مرة أخرى، يحيي “الشفّاف” الموقف الفلسطيني الشجاع، والدور الإستثنائي الذي يلعبه ممثّل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان السيد عبّاس زكي. ولو أن هذه الوثيقة الجديدة لن تعجب الذين يريدون أن يظلّ شعب فلسطين “ورقة” و”ساحة” (أو حتى “فرع فلسطين” في المخابرات السورية)حتى آخر فلسطيني، وحتى آخر بيت فلسطيني! مسيرة السلام، والدولة الفلسطينية المقبلة، تمرّ أيضاً بهذه الوثيقة الحضارية الجديدة.
*
وطنية- 29/4/2008 (سياسة) استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في بكركي اليوم، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي على رأس وفد من المنظمة، في حضور المطران شكر الله حرب وأمين سر البطريركية المونسنيور يوسف طوق ورئيس “تجمع الشباب اللبناني” فايز حمدان، في زيارة لتهنئته لمناسبة مرور 22 سنة على اعتلائه السدة البطريركية. وقدم زكي الى البطريرك وثيقة بعنوان “كلمة شرف وعهد وفاء الى اخوتنا المسيحيين في لبنان”، لمناسبة عيد الفصح، في ما يأتي نصها:
“1- كان لإحتلال الأراضي المقدسة في فلسطين، مهد المسيح عليه السلام، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تداعيات مؤلمة شملت الشرق الأوسط عموما، ولبنان خصوصا، لا سيما تلك التداعيات التي طالت النموذج الإنساني اللبناني، من حيث تنوعه وانفتاحه مقابل نموذج اسرائيلي شديد العنصرية والانغلاق.
2- كما أن فلسطين عنوان الرسالة المسيحية وجغرافيتها الأولى، فإن المسيحية في لبنان كانت على الدوام عنوان التفاعل الحضاري والثقافي والانساني، في هذه المنطقة، مثلما كانت المعلم الأبرز للحضور المسيحي في الشرق.
3- ولعل أكثر ما يواجهنا اليوم من تحديات تبعث علي القلق الشديد، تناقص اعداد المسيحيين في الشرق، لا سيما في لبنان وفلسطين، بفعل تداعيات الاحتلال الاسرائيلي، وتنامي الاصوليات المتطرفة على أنواعها، وغياب الديموقراطيات الحقيقية.
4- إن الدور المسيحي في الشرق، وتحديدا في لبنان وفلسطين يعبر الآن درب الالام، على رجاء الخلاص من الحروب، عبر صناعة السلام، وهزيمة العنف والتطرف، من أجل شفاء النفوس المتصالحة مع ذاتها ومع الآخر.
5- إننا كفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، نعتبر أنفسنا في فلسطين واياكم في لبنان جزءا أصيلا من أكثرية عربية، من شأنه أن ينهض الآن، مثلما نهض في الماضي القريب، بدور ريادي في نهضة عامة، لنشر رسالة السلام والمحبة والترقي والانفتاح.
وإذ أعربنا في (اعلان فلسطين في لبنان) عن خياراتنا وتوجهاتنا، بعد مراجعة لتجربتنا في هذا البلد المعطاء، أردناها مراجعة صادقة وصريحة، فإننا نخصكم بكلمة الشرف هذه، ونعاهد أنفسنا واياكم على:
أولا: الاحترام الكامل لخصوصيتكم اللبنانية والمشرقية، وأن نكون معا لدرء الأذى الذي يترصد لبنان العزيز، بوصفه كيانا مستقلا ودولة سيدة.
ثانيا: مقاومة أي محاولة لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على حساب هذا الوطن، أو بعيدا مما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية في هذا الشأن، وفي مقدمها حق العودة وفقا للقرار الدولي 194.
ثالثا: العمل على شفاء النفوس وتنقية الذاكرة، وتعزيز روح المصالحة، كي يبقى وطنكم لبنان ووطننا فلسطين منبع الاشعاع الروحي ومنصة التعبير الحضاري والثقافي، كما كانا عبر العصور.
تلك كلمة شرف وعهد وفاء نوجهها عبر غبطة البطريرك صفير، نرجو أن نوثقهما بأعمال ترضي الله وضميرنا الوطني”.
البطريرك
من جهته، سأل البطريرك صفير الله “ان يوجهنا جميعا الى ما فيه الخير”، وقال: “اننا معكم في كل ما تصبون اليه، المشاكل كثيرة في لبنان والبلدان العربية، وان ما بيننا وبينكم قديم، ولكن نسأل الله ان يهدينا جميعا سواء السبيل ويمكننا من حل هذه المشاكل التي طال أمدها منذ زمن بعيد، وقد أصبحت الامور واضحة بين فلسطين ولبنان، وتقريبا المشكلة هي عينها والناس يقاسون. كما ان الفلسطينيين تركوا بلادهم وذهبوا الى بلدان بعيدة، هكذا نرى ايضا ان اللبنانيين يهاجرون لبنان، وقد قيل لنا ان ما يقارب المليون لبناني من كل الطوائف ذهبوا ليستوطنوا بلدانا غير لبنان، وهذا كله يجب ان يحفزنا على ان نجمع رأينا ونشبك ايادينا لكي نستعيد حقنا في بلداننا ونعيش فيها براحة وطمأنينة وسلام”.
واضاف: “نعرف ان هناك عقبات كثيرة، ولكن في استطاعتنا ان نذللها بالتفاهم والمحبة والتضامن في ما بيننا”.
وختم: “نجدد شكرنا لكم ونسأل الله أن يهدينا جميعا سواء السبيل”.