جاءت الحرب الأهلية اللبنانية زلزالا ضرب الكيان اللبناني برمته، وهو أصاب مسيرة الإمام الصدر ومشروعه في الصميم وهدد بانهياره لولا صبره وشجاعته ولولا مواصلة الإمام شمس الدين للمشروع وتطويره ونقله إلى آفاق إنسانية ولبنانية وعربية جديدة (خصوصا في مرحلة ما بعد الطائف والتي حملت البصمات الواضحة للمرحوم الشهيد رفيق الحريري الذي قال عنه الإمام شمس الدين: انه الطائف الناطق).
لم يكتف الإمام الصدر بدعوات التهدئة (نداؤه التاريخي في 14 نيسان 1975 “إلى اللبنانيين: إحفظوا وطنكم لبنان وفي قلبه مكان للثورة الفلسطينية، والى الفلسطينيين :إحفظوا قضيتكم التي جعلت من قلب لبنان عرشها”… والى المسلمين والمسيحيين: “استيقظوا جميعا وانبذوا الدخلاء… فليسجل المسيحي اللبناني من جديد موقف الفادي، وليجدد المسلم اللبناني سلوك الرسول الكريم”)، وهو لم يكتف بتشكيل “لجنة التهدئة الوطنية” واجتماع الـ77 الشهير في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالحازمية (18 نيسان). ولمن يستذكرون الإمام اليوم ويتذكرون كلماته وخطبه نذكرّهم لعل الذكرى تنفع المؤمنين، بان الإمام كان صاحب شعار “السلاح زينة الرجال” في مهرجان بعلبك الشهير، إلا انه لم يتهرّب من المسؤولية عند اندلاع الحرب الأهلية بل قال قولته الخالدة “نعم السلاح زينة الرجال حين يرفع فقط ضد الاحتلال”. داعيا إلى نبذ العنف والى الحوار السلمي الديموقراطي سبيلا لتحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية وتأمين السيادة والشرعية، في زمن كان فيه العنف الثوري والشرعية الثورية هما المعيار والأساس. وهو لم يكتف بالأقوال بل قام بخطوة تاريخية لا سابق لها تمثلت في اعتصامه الشهير في مسجد العاملية (27-6- 1975) متعبدا صائما معلنا: “نعتصم لنفرض على المواطنين الاعتصام عن السلاح الذي يستعمل ضد اللبنانيين… إننا نريد أن نخنق صفحة العنف بصفحة العبادة والاعتصام والصيام”. هذا هو خط الإمام الصدر وهذه هي دعوته ومسيرته. كلمة طيبة وحوار دائم وانفتاح ورفض للعنف ولمنطق السلاح: انه غاندي لبنان والعرب. ولمن ينسى نعيد تذكيره بموقف الإمام من حماية المسيحيين في المناطق الإسلامية ودعوته لإعادة كل المهجرين وفورا ولحفظ الأقليات في كل الوطن: المسلمين في المناطق المسيحية، والمسيحيين في المناطق الإسلامية… وهل ننسى القاع ودير الأحمر ورأس بعلبك وعيناتا وشليفا والقدام؟ وهو عبّر في ندائه التاريخي إلى اللبنانيين(23-1-1976) عن صرخة الألم والغضب لما آلت إليه الأوضاع: “لقد انهار المجتمع اللبناني وانهارت الأخلاق وتدهورت القيم والكرامات… فتعالوا نعود إلى ضمائرنا وعقولنا ونرجع إلى الحق والعدالة”. نعم: الحق والعدالة لمن ينسى من الشيعة أنها هي معنى التشّيع وأصله! وفي تأبين الشهداء الذين سقطوا في النبعة وتل الزعتر يصرخ الإمام بشيعته: “… اسمعوا… اسمعوا… أنا أقول لا!! كل طلقة تطلق على دير الأحمر والقاع وشليفا تطلق على منبري ومحرابي وصدري وأولادي. وهذا الأسلوب لا يرضي الجماهير… فالجماهير موتورة، محزونة، متألمة، مجروحة. تريد أن تنتقم. تريد أن تثأر وتحفظ كرامتها… والسيد موسى يقول لا!!.. نحن خطنا خط القيادة… كنا مختلفين مع أصحاب الجاه والنفوذ فاختلفنا أيضا مع الأحزاب ومع الناس… وصبرنا وسلكنا طريقنا”.
