يترافق إعلان حركة “حماس” الإرهابية عن تطويع عناصر مسلّحة في لبنان تحت تسمية “طلائع فيضان الأقصى” مع معلومات وردت إلى “الشفاف” الليلة مفادها أن حماس تستعد لتنفيذ هجوم إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية. وهنالك تكهنات في واشنطن بأن أميركا يمكن أن تنفّّذ عمليات قصف في لبنان خلال 48 ساعة المقبلة إذا تم تنفيذ هجمات إنطلاقاً من الجنوب.
هل يمهّد إعلان “حماس” عن تطويع إرهابيين من لبنان، أمس الإثنين، لعملية وشيكة تتمّ طبعاً تحت مظلة حزب الله الإيراني؟ أم هل يستعد حزب الله الإيراني للقيام بعملية كبرى لا يجرؤ على تبنّيها؟
وهل صار جنوب لبنان “وقفاً” للإيراني حسن نصرالله؟
نقطة أخيرة جديرة بالإنتباه: “مركز قيادة حماس في لبنان” يقع في مدينة صيدا، أو في مخيم “عين الحلوة”، الأمر الذي يفسّر محاولات حزب إيران وحماس للإستيلاء على المخيم قبل أسابيع من عملية 7 أكتوبر. وتفيد المعلومات أن هنالك تعاوناً وثيقاً بين حماس في لبنان و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
*
.
بيان
4 كانون الاول 2023
أصدر “لقاء سيّدة الجبل” البيان التالي:
إنّ إعلان “حماس” تطويع عناصر مسلّحة في لبنان تحت تسمية “طلائع فيضان الأقصى” هو عملّ أقل ما يُقال فيه إنه قبيح ومُستنكر ومرفوض، خصوصاً أنه يعود بلبنان إلى أجواء ما قبل اتفاق الطائف، لا بل إلى أجواء الانقسامات والشحن البغيض في الستينيات والسبعينيات.
إن “لقاء سيدة الجبل” يعتبر هذا الإعلان الخطير خطوة استفزازية لعموم المؤمنين بلبنان وسيادة دولته ودستوره وقوانينه والقرارات الدولية والعربية في شأنه.
ويعلن الآتي:
1- تحميل إيران، وواجهتها “حزب الله”، الذي ينسّق مع “حماس” والذي هو عملياً الآمر الناهي ضمن هذه العلاقة، تبعات محاولة الاستفادة من فراغ الحكم في بلادنا لتمرير مقولة إن لبنان أرض جهاد ومنطلق لتحرير فلسطين.
2- التوجه بأقسى تعابير الحضّ واللوم على التقصير إلى جميع المسؤولين في الحكومة والجيش اللبناني، لكونه مسؤولاً وفقاً للقانون الدولي عن التطبيق الحرفي للقرار الدولي 1701.
3- حضّ الشخصيات والقوى السياسية المؤمنة بلبنان ونواب الأمة على عدم الإكتفاء بمواقف لفظية حيال استباحة السيادة اللبنانية في هذا الشكل الفظّ، ومطالبتهم بالدعوة إلى اعتصام سياسي وشعبي داخل البرلمان وخارجه، اعتراضاً على بيان “حماس” باعتباره انقلاباً وتمرداً مقصوداً على كل ما اتفق عليه اللبنانيون في ما بينهم، كما على ما اتفقوا عليه مع “السلطة الفلسطينية”، لا بل على “فكرة لبنان” في ذاتها.
*
*
لمناسبة هذا الإعلان الإرهابي، يعيد “الشفاف” نشر اعتذار منظمة التحرير الفلسطينية من اللبنانيين في 09/01/2008. ونطالب قيادة السلطة في رام الله، خصوصاً، باتخاذ موقف من هذا الإعلان الإستفزازي الذي دفع لبنانيين للحديث عن “إحتلال فلسطيني جديد”.
إعـلان فـلـسـطـيـن فـي لـبـنـان ممثل منظمة التحرير في لبنان
الاخ عباس زكي يطلق إعلان “فلسطين في لبنان” –
مقدمة: على أثر نكبة فلسطين عام 1948، لجأ قسراً إلى لبنان حوالي مائة ألف فلسطيني شهدت حياتهم سلسلة متصلة من الصعوبات بفعل النزوح الثاني عام 1967 عن الضفة الغربية وقطاع غزة، ثم جراء اجتماع معظم المقاومة الفلسطينية على أرض لبنان في غضون بضع سنوات: من اتفاق القاهرة 1969 الذي شرَّع قواعد التمركز والانطلاق في جنوب لبنان، إلى حرب تشرين 1973 التي أفضت إلى إقفال كل الجبهات العربية مع اسرائيل باستثناء الجبهة اللبنانية، وما بين هذين التاريخين من أحداث دامية في الأردن 1970 – 1971. .
