السيد بنيامين نتانياهو
بعد التحية
اود في البداية أن اطمئن على ابنك يائير والذي يقوم بمتابعة حرب غزة من شواطيء ميامي الجميلة بولاية فلوريدا.أنه والحمد لله انه لم يتم استدعاؤه لقوات الاحتياط مثل عشرات الالاف من شباب وفتيات إسرائيل، ولكني متاكد انه يتابع ما يحدث بقلبه ومتعاطف تماما مع ضحايا هجوم حماس يوم 7 أكتوبر ويأسف كذلك للضحايا من جنود الاحتياط الذين لم يسعده الحظ ان يكون معهم. ولكن مين عارف يمكن يكون له نصيب في الحرب القادمة؟
ولقد سبق ان وجهت رسالتي الأولى إلى السيد إسماعيل هنية، زعيم حماس المقيم في قطر، وقد وجّهت رسالتي الأولى له لان حماس هي من بدات هذه الحرب يوم 7 أكتوبر، وعندي لك بعض الأسئلة:
أولا: لقد وضعت لحربك على حماس ثلاثة أهداف. الهدف الأول: هو القضاء على حماس تماما, الهدف الثاني: هو الإفراج عن كل الرهائن الإسرائيلين والهدف الثالث: هو التأكد من ان إسرائيل لن تتعرض مرة أخرى لهجوم مثل هجوم يوم 7 أكتوبر. وفي اعتقادي ان الهدف الوحيد الممكن تحقيقه بواقعية هو الإفراج عن الرهائن بشرط الوصول إلى وقف تام لإطلاق للنار والوصول بعد ذلك إلى تسوية نهائية بما ذلك نزع سلاح حماس مقابل دولةً فلسطينية. لن تستطيع القضاء على حماس وتحرير الرهائن في نفس الوقت، لان مقاتلي حماس قبل ان يتم القضاء عليهم في الأغلب سوف يقضون على الرهائن على طريقة “علي وعلى اعدائي“.
ثانيا: إلا تشعر بالذنب للتقصير الذي حدث من جانب أجهزة مخابراتك وتأخير الرد الإسرائيلي على الهجوم ما زاد من عدد الضحايا، واعتقد ان هذا التقصير سوف يكلفك منصبك، وربما يكون هذا في صالح السلام.
ثالثا: انت اكثر من رفع شعار” يهودية الدولة ” وهو شعار غريب من عدة نواحي. أولها: ان إسرائيل منذ نشاتها بالرغم من ان اغلبية سكانها من اليهود، إلا انها كانت دائما دولة علمانية تفصل بين الدين والدولة. ثانيها: إذا كنت تريد حقا يهودية الدولة ماذا ستفعل بأكثر من مليون وسبعمائة الف مواطن إسرائيلي بين مسلم ومسيحي (20 % من سكان إسرائيل)؟ هل ستطردهم خارج إسرائيل؟ ثالثهما: ألا تذكرك حكاية يهودية الدولة بالدعوة العنصرية التي بدأها ادولف هتلر في القرن الماضي وطالب فيها بان الجنس الآري في المانيا هو من يستحق البقاء، وهذا أدى إلى مأساة الهولوكوست التي دائما تذكرنا بها بمناسبة وبدون مناسبة. رابعا: إلا تدرك بان الدعوة إلى يهودية الدولة قد حولت الصراع بين العرب واليهود أكثر فأكثر من صراع على الأرض إلى صراع ديني وقد يتسع ليس فقط إقليميا ولكن عالميا حيث شاهدنا اعتداءات على يهود ومسلمين في أمريكا وأوروبا في أعقاب حرب غزة.
رابعا: ارجو ان تراجع قراءة تاريخ الحروب. فلم يسبق لجيش نظامي ان هزم الميلشيات أبدا. أمريكا فشلت في هزيمة ميليشيات “الفيت كونج” في فيتنام، روسيا فشلت في أفغانستان، أمريكا بكل جبروتها وقوتها فشلت في هزيمة طالبان. وبعد عشرين سنة من حرب أفغانستان سلمت أمريكا الحكم إلى طالبان.
