(صورة المقال من “رويترز” ومعها ما يلي: “عبر وفد فلسطيني من عرب 48 نقطة العبور الحدودية عند القنيطرة الى سوريا أمس وشاركوا في مراسم تشييع جثمان الرئيس السوري حافظ الأسد.وترأس الوفد عزمي بشارة عضو الكنيست وضم الوفد 15 شخصية بينهم ستة نواب آخرين. رويترز”)
*
يوم العاشر من حزيران الجاري، في الذكرى الثالثة عشرة لوفاة حافظالاسد، ابدع سوريو “الفيس بوك” باستذكار ذلك اليوم السعيد، والصادم رغم سعادته! فهو بقدر ما كان يوماً مشتهى من ملايين السوريين، فقد كان يوماً صادماً بحق، فهم على شاكلة شعوب الديكتاتوريات الشمولية قد نشا ثلاثة اجيال منهم في كنف ورعاية القائد الإله، الذي صار كما ستالين وكيم ايل
سونغ وكاسترو، “الأب القائد” الذي لا يمكن ان يموت، ولأجل ذلك واحتياطاً، فقد جعلوا منه رمزاً خالداً قبل وفاته،
لقد صمّم مهندسو “الوعي الاجتماعي” في سورية الاسد “الالوهية الاسدية” وضمنوا لها الخلود مسبقاً كأي حالة إلهية. هكذا سيضمنوا بقاء الرجل الإله حتى بعد غيابه الفيزيائي عن الطبيعة، وهكذا سيضمنون بقاء نظامه حتى بعد غيابه، وهذا ما حدث حقاً! فإن فعلها الرئيس ومات، فليس على الشعب سوى ان يتوقع نهاية العالم، وليس على شعبه في الايام الاولى لغيابه، سوى ان يموت معه، هذا ما حصل لملايين السوريين المولودين في عهده، الملايين الذين رضعوا “محبته” مع حليب امهاتهم! لقد مات شيء ما في قلوب هذه الملايين، أقله نفسياً ورمزياً، فلقد تمّ تصنيع هذه الاسطورة “حافظ الاسد” بحيث جعل منه أب السوريين، لذا حينما يفقد الشعب، الاب، سيخشى الوجود وسيخاف من المستقبل الذي لا امل فيه بعد. الأخطر أن هؤلاء المهندسين جعلوا الامل محصوراً في وجود الزعيم، هكذا في غيابه سيفقد شعب كامل الامل ليبقى في مهب الريح!
لم يمت:
كثيرون لم يصدقوا وفاة حافظ الاسد، البعض قالوا انها شائعة، خوفاً، كتبت هالا: “وقت مات حافظ بكيت.. حسيت أنو مو معقول! هوي ما بيموت! في شي غلط ..”
يقول عماد “في مثل هذا اليوم لم يمت حافظ و كل ما يحدث في سورية لا زال يشير الى ذلك وهو هالك يوماً و لكن ذلك لم يحدث حتى الآن” .ويكتب غياث “حافظ ما مات ما زال يدمر البلد من قبره”!
ويقول عاصم: “بتذكر تاني يوم رحنا سيران على مساطب الفيجة “خلسة” وشوينا، كان صاحب المسطبة واقف بنص الشارع وعم يلقط العالم يدخلهن للمفارقة… ونحنا راجعين ليلاً، كان في باصات معبية الشوارع جاية من مكانات معينة!!
فيها نسوان لابسين أسود عم يقتلو حالهم ويصرخوا “لا تقولوا حافظ مات… حافظ معنا بالحياة”!
فئة من السوريين لم يستطع برنامج الغسيل الدماغي الذي مارسته البروباغاندا الاسدية التأثير في رؤوسهم ووجداناتهم هم معتقلو النظام،.رغم معاناتهم الفائقة التي لا تشبه معاناة من هم في السجن الاكبر – الوطن، لن يستطيعوا تصديق ان الذي كان سبب اعتقالهم ومأساتهم قد مات.
يكتب طالب: “كنا بالجناح ب 1 يمين في سجن صيدنايا العسكري، حين اقترب أحد العسكريين وأخبرنا أن حافظ أسد مات… كان يجب أن نفرح ونحن نخاف.. كان يمكن أن بتم قتلنا كردة فعل لأننا معارضين.. لا أتذكر بالضبط من أقنع المساعد بأن يغلق علينا الأبواب. لننجو.. ولا أتذكر كم بقينا هناك معزولين.. لكني لم أصدق أبداً أن الديكتاتور السافل مات..”
