وسط سخونة الأوضاع السياسية التي يبدو أنها لا تبرد في الكويت في كل الفصول، ونتمنى هذه المرة أن تشكل حرارتها المتصاعدة وقود دفع للتنمية إلى الأمام. رشحت مديرة منظمة التجارة العالمية الدكتورة نجوزي إن أوكونجو إيويال، الرئيس التنفيذي لمجموعة «أجيليتي» طارق السلطان، ليكون أحد الأعضاء العشرة للمجموعة الاستشارية التي أنشأتها بغرض مشاركة وجهات النظر والآراء حول التجارة العالمية وأنظمتها.
هنا يتعين علينا أن نتوقف قليلاً وبتبصر منفتح متجرد من أي عواطف لقراءة هذا الترشيح الذي يخرج في مكتسباته عن النطاق الشخصي إلى الحيز الأوسع وهو مكانة مجتمع الأعمال الكويتي وتقدير ريادته ورؤياه عالمياً.
ترشيح طارق السلطان، لهذا المقعد العالمي يحمل رسائل متعددة ليس أقلها أنه يعكس تقديراً كبيراً من المؤسسات العالمية لدور رجال الأعمال الكويتيين، للدرجة التي تقرر معها أن تكون الكويت ممثلة في عضوية هذه اللجنة العالمية من بوابة القطاع الخاص.
ومع أنباء ترشيح طارق سلطان، لهذه العضوية الاستثنائية لا يمكن تجاهل التحديات التي يواجهها الرجل وغيره الكثير من اصحاب الشركات في بعض استثماراتهم للدرجة التي لا يعد معها سراً تزايد المخاوف بين مجتمع الأعمال بالفترة الأخيرة من أن تؤدي التضييقات عليهم وتباطؤ التنمية إلى هجرة بعضهم أو تقليص أعمالهم محلياً.
وللتذكير، هذه ليست المرة الأولى التي يلمع فيها نجم رجال الأعمال الكويتيين في أعين مسؤولي التنمية بالأسواق المتقدمة، فقبل فترة قريبة عبر وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، خلال افتتاح منتدى «استثمر في السعودية» عن اعتزازه باختيار عددٍ من كبريات شركات الكويت، مثل؛ «زين» و«شمول الشايع»، و«أجيليتي»، ومجموعة صناعات الغانم، وغيرها كثير، للمملكة كسوق تضخ فيه استثمارات ضخمة، تُسهم في نمو الاقتصاد السعودي وتنوعه وازدهاره، بقدر ما تُسهم في تعزيز الاقتصاد الكويتي وتنميته.
ما سبق، يشكل مقدمة ضرورية للإشارة إلى مكانة القطاع الخاص الكويتي اقليمياً وعالمياً، ما يفرض أهمية استعانة الحكومة ببعض شخصياته في إرساء التنمية المستدامة، وليكن ذلك على سبيل المثال من خلال الاستعانة بالمقدرين عالمياً في عضوية اللجنة المركزية الحكومية العليا المعنية بتحقيق التنمية المستدامة، كمستشارين للحكومة وداعمين لخططها والذين أعتقد أنهم سيضعون جميع خبراتهم وخدماتهم وإمكاناتهم في خدمة الوطن وتحقيق التنمية المستهدفة من دون أي مقابل.
وتتنامى أهمية هذه الخطوة مع ما يتمتع به القطاع الخاص الكويتي من مقدرة عالية وخبرة استثنائية تمكن صانع التنمية المحلية من تجاوز تباطؤ انضمام الكويت للسباق الاقتصادي الذي انطلق منذ فترة إقليمياً وعالمياً، وتغيير النتائج لصالح تعويض الكويت مما فاتها من تنمية وبطرق مختصرة خالية من التعقيدات المزمنة والجداول الزمنية غير المنضبطة.
الخلاصة:
يتصادف في هذه المرحلة المحورية في تاريخ الكويت، وما تشهده من ضغوط اقتصادية ومالية كبيرة، وفي سياق مكتسبات العهد الجديد من اصلاح تدعمه القيادة السياسية بقوة أن يبرز بجوار رجال الأعمال الكويتيين أصحاب الرؤى العالمية جناحين حكوميين يشكلان خبرة واسعة في الحكومة الحالية، وهما نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي، وزير النفط وزير دولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار الدكتور سعد البراك، ووزير المالية مناف الهاجري، فكلاهما يحمل خبرة اقتصادية طويلة ممزوجة بقصص نجاحهما بالقطاع الخاص وريادة الأعمال محلياً وخارجياً.
ومع هذا التكامل بين القطاع الخاص والحكومة يكون من السهل تلاقي رؤى التطوير العملية الجادة في إحداث الانطلاقة الحقيقة التي تضمن تغيير المشهد الاقتصادي إلى المسار المستهدف، حيث الجميع في هذه الحالة يعي جيداً معوقات بيئة الأعمال المزمنة ويملك الوصفة العملية التي تساعد وسريعاً في القفز على أي معوقات في سبيل تحقيق تنمية مستدامة حقيقية وليست نظرية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية بحسن استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة.