غداة الاجتماع الدولي بشأن لبنان الذي عقد على هامش مؤتمر الدول المانحة لمساعدة الفلسطينيين في باريس أول من أمس، ودعوته لوضع حدّ للأزمة السياسية في لبنان عبر انتخاب رئيس “من دون شروط أو تأخير”، وصل الى بيروت بشكل مفاجئ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش، وعقد لقاء مع رئيس “تيار المستقبل” النائب سعد الحريري ثم التقى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة.
ومن قريطم أعرب ولش عن قلق بلاده من الفراغ الحاصل في الرئاسة، وعن “خيبة الأمل” من عدم إجراء الانتخابات أول من أمس، داعياً رئيس مجلس النواب نبيه بري الى “تحمل مسؤولياته”، محذراً “المعارضة التي تحول دون حصول الانتخابات من أنها تغامر باستقلال لبنان وسيادته”. وقال “نحن قلقون من الفراغ في الرئاسة، ونحن وآخرون في باريس توقعنا من المجلس أن يختتم مسألة الرئاسة، وقد خاب أملنا وأقلقنا عدم حصول ذلك(..) وعلى رئيس البرلمان أن يلتزم مسؤولياته ويسمح للمجلس بالانعقاد والتصويت والعمل(..) من دون شروط ومن دون أي تأخير”، كما أبدى قلقه حيال “سلسلة الاغتيالات السياسية ومحاولات الاغتيال والتي كان آخرها اغتيال الجنرال فرنسوا الحاج وهي تشكّل اعتداء على لبنان وعلى شعبه برمته(..)”.
وفي السرايا الكبير أعرب ولش بعد لقائه الرئيس السنيورة عن “قلق عميق بشأن الأزمة السياسية الحالية في لبنان، خصوصاً بسبب الفراغ في مركز الرئاسة، وهو فراغ سيئ للطائفة المسيحية في لبنان كما لكل الطوائف الباقية”، ودعا الرئيس بري إلى تحمل “المسؤولية الدستورية الوطنية الكبيرة وإلى تبوُّء هذا الدور القيادي وممارسة هذه المسؤوليات”، وحول فرض ضغوط سياسية على سوريا رأى ولش أن “لسوريا مهمة في هذا الوضع لتسريع التقدم السياسي، ولا يبدو أنها تقوم بذلك، وأعتقد أنه ستكون لذلك عواقبه. لكنني أعتقد أن الفرصة ما زالت موجودة ويمكن أن تحصل انتخابات يوم السبت المقبل”.
بري
ورداً على دعوة ولش لرئيس مجلس النواب نبيه بري “أن يتحمل مسؤولياته لانتخاب رئيس للجمهورية”، أكد المكتب الإعلامي لبري أن هذا الأخير “تحمّل مسؤولياته كاملة منذ اليوم الأول لإمكانية انتخاب رئيس جديد، أي 25 أيلول، ودعواته لانتخاب رئيس هي دعوات متواصلة وبالتالي فرئيس المجلس يعرف مسؤولياته جيداً، آملاً أن يكون غيره كذلك”، ودعا ولش الى أن “يضغط على من يستمع اليه ويطيعه كي يتحمل مسؤولياته”.
السنيورة
في غضون ذلك، اعتبر الرئيس السنيورة “أن المصيبة النازلة في لبنان الآن، هي نتيجة تقاطع في المصالح والرؤى بين قوى خارجية وأخرى داخلية، وهذا التقاطع يلتقي، وللأسف، حول نقطة أساسية وهي تدمير النموذج اللبناني في العيش المشترك والتلاقي الحر وتداول السلطة، والهدف على ما يبدو تفكيك النظام اللبناني بحجة السعي الى تعزيز المشاركة فيه والحصول على دور تعطيلي للقرار فيه”، وأكد “أن الوضع لا يمكن البدء بمعالجته إلا من خلال المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو رئيس الدولة ورأسها ورمز وحدة الوطن”.
وأضاف السنيورة “لقد بتنا لا نسمع إلا عن الحصص والتقاسم ونصيب هذا الفريق أو ذاك، وفي الذهن كيفية التعطيل، وكل ذلك ينبغي أن يجري الاتفاق عليه في ربع الساعة الأخير، وإلا فلا انتخاب لرئيس جديد، ولا بد حسب هذا المنطق العجيب من التماس الحلول في جيب هذا الطرف أو ذاك بالداخل والخارج”، ولفت الى أن “التدخلات الخارجية ومن الجوار على الخصوص تلعب دوراً كبيراً في المأساة المستمرة والمدمرة للنظام”، ولاحظ أن بعض القوى الداخلية “وبحجة المشاركة أو حماية مصالح المسيحيين تعمل لإبقاء الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، ويحرصون على أن يأتي الرئيس العتيد إذا أتى مكبلاً ومجرداً من أي فعالية وواقعاً باستمرار تحت الابتزاز”، قال “نعم نريد تسوية، لكننا لا نريد الغلبة ولا السيطرة ولا الاستئثار، بل المشاركة الحقة، لكن لا نقبل بالخضوع لمنطق الإرهاب والترهيب والاستسلام أمام وهج السلاح وإرهاب الاغتيالات ونشر السلاح والمسلحين وإطلاق أبواق الكراهية والانقسام”، منبهاً الى أن “التسوية بالعرف والتجربة، تعني أن يتقدم كل فريق خطوة ويقابله الفريق الآخر بخطوة”، ومذكّراً بأن “الاستعداد موجود وبارز، وقد جرى التعبير عنه بكل الوسائل والأساليب، وهو يعني التنازل عن بعض ميزات الأكثرية الناجمة عن الانتخاب الحر مقابل أن يرضى الطرف الآخر بالتراجع عن شروط التعطيل(..)”.
(المستقبل)