استبعد وزير العدل ابرهيم نجار ان تقوم سورية بأي مغامرة عسكرية في شمال لبنان، لافتاً الى انه “لا توجد حالياً مجموعة متكاملة ومتماسكة من العناصر التي يمكن ان تسمح بمثل هذه المغامرة”، ومشيراً الى “ان لا ارادة دولية اليوم لتدخل سورية الى لبنان كي تحل مشاكل تتصل بفلسطين او اسرائيل او كي تصبح اماً حنوناً جديدة للبنان”.
واذ اعتبر في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية يُنشر غداً ان “هناك تخوفاً لدى فئة من اللبنانيين من ان يكون النظام السوري هو الذي يشجع على اشعال النار في الشمال ليتولى هو اطفاءها”، اعرب عن اعتقاده ان “كل مغامرة عسكرية سورية في لبنان قد تثير مشاكل لدمشق اكثر بكثير مما تعطيها اوراقاً رابحة”، وقال “ثمة قراءات بعضها يحاول ربط ما يحصل في الشمال بأحداث 7 أيار الماضي في بيروت، على قاعدة لماذا تبقى هذه الاحداث من دون عقاب، وكأن ما يجري في طرابلس هو ردة فعل غير مباشرة على “المذلة” التي اصابت فريقاً معيناً في بيروت. وفي رأيي ان اي تدخل سوري عسكري قد يثير موجة عنيفة من الاعتراض، وبالتالي ارى ان هذا موضوع خطير جداً، وأتمنى ان يعي كل فريق حدود اللعبة وحقل التحرك الذي يمكن ان يعمل في اطاره. وأتمنى ان تعي سورية ان الظروف الاقليمية والدولية الراهنة لا تتيح لها العودة عسكرياً الى لبنان، حتى في اطار ما يسمى بقانون “droit de poursuite” اي حق ملاحقة الذين يهددون امنها”. اضاف: “يجب عدم اغفال انه اذا حصل تدخل سوري، فان الرأي العام اللبناني سيعود الى حال التجييش التي كان فيها العام2005، وهذا لا يمكن في اي شكل ان يكون مفيداً لحلفاء سورية في لبنان ولا سيما في الانتخابات النيابية المقبلة”.
وعن قول وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الحدود مع لبنان تضبط باتفاق امني بين البلدين، وهل يؤيد مثل هذا الاتفاق، وما مطالب لبنان من سورية؟ اجاب: “نعم، ولم لا يتم التوصل الى مثل هذا الاتفاق؟ وهذا ملف لم ادرسه، لكن يمكن القول اقلّه انه يجب ضبط موضوع السلاح والتهريب. والارهاب موضوع مشترك، وكل اللبنانيين متفقون على وجوب ان نكافح الارهاب الذي يتهدد لبنان وسورية والمملكة العربية السعودية والأنظمة العربية الاخرى. ويجب التذكير بأن هناك المعاهدة العربية لمكافحة الارهاب، وهي موقّّعة من ابرز الدول العربية، ويجب ان نُعمل مفاعيلها. وانا مع ان تكون للبنان الوسائل العملية لتفعيل الامن، من دون ان تكون هناك تداخلات بين الاجهزة الامنية فيه. اي يجب ان يتم “القبض” بالمعنى القانوني للكلمة على زمام القيادة في الاطر الامنية اللبنانية، وان تتسلم السلطة المركزية اللبنانية زمام الامن في شكل كامل ومنسق بين لبنان وسورية، ولكن ايضاً بين لبنان والدول العربية الاخرى، اذ هناك خشية من ان يتم تصدير الارهاب من بلدان اخرى الى سورية ولبنان”.
تابع: “ما يمكنني قوله انه اذا كان هناك من اتفاق قانوني (مع سورية)، فهو موجود. واولاً هناك اتفاق قضائي بين لبنان وسورية وتوجد اتفاقات امنية، من دون اغفال المعاهدة العربية لمكافحة الارهاب”.
واوضح ان التحقيقات في انفجار البحصاص لم تنتهي، رافضاً الحديث عن اي امور تتعلق بهذا الملف ومسار التحقيق.
وهل يرى ان الجهة التي تقف وراء انفجار البحصاص هي نفسها التي نفذت تفجير التل في 13 آب الماضي؟ قال: “المستهدف واحد، اي الجيش. وفي 13 آب استُخدمت حقيبة، وفي انفجار البحصاص كانت هناك عبوة تحت السيارة. وفي الحالتين تم استهداف حافلتين تقلان عسكريين وفي نفس المنطقة (طرابلس). اي ان السيناريو هو نفسه من دون ان تكون التقنية هي ذاتها. ولا معلومات اكثر لدي، والتحقيق مستمر”.
وهل يوافق على ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد من ان شمال لبنان بات قاعدة للتطرف ويشكل خطراً على سورية؟ اجاب: “في رأيي ان لا خطر على سورية، اذ لن يتجرأ احد في لبنان بمن فيهم السلفيون وغيرهم على النيل من النظام الامني في سورية. وفي رأيي ان ما يحدث في شمال لبنان هو ردة فعل على ما جرى في بيروت ولكن ربما ثمة حساسية ونوعاً من ردّة فعل مفرطة ومتطرفة من السطات السورية. وحسناً فعلت هذه السلطات اذا تحوّطت لهذا الامر، ولكنني لا اعتقد ان هناك احداً في لبنان يريد تهديد النظام او السلم الاهلي في سورية، واذا كان ثمة فريق يفكر في ذلك فهو يكون على جانب كبير جداً من روح المغامرة غير المسؤولة كلياً. بمعنى آخر، لا أعتبر ما يحصل في الشمال ارهاباً ضد سورية، ولكن لدى دمشق حساسية تجاه كل ما يهدد نظامها، وتالياً يمكن ان ترى في الاحداث التي تجري في الشمال اكثر مما نرى فيها كلبنانيين”.
