بيروت – “الشفاف”- مروان طاهر
أنهى الامين لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله مرحلة التوتر التي كان بدأها مع قادة حزبه بالتحالف مع التيار العوني، وخذل أنصاره واتباعه! فقد خلت كلمته بمناسبة التاسع والعاشر من شهر محرم (عاشوراء) من إعلان ساعة الصفر لتنفيذ “الإنقلاب” على الدولة ومؤسساتها.
هل تراجع الحزب عن مشروع “الإنقلاب”؟ الأرجح أنه تراجع الآن، وهذا التراجع هزيمة له! أما المستقبل فمرهون بالتطوّرات..
مصادر لبنانية اعتبرت ان نصرالله وحزبه خسرا الكثير في الاشهر الماضية. فقد وضع “الامين العام” صدقيته في الميزان، فضلا عن وعوده “الصادقة”! مع ذلك، أخفق الحزب في غير معركة مع خصومه، وكانت النتيجة الوحيدة أنه كاد يثبت على نفسه تهمة التورط في إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأخفق في ليّ ذراع الرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار، وأرغِمَ على الإعتراف بالقرار الاتهامي.
المصادر اعتبرت ان التراجع في حدة الخطاب السياسي لقادة حزب الله الى حد إنكار النائب محمد رعد لتهديداته المتلفزة، “بالصوت والصورة”، وتحميل الاعلام مسؤولية “المهل” التي استُنفدت الواحدة تلو الاخرى، إضافة الى إستنجاد نصرالله وحزبه بالعاهل السعودي، مردّها الى عوامل عدة، تفضي الى نتيجة واحدة وهي أن حزب الله لا يعدو كونه آداة تعمل بـ”آلة التحكم عن بُعد” وفق اجندة لا يعرف هو نفسه مؤداها.
الحريري: هامش مناورة جديد إزاء السعودية
أول أسباب التراجع صمود وصلابة الرئيس الحريري الذي اعتصم بالصمت والعناد رداً على بذاءة “سعيد الصحاف” بنسخته اللبنانية، المَدعو “وئام وهاب” وأمثاله. فضلا عن الاقلام الشاتمة في وسائل إعلام حزب الله، والتي تجاوزت في وقاحتها وفجاجتها بذاءة “الصحاف”. فأظهر أنه رجل دولة بامتياز.
وهنا لا بد من تسجيل أن صلابة الحريري أكسبته، ولأول مرة، “هامش مناورة” لم يكن واضحاً من قبل إزاء النظام السعودي!
لكن الصلابة “الحريرية” ارتكزت إلى أغلبية لبنانية “آذارية” صامتة ولكن “مقاومة” وصل بها نفاد الصبر من تهديدات نصرالله إلى درجة أنها باتت ترحّب بلحظة المواجهة! فبات ردّ فعل كثير من المواطنين هو “ليفعلها نصرالله، حتى نَخلَص”! ولا بدّ أن “سماحته” قد فهم أن هذه الأغلبية الكبيرة تشمل الأغلبية الساحقة من الطائفة الدرزية التي لم ينجح وليد جنبلاط في “تحييدها”. فاستمرّ الدروز (رغم وليد بك..) في التسلّح، وفي الإستعداد للحظة المواجهة!
شرارة “الإنقلاب” من طرابلس؟
تضيف المصادر ان تعنت واستكبار القادة الالهيين ادى الى استنفار في الجهة المقابلة وجد ترجمة له في عاصمة شمال لبنان طرابلس، التي رجحت معلومات ان تنطلق منها شرارة “الانقلاب” بحيث يبدو خلافا سنّيا- سنّيا وليس بين السنة والشيعة. فجاء الرد جازما وصارما أن لا عبث بأمن المدينة والشمال ولبنان. وطبقا لما ذكرت مصادر قريبة من حزب الله فإن الحزب أخذ على محمل الجد ما حصل في الشمال من ردود على استكباره، وهو ما أدى الى تهدئة مضمون خطاب نصرالله العاشورائي.
