العماد عون وتياره ليوضح لنا دائما وابدا الخيط الابيض من الخيط الاسود، فضلا عن آليات التحليل كي لا نستمر في غيّـنا وجهلنا.
كان لا بد من هذه التوطئة لوضع الكلام في سياقه الطبيعي بعد ان اصبحت طلات عون الاعلامية مكثفة ويومية، جعلتنا ننسى للوهلة الاولى، كلبنانيين، السادة المتكلمين المفوهين من حزب الله، من امثال النواب علي عمار ومحمد رعد وحسن حب الله (بالمناسبة لم نعد نسمع منه الكثير) وحسن فضل الله والحاج حسين الحاج حسن من دون إغفال منظّر الحزب السيد نواف الموسوي. ولن نتطرق الى الامين العام لان طلاته مدروسة ومحددة وهي تتجاوز صغائر الامور اللبنانية لتتواصل مع البعد العربي والدولي لمهمات الحزب الجليلة في العراق وفلسطين وشؤون وهواجس الامة، وصولا الى إسداء النصح للرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما وسواه من قادة الدول .
للوهلة الاولى يبدو ان الحزب أخذ قرارا بالانكفاء عن الساحةالاعلامية وأسلس القيادة في هذا الشأن لشريكه عون، لغايات انتخابية. فحيث يجب على عون ان يخوض معركته المسيحية التي تحدد اكثرية المجلس النيابي المقبل، واذا تدخل حزب الله في هذا الشأن المسيحي فإنه ستسبب بالضرر للشريك الذي أخذ على عاتقه الامعان في تبرير مواقفه وتحالفاته بعد سلسلة الهزائم الانتخابية التي مني بها في الاوساط المسيحية من لجان طلاب ونقابات..
وبالكاد استفقنا من صدمة زيارة نيافة الكاردينال العلماني المسيحي المشرقي العماد عون عون الى دولة رحاب العلمانية ايران حتى طفت الى السطح الدعوة المتأخرة التي قرر نيافته تلبيتها الى دمشق وهو يجهد في تبريرها. فطورا هي للمصالحة، وتارة لارساء قواعد العلاقة السليمة ويمكن لان سوريا مهد المسيحية، وحينا لطي صفحة الخلافات وربما للتعارف فهو يعرف القيادة السورية بالواسطة وكانت حينها تسلم الملف اللبناني للسني عبد الحليم خدام و”نيافته” لا يحب السنة. ولأن هذه المبررات لم تقنع، حاول الجنرال ان يساوي نفسه بتيار المستقبل مشيرا الى ان التيار استفاد من علاقته بسوريا سابقا، وحان الوقت لتيار عون الاستفادة من علاقة قديمة ومستجدة مع سوريا. ولكن ما فات نيافته، وليس في الامر دفاع عن تيار المستقبل، ان الحريري الاب والابن لم يشهدا في الكونغرس الاميركي لا قبل الانسحاب السوري من لبنان ولا بعده، ضد سوريا او اي دولة عربية. وفاته ايضا ان علاقة المستقبل بسوريا كانت مثار هجمات متنوعة ويومية واسبوعية من عون الباريسي. وعندما قرر “المستقبل” تحديد هذه العلاقة وتصويبها اصيح ايضا عرضة لهجمات التيار العوني. انه امر محير فعلا.
ولكي لا يكون الامر مجرد استنتاجات، نسأل نيافة الكاردينال العماد عون ما الذي تغير في سوريا منذ قدم شهادته في الكونغرس الاميركي مستجديا الادارة الاميركية إقرار قانون محاسبة سوريا لينقلب اليوم الى الهجوم على هذه الادارة ويصفها بالفشل في تعاطيها مع الشأن اللبناني؟
لقد حيرّنا. لم نعد نعرف اين نتتبعه. هل نصدق عون الاميركي ام الباريسي ام الحزب الهي ام المشرقي المسيحي ام الايراني ام السوري ونبحث عن عون اللبناني فنجد انه لم يكن موجودا اصلا. هناك دائما عون العوني، ربما المكسيكي تشبها بالفيلم الشهير،(انت او لا احد).
*
في زمن ليس ببعيد ولم ينقضي عليه الزمن، في السابع عشر من ايار مايو من العام الفين وثلاثة، دخل نيافته الى مبنى الكونغرس ليشهد على الممارسات السورية في لبنان.
قال:
” الهيمنة السورية على لبنان حوّلت البلاد الى أرض خصبة وملاذا آمنا للإرهاب”.
واضاف نيافته مدعما اتهامه:
” في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كان لبنان أول ضحية للإرهاب السوري. وهذا كان أحد الأسباب الرئيسية في العام 1978 لوضع سوريا كأول دولة إرهابية على لائحة وزارة الخارجية الأميركية للدول الإرهابية. في ذلك الوقت، لم يكن “حزب لله” أو “حماس” قد وجدا بعد .
لا يمكن للمرء، منطقياً، أن يفصل النظام السوري عن الارهاب؛ فسوريا توفر ملاذا آمناً لعدد كبير من المنظمات الإرهابية؛ توجّه عملياتها، وتستخدم لبنان المحتل كحقل رئيسي لها للتدريب والعمليات.