وفي مناسبة أخرى يقول بما يشبه النبوءة: “هناك العشرات من التقارير الأمنية في العالم، 12 منها يقول لي أنت أول من سيتعرّض للاغتيال بعد كمال جنبلاط… انأ أيضا في الدق!! لا يهم!! أو لسنا على الحق، كما قال ابن الحسين لوالده عليهما السلام… فقال له الحسين: بلى!! فقال ولده: إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا… نحن هذه طريقنا.. هذا شرفنا… رغم كل شيء”.
هذا هو الإمام الصدر وهذا هو مشروعه… قال كلمة الحق حتى لو أغضبت الجماهير. العدل ولو على النفس أو على ذي قربى!! وليس الانتشاء بصراخ الجماهير. كان علويا وحسنيا وحسينيا بامتياز… الحق والعدل أولا وأخيرا وليس الرضوخ لأهواء الجماهير مهما كانت هذه الجماهير محزونة أو معبأة أو متوترة. لا بل إن هذا هو معنى القيادة والإمامة والتشيع الإسلامي. وعلى هذا الطريق طرح الإمام الصدر مشاريعه الإصلاحية والحوارية والسلمية ودعا إلى وضع نهاية للحرب الأهلية. فوجد أن ذلك يتحقق بدعم أي خطوة أو مشروع لبناني أو عربي يوقف القتال أولا. سارع إلى القاع ودير الأحمر لمنع التعدي عليهما صارخا:أحميكم بعمامتي وجبتي، أفديكم بنفسي وصدري (ابنه صدري).
ووقف في المجلس الشيعي في 13 أيلول 1975، والنفوس تغلي، يقول عن الأسس الجديدة لبناء الوطن: “إن انفجار الوضع يؤدي إلى سقوط لبنان. لم يتفق اللبنانيون منذ الاستقلال وعند إقرار تأسيس لبنان الكبير على المبادئ الوطنية الأساسية فاجتنبوا البحث فيها خوف الانقسام وعوضوا عن ذلك بالمجاملات واستعمال الكلمات ذات المعاني المتعددة واختيار أنصاف الحلول لمشاكلهم حتى كاد أن لا تحس بوحدة الشعب اللبناني”، داعيا إلى الحوار الوطني الشامل، وممهدا له بعقد أول قمة روحية جامعة في 4-10-1975، وهي أكدت على “وجوب استمرار تعايش الطوائف اللبنانية والدعوة إلى الحوار ووقف القتال ورفض التقسيم والتمسك بالسيادة الوطنية”.
كان الإمام قد خاطب القمة بقوله: “الخطر يهدد كيان لبنان وطابعه الحضاري المميز ويهدد سلامة البلدان العربية الشقيقة كما أن القضية الفلسطينية معرضة للخطر الكبير. وما وقع على ارض لبنان من أعمال تشجبها المسيحية والإسلام”.
وفي 27-11-1975 أعلن هو والإمام شمس الدين ورقة العمل الشيعية للحوار الوطني والإصلاح وفيها مقترحات الإصلاح السياسي والاجتماعي ومبادئ بناء لبنان الجديد. أيد دعوات المصالحة والسلم كافة ومن أية جهة صدرت. أيد الوثيقة الدستورية وأيد محاولات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لوقف العنف وبدء الحوار الوطني. وأيد المبادرة السورية الأخوية وأعطاها كل الدعم رغم الحملات التي استهدفته. إلا انه لم يتوقف عند مجرد التأييد للمبادرة السورية. وهذا ما ينساه الذين يحاولون اليوم استخدام اسمه وحضوره ومواقفه لتبرير ما لم يستطع الرئيس الأسد تبريره حين اعترف بالأخطاء الكثيرة التي تسبب بها تدخل الأجهزة الأمنية السورية في الحياة السياسية اللبنانية. لقد كان الإمام الصدر هو أساس لطائف أول ننساه حين نؤرخ للحرب، هو طائف 1976 الذي قام على مبادرة عربية ( مسنودة دوليا) لإنقاذ لبنان. فهو الصديق الوفي والمخلص للثورة الفلسطينية رغم ما ناله من بعض تياراتها، لم يتخل لحظة عن قداسة تلك الثورة وعن تشبيه رئيسها عرفات بأنه حسين هذا العصر وهو الصديق الوفي لسوريا. كان يعلم معنى الصداقة والوفاء ومستلزماتهما وأولها النصح والنصيحة الأخوية الصادقة الصدوقة لا المداهنة والنفاق والاستقواء. وعدم التفريط بالولاء للوطن. وهو الإنسان العربي المسلم المتألم للصراع السوري –الفلسطيني، والسوري – اللبناني،والفلسطيني-اللبناني.
