22 شباط /فبراير 1958: 65 سنة على وحدة فاشلة لم تعمر حتى ثلاث سنوات، وعلى تهويمات بدولة عربية واحدة ومن المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي لم تتواجد يوما في التاريخ.
ليس من داع إلى التذكير بأفشل عملية سياسية لمفاهيم العرب العاطفية في النصف الثاني من القرن العشرين، لولا أن حاضرنا اليوم يدعونا إلى دراسة فشل الدولة الوطنية المعاصرة في العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين. بل وحتى في الكيان الإسرائيلي، أقوى الكيانات عسكريا واقتصاديا وتطورا في هذا “الهلال الابراهيمي” المطوق بثلاث دول إقليمية فاعلة وكبيرة. وهي من الشمال تركيا، ومن الشرق إيران، ومن الجنوب جزيرة العرب التي تربطنا بها روابط ثقافية واقتصادية وتاريخية ويمثل هلال يعرب حاليا عبئا عليها.
في هذا الهلال اليوم ست دول، خمس منها يعاني من إسرائيل التي تدعي إنها تنتمي إلى هذه المنطقة بينما أقامت جدار برلين الفلسطيني لتفصل نفسها عن محيطها الملاصق المباشر، قافزة فوق الفلسطينيين واتفاقياتها معهم بسلام ودولة لهم. ومنذ أيام “أوسلو” وإسرائيل تماحك استيطانا وخنقا وإفراغا لكل ما اعترفت به للفلسطينين في تلك الاتفاقات وقافزة للتطبيع مع دول الخليج العربي متوهمة انها بإمكانها إقامة علاقات طبيعية معها بمعزل عن تلاعبها باتفاقياتها مع الفلسطينين وبتجاوزها لما تبقى من دول كانت يوما ما تسمى بـ”دول الطوق” وعمقها العراقي. (لنترك مصر جانبا، فقد إختارت ان تخرج نفسها بنفسها من “دول الطوق” ولنتجاوز الاردن).
هذا الهلال الذي تقاسمه مشروع سايكس – بيكو وقتله مشروع بلفور قبل قرن، لم ولن يعرف الاستقرار إلا بتجاوز تلك الغلطة والخيانات التاريخية المرتكبة مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين بحق كل هذه الولايات الشمالية العثمانية الشمالية سابقا.
تريد إسرائيل ان تكون حقا من المنطقة؟ إذاً، عليها هي ان تباشرالإندماج في هذه المنطقة. فوجودها ككيان منفصل ومعادٍ لن يعطيها إمكانية البقاء.
صحيح انتصرت، ولا تزال إسرائيل قادرة على الانتصارعلى الكيانات السياسية العربية. إلا أنه يستحيل انتصارها على الشعوب العربية والإسلامية وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني التي أحالت أشباله من عرين الأسود المنطلق من نابلس بقايا منظمة التحرير إلى التقاعد.
وما كان لمشروع منظمة التحرير أن يحال للتقاعد لولا إجهاز معظم الأنظمة العربية واستخدام بعض فصائله المنحرفة بندقية للإيجار او لتوظيفها فيي تمدد وتثبيت أنظمتها.
إن بقية كيانات هلال يعرب قد انكشف هشاشة حجمها وتأثيرها. وهذه الهشاشة هي في أسسها وأصلها وكامنة في تقسيمها وطوباوية وجهل من تصدوا للتنظير فيها. فمرة سعوا إلى كيان سياسي يتيح لبعض ورثة المندوب السامي تفصيل كيان على قدر ذهنياتهم. وها هم اليوم يستعيدون بعضا من طروحاتهم السابقة على تركيبتهم الحالية.
إن نظرة خاطفة على “الحياة الفكرية في المشرق العربي 1890 -1939، إعداد مروان البحيري” تكشف إشكاليات التأسيس لكل دول المشرق العربي، شماله وجنوبه.
ليس المهم إشكاليات التاسيس، بل الأهم ما وصلت له اليوم كل دولة في ( هلال يعرب الابراهيمي ومواطنيه). يكفي أعداد القتلى/ وتدهور الأوضاع الاقتصادية والدمار، وتفشي الجهل فيها، للمطالبة بالتفتيش عن حل بديل قوامه وحدة فدرالية ديموقراطية تنطلق من العراق وسوريا بعد إستعادتهما لحريتهما تتوجه ضغطا على الكيان الإسرائيلي لإجباره على النزول من تهويماته بانه دولة فوق المنطقة وشعوبها إلى عضو فيها ومشارك أساسي معهما لإقامة دولة قومية فيدرالية تأخذ في إعتبارها تجنب تلك الوحدة الفاشلة عبر تحديد حدوها بهذا الهلال وإعادة دمج كياناته ضمن ولايات متداخلة وشراكة بين مكونات كل ولاية مع عاصمة محلية لها، والجميع يتبع سلطة العاصمة المركزية المسؤولة عن الدولة كجسم سياسي موحد ومستقل تجاه الخارج وكمتابع لعمل الولايات المستقلة مما يسمح له بالتدحل لإصلاح مشاكلها.
هل يتحقق هذا؟
في تقديري سيتحقق، لأن العالم يمشي قدما إلى الامام ويتغير باستمرار. ولن يكون باستطاعة نتف مليونية تتخبط صغارها أين تدفن نفاياتهم ، في مواجهة ومعادلة ثلاث دول إقليمية تحيط بهم سيبلغ تعداد سكانها بعد قرن النصف مليار.
