مراسل “الشفّاف” في لاهور – أمير مير
أمير مير
تسعى السلطات الباكستانية المسؤولة عن التحقيق في الهجوم على فندق “ماريوت” في 20 سبتمبر للتحقّق مما إذا كانت هذه العملية الإرهابية قد تمّت برعاية “القاعدة”، وما إذا كان تنسيق الهجوم تمّ بواسطة فروعها الباكستانية- أي “حركة الجهاد الإٍسلامي” و”لشكر جنغفي”.
وقد توصّل المحقّقون إلى معلومات بالغة الأهمية من إستجواب عنصرين مرتبطين بـ”القاعدة” من عناصر “لشكر جنغفي”، وهما “مرسلين” و”فهد منير” الملقّب “ميتو”. وقد اعتقل “مرسلين” في 23 سبتمبر 2008 في “غوجرانوالا” بالصلة مع الهجوم على الـ”ماريوت” بعد أن تلقى إتصالاً بالهاتف من إٍسلام آباد لتهنئته بنجاح العملية. أما “فهد منير”، فكان قد اعتقل في 26 فبراير 2008 في “فيروزوالا” قرب لاهور، مع زعيم “حركة الجهاد الإٍسلامي”، “قاري سيف الله أختر”، وذلك بعد يوم واحد من إغتيال اللفتنانت جنرال “مشتاق بيغ”، الجرّاح العام للجيش الباكستاني في هجوم إنتحاري وقع في “روالبندي” في 25 فبراير 2008.
وكانت شرطة “لاهور” قد أذاعت في حينه أنها، لدى اعتقال “قاري سيف الله” في مزار ناءٍ قرب “جسر ساغيان”، قد احتجزت أبناءه الثلاثة- محمد آصف، وعلي، وعبد الرحمن ومريد أحمد- ومعهم “فهد منير” الملقب “ميتو”، الذي كان قد تلقّى إتصالات هاتفياً مشبوهاً من “روالبندي” بعد اغتيال اللفتنانت جنرال “مشتاق بيغ”. ومع أنه تمّ إطلاق سراح أمير “حركة الجهاد الإٍسلامي” في شهر يونيو 2008، فقد ظل “ميتو” في السجن، وقامت الشرطة بإعادة إستجوابه بعد الهجوم على فندق “ماريوت” وإثر اعتقال “مرسلين”، الذي يُعتَقَد أنه لعب دوراً حيوياً في توفير الدعم اللوجستي لتنفيذ عملية “ماريوت”. وتخلص المعلومات التي حصل عليها المحقّقون إلى أن عملية فندق “ماريوت” ربما تمّت برعاية “القاعدة” وبتنسيق منها، وأن المنفّذي كانوا ينتمون إلى “حركة الجهاد الإسلامي” و”لشكر جنفهوي” .
ويقول مسؤولون باكستانيون أن “حركة الجهاد الإٍسلامي” و”لشكر جنغفي” كانتا قد انضمّتا إلى “الكتيبة 313”، التي تأسّست في 2001 بعد سقوط نظام “طالبان” في أفغانستان، والتي تضمّ 5 تنظيمات. إن كلا الحركتين تنتميان فكرياً إلى المدرسة “الديوبندية”، وهما مواليتان لـ”طالبان”، وتثقفان عناصرهما بثقافة الإسلام المتطرف. ويعتقد ضباط الإستخبارات المعنيون بمتابعة “حركة الجهاد الإسلامي” و”لشكر جنغفي” أن الجماعتين ربما كانتا تعملان كـ”قوة كوماندوس” تابعة لـ”القاعدة” في باكستان. والواقع أن معظم العمليات الإرهابية الكبيرة التي طالبت أهدافاً غربية في باكستان منذ 11 سبتمبر 2001 تحمل بصمات “حركة الجهاد الإسلامي”، التي يبدو أنها الحركة المفضّلة لدى المجاهدين “الديوبنديين” المتطرّفين.
