صدر في نهاية الأسبوع الماضي حكم التمييز المتعلق بإعادة الجنسية لفئة من المواطنين، وقد تتلوه أحكام أخرى، من نفس الطبيعة.
شكل صدور الحكم بلبلة وتساؤلا لدى الكثير، فقد سبق أن أصدرت «هيئة دوائر التمييز» حكما، قبل عام تقريبا، ينص بكل وضوح على أن أعمال الجنسية، من منح وسحب وإلغاء وإعادة، هي من أعمال السيادة، أو السلطة، وبالتالي لا تنظر فيها المحاكم.
***
قمت بالاستفسار من صديق مختص بهذه القضايا، مفضلا عدم ذكر اسمه، فأفاد بأن حكم محكمة التمييز الأخير صحيح وحكم «هيئة دوائر التمييز»، في نفس الموضوع صحيح أيضا، وأن حيرتي مفهومة، والأمر كالتالي:
كانت هناك خلافات في السابق بين مختلف رؤساء دوائر التمييز؛ فهناك رئيس دائرة يعتقد بأن قضايا الجنسية، وخاصة السحب، ليست من أعمال السيادة، ومن حق دائرته الفصل فيها. هناك ورؤساء دوائر آخرون يرون عكس ذلك. وبالتالي كان لا بد من توحيد موقف مختلف دوائر التمييز من هذا الموضوع. لذا اجتمعت «الهيئة العامة لدوائر التمييز، هيئة توحيد المبادئ»، وحكمت بكون كل قضايا الجنسية من أعمال السيادة.
أثناء ذلك كانت هناك مجموعة من قضايا الجنسية، غير معروف عددها، تنظرها المحاكم، ووصلت إحداها لدائرة تمييز برئاسة المستشار محمد السيد يوسف الرفاعي، وهو من مؤيدي مبدأ أن قضايا سحب الجنسية تخضع لرقابة القضاء. وعند النظر في ملف القضية وجد أن محكمة أول درجة قد حكمت بإعادة جنسية المتظلمين. أما محكمة الاستئناف فقد حكمت بإلغاء حكم محكمة أول درجة، وحكمت بعدم الاختصاص الولائي، أي إنها غير مختصة كمحكمة للنظر في الطلب، أو القضية، وهذا دفع المستشار الرفاعي لإعادة القضية للاستئناف لتقوم بتغيير حكمها!
وهكذا عادت القضية للاستئناف ثم ليد المستشار الرفاعي في التمييز، الذي رأى تأجيل الحكم فيها، بانتظار صدور حكم «هيئة دوائر التمييز»، والذي صدر مبينا بأن قرارات الجنسية من أعمال السيادة، ولا حق للقضاء التدخل فيها، كسبا، أو سحبا أو إسقاطا أو إعادة، وبالتالي انتهى الموضوع، وأقفل الباب.
لكن بقيت تلك القضية أو القضايا، التي سبق للقاضي الرفاعي تأجيل الحكم فيها، حيث رأى أنها تقع خارج حكم «هيئة دوائر التمييز» المتعلق بسيادة السلطة على أمور الجنسية، وبالتالي تستمر في طريقها، لأن لدى أصحابها حكما حائزا على «الحجية وقوة الأمر المقضي»، اعتمادا على القاعدة التي تقول إن حجية الأحكام تعلو على«النظام العام». وهذا يعني أن القضايا التي نظرتها محكمته، قبل صدور حكم دوائر التمييز، لها ظروفها الخاصة، ويستمر النظر فيها أولا بأول حسب قاعدة حجية الأحكام. وهكذا صدر حكم يوم الخميس الماضي مؤيدا إعادة الجنسية لبعض من سحبت منهم، وهو ما خلق اللبس، الذي تم توضيحه أعلاه.
a.alsarraf@alqabas.com.kw
هنيئاً للكويت بأنها حافظت على فكرة « القانون » التي دمّرها العسكر والبعثيون والشيوعيون والإسلامويون، فرع « الإخوان » وفرع « السلف »، وفرع « ولاية الفقيه »، في طول المنطقة وعرضها! أخبرني الراحل العظيم وكاتب « الشفاف » المستشار محمد سعيد العشماوي، الذي اخترع تعبير « الإسلام السياس » وشغل منصب رئيس محكمة امن الدولة العليا في مصر أنه في إحدى الحالات كان يريد إصدار أحكام ضد ٥٠٠ متهم من « الإسلاميين » (الذين كان يكرههم كرهاً لا حدود له)، فطلب من إدارة السجون إحضار السجناء لسماع الأحكام وجاهياً « عملاً بالقانون”. وبعد أن تذرّعت الوزارة على مدى أسابيع بأنه « لا توجد عندها باصات لإحضار المساجين »، رغم مناشداته وإصراره، فقد أصدر أحكام « براءة » لجميع… قراءة المزيد ..