أكد مفتي صور وجبل عامل العلامة السيد علي الامين أن ولاية الفقيه اعطيت للأنبياء والرسل باعتبار عصمتهم وعدم فئويتهم ومناطقيتهم وانحيازهم، فكيف يمكن ان تعطى لبشر يخطئ ويصيب ويظلم وقد يصنف الناس اصنافا، ويقول لجماعته مثلا “انتم اشرف الناس، انتم اكرم الناس”، ثم “جماعتي الى الجنة دون سواهم”؟”.
واعتبر ان “ان ما يسمى بحزام شيعي هو كلام سياسي، لان كل طائفة في الشرق الاوسط لها علاقة مع دول، لكن لا يجوز ان تكون روابط الاديان على حساب الاوطان”. وأكد “ان لبنان لا تنجح فيه المشاريع والافكار الاحادية، لأنه قائم على العيش المشترك والنظام البرلماني الحر، وهناك اتفاقات سياسية تحولت الى جزء من الدستور اللبناني، هذه كلها يجب ان نحترمها كاتفاق الطائف وغيره”، موضحا “نحن ضد ان يتحول الجنوب الى ساحة حرب، وان يتحول لبنان كله الى ان يكون واجهة صراع وحيدة في الصراع العربي الاسرائيلي وبقية الدول العربية “ما خصها”. نحن ضد الارتباطات الخارجية التي تؤثر على سياسة اهلنا ومصيرنا ووطننا، كما اننا نريد لكل العلاقات مع كل الاحزاب ان تمر عبر الدولة اللبنانية فقط، الدولة اللبنانية الواحدة، الوطن الواحد والشعب الواحد على تنوعه وتعدده”.
وقال الامين في لقاء اقامته الجامعة الشعبية في حزب “القوات اللبنانية” في مدرسة الكلية الشرقية في زحلة: “ان مسألة ولاية الفقيه انتقلت من كتب الفقهاء لتصبح مادة في دستور الدولة الايرانية منذ وصول الامام الخميني الى سدة الحكم. وأنني أذكر أنه طرح هذه المسألة في النجف، لكنه لم يلق استجابة على الاطلاق من جامعة النجف او من جامعات العلم الاخرى لان جذور هذه المسألة في ولاية الفقيه كانت بحثا في الاحوال الشخصية، اما الولاية السياسية، ان كانت موجودة، فهي ثابتة للانبياء والمرسلين وللائمة المعصومين”، مشيرا الى “ان هناك وجهة نظر تقول بأن الدور الاساسي للانبياء والمرسلين والاوصياء من بعدهم ليس دورا سياسيا”.
اضاف: “هذه الولاية، على تقدير شمولها للولاية السياسية والتي تثبتت للانبياء والرسل لانهم معصومون ولا يصنفون البشر اصنافا واقساما، فليس من مواطن درجة اولى وثانية عند الرسل والانبياء، الناس سواسية كأسنان المشط. هذه الولاية التي اعطيت لهم باعتبار عصمتهم وعدم فئويتهم ومناطقيتهم وانحيازهم، فكيف يمكن ان تعطى لبشر يخطئ ويصيب ويظلم وقد يصنف الناس اصنافا، ويقول لجماعته مثلا “انتم اشرف الناس، انتم اكرم الناس”، ثم “جماعتي الى الجنة دون سواهم؟”.
وتابع: “الولاية التي تثبت للفقيه او للفقهاء عموما كما يقولون، يعبر الفقهاء انها ولاية تثبت في مورد بسط اليد، اي ان الفقيه الذي بسطت يده، اي المكان الذي اختير فيه حاكما، ولذلك ليست ولايته عابرة للحدود والاوطان والشعوب والمجتمعات، فاذا اختار الشعب الايراني فقيها شأنه ان يختار، ولكن ليس من ولاية على الشيعة في العراق او في لبنان او اي مكان في العالم، وهي ليست ولاية بمعنى الاستيلاء والالغاء وانما هي بمعنى طاعة الاحكام والقوانين المرعية. فاذا كنت في ايران يقول لك الفقيه اذهب الى التجنيد الاجباري ولكن ما علاقتي هنا في لبنان بالتجنيد الاجباري؟. اذن هذه امور ليس للفقيه ولاية خارجها، ولو كان كذلك لأدى هذا الى اختلال الانظمة والعلاقات في الامم والمجتمعات. فلكل شعب خصوصياته، ولكل وطن الاسس التي قام عليها واتفق عليها ابناؤه بحيث لا يصح عندئذ ان يتدخل اي فريق في وطن اخر كما هو المتعارف بين الامم والشعوب والتي ايدتها طبعا رسالات السماء”.
