أصدر المجلس القطري لجماعة العدل والإحسان في دورته الثانية عشرة يومي 8 و9 دجنبر 2007 وثيقة سياسية بعنوان: “جميعا من أجل الخلاص” بعد أن صادق عليها بالإجماع. مما يعني أن جميع أعضاء الجماعة متفقون على الوثيقة وعلى تبني مضامينها. وبقدر ما تطرح الوثيقة من أسئلة محددة حول توقيت الإصدار، والمقصود بالخلاص وسبل الأجرأة، بقدر ما تقدم أجوبة دقيقة تكشف عن مسعى الجماعة وإستراتيجيتها الثابتة. وتقوم هذه الإستراتيجية على الأسس التالية:
1 ـ التحريض ضد الملك .2 ـ السعي لعزل النظام الملكي. 3 ـ ترهيب وترغيب الفاعلين السياسيين.
4 ـ الدفع باتجاه تأزيم الوضع العام وإصابة الدولة بشلل تام. 5 ـ الإعداد المادي والتنظيمي والنفسي للزحف على السلطة وإسقاط النظام.
6 ـ تهيئة الرأي العام الدولي للتعامل مع الجماعة باعتبارها القوة السياسية القادرة على التحكم في الأوضاع الداخلية وحماية مصالحه.
7 ـ الانفراد بالقرار في تحديد شروط الميثاق الذي تطرحه الجماعة وأهدافه.
وتتوخى هذه المقالة تناول أسس الإستراتيجية الانقلابية للجماعة كما حددها المرشد واعتمدتها الوثيقة.
1 ـ التحريض ضد النظام الملكي بالتركيز على الجوانب ذات الصلة بالوجدان الشعبي/”المخزون النفس” والمعيش اليومي.
أ ـ فيما يتعلق بالوجدان الشعبي أو “المخزون النفسي ” كما يسميه الشيخ، أعادت الوثيقة ترويج فقه التكفير الذي اعتمده الشيخ ياسين في الصراع الذي خاضه ضد الملك الراحل الحسن الثاني بعد أن رفض هذا الأخير إشراك الشيخ في إدارة الحكم وتنصيب مجلس رقابة على الملك يتشكل من الفقهاء والدعاة يرأسهم الشيخ ياسين طبعا ويبايعهم الملك كما اشترط الشيخ (تبايع مجلسا منتخبا انتخابا إسلاميا تستشير في أمره رجال الدعوة بعد أن تمنع كل الأحزاب السياسية.. ويكون هذا المجلس شريكا في عملك ورقيبا عليك). فكانت رسالة “الإسلام أو الطوفان” بداية الصراع السياسي على خلفية عقائدية لما قدم الشيخ نفسه للملك كالتالي (فاعلم أن الله جلت قدرته يقضي ولا يقضي الناس وأنه يبعث للأمر المهم أضعف عباده، فيؤيده ويفتح له وبه، وإنني يا أخي المبتلى لذلك العبد الضعيف). وكان الشيخ يقصد أنه هو من ستجري على يديه مشيئة الله ويتحقق به وعده بعودة الخلافة الثانية بعد الحكم الجبري والعضوض، كما ينبئ الحديث الموتور المنسوب إلى الرسول محمد (ص)، والذي يتخذه الشيخ أساسا لحركته. وظلت فكرة أنه “المبعوث” للأمر الجلل تتضخم لدى الشيخ وتتنوع تعبيراتها حتى صرح بها لفظا ومعنى في كتابه “العدل” بكونه (مبعوثا مبلغا أمرني القادر عز وجل بإعداد القوة، ووعدني بالنصر، وشرط لي وشرط على شروطا). فهل الوثيقة التي أصدرتها الجماعة الآن تدخل في إطار “إعداد القوة” للزحف على السلطة وإقامة دولة الخلافة ؟ وهل نَفَذت سبل الإصلاح واستحالت كل الخيارات إلا خيار “الزحف” ؟ بالتأكيد أن من يتتبع إصدارات الجماعة ومواقفها سيقبض على الناظم العقائدي الذي تتشكل الجماعة به وحوله. فمرشد الجماعة يستعجل الأمور ليتحقق فيه وبه وعيده للملك الراحل الحسن الثاني. فهل يرضى الشيخ أن يفنى دون أن “يفتح الله له وبه ” وهو الذي يزعم أنه “مبعوث” لتحقيق وعد الله ؟ طبعا لا وألف لا. لهذا يعمل الشيخ، من جهة على تجميع القوة الضاربة، ومن جهة ثانية يعمل على ضرب الأعمدة التاريخية والدينية والاجتماعية والسياسية التي تتأسس عليها الملكية في المغرب. ويظهر جليا أن الوثيقة جاءت تعكس ردة فعل الجماعة على مضامين خطاب العرش لسنة 2007 كالتالي:
* بخصوص صفة الملك ومهامه التي حددها في الخطاب كما يلي (وإني أخاطبك، بصفتي أمير المؤمنين، مؤتمنا على قيادتك بالبيعة والدستور. كما أتوجه إليك، باعتباري ملكا- مواطنا.. وهو ما يجعلني حريصا على التوجهات الكبرى والانشغالات اليومية للمغاربة قاطبة)، جاءت الوثيقة مستنكرة ومستخفة كالتالي ( أمَّا أن يحكم من شاء كيفما شاء ويأخذ من الألقاب ما شاء، دون أن يكون في الأمر حسيس مراقبة أو محاسبة فهذا مما لا يستقيم “دينا” ولا”سياسة”. لنخرج من الغموض: عن أي ملة ودين يتحدث حماة الحمى، وعن أية ديمقراطية يتكلمون؟).
