القاهرة ـ خاص:
رغم الكردونات الأمنية المشددة لتنظيم المرور وحماية المواطنين ومنع المتظاهرين، إلا أن آلاف المتظاهرين نجحوا في تخطي الحواجز الأمنية في ميادين التحرير ودوران شبرا والقصر العيني بالقوة، وهو ما تسبب في سقوط العشرات من الإصابات والإغماءات بين المتظاهرين إثر الاشتباكات التي وقعت بين الطرفين.
وتأخذ الأحداث في التلاحق وأعداد المتظاهرين في التزايد، بفضل التصريحات الرسمية التي تستفز الشعب، منها ما قاله الدكتور علي الدين هلال أمين أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم أن ما حدث تضخيم إعلامي، وأن من خرج ضد النظام لا يتعدى 40 ألف من ضمن 80 مليون مصري.
وترددت أنباء عن مصرع مواطن وإصابة العشرات في اشتباكات بين الأمن والمواطنين أثناء تفريق مظاهرة بالسويس، ومقتل جندي في اشتباكات مع المتظاهرين، وإصابة مساعد مدير أمن محافظة السويس اللواء عبد الرؤوف عادل ورئيس مباحث قسم شرطة مدينة السويس عاصمة المحافظة الرائد محمد عادل بحجارة رشقها محتجون في مظاهرات السويس، فضلا عن اشتباكات واسعة بين المتظاهرين وقوات الشرطة في شارع رمسيس بوسط البلد.
وقام خلال الساعات الماضية 8 آلاف متظاهر بافتراش أرض ميدان سيدي جابر، وقيام الأمن باستخدام الرصاص المطاطي لتفريقهم. وفي المحلة الكبرى أصيب مفتش الأمن العام واحتجاز ضابط شرطة في المظاهرات.
*
3 قتلى وعشرات الجرحى في اشتباكات بين محتجين مصريين والشرطة
القاهرة (رويترز) – قالت مصادر طبية وامنية ان ثلاثة اشخاص قتلوا بينهم ضابط شرطة واصيب العشرات في اشتباكات بين الشرطة والوف المحتجين الذين طالبوا بانهاء حكم الرئيس حسني مبارك الممتد منذ 30 عاما في احتجاجات غير مسبوقة استلهمت الثورة التي اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
وذكر التلفزيون الحكومي ان ضابط شرطة لقي حتفه في اشتباكات بين الشرطة والمحتجين بوسط القاهرة في حين قالت مصادر امنية ان قتيلين سقطا في مدينة السويس في شرق البلاد. واضافوا ان 46 شخصا اصيبوا في مظاهرات في انحاء البلاد دعا إليها نشطاء عبر الانترنت.
وهتف المحتجون في القاهرة “يسقط يسقط حسني مبارك”. واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه في حين قذفها المحتجون بالزجاجات والحجارة.
وضربت الشرطة بعض المتظاهرين بالعصي بقوة. وأظهر محتجون اخرون صمودا نادرا في مواجهة عملية امنية ضخمة وطاردوا بعض افراد الشرطة في شوارع جانبية. واظهرت لقطات لتلفزيون رويترز رجل شرطة ينضم للمتظاهرين.
وفي الاسكندرية مزق المحتجون صورة لمبارك (82 عاما) وابنه جمال الذي يعتقد كثير من المصريين انه يجري اعداده لتولي المنصب حين يتنحى والده. وينفي الاثنان ذلك.
وفي القاهرة هتف المحتجون الذين خرجوا استجابة لدعوة عبر الانترنت “يا جمال قول لابوك كل الشعب بيكرهوك”.
ويعاني المصريون من نفس المشاكل التي دفعت التونسيين الى الشوارع مثل ارتفاع اسعار المواد الغذائية والفقر والبطالة والحكم المطلق الذي يكبح الاحتجاجات الشعبية سريعا وبأسلوب وحشي في الاغلب. وهتف محتجون “تونس.. تونس” اثناء المظاهرات.
ودعت الولايات المتحدة وهي حليف وثيق لمصر ومانح كبير للمساعدات كل الاطراف الى التحلي بضبط النفس لتجنب العنف.
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون “تقديرنا هو ان الحكومة المصرية مستقرة وتبحث عن سبل للاستجابة لحاجات الشعب المصري ومصالحه المشروعة.”
وقال شهود عيان ان الاحتجاجات في القاهرة والمدن الاخرى ربما اجتذبت 20 الف شخص او اكثر. وقال بيان لوزارة الداخلية ان اكثر من عشرة الاف شخص تجمعوا في ميدان التحرير وحده بوسط القاهرة لكنها لم تعط تقديرا لاجمالي المتظاهرين في باقي الاماكن.
ويصعب اعطاء تقدير دقيق بسبب انتشار المظاهرات كما أن وسائل الاعلام الحكومية لا تعطي سوى اشارة خاطفة لمثل هذه الاحداث.
