للوهلة الأولى، يصعب فهم مغزى الخبر التالي الذي يبدو كـ”تسريبة” أمنية-سياسية مرتبطة بالضغوط السورية الحالية على لبنان، وأيضاً بالعمليات الإرهابية التي تعرّض لها الجيش اللبناني. مع ملاحظة أنه لم يسبق للجيش اللبناني، أو “القوى الأمنية اللبنانية” أن أصدرت مثل هذه البلاغات المسبقة، ولم يسبق لها أن أصدرت بلاغاً يتضمّن تحليلاً سياسياً مثل التحليل الوارد في الخبر المرفق!
وهذا كله على افتراض أن الحكومة اللبنانية أخذت قراراً بالقيام بمثل هذه العملية!
الكلام عن المجموعات السلفية “القابلة للنمو السريع” في طرابلس وعن “وضع حد للوجود السلفي في شمال لبنان” يدعو للإستغراب الشديد، وكذلك الإشارة إلى “معلومات شبه أكيدة تلقتها الأجهزة المعنية المشتركة بين البلدين بأن بعض قياديي “القاعدة” يحاولون الانتقال من العراق إلى شمال لبنان”!!
فالحديث عن تحوّل طرابلس إلى بؤرة إرهابية مبالغ فيه كثيراً كما يعرف جميع اللبنانيين. أما قياديي “القاعدة” الذين قد ينتقلون إلى لبنان، فإن بعضهم- مثل “سعد بن لادن”- موجود في طهران بضيافة إيرانية كريمة!
“الشفّاف”
*
أعلن مصدر أمني لبناني إن القوى الامنية اللبنانية بدأت تعد العدة فعلا “لا قولا” للقيام بعملية أمنية واسعة النطاق على غرار العملية التي قام بها الجيش اللبناني الصيف الماضي في مخيم نهر البارد.
وحدد المصدر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية “د.ب.أ” مخيم البداوي كنقطة بداية محتملة في حال انتهت التحقيقات إلى الإشارة إلى أن المسؤولين عن أحداث التفجيرات الأخيرة التي طالت الجيش اللبناني لجأوا إليه بحماية مجموعات سلفية متعاطفة مع تنظيم “فتح الإسلام” الارهابي.
وأضاف المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أنه لا نية للجيش السوري بالدخول إلى لبنان، معتبرا أن انتشار القوات الخاصة السورية، والذي تم بعلم من السلطات الأمنية اللبنانية والتنسيق معها، ليس لتحضير دخول عسكري سوري بل لمساندة الجيش اللبناني في حال اتخاذه أي قرار بوضع حد للوجود السلفي في شمال لبنان، لافتا الى أن “هناك معلومات شبه أكيدة تلقتها الأجهزة المعنية المشتركة بين البلدين بأن هناك بعض قياديي “القاعدة” يحاولون الانتقال من العراق إلى شمال لبنان عبر بعض الدول العربية”.
وإعتبر المصدر أن “التحقيقات التي يجريها الجيش اللبناني قد تصل إلى قناعة بأن منفذي الاعتداءات ما زالوا في منطقة الشمال، كما أنهم من أنصار التيار السلفي الذي ينشط في بعض المناطق اللبنانية وعلى رأسها مدينة طرابلس السنية، والمكتظة بشكل يسمح لمثل هذه المجموعات بالتوسع والنمو السريع نظرا إلى البيئة المؤاتية، وإلى الفقر المدقع الذي تعيشه المدينة”.
وختم المصدر تصريحاته قائلا: “الظروف الدولية والإقليمية التي لا تسمح للقوات السورية بالدخول المباشر إلى لبنان، هي نفسها تساعد لبنان على السير قدما باتخاذ مثل هذا القرار، وتنفيذه عندما تنتهي التحضيرات الميدانية التي ترتكز أولا وأخيرا على المعلومات الاستخبارية التي تحدد مسؤولية الأطراف المعنية وأماكن تواجدهم”.