* بخصوص جذور الملكية وامتداداتها ودورها في تحصين ثوابت الأمة وهويتها كما حرص الخطاب الملكي على التذكير بها (إنها الملكية المغربية الأصيلة التي عززناها بالمواطنة التنموية، في التزام بمشروعيتها الدينية والتاريخية والدستورية والديمقراطية، ووفاء لكفاحها الوطني، وتضحياتها من أجل سيادة الوطن ووحدته وتقدمه، وما يميز شعبها وعرشها من تجاوب عميق) على اعتبار أن الانتخابات (ليست صراعا حول هوية الدولة أو مقومات نظامها من إسلام وسطي منفتح، وملكية دستورية، ووحدة وطنية وترابية، وديمقراطية اجتماعية. فتلكم ثوابت تعد محط إجماع وطني راسخ.. وهو ما نحن مؤتمنون على استمراره)؛ بخصوص دور الملكية في حماية هذه الثوابت، جاءت الوثيقة تتهم النظام بأنه هو مصدر تهديد للهوية وللأمن الإقليمي (إن النظام المخزني بصيغته الحالية وبمنهجيته السياسية أصبح يمثل عائقا أمام الديمقراطية والتنمية في هذا الوطن، كما أصبح مهددا لهوية الأمة في الصميم ومهددا لمصالحها المختلفة، بل أصبح مهددا للاستقرار الإقليمي والمتوسطي بعشرات الآلاف من هكتارات المخدرات، وبهجرة يغذيها بسياسته التفقيرية القاتلة).
* بخصوص تمتين الجبهة الداخلية وحرص الملك على تعبئة كل القوى والطاقات بقوله (فإننا نرى من الضروري استكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية. الأمر الذي يمكننا من الإفادة من كل الخبرات الوطنية والجهوية، والمجتمع المدني الفاعل، وكافة القوى الحية للأمة، ومشاربها وتياراتها، أيا كان موقعها.. فهدفنا الأسمى ينبغي أن يظل النهوض بأوضاع الفئات التي تعاني آفات الفقر والأمية والتهميش والإقصاء)، جاءت الوثيقة ـ ردا على الخطاب الملكي ـ تتوخى التغرير بالقوى الفاعلة وعموم المواطنين بأن (جماعة العدل والإحسان لمع الشعب ومع مختلف فاعليه على العهد الدائم.. في إقرار مجتمع العدل والحريات العامة والأخلاق الفاضلة وحقوق الإنسان والديمقراطية الفعلية، والتنمية الاقتصادية الحقيقية والكرامة الوطنية، والانتفاع الإيجابي والشراكة المنصفة والشريفة وذات المصالح المتبادلة وتأمين الحاجات الأساسية في الأمن والغذاء والاستقرار والصحة والمعرفة، وعهد التواصل الوطني والاستعداد الصادق والجدي للعمل إلى جانب كل المكونات المخلصة في هذا البلد من أجل تحقيق هذا المجتمع الذي نتطلع إليه جميعا). فهل تنسجم هذه الوعود والشعارات التي جاءت بها الوثيقة مع عقائد الجماعة ومبادئها كما صاغها الشيخ ياسين؟ هل فعلا تقبل الجماعة بالديمقراطية وبالتعددية وبالحداثة وبالتداول على السلطة؟ هل يقبل الشيخ ياسين أن يكون محط النقد والمراجعة؟ قضايا وأسئلة تكون موضوع مقالات قادمة إن شاء الله.
selakhal@yahoo.fr
* الرباط
المسعى الانقلابي لجماعة العدل والإحسان
سعيد الكحل (كمايشير اسمه) لا هو متخصص و لا هم يحزنون .
“الرجل” لديه توجه يساري معادي للدين عموما و يتستر وراء انتقاد العدل و الاحسان.
إدا كان بالفعل يحسن الانتقاد فلمادا يمجد الملكية و هو يدعي أنه “تقدمي” أم أن الملك لديه العصا التي سيكسر بها رأسه عكس العدل و الاحسان المسالمة.
حشم شي شويا و اعترف للرجال برجولتهم رغم عدم قدرتك على الصبر على ما صبروا.