ورد على لسان الأكاديمي، والسياسي السابق، عبدالله النفيسي، أن عند العرب 100 من أمثال المنافق عبدالله بن سلول، وعند الفلسطينيين ما يماثلهم عدداً، وطالما لم ننظف مجتمعاتنا منهم، فإن معركتنا مع الصهاينة خاسرة، وأنه يقوم هذه الأيام بقراءة كتاب Secret Jews أو «اليهود المخفيون» (لم يذكر اسم مؤلفه)، وأن بين العرب الكثير من اليهود المتخفين، الذين انتشروا، بعد الحرب العالمية الثانية، في الدول العربية والإسلامية، وهم من أظهروا الإسلام، لكي يحطموا أممنا من الداخل. وقد يكون منهم في قياداتنا السياسية، وفي المقاومة الفلسطينية، ويجب البحث في هذا الأمر حتى نطمئن إلى منظومتنا الأمنية!
أنهى النفيسي كلامه بأن ليس لديه أي دليل على أقواله أعلاه!
***
بالبحث تبيّن أن كتاب «اليهود المخفيون» Secret Jews وضعه Juan Gutierrez قبل 7 سنوات تقريباً، وهو كاتب ومحاضر وحاخام يهودي معروف، وكتبه دفاعاً عن اليهود، وليس لتحذير الآخرين منهم. ركّز فيه على الاضطهاد الذي تعرّض له اليهود بعد سقوط الأندلس، ومحاولتهم إخفاء هويتهم الدينية، واضطرار أغلبهم إما للفرار أو اعتناق المسيحية، ولو في الظاهر.
اعتبر المؤلف تلك الأحداث التي وقعت في الفترة من 1391 إلى 1492 واحدة من الكوارث الكبرى التي أصابت اليهود، حيث لم يكن أمامهم غير خيارات ثلاثة، إما التحول للمسيحية، أو القتل، أو مغادرة أسبانيا، والخيار الثالث لم يكن متاحاً غالباً لهم، ولا للمسلمين.
***
نفهم من موضوع الكتاب، وحقيقة هوية مؤلفه الحاخام اليهودي، الذي حاول المحاضر النفيسي عدم ذكر اسمه، (وغالباً عمداً)، أنه أبعد ما يكون عن النقاط التي تطرق لها في محاضرته، وخطأ ربطه بعبدالله بن أبي بن سلول. كما لا علاقة للكتاب بقياداتنا ومنظومتنا الأمنية!
نتمنى على الأخ عبدالله التقليل من قصصه، فهناك من يدقق ويبحث فيما يرد على لسانه، ولسان غيره، من ادعاءات، ولسنا هنا بصدد التقليل من احتمال تغلغل المخابرات الإسرائيلية في دولنا، ولكن هذا لا يعني أن لنا الحق في «التبلي» على المؤلفين والكتاب، واختلاق القصص، وبالذات غير الصحيح منها، فقط لنرضي أهواء وغرائز من يستمعون إلينا من بسطاء التعليم والفهم!
من جانب آخر، لا أدري كيف يمكن معرفة اليهودي المتخفي بيننا؟ وكيف يمكن إقناع أي عاقل أن من تحوّل من دينه للإسلام كاذب، وتجب محاسبته ومراقبته؟ فهذا كلام لا معنى له، وإن صدق فعلى لجنة التعريف بالإسلام، المعنية بالهداية للإسلام، إغلاق أبوابها!
***
تقول الزميلة السورية هدى جنات: صدقوني لست من يركب الموجة من أجل مصالح شخصية، واستغلال أصحاب العقول الضعيفة، التي تصدق فعلاً أن بالإمكان محو إسرائيل النووية. فالشاعر الفلسطيني محمود درويش ألف كتباً وأشعاراً عن المقاومة والصمود والتحرير و«خبز أمي»، فجمع الملايين، واشترى بيتا في لندن، وآخر في أميركا، وصرف الباقي على حبيبته، عدوته، وتوفي في USA، بعد أن عاش على الكافيار والبلاك، وليس خبز أمه.
كان يبيع شعارات، ويسترزق منها. بخلاف ما يعانيه يومياً المواطن الفلسطيني، وما يتعرض له آلاف المقاتلين من خطر على حياتهم في كل لحظة.
***
ما حدث لنا يعود أساساً إلى أننا أمة غشيمة يسهل الضحك عليها، فاثنان من أكثر مدعي المعرفة، على وسائل التواصل، وفي مقابلات القنوات، هما الأكثر متابعة وحصداً للمعجبين، لأننا أمة جاهلة، ووسائل إعلامنا تروّج لهما ولجهلهما، وتغطي على «عوراتهما المعرفية». فأمتنا المسكينة تصدق أي شيء، من أي كان، وتدفع الثمن غالياً فيما بعد، وتلدغ من الجحر نفسه ألف مرة.
لقد علمونا أن كل مشاكلنا سببها إسرائيل، ونسوا أننا كنا فقراء وجهلة ومتخلفين، ويقتل بعضنا بعضاً، ولا نزال، قبل أن تأتي إسرائيل، وبزوالها لن يتحسن حالنا، بل سنستمر في قتل بعضنا البعض. ولو حزم اليهود حقائبهم وتركوا فلسطين، لحدث اقتتال دموي شرس بيننا على من يحكمها.
a.alsarraf@alqabas.com.kw