لا فائدة الآن من استعادة السجال السياسي الذي حكم تلك الفترات. ولكن الإنصاف يقتضي القول بأن ذلك الوجود الفلسطيني في لبنان، بحجمه البشري والسياسي والعسكري، قد أثقل كثيراً على هذا البلد الشقيق ورتـَّب عليه أعباءً فوق طاقته واحتماله، وبالتأكيد فوق نصيبه المعلوم من واجب المساهمة في نصرة القضية الفلسطينية (دولة مساندة) الأمر الذي أصاب دولته واقتصاده واجتماعه الإنساني وصيغة عيشه إصابات بالغة لم تعد خافية على أحد.
كذلك من الإنصاف القول بأن التورُّط الفلسطيني في لبنان، على نحو ما شهدنا، وبخاصة أثناء حروب 1975 – 1982، إنما كان في مجمله قسرياً بفعل ظروف داخلية وخارجية أشبه ما تكون بالظروف القاهرة.
لا نقول هذا تنصلاً، ولا من قبيل نسبة ما جرى إلى “المؤامرة”، بل رفقاً بالضحيتين، وفتحاً لباب المراجعة، ومساعدةً لأنفسنا جميعاً على تنقية الذاكرة. وأياً ما كان الأمر، فإننا من جانبنا نبادر إلى الاعتذار عن أي ضرر ألحقناه بلبنان العزيز، بوعي أو من غير وعي. وهذا الاعتذار غير مشروط باعتذار مقابل. .
على الصعيد الإنساني، ظلت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان متردّية على الدوام، حتى في عقد السبعينيات حيث بلغ الفلسطيني أقصى درجات انتعاشه واستقوائه بالمقاومة. فقد أخلت الدولة اللبنانية منذ البداية مسؤوليتها عن رعاية اللاجئين، وأوكلت هذا الأمر برمته إلى وكالة “الأنروا” التي قـَصَرت مهمتها على الحد الأدنى من “الغوث” دون “تشغيل” وإنتاج، مع تناقص ميزانيتها وتقديماتها على نحو مستمر، بالرغم من التزايد الطبيعي لاحتياجات اللاجئين. وقد تفاقم الغبن بما سنـََّته الدولة اللبنانية من قوانين مجحفة بحق اللاجئين، تتعلق بالإقامة والتملك والتنقل والعمل، متذرعة بقاعدة “المعاملة بالمثل” بين الدول. وهذه قضية لا تزال عالقة وتحتاج إلى معالجة سريعة، بصرف النظر عن أي بُعد سياسي أو أمني. .
شهدت أواخر الثمانينيات توفر عوامل ذاتية ودولية ساعدت القيادة اللبنانية والفلسطينية على إنضاج خيارات تاريخية كبرى لمصلحة الشعبين. فقد تمكن اللبنانيون من وضع حد للحرب الداخلية بإقرارهم “وثيقة الوفاق الوطني” في الطائف 1989، فيما كان الفلسطينيون ينقلون مركز نضالهم الوطني إلى الأرض المحتلة، من خلال الانتفاضة الشعبية عام 1987 في فلسطين، ثم قرار المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 بتبنـّي خيار الدولتين، وما أعقب ذلك من قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على أرضها بموجب اتفاقيات أوسلو 1993. بذلك أكد الجانب الفلسطيني عملياً أنه لم يعد يفكر، لا اختياراً ولا اضطراراً، في أي مشروع سياسي أو أمني في لبنان أو انطلاقاً منه. .
كان مأمولاً أن يشكل هذا التحول الكبير فرصة تاريخية لتصحيح العلاقات اللبنانية الفلسطينية اعتباراً من العام 1990، بما يليق بتضحيات الشعبين وكرامة كل منهما، وبقيادة الشرعيتين: الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية. بيد أن ظروفاً وتطورات حالت دون ذلك؛ إذ بقيت منظمة التحرير مقصيَّة ً عن شؤون الفلسطينيين في لبنان، وتحول الشأن الفلسطيني إلى ملف أمني الأمر الذي راكم تعقيدات وفاقم مشكلات كان من نتائجها المأساوية أحداث مخيم نهر البارد الأخيرة.