لم يحمل عصا سوريا ضد الذين عارضوه وأساءوا إليه. ولم يشتغل على خط الاستفادة من سوريا لضرب الحركة الوطنية ومنظمة التحرير. بل هو اشتغل على خط الحوار والمصالحة. ولم يستخدم ذلك أيضا لإضعاف الطرف المسيحي أو على حسابه. بل هو أراد مصالحة شاملة تضم الجميع. ومن اجل ذلك فانه لجأ إلى العرب. لقد أدرك الإمام أن وفاقا عربيا يليه قرار عربي على مستوى القمة هو الحل للصراع المندلع وهو الضمانة لتطمين كل الأطراف. ولذا تنقّل الإمام بين مصر والسعودية والكويت وسوريا في الفترة من 23 آب وحتى 13 تشرين الأول 1976، متصلا في الآن نفسه برئيس الجمهورية وبقيادة منظمة التحرير الفلسطينية (وهو لم يقطع علاقته بها وخصوصا أبو عمار وأبو جهاد) وبالجبهة اللبنانية (القيادة المسيحية يومذاك) ساعيا مع الجميع إلى تحقيق وفاق عربي يفضي إلى قرار بوقف الحرب في لبنان. وقد أثمرت مساعيه انعقاد مؤتمري القمة في الرياض ( 16-10-1976) ثم القاهرة (25-10-1976) وفيهما تقرر إنهاء الحرب وإرسال قوات ردع عربية، نعم قوات ردع عربية لمن نسي أو يتناسى ولا يتذكر إلا ما يفيده.
ولمن ينسى أن القوات العربية السورية دخلت من ضمن قوات عربية وبقرار عربي ومن اجل أهداف حددتها قمتا الرياض والقاهرة. وكان ذلك طائفا عربيا- لبنانيا صنعه الإمام الصدر ولم يكتب له النجاح بسبب تدهور العلاقات العربية-العربية بعد زيارة الرئيس السادات للقدس (1977) وما تلاها من انقسام العالم العربي ( ثم توقيع مصر اتفاقية “كمب ديفيد” 1979). فدخل لبنان مرة أخرى مرحلة الخطر وكان ذلك بداية لاجتياح آذار 1978.
عن هذه المرحلة المضطربة يروي الشيخ هاشمي رفسنجاني وقائع زيارته إلى لبنان مطلع الحرب الأهلية (1975) فيقول ما حرفيته: “في لبنان كانت الحرية أمراً لافتاً. كنت أعرف السيد موسى الصدر من قبل فقد قرأت عليه جزءاً من المطوّل (أي أنه تتلمذ عليه في قم). الشهيد محمد منتظري(ابن الشيخ حسين وكان يلقب برامبو أيام وجوده في قواعد الثورة الفلسطينية جنوب لبنان)كان على معرفة وثيقة بالقوى المناضلة والفاعلة في لبنان. مباحثاتي كان لها تأثير في تعديل بعض المواقف ووجهات النظر المتطرفة. (يقصد مواقف الإيرانيين أمثال رامبو ومحمد صالح الحسيني ومحسن رفيق دوست ومحسن رضائي وجلال الفارسي وعلي أكبر محتشمي ممن كانوا يومها في لبنان ضد الإمام الصدر). وكان أنصار الإمام الخميني وعلى رأسهم ابنه المرحوم السيد مصطفى في نزاع مع السيد موسى الصدر مصدره الأصلي والوحيد مسألة المرجعية. إذ لم يعلن الصدر تأييده لمرجعية الخميني. كان الشبان الإيرانيون في لبنان يريدون أن يأخذ الإمام موقفاً صريحاً. وكانت لهم خطب لاذعة وبيانات. وذهبت لمقابلة الإمام في النجف وللتقريب بينه وبين السيد موسى الصدر.”(حياتي، ص170 إلى 176).
