المر يتعاطى كزعيم موازٍ لعون ويحاول استنساخ دور مميز في الانتخابات الرئاسية
عون لم يناقش اعضاء كتلته مواقفه الأخيرة وسط استياء واسئلة
كتب المحرر السياسي لـ “اللواء”: لماذا انفرد النائب ميشال المر بالاعلان من بكركي بالامس انه سيشارك في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، في حال تم التوافق بين الجميع على رئيس توافقي من ضمن الاسماء المتداولة، في حين ان موقف رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون، اعلن قبل ساعات وبعد ترؤسه لاجتماع التكتل “نحن لن نقبل بتأمين النصاب ولو توافر الثلثان، لاننا نرفض ان نغطي رئيساً ليس مغطى لبنانياً ومن كل الفئات”، وهل هذا الموقف يؤشر الى بداية انشقاق التكتل عملياً، بعد انتفاء حظوظ امكانية تبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية رسمياً حتى من حلفائه وتقدم حظوظ وصول مرشح توافقي لا يمت اليه بصلة؟
يكشف نائب كسرواني وهو بالطبع عضو في التكتل، ان موقف النائب ميشال المر، ليس وليد ساعته، بل سبقته وقائع عديدة، ان كان في النقاشات التي كانت تدور في اجتماعات التكتل، او في مبادرة نائب رئيس المجلس النيابي السابق في اعتماد مواقف سياسية لا يتم التفاهم عليها بشكل جماعي، وبات يظهر في احيان عديدة وكأنه زعيم سياسي مستقل، يطلق المواقف ويعلن وجهة نظره من الاحداث الجارية بلا العودة الى التكتل، اي انه يتصرف وكأنه رئيس موازٍ للتكتل، له حساباته السياسية الخاصة انطلاقاً من شبكة العلاقات السياسية التي حاكها بحنكة وذكاء طوال العقود الماضية وبالتالي يتصرف من موقعه هذا، وليس كونه عضواً عادياً في التكتل، كسائر النواب الذين اوصلتهم موجة “التسونامي” التي واكبت عودة النائب ميشال عون الى لبنان بعد سنوات طويلة في المنفى، وهم لا يقطعون خيطاً، إلا بأمر مباشر من رئيس التكتل·
ويشير النائب الكسرواني بقلق، الى ان انفراد النائب ميشال المر وانقطاعه عن حضور اجتماعات التكتل شابته محطات عديدة كادت تصل بالقطيعة الى نهايتها الحاسمة بلا عودة، ولكن اتصالات غير مباشرة ادت الى معاودة صلة الوصل القديمة المنقطعة، وتمخضت عن تدخل في الانتخابات النيابية الفرعية في المتن لانتخاب خلف للوزير بيار الجميل، متحالفاً الى جانب العماد ميشال عون، بالرغم من انه كان من دعاة تجنيب المنطقة معركة انتخابية ويؤيد ابقاء المقعد النيابي لآل الجميل الذي تربطه بهم علاقة سياسية تاريخية، ولكنه لم يشأ البقاء على الحياد لاعتبارات لها علاقة بتحالفاته السياسية المحلية والاقليمية التي يؤكد انه على اساسها دعم المرشح العوني في هذه الانتخابات إلا ان هذا لا يعني استمرار هذا التحالف الى ما لا نهاية وفي كل المسائل والامور، لا سيما اذا كان النقاش الديمقراطي بشأنها معدوم ولا ينطلق من مفاهيم التحالف الاساسية·
ويلفت النائب الكسرواني الى حادثة لافتة حصلت خلال احدى اجتماعات التكتل الاخيرة، عندما لفت احد النواب المقربين من العماد عون الى ان النائب ميشال المر لا يراعي في مواقفه التشاور مع التكتل ويتصرف بمفرده، فما كان من “ابو الياس” إلا ان وجه للنائب المذكور كلاماً قاسياً لم يشأ احد التعليق عليه، وتم تجاوزه والانتقال الى مناقشة مواضيع اخرى وكأنه لم يقل، بالرغم من حدة الكلام وما يدل عليه في حضور رئيس التكتل شخصياً·