وتجتذب الاحتجاجات المصرية عادة بضع مئات من الناس. وتكتسب احداث الثلاثاء قوة غير مسبوقة منذ تولي مبارك السلطة عام 1981 بسبب الاعداد الكبيرة وحقيقة ان الاحتجاجات في العديد من المدن نسقت بطريقة لم يسبق لها مثيل.
وقال المحلل نبيل عبد الفتاح ان ما يحدث يوم الثلاثاء تحذير مهم للنظام. واضاف انها امتداد للاحباط المكبوت والاحتجاجات المستمرة. وقال ان الامر الجديد ايضا انه توجد اجيال جديدة تستخدم ادوات جديدة.
واضاف ان الاحتجاج يمكن ان يكتسب قوة دفع ما لم تتحرك الدولة سريعا للتعامل مع مطالب الاصلاح.
وفي ظل تفكك أغلب جماعات المعارضة الرسمية وضعفها قاد نشطاء الانترنت الدعوات لمظاهرات الثلاثاء التي وصفت بأنها “يوم غضب” ضد الفقر والقمع.
وأظهر نشطاء الانترنت من خلال اجتذاب متظاهرين بهذه الاعداد ان دعواتهم للتغيير السياسي يمكن ان تصل لجمهور واسع. وحتى الان كان التعبير عن معظم الغضب يقتصر على صفحات الانترنت.
ومع دخول الليل اختلط افراد الشرطة والمحتجون في ميدان التحرير وتقاسم بعضهم الطعام. ولم يظهر بعض المحتجين علامة على الرحيل اثناء الليل.
وصدرت بعض الدعوات عبر الانترنت لمزيد من الاحتجاجات في الايام القادمة.
وقال ابراهيم (33 عاما) في المحلة الكبرى التي شهدت اعمال شغب عام 2008 بسبب نقص الخبز المدعوم وارتفاع الاسعار “تجمعنا هنا للمطالبة بحقوقنا. لا يمكننا العيش. كل شيء اسعاره غالية وتوجد بطالة. نريد خفض الاسعار. الحكومة سبب معاناتنا.”
وخرجت مظاهرات اخرى في الاسماعيلية والسويس في شرق البلاد وفي مدن اخرى في دلتا النيل مثل المنصورة وطنطا. وتجمع محتجون ايضا في شمال سيناء.
وهتف المحتجون في الاسماعيلية “يا حرية فينك فينك”. وفي الاسكندرية رددوا “ثورة ثورة زي (مثل) البركان ضد مبارك الجبان.”
ومع اندلاع مصادمات في القاهرة هتف بعض المحتجين “سلمية.. سلمية.”
ودعوا المتظاهرين الى عدم القاء شيء على الشرطة او الممتلكات.
وقال مصدر امني ان 15 شخصا اعتقلوا في القاهرة. وقالت جماعة للمحامين ان حوالي 50 شخصا اعتقلوا في انحاء مصر. وقال مصدر اخر ان ضابطي شرطة اصيبا في السويس بحجارة المحتجين.
وفي شمال سيناء قال شهود ومصدر امني ان عشرات المحتجين اضرموا النار في اطارات وأغلقوا طريقا ساحليا الى رفح على الحدود مع قطاع غزة ودعوا لاطلاق سراح سجناء. وشهدت المنطقة توترات بين البدو والشرطة.
والقى بيان لوزارة الداخلية على جماعة الاخوان المسلمين بمسؤولية قيادة الاحتجاجات وقال انه “بالرغم من النهج الاثارى الذى تبناه المحرضون على التجمع… بدعوى تصعيد مطالبهم وفى مقدمتهم جماعة الاخوان وما يسمى بحركتى 6 ابريل وكفاية وكذا الجمعية الوطنية للتغييرـ فقد تم السماح لهم بتنظيم الوقفات الاحتجاجية.”
واضاف “التزمت قوات الشرطة منذ بداية هذا التحرك فى حوالى الحادية عشر صباحا بتأمين تلك الوقفات وعدم التعرض لها.”
ودعا البيان الى “ضرورة انهاء تلك التجمعات تفادياً لتداعيها على نحو يخل بالامن العام.”
وتوقع محللون ان تتخذ السلطات موقفا متسامحا خشية اثارة غضب من النوع الذي دفع التونسيين الى اسابيع من الاضطرابات قبل الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي الذي امضى 23 عاما في السلطة.
وفر بن علي الى السعودية. وهتف بعض المحتجين في القاهرة “يا مبارك يا مبارك.. السعودية في انتظارك.”
وتعاني احزاب المعارضة المسجلة في مصر من الضعف والتفكك. ولم توجه جماعة الاخوان المسلمين المحظورة التي تعتبر صاحبة اكبر شبكة شعبية في مصر نداءات لاعضائها للمشاركة في المظاهرات لكن قالت ان البعض سيشارك بصورة شخصية.
*
ألوف المصريين يتدفقون الى الشوارع مرددين هتافات ضد مبارك
القاهرة (رويترز) – تدفق ألوف المصريين الى الشوارع يوم الثلاثاء مرددين هتافات ضد الرئيس حسني مبارك استجابة لما سماه نشطاء الانترنت “يوم الغضب” استلهاما لاحتجاجات التونسيين التي أسقطت رئيسهم زين العابدين بن علي هذا الشهر.
