النبرة التفاؤلية التي تعبّر عنها أوساط ١٤ آذار القريبة من الرئيس سعد الحريري لا تشمل الرئيس فؤاد السنيورة في ما يبدو! وقد عكس تصريحه اليوم، من بكركي، نبرة “حذر” واضح:
“يجب ان يعي اللبنانيون جميعا هذا الكلام، نحن الآن نعاني، والاوضاع صعبة جدا في لبنان ويجب ان نفهمها وندركها ونعرف ما هي آثارها، ولا اريد ان اهول على اي لبناني، ولكن يجب ان ندركها حقيقة، ويجب ان ندرك المصاعب الكبيرة المتأتية من الظروف الاقليمية التي نواجهها، وكل هذا يستدعي منا ادراكا وعملا من اجل التوصل الى تفاهم نستطيع ان نحمي به البلد من جراء هذه العواصف العاتية التي يمكن ان يتأثر بها لبنان”.
ولكن أوساط العائدين من اللقاء مع الرئيس الحريري ومع مسؤولين سعوديين في “الرياض” تعكس تفاؤلاً غير معهود منذ سقوط حكومة الحريري! وحسب مصادر الـ”١٤ آذاريين” العائدين من الرياض فإن “مرحلة ما قبل تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل حكومة لا تشبه مرحلة ما بعدها”!
وتلفت هذه المصادر إلى ان سقوط الحكومة الميقاتية فاجأ الجميع من دون ان يكون للمملكة العربية السعودية يد في إسقاطها، بل هو أتى نتيجة حسابات خاطئة سيدفع ثمنها لاحقا حزب الله والرئيس ميقاتي.
وتشير المصادر الى ان الرئيس المستقيل ميقاتي، وفي ايامه الاخيرة، اراد ان يمارس لعبة “القط والفأر” مع حزب الله، وطرح مساومة التمديد لرؤوساء الاجهزة الامنية مقابل بقاء الحكومة، في حين انه كان بلغ معه “السيل الزبى”، من تفلت الوزراء والدكاكين الوزارية “كل وزير على حسابه”، ما وضعه في مواجهة المجتمعين الدولي، والعربي، يما يتصل بسياسة حكومته الخارجية، وكذلك والاقتصادية.
وتضيف المصادر ان حزب الله أخطأ في تقدير موقف ميقاتي، وابلغه بأن “يتصرف وفقا لما يراه مناسبا”. وكان في يقين الحزب ان ميقاتي سيمارس نوعا من “الحرد” او في افضل الاحوال الاعتكاف لايام عدة، ومن ثم يعود لمزاولة مهامه، فيحقق الحزب مراده بعدم التمديد للواء أشرف ريفي وقائد الجيش وتستمر حكومة ميقاتي حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.
وتقول إن ميقاتي أراد وحسب قوله، إحداث صدمة إيجابية تعيده الى كرسي الرئاسة الثانية بتوافق الجميع، بعد ان اعتبر ان استقالة حكومته معبر لرضى “المستقبل”. إلا أن هذا الامر كان ليكون صحيحا لو ان ميقاتي استقال في اعقاب إغتيال اللواء الحسن وليس بعد اشتداد الضغوط الدولية والعربية على الحكومة. وبناءً عليه، لا فضل لميقاتي في خروجه من السلطة، فضلا عن أن الرئيس سعد الحريري رفض بشكل مطلق إعادة تسمية ميقاتي، وهو لم ينسَ لميقاتي قبوله التكليف على جثة الحكومة الحريرية، خصوصا أن إقالة حكومة الرئيس سعد الحريري تمت بانقلاب على اتفاق الدوحة وجميع التعهدات التي اعلنت قوى 8 آذار عن التزامها بها في اعقاب “غزوة ٧ ايار”. فكانت موافقة الرئيس ميقاتي على تشكيل الحكومة غطاءا لجميع اللممارسات والارتكابات التي قام بها حزب الله في حق تيار المستقبل وقوى 14 آذار.
حكومة تكنوقراط بدون حزب الله
وتضيف المصادر، انه وفي اعقاب استقالة الرئيس ميقاتي، استعاد الرئيس الحريري زمام المبادرة السياسية، وأدار عملية تكليف الرئيس سلام، من خلال خطة خارطة طريق، قضت أولا باستبعاد أي امكان لاعادة تكليف الرئيس ميقاتي، ومن ثم تحديد وظيفة الحكومة المقبلة، على ان يتم تحديد إسم الرئيس المكلف وفقا للوظيفة الحكومية. وهكذا تم التوصل الى اتفاق على تسمية الرئيس سلام، بتوافق قوى 14 آذار والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط ووضع الجميع امام مسؤولياتهم المحلية والعربية والدولية. وتشير الى ان ما انسحب على مسألة التكليف سوف ينسحب على مسألة التشكيل، فالرئيس سلام لديه اغلبية نيابية قادرة على فرض تشكيلة حكومية من التكنوقراط تستبعد وجود حزبيين الهيين تحت طائلة مقاطعة المجتمع الدولي للبنان في حال توزير حزبيين، وليعترض من لديه القدرة على الاعتراض على التشكيلة التي سيقترحها الرئيس سلام.
وتنتهي مصادر ١٤ آذار إلى ان حزب الله اليوم اعجز من ان يعرقل تشكيل حكومة، ولو كانت لديه القدرة لما استقالت حكومة ميقاتي، لذلك تشير المصادر الى ان الحكومة المقبلة ستتشكل من التكنوقراط، وهي ستجري الانتخابات النيابية في اقرب فرصة ممكنة شاء من شاء وابى من أبى.
معركة حزب الله الأولى في.. ريف حمص!
لكن ما هي الحسابات السورية والإيرانية خصوصاً لحزب الله التي لا بد أن تنعكس في مشاورات تشكيل حكومة جديدة؟ المؤكد أن حزب الله متورّط بقوة في سوريا، ولو أن أوساطاً لبنانية تقول أن عدد مقاتليه في الداخل السوري أقرب إلى رقم ٢٠٠٠ مقاتل من رقم ٦٠٠٠ مقاتل الذي أعلنه “الجيش الحر”. وفي أي حال، فهذا التورّط العسكري يدفعه للإبتعاد عن فتح معركة ثانية في لبنان.
وفي تقدير بعض المحلّلين أن المحادثات الإيرانية-الدولية قد تكون أحد اسباب “انحناء” الحزب أمام عاصفة استقالة ميقاتي وتكليف تمام سلام بتشكيل حكومة الإنتخابات. أي أن إيران هي التي فرضت على “الحزب” عدم التصلّب مراعاةً لمفاوضاتها مع الغربيين.
١٤ آذار لحكومة تكنوقراط بدون حزب الله والسنيورة يحذّر من “عواصف عاتية”
سواء استقالت الحكومة السابقة بضغوط او من دون وسواء اتي سلام بضغوط او توافق او من دون وسواء اشارت ايران على الحزب بالانحناء او من دون وسواء جاءت حكومة تكنوقراط او شرطقراط او من دون وسواء تمت الانتخابات او من دون فمادام لبنان بوابة مشرعة لكل التدخلات وميدان لتقاتل الاخرين على ارضه ودكاكينه السياسية اكثر من حانات النبيذ وبما ان المشاريع الاستعمارية اكثر من مشاريع التنمية فعليه العوض ومنه العوض والبقاء لله .