ويرد النائب الكسرواني اسباب ما اعلنه النائب ميشال المر في بكركي بالامس الى ما سبق ذلك وما حصل اثناء الاجتماع الاخير للتكتل برئاسة العماد عون شخصياً، الذي افتتح الجلسة بقراءة كلام معد سلفاً وموجهاً الى اعضاء التكتل، مطالباً إياهم بعدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اطلاقاً ووجوب مقاطعة هذه الجلسة حتى اذا تم التفاهم على مرشح توافقي، قاطعاً الطريق على اي مناقشة ديمقراطية، تتخلل مثل هذه الجلسات بين النواب وكأنه بمثابة أوامر تملى على النواب، وما عليهم إلا الالتزام بها وعدم ابداء الاعتراض عليها او حتى تبيان الاسباب المخفية التي حدت بالعماد عون لاعتماد مثل هذا الموقف المستغرب من الاكثرية ضمن التكتل·
وبعدما ساد صمت تشاؤمي لبضع ثوان، بادر “ابو الياس” الى توجيه الكلام الى العماد عون قائلاً بلهجة صارمة: “نحن لسنا غنماً لنساق بهذه الطريقة، وهذا ليس اسلوباً حضارياً للبت بمثل هذه القضايا المصيرية المهمة التي تتطلب نقاشاً ديمقراطياً حراً وعلى مستوى عالٍ من المسؤولية لنصل الى اتخاذ القرار النهائي السليم لمصلحة الوطن والناس معاً·
فكيف تدعون الى المقاطعة لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اذا تم الاتفاق على رئيس توافقي ونقطة عالسطر، ونحن في هذه القاعة اتخذنا قراراً بتأييد التوصل الى رئيس توافقي عندما طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري مبادرته في ايلول الماضي، وقمنا باتصالات على المرجعيات السياسية الفاعلة على اساس هذا الموقف، وبعض نوابك “الأشاوش” على يمينك ويسارك يصرخون ليلاً ونهاراً من على الشاشات بوجوب اتمام هذا التوافق، والآن هكذا وفجأة ومن دون تبرير تتلو علينا امر اليوم برفض حضور الجلسة، لا انا لست مع هذا الموقف ولن التزم به اطلاقاً وهناك من يؤيدني من التكتل وانا اسألهم رأيهم بحضورك، مشيراً بإصعبه الى رئيس كتلة زحلة والبقاع الياس سكاف الذي ايد علناً حضور الجلسة التوافقية اذا حصل ذلك، كما أيد ذلك عدد آخر من النواب·
لم ينبت العماد ميشال عون ببنت شفة، وكأن كلام النائب المر اصابه في الصميم، فتذرع بإنشغاله بمقابلة صحافية بناء على موعد سابق لا يمكن تأجيله ودعا النائب المر لترؤس الجلسة مكانه متجنبا الرد على ما أثاره ابو الياس في محاولة لاستيعاب النقمة وتفاديا للاصطدام، وغادر القاعة ممسكا بأوراق مطبوعة سلفا، تلاها على الصحافيين الموجودين خارج القاعة وكأنها خلاصة مناقشات التكتل والمواقف التي صدرت عنه، وهي لم تكن كذلك على الاطلاق، وهو ما كشف عنه النائب المر لدى خروجه من اجتماع التكتل للصحافيين الذين نقلوا اليه ما ابلغهم إياه رئيس التكتل·
ويخلص النائب الكسرواني الذي لا يخفي تعاطفه مع بعض ما يعلنه “ابو الياس” من المواقف، وما ينفرد به من وجهات نظر، الى القول انه لا يجوز السير في المواقف التي اعلنها النائب ميشال عون منذ يومين حتى النهاية، لأن هذا يعطي خصومه السياسيين ذريعة اتهامه بتعطيل المبادرات لاعتبارات محض شخصية، مفضلا مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن ككل، وهو يعطي الدلائل على مقولة “انا او لا احد”، في حين لم يظهر مؤشر واضح على دعم ترشيحه من اقرب حلفائه باستثناء الكلام السطحي التحذيري الذي لم يصل الى حد تبني هذا الترشيح والالتزام به حتي النهاية·
ويصف النائب الكسرواني بما يقوم به النائب ميشال المر في هذه المرحلة، بأنه دور تقليدي، لعبه زعيم المتن الارثوذكسي في الانتخابات الرئاسية بشكل بارز منذ ترشيح بشير الجميل في العام 1982 وسار عليه تباعا في العقدين الماضيين، ويحاول “ابو الياس” استساخ هذا الدور في هذه الانتخابات بشكل نسبي، رغم معرفته بأن الظروف تغيرت عن السابق، ولكن لا بأس في التكيف معها، لأن قاعدة الاستمرار السياسي يترتكز في قناعته على كيفية التكيف مع الظروف وليس ابتداع فن الممكن فقط·
اللواء