أدرك الإمام بأن الخطر على الجنوب كبير وأكيد وبأنه مفتاح إعادة تفجير الاوضاع اللبنانية الداخلية في أكثر من اتجاه. وان عدم دخول قوات الردع العربية والجيش اللبناني إلى الجنوب وعدم تمكن السلطة الشرعية من بسط سيادتها على الجنوب سيكون بداية لمحنة جديدة هي الأخطر على كيان لبنان وعلى مستقبله ومصيره. ركّز السيد تحرّكه مع المسؤولين اللبنانيين والسوريين والعرب ومع قيادة الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية ومع الخاصة والعامة حول مصير الجنوب وخطر الاحتلال والكارثة المقبلة. فدعا إلى إعادة سلطة الدولة على الجنوب والى ضبط العمل الفلسطيني بقرار عربي على مستوى القمة. وكانت مجموعات “أفواج المقاومة اللبنانية” تخوض المعارك في الجنوب بقيادة الشهيد الدكتور مصطفى شمران وبتنسيق أساسي مع القوات المشتركة من خلال الكتيبة الطالبية التابعة لـ”فتح” والتي كان الإمام يمنحها ثقته ويمدحها في خطبه العلنية. ومع اجتياح آذار 1978 ونشوء دولة سعد حداد والشريط الحدودي المحتل، بدأ الإمام الصدر جولة جديدة على العالم العربي مطالبا بإبعاد لبنان عن الصراعات العربية –العربية وبفصل الوضع في الجنوب عن الصراع في الشرق الأوسط وذلك حفاظا على وجود لبنان واستمرار صيغته واستقرار كيانه، ليس بالخطب الفارغة وإنما بالمواقف التاريخية التي تحفظ لبنان وأهله ولو على حساب الايديولوجيا والعنتريات الحماسية، ومن خلال تقديم التنازلات للمجتمع اللبناني وليس التشبيح عليه وتمنينه بالمقاومة كلما طالب بالديموقراطية أو بالسيادة.
ولم يكن الإمام ليعتبر السيادة مسيحية أو المقاومة شيعية. وهو اعتبر أن استمرار القتال والمواجهة في الجنوب وحده يستلزم قرارا عربيا على أعلى مستوى فدعا إلى قمة عربية طارئة تعالج الموضوع وتعمل على تنسيق الموقف. وهو حصل على موافقة مسبقة من ياسر عرفات وخليل الوزير ومن الرئيس الياس سركيس ومندوب لبنان في الأمم المتحدة الأستاذ غسان تويني. فانطلق في تحرّكه العربي من سوريا إلى الأردن فالسعودية والجزائر ومنها إلى ليبيا التي لم تكن على جدول زياراته وإنما كان متجها إلى مصر ومنها إلى روما وباريس وهدفه شرح ضرورة عقد قمة عربية ووضع خطة عربية مشتركة لإنقاذ الجنوب وحماية لبنان وسلمه الأهلي. ذهب الإمام إلى ليبيا وهو يعلم خطورة خطوته هذه. ولكنه كان مستعدا للتضحية القصوى في سبيل لبنان. أليس هذا هو الدرس الحسيني الذي أرادنا أن نحفظه؟
والحقيقة الناصعة الجلية أن خطته التي أراد أن تكتمل بقرار عربي وبدعم أوروبي (توسيع انتشار وعمل قوات الأمم المتحدة) كانت سبب اختطافه وتغييبه. ولا بد هنا من إعادة تذكير الذين يحترفون النسيان حتى لا نقول الكذب دون خجل أن رؤية الإمام الصدر للمقاومة وللمواجهة مع إسرائيل الشر المطلق لم تكن أبدا إلا رؤية عربية شاملة أي انه كان دائم الدعوة إلى خطة عربية شاملة ينخرط فيها لبنان مع كل العرب. وكان دائم التشديد على ضرورة وجود استراتيجية عربية للمواجهة حربا أم سلما يضطلع فيها لبنان بدوره ضمن إطار عربي اشمل يحقق معنى السيادة ويطمئن كل اللبنانيين. وهذا كان موقف الإمام شمس الدين، وهذا الموقف(لمن ينسى أو يتناسى) هو الذي استخدم لتبرير الحرب مع الهيمنة والتسلط الفلسطيني أعوام 1978-1982 ثم مع “حزب الله” حول القرار 425 في الجنوب أعوام المحنة الشيعية الكارثة 1988-1990. أم أننا نسينا أيضا لماذا جرت حرب الضاحية وإقليم التفاح؟
إن المعيار الأساس الذي طرحه الإمامان الصدر وشمس الدين للتعامل مع إشكالية الوطنية والعروبة هو وصيتهم للشيعة بان “لا ينظروا إلى أنفسهم كفئة متميزة عن سائر شركائهم في الوطن… وبأنه يجب عليهم أن يندمجوا اندماجا كاملا في محيطهم الوطني والقومي والإسلامي من خلال الانخراط في أرقى درجات الالتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين، والالتزام بحفظ النظام وطاعة القوانين” ( من حديث للإمام شمس الدين في الكويت – 27-1-1994).
