موسى يغادر بيروت «قلقاً» لكن «الأمل غير مفقود» … ولحود غير متحمس لحكومة ثانية … لبنان: لقاء مفاجىء بين عون والحريري لمعالجة عقدة «ميشال إده أو الفوضى»
بيروت الحياة – 22/11/07
— > «الأمل غير مفقود»، هو أقصى ما أمكن للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قوله، بعد لقائه رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أمس في جولته على المسؤولين والقيادات السياسية، فيما آثر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير القيام بمساعيه من أجل إحداث اختراق ما في أزمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني، من دون ان يتكلّم، فألغى مؤتمراً صحافياً كان مقرراً ان يعقده مع موسى الذي غادر بيروت ليلاً «قلقاً»، فيما وصل اليها وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس لينضم الى كوشنير، على ان ينضم اليهما نظيرهما الايطالي ماسيمو داليما صباح اليوم. لكن الوزير الفرنسي قال بعد لقائه الرئيس السابق أمين الجميل ان البحث حول لائحة البطريرك الماروني نصرالله صفير فشل حتى الآن.
واذ صادفت أمس، عشية ذكرى الاستقلال، الذكرى الأولى لاستشهاد النائب والوزير بيار أمين الجميل الذي اغتيل باطلاق الرصاص عليه، فإن الوسط السياسي الذي حبس أنفاسه بسبب طغيان احتمال الفراغ الرئاسي، في حال عدم التوصل الى توافق حول الرئيس العتيد في جلسة البرلمان غداً الجمعة، شهد حراكاً استثنائياً بحثاً عن مخرج من المأزق. وكان البارز اجتماع زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري مساء امس مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في حضور فريد مكاري وفي منزل الأخير في الرابية. ومعروف ان الحريري وعون، رغم الاتصالات معهما لاقناعهما بتأييد ترشح الوزير السابق ميشال اده، على ان يتعهد كما أبلغ لعون وغيره، الاستقالة فور انتهاء الانتخابات النيابية عام 2009، يعارضان هذا الخيار، وفكرة تقصير الولاية لسنتين، والتي أغضبت البطريرك الماروني نصرالله صفير.
ولم يكن الغاء كوشنير مؤتمره الصحافي يحتاج الى كبير عناء لشرح أسبابه، على رغم عدم صدور تفسير رسمي فرنسي لذلك، فالجهود من أجل ضمان اجراء الانتخابات الرئاسية راوحت مكانها. واعترف موسى ضمناً بعدم النجاح في تذليلها حين قال ان الامور اصبحت «اكثر تحديداً»، اذ ان المواقف كانت رست قبل لقاء الحريري – عون على الآتي:
بري يتمسك بتأييد اده مرشحاً توافقياً وحيداً من لائحة صفير، مع رسائل بلغت قادة الاكثرية بأن الخيار هو بين اده وبين الفراغ، وبين اده وقيام تحركات على الارض من «حزب الله» وحلفائه في بيروت والجبل ضد تسلم مجلس الوزراء برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة سلطات رئاسة الجمهورية، كما ينص الدستور.
وهذا دفع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الى ابلاغ البعض ليل أول من أمس أنه من أجل منع احتمال الحرب الأهلية التي لا يريدها، يوافق على خيار اده، لكنه يربط ذلك بموافقة حليفه الحريري «لأنني لا أتركه». أما الحريري فبقي على رفضه خيار اده، معتبراً اياه «خياراً بالفرض وليس بالتوافق»، مبلغاً بري والجانب الفرنسي أنه يرى أن خمسة من المرشحين الواردين في لائحة صفير توافقيون وأنه مع النزول بهم الى البرلمان ليربح من يربح، وأن حصر المعارضة الخيارات بإده نقيض للآلية التي اتفقت باريس عليها مع دمشق، واخلال بها من جانب سورية مدعومة من ايران.
واعتبرت مصادر قيادية في الاكثرية ان لا ضرورة للخوف من التهديدات التي أبلغت بالواسطة، الى بعض قياداتها بان «حزب الله» وحلفاءه سينزلون الى الشارع بدءاً من منتصف ليل السبت – الأحد، وسط تحضيرات لقطع طرق وحرق اطارات كما حصل العام الماضي، طالما ان «لا مبرر لديهم لهذه الخطوة اذ اننا لن نلجأ الى خيار انتخاب رئيس بالنصف +1»، فضلاً عن ان الجيش اللبناني تعهد ضبط الوضع الأمني.