ودعا النشطاء الى الاحتجاج على الفقر والبطالة والقمع واختير له يوم عطلة رسمية بمناسبة عيد الشرطة.
وانضم مواطنون عاديون الى مظاهرات اندلعت في العاصمة ومدن الاسكندرية والمنصورة والسويس.
وهتف متظاهرون أمام دار القضاء العالي بوسط العاصمة قائلين “يسقط يسقط حسني مبارك” وكان يحيط بهم طوق من أفراد الشرطة. وتم تشديد الاجراءات الامنية في أنحاء القاهرة حتى لا تجتذب الاحتجاجات أعدادا كبيرة.
لكن ما يصل الى ألفي محتج طافوا شوارع وسط المدينة.
وهتف المتظاهرون أمام دار القضاء العالي قائلين “يا جمال قول لابوك كل الشعب بيكرهوك” في اشارة الى جمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك والذي يعتقدون أنه يجري اعداده لتولي الرئاسة خلفا لوالده البالغ من العمر 82 عاما.
ومظاهرات يوم الثلاثاء اختبار لما اذا كان بامكان النشطاء تحويل رسالتهم عبر الانترنت الى واقع في الشوارع.
وفي مدينة السويس احدى مدن قناة السويس شارك مئات الاشخاص في مظاهرة رددوا خلالها هتافات تقول “بن على بيناديك.. فندق جدة مستنيك” في اشارة الى هروب الرئيس التونسي من بلاده الى مدينة جدة السعودية في وجه مظاهرات احتجاج عنيفة.
وقال شاهد من رويترز ان مواطنين عاديين انضموا للنشطاء ورددوا هتافات من بينها “حسني حسني حسني بيه كيلو اللحمة ب 100 جنيه” في اشارة الى غلاء الاسعار.
كما رددوا هتافا يقول “حكم الاب باطل.. حكم الام باطل.. حكم الابن باطل” في اشارة الى مبارك وقرينته وابنه.
ويقول مصريون ان سوزان مبارك قرينة الرئيس المصري تتدخل في شؤون بلادها السياسية.
وقال شهود عيان ان المتظاهرين كسروا طوقا أمنيا ضرب حولهم وساروا في الشوارع مرددين الهتافات المناوئة.
وفي اغلب المظاهرات في السنوات الماضية منعت قوات مكافحة الشغب المشاركين من السير في الشوارع.
وشارك أكثر من ألف محتج في مدينة المنصورة بدلتا النيل في مسيرة رددوا خلالها هتافا يقول “حسني مبارك بره بره قبل ما تقلب تبقى ثورة”.
وكان محتجون تونسيون رددوا هتافا مشابها قبل هروب بن علي.
وأحاط محتجون في مدينة المنصورة بصورة كبيرة مرفوعة لمبارك ورددوا هتافا يقول “باطل باطل”.
وقال شاهد ان المحتجين حاولوا تحطيم الصورة لكن قادة لهم هتفوا “سلمية.. سلمية”.
وشارك مئات المصريين في مظاهرتين بمدينة دمياط التي تقع على البحر المتوسط ورددوا نفس هتاف المحتجين في القاهرة “يا جمال قول لابوك كل الشعب بيكرهوك”.
كما رفعوا لافتات عليها عبارات تقول “لكل ظالم نهاية” و”كفاية 30 سنة فقر” و”كفاية 30 سنة ذل”.
وقال شاهد من رويترز ان أعدادا كبيرة من قوات مكافحة الشغب تطوق المشاركين في احدى المظاهرتين وتمنعهم من السير في الشوارع كما تمنع مواطنين من الوقوف قريبا منهم.
وأضاف أن الشرطة تسمح لمن يريدون الانضمام للمحتجين باجتياز الطوق الامني.
ويحكم مبارك مصر منذ عام 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات برصاص متشددين اسلاميين.
وشارك مئات المحتجين في مظاهرة في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية في دلتا النيل كما شارك مئات في مظاهرة بمدينة المحلة الكبرى التي تشتهر بصناعة الغزل والنسيج في المحافظة.
وردد المتظاهرون في مدينة المحلة الكبرى “قولوا للشرطة قولوا للجيش موش لاقيين رغيف العيش” و”يا زين قول لمبارك الطيارة في انتظارك” و”قول لي مين في الشعب اختارك.. يسقط يسقط حسني مبارك”.
وحذرت وزارة الداخلية في وقت سابق المحتجين من أنه سيجري التعامل مع أي شخص يخالف القانون وقالت ان المتظاهرين ربما يواجهون الاعتقال.
وقال وزير الداخلية حبيب العادلي في مقابلة مع صحيفة الاهرام “الامن قادر على ردع أي خروج أو مساس بأمن المواطن ولن يتهاون على الاطلاق في حالة المساس بالممتلكات أو الاخلال بالامن لكن الشرطة ستقوم بتأمينهم وحمايتهم في حالة اذا كانت تلك الوقفات للتعبير عن الرأي