إن أرقى درجات الالتزام بالدستور اللبناني تعني اليوم أننا كشيعة لا نتصرف وكأننا نحن الدولة أو وكأن قضايا الوطن وأخطرها قضايا الحرب والسلم يمكن تقريرها خارج الحدود. إن أقصى درجات الالتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين تعني في ما تعنيه اليوم عدم جواز التصرف وكأن شيئا لم يحدث في لبنان في 14 شباط.
لقد كان الإمام شمس الدين يدعو المسلمين الشيعة إلى الاقتداء بأخلاق علي والحسين والأئمة الأطهار لا بأخلاق أولئك الذين ينعقون مع كل ناعق في غربال. إن أخلاق الشيعة هي أخلاق احترام الآخر واحترام الاختلاف واحترام العقل واحترام القيم والتعامل بالعدل والمساواة. وكان الإمام شمس الدين يحب استعادة نص الاّية الكريمة التي ينساها المسلمون اليوم والتي خوطب بها الرسول الأكرم من ربه تعالى يعلمّه أصول الحوار مع المشركين: ” وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين” (سبأ:24). أي أن الله أمر النبي الأكرم بالوقوف على قدم المساواة في الحوار مع الآخر (حتى النبي الرسول الذي لم يكن في شك من أمر ربه ورسالته فكيف بنا نحن اليوم؟)..أي أن الله سبحانه تعالى يريد هنا التعظيم من شأن العقل الإنساني ويجعله مرتكزا لسلوك الإنسان وحجة عليه.
وقال شمس الدين إن الدعوة إلى إعمال العقل “هي لطلب الحقيقة وليس استجابة للهوى، ولذلك فانه إذا ما أدى إعمال العقل إلى الرأي المخالف لرأي الآخر فلا بد أن يكون هذا الاختلاف مقبولا من الناحية المبدئية والشرعية”. كما أن آية “لا إكراه في الدين” هي أساس تشريعي كامل منسجم مع حقيقة العدل الإلهي ومستلزم لضرورة قبول الاختلاف والجدال بالتي هي أحسن والبحث عن الكلمة السواء وصولا إلى تشريع أصول المصالحة والسلم الأهلي في الآية الكريمة: “ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا”( النساء:94). إن من ضرورات السلم الأهلي والمصالحة الداخلية والحوار الحقيقي الشفاف العادل إتباع الأخلاق الإسلامية القاضية بعدم إساءة الظن بالآخر. ولا تنس الحديث النبوي: “التمس لأخيك بضعا وسبعين عذرا”، وأخيك هنا تعني أيضا المواطن اللبناني المسيحي إلا إذا كان البعض يفضّل فتاوى الزرقاوي التي استفاض علماء الإسلام في الكلام عن جهلها وخطرها. ويحسن أيضا التذكير بالآية المباركة : “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم”(الحجرات:12). وقول الرسول: “إياكم والظن فان الظن اكذب الحديث. أو قوله: “إن الأحكام تجوز على أهل كل دين بما يستحلون”.
وفي رواية عن الإمام الرضا: “ألزموهم بما التزموا به”. وقد أفتى الإمام المرجع المرحوم شمس الدين بأن ما سبق يفترض مبادئ نظرية في طريقة التعامل وأسلوبه مع الآخر. وهو لخّصها في ثلاثة: 1- حرية إبداء الرأي والحق المطلق بالحرية.. 2- الحوار بالحكمة والحسنى وعلى أسس المنطق والعلم وليس التهريج والتشبيح..3-الالتزام بالأخلاق، فلا معنى للقول بالحوار بالتي هي أحسن إن لم يكن هناك أخلاق وحدود شرعية يقف عندها الإنسان في معاملته الرأي الآخر. وأول الأخلاق الإسلامية احترام مبدأ الأمانة واحترام ذات الآخر واحترام سمعة الآخر… وبذا فان التخوين والتشهير والتكفير والغمز واللمز والتهكم والسخرية ورفع الشعارات الكاذبة والمسيئة للبعض ليست ولن تكون أبدا هي أخلاق الإسلام.
