(الصورة: “مكارم الأخلاق” في كابول: صالونات التجميل ممنوعة! كما طالبَ بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي! صُدفة..!)
«… أي أحمق خبيث يستطيع أن يجعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد وأكثر عنفا، لكننا نحتاج للمسة عبقرية ولقدر كبير من الشجاعة، لنمشي في الاتجاه المعاكس…!!» (برنارد شو)
***
كما توقع غالبية المراقبين، فقد صوت أعضاء مجلس الأمة، عدا تسعة منهم فقط، على رفض ما طالبت به القوى المستنيرة من تعديل لنص المادة الـ16 من قانون مفوضية الانتخابات، والموافقة على النص الحكومي المعدل، الأكثر سوءا، والذي يحرِّم على المواطن غير المسلم (وإن بصورة غير مباشرة)، وعلى المواطنة المسلمة غير المحجبة (على الأقل)، من الترشح مستقبلا لأي انتخابات مجلس أمة!
يُعد تمرير هذا القانون بكل مثالبه، في المداولة الثانية، إعلانا بدخول الدولة في نفق مظلم يقاد من قوى ظلامية متشددة دينيا، ربما تنفيذا للاتفاق غير المعلن بين هؤلاء النواب، وقوى محددة في الحكومة.
لا شك في أن هذا القانون لن يبقى على حاله للأبد، وسيتغير للأفضل، ولكن إلى ذلك الحين سنكون قد فقدنا كل ما بداخلنا من حماس وزخم ورغبة في التطوير. وإقرار القانون الرث يمثل نقطة مفصلية في تاريخ الكويت السياسي، ففشل الأمة في انتخاب حتى نائب ليبرالي واحد لهذا البرلمان، ولأول مرة منذ بدء الحياة النيابية، دليل على سوء أوضاعنا، فعدم النجاح لم يأت اعتباطا، بل نتيجة لعمل دؤوب قامت به الأحزاب الدينية، و«الإخوان المسلمين» بالذات، استمر لعدة عقود، بغية أسلمة المجتمع، أو “أخونته”، بمباركة من معظم حكومات الكويت المتعاقبة، أو على الأقل سكوتها.
وما الإهمال المتعمد لمرفق التعليم ومناهجه المتخلفة، وغض النظر عن كارثة الغش الجماعية، إلا دليل على الرغبة شبه الرسمية في إبقاء الأوضاع المتردية كما هي. والنتيجة أنه أصبح لدينا مشرعون لا هم لهم غير «أسلمة» كل نشاط، وتحويل الكويت، التي كانت يوما الأجمل والأروع خليجيا، تبدو وكأنها فرع خليجي لدولة طالبان، يطالب فيها مشرعوها الحكومة منع المرأة من تولي القضاء، أو حتى الخروج من البيت، وتأسيس شركات توليد طاقة «إسلامية»، ومصانع أدوية متفقة مع الشريعة، ومنح جنسية الدولة لأربعة آلاف شخص سنويا، وكأننا نقارب الهند أو الصين عددا، وأن هذا العدد الضخم سوف لن يكون له أي تأثير ديموغرافي أو سياسي أو مادي على مواطني الدولة!
لقد عاث هؤلاء، الذين لا يريدون للكويت الخير والازدهار والتقدم، خرابا وتشددا غير مبرر في الوطن، تحت غطاء الديموقراطية، بغية تغيير هوية المجتمع، واختطافه من أهله، بغريب مقترحاتهم وعجيب مواقفهم.
إن علينا توقع عشرات القوانين الظلامية، والمقيدة للحريات، والكثير من مقترحات القوانين القندهارية البائسة، التي ستفقدنا تدريجيا إيماننا بديموقراطيتنا، وبوطننا وبمؤسساتنا، وهذا ما يتمنى أعداء الأمة رؤيته.
a.alsarraf@alqabas.com.kw
هذا خطير
حلوة