بوظة احتفالاً بموت الرئيس الخالد:
وعلى خلاف الحالة الاولى، فلقد نجا سوريون كثيرون من وهم الأب الإله الخالد. فلم يكد يمضي على غيابه ساعات حتى سادت حالة من البهجة الحذرة على قطاع من السوريين. هؤلاء في الأغلب هم المتضررون من اجراءات نظام الاسد الاقتصادية الاجتماعية، أو ممّن فقدوا أهلا أو أخوة وأقارب في مجازر حماه وحلب وجسر الشغور، أوممّن كان لهم أو لأهلهم انتماء لأحزاب شيوعية وقومية معارضة للأسد منذ وصوله الى الحكم.
يكتب احد السوريين من بلدة “قدسيا” المجاورة لدمشق ان شبان البلدة كسروا تمثال حافظ الاسد في ذلك اليوم، وانه واهله تناولوا الآيس كريم ابتهاجاً، لكن ذلك لم يمنعهم من الهرب الى خارج البلدة خوفاً من رد فعل انتقامي على تكسير تمثال الرئيس.
انطباعات اخرى كتبها مثقفون ومعارضون سوريون ومواطنون على صفحاتهم، عبروا فيها بكلمات ساخرة عن ذكرةى ذلك اليوم. كتب احدهم أنه لا بد ان نشكر عزرائيل لما فعله ذلك اليوم، وكتب آخر أن عزرائيل رحم الشعب السوري في ذلك اليوم، يكتب ماهر “في مثل هذا اليوم.. رفرفت قلوب السوريين فرحاً.. وهتفت.. لعزرائيل..!!” يكتب احدهم ساخراً من الرئيس الراحل: “الله يرحمو كان محب للفقراء وعملهن أغنياء (رامي مخلوف علي دوبا أحمد العبود إلخ). كان يحب المرأة ويرفع من شأنها (نجاح العطار وماريا ديب ويعز الفلاحين كتير (عبد الله الأحمر ومحمود الزعبي كان يقدس الجيش (مصطفى طلاس وحكمت الشهابي)”.
بالنسبة لكثيرين كان خبر وفاة حافظ الاسد حزينا او مخيفا او غريبا، حتى ان التلفزيون الاسرائيلي اذاع الخبر بحسب احمد. يكتب احمد “أنا كنت عم بحضر مسلسل شيكاغو هوب على قناة اسرائيلة وقت قطعوا المسلسل وحطوا أية “يا أيتها النفس المطمئنة ” للحظات ومن ثم أذيع الخبر بالعبرية وأنا ما فهمت غير كلمة حافظ الأسد بس عرفت انو فطس …”!
يكتب موسى: “في مثل هذا اليوم أخدونا بالباصات من صفوفنا بالبكالوريا ورحنا عبوابة مشفى الشامي بدمشق منشان نقرالوا الفاتحة مع مسحة حزن يجب أن تظهر على وجهك…”
المهم يموت:
وعلى خلاف الخوف من موت الزعيم الخالد كان بعض السوريين يرون ان المهم هو ان يموت الاب القائد وبعدها لكل حادث حديث. يكتب فادي “قبل ان يموت بسنة او بنفس السنة، كنا قاعدين انا وشباب بيكرهو ربو بضيعة… قلت يومها: المهم يموت وبعدين لكل حادث حديث، كنا حاسّين انو وجودو صخرة تجثم فوق حياتنا، فوق تاريخنا الصغير، جبل يقف في وجوهنا، مليون يد تجذبنا الى الوراء”.
أخيراً وبهذه المناسبة فقد وزّع عدد من الناشطين السوريين في لبنان الحلوى على المارة، ربما نكاية ببعض الذين وزعوا البقلاوة على المارة في الضاحية الجنوبية، بعد احتلال القصير من قبل قوات حزب الله وجيش بشار الاسد.
في النهاية وبالرغم من كل شيء فلقد مات “الاب القائد”، لكنه كما كتب احد الفيسبوكيين ما زال يحكم سورية من قبره، ليس بواسطة ابنه المجنون فحسب، بل من خلال كل الطاقم القديم الذي كان محيطاً به. لكأنّ الاب القائد ينتقم من شعبه – معارضين ومؤيدين- الشعب الذي ظنّ أنه تحرّر منه بموته، لكن مع كل قذيفة تسقط فوق رؤوس الابرياء في المدن والبلدات السورية، هناك صوت مدوي يقول: “انا حافظ الاسد”!
بالطبع فالزعيم الخالد، ولو كان في قبره، لن يصدق أن شعباً حكمه ثلاثين عاماً، يمكن أن يتمرّد عليهَ
صحفي وناشط
هل مات الزعيم الخالد؟: شعب كامل ضحية “متلازمة استوكهولم”
مات وشبع موت يا اخي
على قبال ابنو كمان قريبا انشالله
الشعب السوري اعظم شعب في العالم
الثورة السورية اهم ثورة في التاريخ