تهديدات فاعلة للحزب و”ودمشق”
وتشير المصادر الى ان التهديدات التي وصلت للحزب ورعاته الاقليميين، أي سوريا بصورة خاصة، كانت جدية للغاية. وتحديداً الرسالة الواضحة التي وجّهتها الولايات المتحدة لبشّار الأسد: “نعتبرك مسؤولاً عن كل ما يحصل في لبنان”! وقد سمع الأسد هذه الرسالة أثناء زيارته لباريس قبل أيام.
وكرّر مساعد وزير الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، في أكثر من محفل أن “إتصالاً هاتفياً واحداً من دمشق يكفي لتهدئة نصرالله”!
وفي نفس السياق، كان للأميركيين دور واضح في “شدشدة” المسؤولين اللبنانيين، من رئيس الجمهورية إلى قائد الجيش! ونقل الأميركيون رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة “تتوقّع” من الجيش اللبناني أن يلعب دوره في حماية المؤسسات الشرعية والمواطنين وعاصمة البلاد!
وقد سجّل مراقبون الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد قهوجي إلى الأردن قبل أيام. وذكّر هؤلاء بـ”تهديد” صريح وجّهه حسن نصرالله إلى قائد الجيش في حينه، ميشال سليمان، حينما قام سليمان بزيارة بلدين “سُنّيين”، هما الأردن ودولة الإمارات! وحسب تعبير جنرال “شيعي” (يكره “الحزب” ولكنه.. “مغلوب على أمره”!)، فإن نصرالله “هزّ العصا” لقائد الجيش في حينه!
إيران والفتنة الطائفية
وفي السياق عينه، لا بد من الاشارة الى توجس الحزب والراعي الابرز ايران من ما يسمى الفتنة المذهبية، التي لن تبقى محصورة في لبنان كما صرح غير مسؤول ايراني بل ستمتد الى مناطق عدة من العالم الاسلامي. وعمليات بالوشستان الإرهابية مؤشر في هذا الإتجاه!
وتؤكد المصادر ان نصرالله لم يلجأ في الخطابين الاخيرين لا الى رفع إصبعه ولا للتهويل بيده على جري عادته. وقال احد المتابعين: “لا بد ان أحدا ما ربط يد “سماحته” كي لا تنفلت ويشهر إصبعه في وجه اللبنانيين”!
وتخلص المصادر الى القول إن معارك نصرالله في الفترة الأخيرة “دونكوشيتية”! بحيث كان يفتح ملفا ليتبين زيفه، فينتقل الى ملف آخر والهدف تقويض المحكمة وصولا الى الغائها. فمن ملف “ألعاب الفيديو الجوية” التي تم الترويج لها على أنها “قرائن” تدين إسرائيل، والتي نسيها نصرالله وحزبه على ما يبدو، الى ما يسمى بـ”شهود الزور”، هذا الملف الذي شبهته المصادر بالإعتصام الشهير الذي تحول عبئا على الالهيين بعد ان طال امده ولم يحقق مبتغاه. وصولا الى ملف شبكة الاتصالات الهاتفية التي تحدث فيها نائب حزب الله حسن فضل الله، أكثر من الوزير المختص، الذي بدا جالسا الى جانب فضل الله كشاهد زور!
والحلقة الأخيرة في مسلسل “صح النوم” الالهي، كانت الاستجارة بالقاضي جريصاتي لتفنيد ما قالوا إنه عدم قانونية المحكمة، حسب ما زعم النائب الإلهي محمد رعد في مؤتمر صحفي مشترك مع جريصاتي.
وفي النهاية، كل تهديدات نصرالله وصراخ وعويل قادة حزبه لم تنجح في إجبار قوى 14آذار ولا الرئيس الحريري على الرضوخ. ففشلوا في فرض أجندتهم على مجلس الوزراء ولم يحصل التصويت على إختراع “الشهود الزور”
أراد الحزب الإلهي ان يقبض ثمن التهديد ففشل., وفشلت التهديدات وسجلت قوى 14 آذار بصمودها إنتصارا بالنقاط.