وهنا لا بد من الاشارة إلى نجاح الموقف الفلسطيني في هذا الاختبار الصعب لجهة المصداقية وحسن النوايا تجاه الدولة اللبنانية. . إن منظمة التحرير الفلسطينية تنظر بأمل كبير إلى استئناف العلاقات الرسمية مع الدولة اللبنانية بعد 15 آيار 2006، كما تشهد على
الاستعدادات الطيبة التي أظهرتها الحكومة اللبنانية مؤخراً في غير مناسبة. وهذا ما يجعل كل المشكلات العالقة قابلة للمعالجة السليمة.
استناداً إلى كل ما تقدم نعلن ما يلي: أولاً: إننا ندعو أنفسنا وإخوتنا اللبنانيين بلا استثناء إلى تجاوز الماضي بأخطائه وخطاياه، والانفتاح الصادق على مصالحة في العمق تليق بأصالة شعبينا. كما ونشعر بامتنان عظيم للشعب اللبناني الشقيق على ما قدم من تضحيات جسام لقضيتنا الفلسطينية على مدى عقود، بالأصالة عن نفسه دائماً، وبالنيابة عن كل العرب في كثير من الأحيان.
ثانياً: نعلن التزامنا الكامل، بلا قيد أو شرط، سيادة لبنان واستقلاله، في ظل الشرعية اللبنانية بكل مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن دون أي تدخل في شؤونه الداخلية.
ثالثاً: نعلن تمسكنا بحقنا في العودة إلى وطننا فلسطين، رافضين بحزم وثبات كل أشكال التوطين والتهجير. وإلى أن نعود من حقنا أن نعيش بكرامة.
رابعاً: نعلن أن السلاح الفلسطيني في لبنان، ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها، وفقاً لمقتضيات الأمن الوطني اللبناني الذي تعرّفه وترعاه السلطات الشرعية. وفي هذا السبيل نعلن استعدادنا الكامل والفوري للتفاهم مع الحكومة اللبنانية، على قاعدة أن أمن الإنسان الفلسطيني في لبنان هو جزء من أمن المواطن اللبناني. في هذا السياق جاء الموقف الفلسطيني من نتائج مؤتمر الحوار اللبناني برهاناً أكيداً على قولنا وصدق النوايا.
خامساً: نعلن تمسكنا بحقوقنا الأساسية، كلاجئين مقيمين قسراً ومؤقتاً في لبنان، وكجزء من شعب فلسطيني يكافح من أجل حريته واستقلاله على أرضه. إن حقوقنا هذه غير مشروطة بقضية السلاح، ولا نفكر في أية معالجة بأسلوب المبادلة.
سادساً: نعلن تمسكنا بحقنا في مواصلة النضال السلمي الديمقراطي على جميع المستويات، وضمن القوانين اللبنانية المرعية الإجراء. كما إن نضالنا يتطلب دعماً من كافة القوى والعائلات الروحية في لبنان دون انحيازات او اصطفاف لان فلسطين على مسافة واحدة من الجميع. والمعيار الرئيس هنا هو الموقف من قضية فلسطين.
سابعاً: إن الحل الجذري والآمن لمشكلتنا في لبنان مرتبط بانتصار قضيتنا في فلسطين وفقاً لما قرره شعبنا من خلال ممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير ولم يعد يساورنا أي شك في أن استقرار لبنان يشكل دعماً أساسياً لقضيتنا، كما أن خلاص شعبنا يزيح عن كاهل إخواننا اللبنانيين عبئاً ثقيلاً. لذلك نحن حقاً شركاء في مشروع السلام العربي الذي سيؤدي، بإذن الله وتضامننا، إلى الحل المنشود الدائم والعادل. نتوجه بهذا الإعلان إلى الدولة اللبنانية والشعب اللبناني بكل عائلاته الروحية واتجاهاته السياسية آملين حواراً صريحاً وفي العمق من شأنه ارساء العلاقات الفلسطينية – اللبنانية ولا سيما بين الشرعيتين: الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية. “دولة فلسطين”.