بيروت شباط 2023
العزيز هشام عليوان كاتب وباحث واعلامي و اصدر حديثا دورية “تكوين” كمحلة محكمة مهتمة بالشؤون والاتحاهات الفكرية وهو اول من تناقشت معه في هذا المشروع و توافقنا عليه نتابه بهدوء موضوعه الى جانب انشغالاتنا اليومية وصولا لتوسيع دائرة اتصالاتنا في منطقتنا لايجاد نواة صلبةتتابع هذه الافكار و تصوب فيها . سلامة شعوب هذه المنطقة وامنهم و تطورهم وامكانية الحصول على حياة كريمة في المستقبل لهم كلهم على اختلاف طوائفهم و مذاهبهم واثنياتهم ولغاتهم التي يحبونها.
و اجمل الايام ،حتما بعد غد.
فاروق قارئ نهم لا يهدأ. جربته الحياة وحنكته. ما طرحه محاولة جسورة لحل الأزمات المزمنة في منطقتنا بكياناتها المأزومة من أصل النشاة. ظلت هذه المنطقة لقرون مفتوحة أمام حركة الأفراد الاموال. والامتزاج السكاني بين أرجائها كبير جدا. الان هل يمكن حل الأزمة الوجودية التي تضرب العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن والسودان وليبيا بشيء من النظام الفيدرالي الاتحادي الذي يجمع الهلال العربي المحيط بجزيرة العرب؟ يبدو لي أن المنطقة باتساعها تحتمل اتحادا مفيدا بدل من تذرر الدول القائمة وتدابر سكانها بما يولد مزيدا من الضغائن والاحفاد التاريخية. على أن هذا الاتحاد يحفظ كيان الأقليات الدينية والعرقية بدلا من تذويبها في دول… قراءة المزيد ..
كتاب د. احمد بيضون، الصراع على تاريخ لبنان. نشر د. بيضون هذا الكتاب قبل ثلاثة عقود تقريبا. اليوم و بعد كل هذه التطورات في العقدين الحاليين، ارى ان السؤال هو: ما هو البديل للكيان اللبناني و لهذه المنطقة التي نكبها سايكس بيكو و وعد بلفور؟ هل تصمد كيانات سايكس بيكو كل بنفسه للقرن التالي؟ هل لبنان قادر على حمل عشرين مليون لبناني بعد قرن؟ اين سيذهبون بنفاياتهم؟ اي منطقة محاطة بتعداد بشري يقارب المليار تستطيع الصمود وتعدادها عشرون مليونا… حتى تايوان و دعم امريكا المطلق لها ، لا امل لها، علما انها منفصلا بحرا عن الصين فماذا عن. ” عش… قراءة المزيد ..
قرأت مقالات سابقة للكاتب فاروق عيتاني. ملم بتاريخ لبنان والمنطقة ولديه قراءة خاصة تستند على معرفة واطلاع عميقين وجرأة في طرح الافكار.
إرث الوحدة الفاشلة لا يزال يشكل المشهد السياسي للشرق الأوسط اليوم ، وأن الدروس المستفادة من فشل الوحدة لا تزال صالحة لفهم الصراعات الإقليمية المعاصرة. لا يمكن المضي قدما بنفس النهج التقسيمي بل يجب اعاده انتاج المنطقه لما يناسب اهلها. الانضمام الى فيدراليه يصنع بلدان قويه عكس ما يتم الترويج له بلبنان كفيدراليه تقسيميه.
كثيره هي الافكار اللتي فشلت لانها كانت سابقه لاوانها, لقد خان الوقت لاعاده النظر بالفكر الفيدرالي كنقطه انطلاق لدول المنطقه اللتي هي على طريق الزوال قبل انتهاء القرن.
Je suis d’accord avec monsieur Farouk itani , l’accord franco-anglais était un grand problème pour la majorité de la région de l”orient arabe , il faut trouver des solutions adaptées aux besoins et intérêts réalistes de Hilal yaroub , comme il a dit l’auteur de l’article
انا مع قاله الكاتب السيد فاروق عيتاني ، فهو ابن لبنان و المنطقة و مضطلع يبدو على هذه التفاصيل ، سايس بيكو كانت وبالا على الاكثرية في منطقة الشام و العراق كما سماها الكاتب الولايات العثمانية العربية لاسباب كثيرة ، و الحل هو اعادة بلورة المنطقة من جديد وفق المصالح المشتركة لاهلها و انساجمهم الاعتقادي بعيدا عن شعارات الوطنية التي تبين للجميع من استغلها طيلة العقود الماضية للسيطرة على الحكم في سوريا و لبنان و العراق خاصة و احتلال فلسطين. الكاتب وضع الإصبع على الحقيقة المؤلمة ، ان الذكرى تنفع المؤمنين
فاجأني الصديق “البيروتي” فاروق عيتاني حينما طلب مني أن أنشر موضوعه (“إذا أعجبني”)، فاجأني بأمرين: وصفه لوحدة 1958 بين سوريا ومصر على أنها “تهويمات بدولة عربية واحدة ومن المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي لم تتواجد يوما في التاريخ”!!
وفاجأني بدعوته دولة إسرائيل للخروج من اوهامها والإنضمام إلى دولة فيدرالية لدول المنطقة!! وهو موقف متقدّم سبق أن دعا إلى ما يشبهه رئيس إسرائيل السابق شمعون بيريز!
مواقف تستحق النشر حتماً، وتستحق الكثير من النقاش! و”الشفاف” مفتوح للنقاش!