القاهرة (رويترز) – في ظن الكاتب المصري محمد حسنين هيكل أنه “ليس هناك ما يمكن أن نسميه صراع حضارات أو حوار حضارات” ويستند في هذا الترجيح الى أن الحضارة الإنسانية “واحدة” وأنها خلاصة الاسهامات الثقافية للشعوب والامم طوال التاريخ.
لكنه يسجل ظاهرة تاريخية تتمثل في تكرار المحاولات الامبراطورية للاستيلاء على الحضارة الانسانية ونسبتها الى قوة بعينها مشددا على أن “وهم القوة لا يعطي أصحابه احتكارا ولا يسلب غيرهم حقا في الشراكة الانسانية الاوسع.”
ويقول في كتابه (على هامش صراع الحضارات) ان المحيط الانساني في كل عصر ينسب من باب المجاز الى القوة الغالبة فهو فرعوني ثم اغريقي ثم روماني ثم مسيحي ثم اسلامي ثم أوروبي ثم أمريكي.
ويرى أن الامبراطورية الامريكية بحكم القوة المفرطة وانتصارها في الحرب الباردة ” تريد الان أن تستولي بوضع اليد على الحضارة الانسانية بأسرها.. تأكيدا نهائيا وتقنينا شرعيا لتفوق أبدي” كما خطط المحافظون الجدد “ومعهم مجموعة المستشرقين الجدد” في ظل حكم الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش.
ويقع الكتاب في 64 صفحة كبيرة القطع وصدر عن (دار الشروق) في القاهرة وحرص المؤلف على أن يضيف الى عنوانه كلمتين ايضاحيتين هما (رؤية صحفي) قائلا في المقدمة انه شارك بهذا الكتيب -الذي كان في الاصل ثلاثة أحاديث أو مشاركات- من موقع الصحفي المتابع “غير المتخصص” لقضية فكرية بالاساس أكثر منها ذات طابع سياسي.
ويستدل هيكل على ما يراه شراكة حضارية بحدوث تأثيرات عالمية في أساليب الزراعة والتطبيقات العلمية وصولا الى الوجبات الامريكية السريعة التي أصبحت أشهر الاطعمة عالميا قبلها عثور الرحالة الايطالي ماركو بولو على عجائن المكرونة التي عاد بها الى بلاده ثم “تحولت بسرعة الى فن ايطالي ثم الى مطبخ عالمي.”
ويلفت الانتباه الى أن الثقافات الاسيوية في الصين والهند لم تهدر وقتا في مناقشة حوار الحضارات لان أصحابها “على يقين” بأنهم شركاء بثقافاتهم في المحيط الانساني الاوسع ورأوا أن يهتموا ببناء وسائل القدرة على الفعل التي تمنحهم أهلية لهذه الشراكة الانسانية.
ويقول ان الثقافة العربية-الاسلامية كانت مهيأة للاستبعاد من الشراكة الحضارية “وحين قلنا بصراع الحضارات فقد اعترفنا بالعزلة” اذ كانت الدعوة للحوار أو الاستجابة لهذه الدعوة تشبه طلبا باللجوء من متظلم الى متحكم وفي هذه المعادلة دخول “في حوزة الاخرين” وتنازل عن الشراكة.
ويقلل هيكل من أهمية “رغبة الاستغلال” التي تقوم بها حكومات أو مؤسسات أو أفراد بالمشاركة في أنشطة تحت عنوان ( صراع الحضارات) أو حوار الثقافات عن طريق وفود ومؤتمرات تعقد ثم تنفض وأوراق تقرأ “ثم تنسى لكي يعاد تدويرها وتعود الى انتاج نفسها من جديد
هيكل: ليس هناك شيء اسمه حوار حضارات أو صراع حضارات
ما دام يوجد هناك من يعتقد أنه يتفوق على الآخرين بحضارته أو بدينه أو بمبادئه، فلا بد من الصراع لإثبات هذا التفوق. وما دام يوجد هناك من يقاوم محاولة نشر هذا التفوق فلا بد من صراع، وبوجود الصراع تظهر فضيلة الحوار لأنها الحل الوحيد للتخفيف من حدة الصراع. لكن الصراع فطرة إنسانيةللبقاء