إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
هُناكَ نسبةٌ لا بأسَ بها منَ المسلمين تعتبرُ أنَّ غيرَ المُسلمِِ هو كافر، ونسبةٌ اقلُّ بكثير تَعتبرُ أن غيرَ المسلم هو كافر يجبُ وضعهُ امام ثلاثة خيارات: “إما الدخولُ في الإسلام، او دفعُ الجِزيةِ، او القتل”. ولست أدري على وجهِ اليقينِ كم تبلغ نسبةُ منّ يؤمنون بأنَّ غيرَ المسلم يُعتَبَر شرعاً كافراً، ولكني اعتقدُ أن تلك النسبة ليست قليلة.
وأول مرة ذهبتُ لإحدى دول الخليج، قابلت شخصا بدويا قحّاً وكاأنه جاء فورا من الصحراء إلى المدينة لأول مرة في حياته، وسألني سؤالاً غريبا: “هل انت كافر“؟ فسألته: “لماذا تعتقد اني كافر؟” قال: “لأنك ترتدي ملابسَ الكُفّار بنطلون وقميص“!! ولم أستطع ان امسك نفسي من الضحك طبعا.
وكثير من اتباع المذهب الوهابي يؤمنون بذلك. وتجد الشيخ منهم يجلس في سيارته المرسيدس (صنع الكفار) ويرتدي ملابس داخلية مصنوعة عند الكفار او بواسطة ماكينات مصنوعة بواسطة (الكفار)، ثم تجده يسمع في راديو سيارته (صنع الكفار) ترتيلاً جميلا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذي توفي في القرن الماضي، ولكن صوته لا يزال حيا بفضل تكنولوجيا (الكفار)، ثم ستجده يستخدم تليفونه الموبايل (صناعة الكفار) لكي يكلم بالصوت والصورة إبنَهُ الذي يدرس في أمريكا (زعيمة بلاد الكفار).
وكان هذا الشيخ في طريقه إلى المسجد لكي يقوم بإلقاء خطبة الجمعة في مسجد مبنى من الخرسانة وهي من اختراع (الكفار) ويتكلم في ميكروفون من صناعة (الكفار) الذي يوصل صوته إلى أقصى بلاد الله بفضل الأقمار الصناعية التي تدور حول الارض بفضل تكنولوجيا (الكفار)، ورغم كل هذا يدعو في نهاية خطابه بتحقيق الامن والسلام والرزق للمسلمين ويصب اللعنات على الكفار ويدعو بان تترمّل نساؤهم ويتيتّم أطفالُهم ويتشتَّت شملُهم. وبالطبع كل من في المسجد يقولون وراءه (آمين) بصوت عال سواءً عن اقتناع أم لا.
ومرة مرضَ صاحبنا وذهب للعلاج في أَحَد مستشفيات (الكفار) في أمريكا وذهل من حسن معاملة الممرضات في المستشفى له. وزاره ابنه الذي يدرس هناك والذي تشرَّبَ من دروس والده الدينية المتطرفة، ورأى ان والده متأثرٌ جدا من حسن معاملة الممرضة له بحنان غريب بالرغم من كونه غريبا وليس من جنسها ولا من دينها ولكنها تعامله وكأنها أمه او ابنته.
فقال له ابنُه: “لكن يا أبي هذه الممرضة من (الكفار)”! فرد عليه صاحبنا الشيخ بحدّة: “اخرس… أُمَّك هي الكافرة مقارنة بهذه الممرضة“!!