وفي الحديث: “ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء”. وفي قول للإمام علي في تعليم أصحابه (نعم هو كان يعلمهم أصول الحوار وآداب المعاشرة والكلمة السواء): “إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وابلغ في العظة”. إذن المطلوب في وسائل الإعلام وفي الخطب والمحاضرات السياسية: الوصف الموضوعي للرأي الآخر والموقف الآخر (طالما أننا اعترفنا انه رأي آخر يجوز الحوار معه وليس مؤامرة امبريالية) وليس الهوى العاطفي والانفعالي. المطلوب التشخيص المحايد والأمين للرأي الآخر ونقده، وذلك انطلاقا من قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان. ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه…” (الحجرات 11-12). المطلوب الأمانة للعدل والاستقامة على الحق والروح الحسينية. المطلوب أيضا صدق العاطفة والوجدان في رؤية ذلك النهر من الأحزان ومن الغضب الذي فجّرته جريمة العصر الكبرى.
في الختام فان الإسلام يتلخص في العدل والقسط والميزان. وأقل الجهاد في سبيل ذلك كلمة حق في حضرة سلطان ظالم.
(استاذ في الجامعة اللبنانية)
النهار
الإمام موسى الصدر والمقاومة: السيادة ليست مسيحية والمقاومة ليست شيعية… فقط
قتلة الامام موسى الصدر في ايران في الواقع و هؤلاء امثال ومحمد صادق الحسيني ومحسن رفيق دوست ومحسن رضائي وجلال الفارسي وعلي أكبر محتشمي رقيوا الى اعلى الرتب و صاروا اليوم من ذوي الاموال الطائلة
الإمام موسى الصدر والمقاومة: السيادة ليست مسيحية والمقاومة ليست شيعية… فقطالانتخابات لطمة لمن؟عبد الرحمن الراشد بطبيعة الحال اعتبرها الرئيس الايراني احمدي نجاد انتخابات رائعة، وصورها لطمة على خد العدو، اي الاعداء، فهم كثر؟ الأرجح أنه كان يعني المعتدلين الذين خسروا، لان النظام شطب معظم مرشحيهم وسمح لقلة قليلة فقط، للقول ان المعارضة دخلت الانتخابات. ومعارضوه، للاحاطة، هم اسلاميون ايضا من داخل النظام، يعيرون بالمعتدلين، أما بقية المعارضة فلا تحلم حتى بتسجيل اسمائها. جاءت النتائج مرسومة مسبقا، كأي انتخابات عالم ثالثية، يفوز فيها الحزب الحاكم ويجلس المنافسون الآخرون على فتات الموائد السياسية للتصوير. أعداء ايران سعداء بمثل هذه الانتخابات المطبوخة، لأنها… قراءة المزيد ..
الإمام موسى الصدر والمقاومة: السيادة ليست مسيحية والمقاومة ليست شيعية… فقطديانات العصر! -خالص جلبي أطلق اليهودي كارل ماركس، على الديانة في القرن التاسع عشر صفة أفيون الشعوب، وتحول أتباعه مع الوقت إلى عبيد لديانته إذ صاروا من أشد المتعصبين؛ فقتلوا في قرن واحد مائتي مليون من الأنام، كما جاء ذلك في “الكتاب الأسود” بقلم الشيوعي المخضرم “ستيفان كورتوا”، وذبح الزعيم الصيني ماوتسي دونغ خصومه، وبعضهم كانوا شيوعيين بدعوى التطهير العقائدي، ومات في المسغبة والثورة الثقافية ثلاثين مليون شخص، كما كتبت ذلك الشيوعية المرتدة “تشانغ يونغ” في كتابيها “البجعات البرية” و”ماو”، وأصبح قرآنهم كتاب “رأس المال”، وربهم كارل، ونبيهم لينين، وبولس… قراءة المزيد ..
الإمام موسى الصدر والمقاومة: السيادة ليست مسيحية والمقاومة ليست شيعية… فقطنعم من المؤسف ان الثورة الايرانية التي قادها خيرة الشباب الايراني ومفكريه كالدكتور علي شريعتي ومنتظري وغيرهم ان تتحول الى ديكتاتورية طائفية مقيته ولا يبرر بتاتا قتلها للاخرين(متطرفين مثل آية الله صادق خلخالي، جزار الثورة الذي ارسل الى المقصلة 1700 من كبار المسؤولين في النظام السابق، ووعد من كان بريئا منهم وأعدمه بالجنة. كانت البدايات مبررة حتى في عنفها ودمويتها وشكوكها) ونلاحظ منذ نشاتها مهمتها نشر المليشيات المسلحة واقصاء المخالفين للراي ودعم الديكتااتوريات لكي تتوسع وتفرض سيطرتها على المنطقة بحلية الدين والقضية الفلسطينية. يقول احد العلماء(أطلق اليهودي كارل ماركس، على… قراءة المزيد ..