وعن العلاقة بين ولاية الفقيه وما يسمى بالحزام الشيعي، قال: “ولاية الفقيه لا علاقة لها بهذا العالم وهي ألبست ثوبا غير ثوبها، لانها يجب ان تكون ولاية الفقهاء وليس الفقيه الواحد، ولاية الفقيه هي صيغة من الصيغ المذهبية التي لم يمارسها الائمة في حياتهم، حتى أئمة اهل البيت، لذلك فأنا لا اعتقد انه سيكتب لها النجاح حتى في ايران نفسها، لان فيها كثيرا من الفقهاء الذين هم ضد مشروع ولاية الفقيه بالمعنى السياسي الذي يمتد خارج حدود ايران، وحتى داخل ايران توجد اشكالية في اصل حكومة ولاية الفقيه. واعتقد ان ما يسمى بحزام شيعي هو كلام سياسي، اننا نؤكد مرارا وتكرارا ان كل طائفة في الشرق الاوسط لها علاقة مع دول، لكن لا يجوز ان تكون روابط الاديان على حساب الاوطان، فالروابط الدينية مع اي دولة يجب ان تؤدي الى علاقة ثقافية وتبادل ثقافي انما لا يجوز ان تكون العلاقة بين الطائفة واي دولة اخرى، انا ارى الخلل في الدولة اللبنانية التي يجب الا تفسح المجال لدول العالم ان تكون علاقاتها مباشرة بالطوائف، يجب ان تحزم الدولة امرها وتخاطب العالم. نحن كطائفة لا نرضى بهذا الامر، وحتى الطائفة الشيعية تريد ان تكون العلاقة معها عبر الدولة التي تمثلنا جميعا”.
وعن مستقبل الولاية في لبنان؟ قال:”لا ارى لها مستقبلا في ايران نفسها، لان ايران وطن فيه قوميات متعددة ومذاهب مختلفة وولاية الفقيه لا تنسجم مع تعدد المذاهب، وهذه الولاية اذا ارتضوها في ايران على اختلاف مذاهبهم هذا شأنهم، اما في لبنان فلنا صيغتنا وخصوصيتنا القائمتان على صيغة العيش المشترك الذي انبثق عنه نظام سياسي مدني ارتضيناه جميعا، وهذا يشكل اساسا لاستمرار لبنان وبقائه، فأي صيغة سياسية او فكرية لا تكون مرآة لواقع الشعب والوطن الذين انبثقت منه هي صيغة ميتة، واي نظرة احادية الجانب يكتب لها الفناء. النظام الذي ينجح هو الذي ينبثق عن هذا التنوع وهذه التعددية وهذه الرسالة الفريدة في العالم رسالة التعايش بين المسيحية والاسلام”.
وحول التكليف الشرعي خصوصا يوم الانتخابات، قال: “اقول لابنائنا واعزائنا من الناس الذين يحاولون ان يرتبطوا بالتكليف الشرعي، ان له مصادره واشخاصه ولا يؤخذ من حالة تنظيمية وحزبية يؤخذ من مرجعية دينية، وكلهم ينصون على ان التكاليف الشرعية لا علاقة لها بعالم الانتخابات. فمنذ مدة انتخبوا في العراق مجلس نواب وحكومة لها علاقة مع السلطات الاميركية، وما شاء الله يرحبون بها. هذا عمل سياسي يجب ان يتنبه له الناس لانه لو كان امرا دينيا فالدين لا يختلف ساعة في العراق وساعة في لبنان وساعة في ايران. فلقاء الايرانيين مع الاميركيين في العراق جائز وهنا في لبنان، لا، اختلفوا انتم وقولوا هناك مشروع اميركي”.
وعن المشروع الاستراتيجي لـ”حزب الله”، رد الامين: “نواياه لا نعرفها، وانما نعرف ان لـ”حزب الله” ارتباطا بايران وبولاية الفقيه التي اصبحت سلطة وتبحث عن نفوذ وعن المزيد من السلطة والنفوذ خارج بلادها. لذلك نحن لسنا ضد الحالة الثقافية والفكرية التي يقولها “حزب الله”. نحن في لبنان عندنا صيغتنا الخاصة، نحن مع اندماج “حزب الله” كاملا في العملية السياسية والنظام السياسي اللبناني، لبنان لا تنجح فيه المشاريع الاحادية والافكار الاحادية، لبنان قام على العيش المشترك نظام برلماني حر، هناك اتفاقات سياسية تحولت الى جزء من الدستور اللبناني، هذه كلها يجب ان نحترمها كاتفاق الطائف وغيره. هذا هو لبنان دولة مدنية تقترب من العلمانية تحافظ على المعتقدات والافكار تشجع على الحوارات ولقاء رسالات السماء، لبنان لا يمكن ان يستمر الا من خلال الاسس التي قام عليها والتي توصل اليها اللبنانيون من خلال الاتفاقات والتراضي في ما بينهم”.
وختم العلامة الامين: “نحن ضد ان يتحول الجنوب الى ساحة حرب، وان يتحول لبنان كله الى ان يكون واجهة صراع وحيدة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي وبقية الدول العربية “ما خصها”. ان ارادت الدول العربية ان تحارب فنحن واياهم. أما ان نصبح لوحدنا ساحة حرب فيما غيرنا يقدم مبادرة سلام، فلا يصح هذا المنطق. نحن ضد الارتباطات الخارجية التي تؤثر على سياسة اهلنا ومصيرنا ووطننا، اننا نريد لكل العلاقات مع كل الاحزاب ان تمر عبر الدولة اللبنانية فقط، الدولة اللبنانية الواحدة، الوطن الواحد والشعب الواحد على تنوعه وتعدده”.
المستقبل
أكد أن المشاريع والأفكار الأحادية لا تنجح في لبنان
BARAKA ALLAH BIKA WA BI AMTHALIKA