اضاف: “في اي حال، ارى انه يجب ان تُطرح بوضوح مسألة هل ان اللبنانيين مستعدون للقبول بأن يتغير النظام السوري بما يؤدي الى ترك الباب واسعاً امام تولي الاصوليين السلطة (في سورية). وأقول هنا انه بمقدار ما يتمنى اللبنانيون ان يتطور النظام السوري في اتجاه واضح من الديموقراطية وحسن التعامل مع لبنان وبانفتاح على الغرب وسائر الدول العربية، فأعتقد انه بالمقدار نفسه لا احد في لبنان له مصلحة في ان يتغير النظام في سورية بما هو نظام علماني”.
وفي ملف التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، استغرب ما نُشر عما سيتضمنه تقرير المحقق الدولي دانييل بيلمار في كانون الاول المقبل، وقال: “هذا امر مستغرب تماماً ولا يشبه اطلاقاً ما اعرفه عن طريقة عمل وتصرف لجنة التحقيق الدولية. والتقرير الذي سيصدر عن المحقق بيلمار لن يذكر الاسماء، وكي يحصل ذلك يجب انتظار مضبطة الاتهام، وتالياً كل ما يذكر في هذا الاطار قد يكون نوعاً من سيناريو او تكهنات او تمنيات، وأضع علامة استفهام كبيرة حول هذا الامر”.
واذ أكد ان تقرير بيلمار في كانون الاول المقبل سيكون الأخير، قال: “هذا التقرير الاخير، ولكن التحقيق سيُستكمل. وبعد ان يضع بيلمار تقريره الاخير في كانون الاول، سيعتمر قبعتين، قبعة المحقق الدولي وهذه مهمة ستستمر، وقبعة المدعي العام الدولي وهي مهمة سيبدأ بها”.
وسئل: اي انه محسوم ان بيلمار سيبدأ عمله كمدعي عام دولي ابتداءً من 2009 ؟ اجاب: “لا شيء محسوماً، ولكن هذا ما هو مرتقب”.
وهل يعني ذلك ان بيلمار سيبقى مشرفاً على التحقيق رغم توليه منصب المدعي العام؟ قال: “هذه اصول محاكمات لم نعتدها في لبنان، ولكنها قائمة في التحقيقات الدولية وفق نظام انغلوساكسوني، وسنضطر للتعود عليه والتمرس فيه. وفي اي حال، المحكمة الدولية ستضع نظام العمل فيها، وهذا النظام لم يوضع بعد وسيصار الى وضعه في الاسابيع القليلة المقبلة”.
ورداً على سؤال اكد انه لم يتم تأمين التمويل للسنتين الأوليين من عمل المحكمة، وقال: “أعتقد ان التمويل كاف لسنة واحدة”.
سئل: “يرى كثيرون انه كلما اقتربت سورية من الولايات المتحدة والغرب ابتعد “كأس” المحكمة؟” اجاب: موضوع المحكمة لم يعد في يد لبنان ولا سورية ولا فرنسا ولا الولايات المتحدة… انه موضوع تَقرر وبات وضعاً تشريعياً وقضائياً وضعياً. اي ان الامر خرج من يد اللاعبين، علماً ان المحكمة أُقرت في الامم المتحدة تحت الفصل السابع”.
وعن قراءته لما نُشر من ان الرئيس نيكولا ساركوزي ابلغ الى الرئيس الاسد انه اذا ثبت تورط احد من سورية في جريمة اغتيال الرئيس الحريري فهذا لا يعني النظام، قال: ” لا احد يريد ان يحاكم النظام في سورية وكل ما يقال عكس ذلك هو هرطقة بكل ما للكملة من معنى”.
وقيل له: البعض يثير في هذا الاطار بند “الرئيس والمرؤوس” الذي ينص عليه نظام المحكمة ويمكن النفاذ منه الى النظام السوري؟ فأجاب نجار: “يعود للمحكمة ان تقرر اي شيء وفق المعطيات والقرائن، ومَن انا لاقول للمحكمة ان تأتي بفلان ولا تأتي بفلان. ومع احترامي للرئيس ساركوزي، فهذا موضوع يتخطاه بكثير، وهو قضائي وتقني وجزائي وجنائي بامتياز لا علاقة له بعلاقات سورية مع فرنسا”.
وكرر ان موضوع توقيف الضباط الأربعة “يعود تقريره للقضاء اللبناني اذا وجد بكل تجرد واستقلال ان هناك معطيات تؤدي الى التوقيف الاحتياطي”، وقال: “التوقيف الاحتياطي لا يعني حكماً بالادانة، اذ يمكن ان يكون لحماية الموقوف او القاضي او الشهود ولعدم تفشي مواضيع او تسربها من الملف… وهذا امر يرتبط بالتحقيق”.