خامسا: لقد قررت انت عدم القيام بهجوم بري كاسح للقضاء على حماس خوفا من زيادة أعداد الضحايا بين القوات البرية الإسرائيلية أثناء قتالهم مع حماس، ولذلك قررت ضرب كل الأهداف المحتملة لحماس من الجو، وراح نتيجة لهذا الاف الضحايا من الأبرياء. لقد تعلمت عندما كنت مجندا في الجيش المصري ان الحروب تكسبها قوات المشاة وليس القوات الجوية. لقد قامت قواتك الجوية بقتل الالاف من المدنيين نتيجة هذا القصف الذي اعتبره قصفا عشوائيا. وحسب الاحصائيات الإسرائيلية، فان عدد قتلى حماس بلغ ٦٠٠٠ مقاتل؟ ولو سلمنا بصحة هذا الرقم فان عدد قتلى المدنيين بلغ حتى الان نحو ٩٠٠٠ بين طفل وامراة وشيخ. وانت تعرف جيدا ان مقاتلي حماس قادرين على حماية أنفسهم، اما المدنيين فلا حول لهم ولا قوة لذلك فان ضحايا المدنيين بلغت مرة ونصف مقاتلي حماس.
سادسا: أنا بالطبع كنت أتوقع رداً إسرائيلياً قوياً، ولكني لم اكن أتوقع ان يكون بهذا العنف. ان رد الفعل غير المتكافيء بين قوى غير متكافئة علاوة على التهجير القسري والحصار كل هذا خلق جوا من الكراهية في المنطقة ومن العداء تجاه إسرائيل. حتى ان أصوات المطالبين بالتطبيع مع إسرائيل وعمل سلام معها قد خفتت وتكاد تكون اختفت. هناك أصوات في مصر والأردن تطالب بإلغاء معاهدات السلام مع إسرائيل وقطع العلاقات معها. ان ماقامت به حكومات إسرائيل في نصف القرن الماضي من محاولات العيش مع حيرانها كل هذا مهدد بالانهيار.
سابعا: لقد استشهدت في احدى خطاباتك بهذا السِفر من التوراة “فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل مالهم ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلا وامراة وطفلا ورضيعا، بقرا وغنما ، جملا وحمارا“، وواضح انك تقوم بتنفيذ هذا السِفر من التوراة على اتمً ما يرام، ولم تكتف بالسفر الاخر من التوراة الذي يقول “العين بالعين والسن بالسن“.
ثامنا: أهديك نصيحة غالية باعتباري اكبر منك قليلا في السن: “اكبر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة“. إذا كنت حقا تريد للمواطن الإسرائيلي ان يعيش بأمان في المنطقة العربية لا سبيل إلا ذلك إلا بالسلام وحل الدولتين والرجوع إلى اتفاقية أوسلو. لو تخيلت انك سوف تقضي على حماس فإنك واهم، وحتى لو افترضنا جدلا انك فعلا قضيت على حماس كيف تضمن ألا تظهر عدة منظمات أخرى اشد شراسة من حماس.؟ هولاء الأطفال الذين أصيبوا او شاهدوا بيوتهم تُهدم وأهاليهم تُقتل امام أعينهم، ماذا تنتظر منهم؟ ان العنف يولد العنف والتطرف يولد التطرف، عندك فرصة ذهبية ان تضع اسمك في كتاب تاريخ إسرائيل بجوار اسحق رابين وشيمون بيريز ومناحم بيجن,. صدقني لا سبيل لوقف العنف إلا بوقف الظلم والحصار الذي يتعرض لهً الفلسطينيون منذ ما يقرب من قرن من الزمان. لن تستطيع ان تستمر في معاملة الفلسطينيين معاملة الحشرات التي تداس بالأقدام.
تاسعا: واخيراً، تعال “حط عينك في عيني واحلف على التوراة” أنك حقا تريد السلام وإقامة دولة فلسطينية. وإلا لماذا الاستمرار في بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس حتى بلغ عدد المستوطنين الإسرائيلين في المستوطنات حوالي 800 الف مستوطن، وأصبحت تلك المستوطنات عقبة رئيسية في سبيل حل الدولتين.
والسلام على من اتبع الهدى،
سامي البحيري
إقرأ أيضاً: