في تقويم شامل لنتائج الانتخابات ومقدماتها، اصدر رئيس حركة التجدد الديموقراطي الوزير نسيب لحود البيان الآتي:
انتخابات 7 حزيران شكلت محطة فاصلة في الحياة السياسية اللبنانية من حيث دلالاتها الديموقراطية والسياسية والشعبية، نأمل ان تكون معبرا نحو المصالحة والاستقرار وتعزيز منطق بناء الدولة. وهي تستدعي منا الاستنتاجات الستة التالية:
اولا- هذه الانتخابات هي الاولى بعد الحرب تجرى وفق قانون متوافق عليه ويسلم بنتائجها كل الافرقاء. كما لا شك انها ارقى انتخابات من حيث مستوى التنظيم والحداثة وحياد الاجهزة الرسمية، وذلك على الرغم من الملاحظات الجدية على القانون المعتمد. لقد اتت هذه الانتخابات برهانا قاطعا على قدرة اللبنانيين على الاحتكام الى اللعبة الديموقراطية كأساس حضاري وسلمي للحكم وتداول السلطة على قواعد واضحة، من دون تسويف أو التفاف على النتائج، ومن دون استنباط قواعد واجتهادات جديدة من طرف واحد ومن ثم تنسيب هذه الاجتهادات الى الدستور او الى اتفاق الطائف. فالتسليم بنتائج الانتخابات من قبل الأطراف التي خاضتها يجب ان يكون من اليوم فصاعدا التكملة الطبيعية للعملية الانتخابية. عليه، نتقدم بالتهنئة الى جميع الفائزين ونتمنى لهم التوفيق في خدمة لبنان.
ثانيا- أبرزت هذه الانتخابات بوضوح الخيارات الاساسية لغالبية اللبنانيين، تلك الخيارات التي عبروا عنها يوم 14 آذار 2005، وهي ارادة العيش المشترك الكريم في دولة مستقلة ومستقرة يتشارك مواطنوها في ادارة شؤونها ويتساوون في تقرير مصيرهم ومصيرها. في 7 حزيران 2009 جدد اللبنانيون تعلقهم بتلك الاهداف، رغم التضحيات التي بذلت في الاعوام الاربعة الماضية. لقد انهت هذه الانتخابات اسطورة “التمثيل الاحادي للطائفة المسيحية” ومقولة “الاكثرية الوهمية والاكثرية الشعبية”، كما أثبت جمهور 14 آذار من كل الطوائف والمناطق انه القائد الحقيقي لمشروع بناء الدولة وتعزيز السيادة الوطنية وحماية الاستقلال، رغم الزلات والعثرات التي تخللت الحملة الانتخابية.
ثالثا- كان يمكن للأكثرية المنبثقة من هذه الانتخابات ان تكون اكبر حجما وللنتائج ان تكون اكثر تعبيرا عن هذه الخيارات الوطنية وبالتالي اكثر تأثيرا لا بل اكثر حسما، لولا الاخطاء الجسيمة في ادارة المعركة الانتخابية خصوصا في دائرتي المتن وكسروان وغيرها. تلك الممارسات غلّبت سلوك الاستئثار وتحصيل المكاسب الحزبية والفردية الضيقة على مصلحة المجموعة، وابعدت المعركة عن جوهرها السياسي والمبدئي، وأقصت بالتالي شريحة واسعة من الناخبين كانت ضرورية وكافية لكسب رهان التغيير في تلك المناطق.
رابعا- لقد اتاحت هذه الانتخابات، وبحرية تامة، ابراز الخيارات الاخرى غير الاكثرية لدى الرأي العام اللبناني، اي خيارات 8 آذار. هذه الخيارات هي ايضا تعكس هواجس وتطلعات فئات معتبرة من الشعب اللبناني يجب اخذها في الحسبان والاحترام وادراج معالجتها في جدول اعمال وطني مشترك للمرحلة المقبلة يتضمن اجابات وتطمينات للهواجس والتطلعات المشروعة لكل الاطراف اللبنانيين، في جو من المصالحة الوطنية الحقيقية.
خامسا- من اهم نواقص هذه الانتخابات انها لم تسمح بابراز خيارات سياسية واجتماعية ومدنية من خارج الانقسام الرئيسي الموجود في البلاد.
وهي خيارات تتعلق بالاصلاح والتحديث والبيئة وحقوق المرأة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء المواطنية ومكافحة الفساد، بعيدا عن الشعبوية الرخيصة والشعارات المرحلية المزيفة. هذه الخيارات موجودة لدى قوى سياسية جدية وشرائح واسعة من الرأي العام تتطلع الى لبنان حديث ومعاصر.
ان هذا النقص في التمثيل لا يمكن معالجته الا من خلال قانون انتخابات جديد يعتمد على النظام النسبي يجب ان يكون في اعلى جدول الاعمال الوطني للمرحلة المقبلة.
سادسا- طوال الحملة الانتخابية، آلينا على انفسنا في حركة التجدد الديموقراطي ان ننكفىء طوعا عن النقاش في الاخطاء والعثرات حرصا على المصلحة العليا ل”14 آذار” واحتراما منا لجمهورها ونضالاته وتضحياته وتفاديا لصب الماء في طاحونة الفريق الآخر، وذلك رغم الجراح العميقة التي اصابت حركة التجدد من جراء هذه الممارسات، وهي الحركة التي غلّبت على الدوام روح الفريق على اغراءات المكاسب والمصلحة العليا على المصالح الفئوية. اما اليوم، وبعد انتهاء العملية الانتخابية، وعلى ابواب هذه المرحلة الجديدة، لا بد لقوى 14 آذار من تقويم هذه الممارسات والاخطاء وتصحيحها اذا كانت تريد فعلا الاستفادة من دروس المرحلة السابقة.