تُعتبر جماعة “لشكر جنغهوي”، التي تأسّست كجماعة جهادية طائفية في العام 1996، واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية الناشطة في باكستان حالياً بفضل ذراعها “الإنتحاري” المخيف. وعلى غرار معظم الجماعات الطائفية (المعادية للشيعة) والجهادية الأخرى، تتألّف معظم قيادتها من أشخاص قاتلوا في أفغانستان، في حين يأتي كوادرها من “المدارس” الدينية السنّية المنتشرة في أنحاء البلاد. وتستخدم “لشكر جنغهوي” تكتيكات الإرهاب كجزء من إستراتيجية كبرى تهدف إلى إرغام الدولة على اعتناق تفسيراتها المتشدّدة لعقائد السنّة الطائفية بصفة عقائد رسمية. وعلاوة على ضرب مصالح الولايات المتحدة في باكستان، فإن ضحايا تكتيكاتها الإرهابية كانوا قادة وعناصر الجماعات الشيعية المنافسة، وكبار الموظفين، ورجال الشرطة، والمصلّي في المساجد.
ولا يستبعد المحققون الباكستانيون في قضية فندق “ماريوت” إمكانية أن يكون “قاري سيف الله أختري” و”مطيع الرحمن”، الذي يُعتَقَد أنه كان مخطّط عملية لندن الإنتحارية في أغسطس 2006، يتعاونان في ما بينهما لنقل أجندة “القاعدة” ضد الولايات المتحدة إلى داخل باكستان نفسها. وتفيد معلومات حصلت عليها السلطات الباكستانية أن “مطيع الرحمن”، الذي يُعتَقَد أنه بات قائد عمليات “لشكر جنغفي” بعد اعتقال “أكرم لاهوري”، بات يلعب نفس الدور الذي كان يلعبه “أمجد حسين فاروقي”، وهو واحد من قادة “لشكر جنغفي” استخدمه “قاري سيف الله” في مخطط إستهداف موكب برويز مشرّف بواسطة عمليتين إنتحاريتين متزامنتين في “روالبندي”، في 25 ديسمبر 2003.
وقد أظهرت التحقيقات التي تلت الهجوم على موكب مشرّف أن قائد عمليات “القاعدة” في باكستان في ذلك الحين، “أبو الفرج الليبي”، كلّف “قاري سيف الله”، الذي كان في حينه مختبئاً في دولة الإمارات، بتنفيذ الهجوم، وأن هذا الأخير استعان بـ”أمجد حسين فاروقي” لتخطيط الهجوم الذي شارك فيه رجلان إنتحاريان. وبعد أيام قليلة من استعادة “قاري سيف الله” من دبي وترحيله إلى باكستان بتهمة التخطيط لقتل مشرّف، فقد قُتِلَ “أمجد فاروقي” في إِشتباك مع الشرطة.
وفي ما يتعلّق بالهجوم الأخير على فندق “ماريوت”، تعتقد أجهزة باكستان أن المخطّط ربما كان قد تلقّى دعماً من الدكتور أيمن الظواهري، وأن المهمّة أوكلت إلى “قاري سيف الله”. وبدوره، فإن “قاري سيف الله” اختار “مطيع الرحمن” لتنفيذها. وكان أنباء قد أفادت أن “مطيع الرحمن” قد اعتقل من جانب أجهزة الإستخبارات في العام 2006، ولكن الأجهزة نفت ذلك رسمياً. إن “مطيع الرحمن” (35 سنة) من مواليد “بهاوالبور”، وهنالك جائزة بقيمة 10 مليون ريال لاعتقاله بسبب دوره كضابط إرتباط بين “القاعدة” وفروعها الجهادية في باكستان. ويُعتَبَر “مطيع الرحمن” خطراً جداً بسبب دوره في التفاعل الحاسم بين “الدماغ” الذي تمثّله “القاعدة” والعضلات التي تمثّلها مختلف الجماعات الباكستانية الجهادية.
وتخلص السلطات إلى أن اعتقال أيّ من “قاري سيف الله أختر” أو “مطيع الرحمن”، في ضوء المعلومات التي وفّرها “مرسلين” وحفنة من الجهاديين الذين تمّ اعتقالهم في مختلف أنحاء باكستان، يمكن أن يقرّبها من كشف المخطّط الذي نجح في تدمير فندق “ماريوت” الذي نجم عنه سقوط 60 قتيلاً في يوم 20 سبتمبر.
amir.mir1969@gmail.com
لاهور