وسبق لقاء الحريري مع عون دخول فرنسا على خط المساعي من اجل ترجيح التوافق وتجنب تداعيات الفراغ المحتمل. فأجرى الرئيس نيكولا ساركوزي اتصالاً بالعماد عون، كذلك اتصل به الوزير كوشنير.
اقناع عون
وقالت مصادر فرنسية لـ «الحياة» ان زيارة الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان دمشق أول من أمس حيث التقى الرئيس بشار الأسد تندرج في اطار المزيد من الضغط على سورية لئلا تعرقل، لأن فرنسا لا تريد الفراغ في لبنان ولا تريد ان يزول أو ان تكون هناك حرب. وكشفت المصادر ان غيان قال للجانب السوري ان فرنسا قامت بما التزمته، وهو مسعاها باقناع البطريرك صفير بوضع لائحة، وعلى سورية القيام بما التزمته، وان الجانب السوري يقول للجانب الفرنسي ان العائق هو عون، ولكن لو كانت دمشق تضغط فعلاً على «حزب الله» لامكنه اقناع حليفها عون. وأجاب الأسد بأن «حزب الله» لا يستطيع ان يقنع عون، وعلى الحريري ان يلتقي الاخير ويقترح عليه حلولاً ويقدم له خيارات.
وكشفت مصادر نيابية ووزارية لـ «الحياة» ان موسى وكوشنير كانا سألا، على هامش لقائهما بالقيادات السياسية في بيروت، وفي محاولة لايجاد تسوية على الرئاسة قبل انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود منتصف ليل الجمعة – السبت، عن تصورها لكيفية ادارة الفراغ وتنظيمه اذا حصل في شكل يبقي الابواب مفتوحة امام توافق حول الرئيس ولو بعد انقضاء ولاية لحود. وقالت المصادر ذاتها ان اجوبة معظم القيادات تقاطعت حول معلومات مفادها ان لحود لن يبقى ولو دقيقة في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته، وانه سيوجه نداء الى اللبنانيين يناشدهم الحفاظ على الأمن الذي سيسهر عليه الجيش. ولفتت الى ان لحود في ندائه سيكلف قيادة الجيش مهمة ضبط الوضع والحفاظ على الاستقرار والتصدي لمنع الفوضى.
لحود والحكومة الثانية
ورداً على سؤال، أوضحت المصادر ان موقف لحود تبلغه عدد من السفراء العرب والاجانب اضافة الى الموفدين الدوليين، وقالت ان وفداً من احزاب المعارضة كان زاره في قصر بعبدا، واقترح عليه تشكيل حكومة ثانية، باعتبار ان حكومة السنيورة «فاقدة الشرعية وغير دستورية»، لكن لحود لم يبد حماسة للفكرة. وعزت المصادر السبب الى اعتبارات أبرزها: – ان بري لا يزال على موقفه الذي أعلنه قبل شهور، من انه لا يحبذ تأليف حكومة ثانية تزيد الانقسام.
– ان قيادة «حزب الله» التي كانت هددت باتخاذ مجموعة من التدابير والاجراءات، أطلقتها للرد على الاكثرية في حال لجأت الى انتخاب رئيس بالنصف +1 بالتالي لا مبرر لهذه الخطوات ما دامت قوى 14 آذار صرفت النظر عن هذا الخيار ولو تعذر انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري.
لكن الرعاية العربية والدولية لـ«تنظيم الفراغ» وضمان التهدئة يفترض ان تتواصل لتأمين اجراء الانتخابات في أقرب وقت، نظراً الى ان تمديد هذه الحالة الى ما لا نهاية قد يتسبب في حوادث امنية طارئة، يمكن ان تتوسع في شكل يهدد الاستقرار. وتأمل المصادر بألا تطول فترة تعليق انتخاب الرئيس، نظراً الى ما سيترتب عليها من رد فعل من البطريرك صفير الذي نقل اجواءه أمس الى الحريري، النائب سمير فرنجية والنائب السابق فارس سعيد اللذان زاراه ظهراً بعد لقائهما البطريرك.