لا يمكن للمنظمات الارهابية،كهوية، أن توجد من خلال إمكاناتها الخاصة؛ انها أدوات للأنظمة التي توفّر لها الدعم المالي، والآلية العملانية لنشاطاتها الارهابية. والافتراض الذي سُمع في بعض الدوائر من أن هذه الأنظمة يمكن أن يوكل اليها أمر تفكيك المنظمات الارهابية، لهو قمة في السذاجة والحماقة .
وأبعد من ذلك، دعونا لا ننسى أن الطبيعة السرية لهذه الأنظمة والمنظمات ستسمح لها بإعادة بنيتها، وإعادة الظهور بسرعة وسهولة تحت أسماء جديدة تماماً، جاهزة لاستئناف العمليات بقدرة كاملة”
لقد صدقناك يا عماد ومعك تمام الحق في ما قلت اوليست فتح الاسلام خير تجسيد لما قلت قبل خمس سنوات؟
يضيف العماد الكاردينال:
إن تصوّر أي تعاون سوري في الحرب على الإرهاب، لا يمثل خياراً استراتيجياً من جانب النظام السوري لمكافحة الإرهاب انها فقط خطة تكتيكية ومؤقتة لتحاشي المسؤولية عن الدور المركزي الذي كان لسوريا في رعاية الارهاب خلال العقود الثلاثة الاخيرة.”.
ما الذي تغير يا جنرال؟!
وقال في ذلك الزمان في شهادته اما اهل الكونغرس الاميركي:
” ودعونا لا ننسى أن الذين يعملون نيابة عن سوريا في لبنان كانوا مسؤولين عن الهجمات على السفارة الاميركية ومجمع “المارينز”، التي كلّفت حياة مئات الأميركيين واللبنانيين”
هنا ايضا ما الذي تغير ايضا لتقول لاحقا ان الذين قتلوا من الاميركيين في لبنان لم يكونوا سياحاَ؟! وأوضِح لنا نرجوك من هم هؤلاء الذين يعملون نيابة عن سوريا في لبنان هل هم تيار المستقبل؟ ام انهم الحلفاء الجدد؟ واذا كنت ستتحالف معهم، وهذا حق لن نناقشك فيه، نسألك لماذا اتهمتهم، وهل قالوا لك انهم ليسوا مسؤولين عن هذه الهجمات التي قتلت لبنانيين؟!!
وفي اطار استكمال شهادته امام الكونغرس يقول الجنرال الاستقلالي وابو القرار الدولي 1559:
” لا شك أن النظام السوري، بعد الانسحاب العسكري، سيترك خلفه الكثير من أدوات الإرهاب، وكذلك جهازه الاستخباراتي شبه العسكري. لذلك، فإنه لا مفر من أن يترافق الانسحاب السوري مع نزع سلاحٍ كاملٍ لكل العناصر المسلحة”.
ويستطرد:
” القوات المسلحة اللبنانية الشرعية، يمكنها أن تكون موضع الثقة لتوفير الأمن للشعب اللبناني. وهي بالتأكيد قادرة على القيام بذلك عندما تتوفّر لهاالقيادة السياسية القوية المنتخبة بشكل مناسب من اللبنانيين أنفسهم، وليس المعينة من قبل قوة احتلال، كما هي الحال اليوم، ويعاد لها بالأهمية حاجة لبنان الى محاكم ذات صلاحية للتحقيق وجلب كل المجرمين الذين ارتكبوا فظائع وجرائم ضد الانسانية، وتقديمھم الى العدالة”.
هل ان تيار المستقبل وحزب الكتائب والرئيس امين الجميل وحزب القوات اللبنانية وسمير جعجع الذي كان سجينا لانه ارتكب اخطاء كما قلت مؤخرا ووليد جنبلاط ودوري شمعون وكارلوس اده وفارس سعيد وسمير فرنجية ونايله معوض هم ادوات سوريا الارهابية؟! وجهازها الاستخباراتي شبه العسكري الذي تركوه في لبنان؟!
وهل هناك ميليشيا في لبنان تحمل سلاحا قادرا على تحقيق انجازات إلهية على غرار تلك التي حدثت في السابع من ايار الماضي، والذي تهدد سيادتك بتكراره لاحقا، سوى الحليف الاستراتيجي لك وليس لتيارك؟!
وهل القوات اللبنانية المسلحة التي كنت يوما ما قائدا لها هي نفسها اليوم التي كنت تتحدث عنها حينذاك؟! هذه القوى التي عليها ان تستجدي اماكن على ترابها لتدرب طياريها، ويصبح شهداؤها متهمين وقاتلوهم مناضلين مقاومين؟!
يبدو اننا كلبنانيين اصبحنا اغبياء او اننا ولدنا اغبياء. وكان علينا انتظار المشرقي المسيحي عماد الاستقلال والحروب والمصالحات والاستراتيجات بعيدة الامد وطويلته وابو القرارات الدولية ومحارب الفساد والمفسدين والاقطاع والاقطاعيين بجيش البنات والاصهرة والمنبه لخطر البترودولار السعودي والاصولية السنية التي مصدرها المملكة العربية السعودية والمسبّح بحمد العلمانية والديمقراطية والتسامح الايراني والسوري والمال النظيف الناتج من عرق العمال الايرانيين في حقول الفستق وصناعة السجاد.
اقول كان ان ننتظر مجيء المخلص السابق تعداد صفاته الحميدة لينتشلنا من جهلنا وغبائنا. انه العماد دولة الرئيس ميشال عون.
richacamal@hotmail.com