ثمة مفارقة محبطة، وعميقة في التأثير، لما نراه في الوقت الراهن من الواقع الفلسطيني والتنظيمات بكافة أنواعها، وأشكالها، وأسماؤها، وألوان أعلامها، وشخوص قياداتها. كل ذلك تجلى بشكل واضح في اقتتال دام بين الأخوة ضيّع نضال عقود طويلة من المواجهة مع العدو الصهيوني، الذي يرى فيما يحصل، إراحة له وإعفائه مؤقتاً، حيث وجد في الفصائل المسلحة في الداخل من ينوب عنه في عمله المتواصل من قهر وذل وقتل للشعب الفلسطيني.
أتذكر في أيام مضت، ونحن صغار أيام كنا نتباهى بشخصية (الفدائي) حيث كنا نعتز بتقليد لبسه ومشيته واعتزازه بنفسه وبرجولته وحبه للتضحية وقوته الخرافية في اجتياز نقاط الخطر. الفدائي في أذهاننا كان النجم الساطع والذي حلمنا به محررا لكل الأراضي المحتلة.
كانت هذه الصورة الرائعة قبل السبعينات، وقبل أن يتغير كل شيء للأسف. حيث بعد خروج المقاومة من بيروت أخذت هذه الصورة تتلاشى شيئا فشيئا حتى اضمحلت من الواقع ومن خيالنا أيضا.
بعد الخروج عام 1982، وتشتت المقاومة في الشتات من جديد، عقد المجلس الوطني الفلسطيني مؤتمره في العاصمة الأردنية عمان. وتناول المؤتمر كل القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير. والمميز في تلك المداخلات هي كلمة السيد شفيق الحوت ممثل منظمة التحرير في لبنان تلك الفترة.
حيث قال : ” نقف وراء المنابر ونفعل عكس ما نقول بين بعضنا البعض وندعو لتصعيد الكفاح المسلح ونستمتع برنة هذه الكلمة، لقد ملتها أذني من كثرة تردادها. أريد أن أحاكم العقل الفلسطيني بالسؤال كيف؟ وانتم تعرفون بأنكم ترفعون الأيدي عندما تدخلون وترفعونها عندما تخرجون وهذا يحصل في كل الأقطار العربية التي تتواجدون فيها!! عن أي كفاح مسلح تتحدثون؟؟ .
بعد كل هذه السنوات ماذا تغير؟؟.
وليعلم الجميع.. لولا سياسة الرئيس المرحوم ياسر عرفات لما وجدت نواة الدويلة الفلسطينية ويرجع الفضل في ذلك للحجر الذي أطلقه الطفل الفلسطيني في الانتفاضة الأولى.. وكانت المأساة الجديدة في تصعيد الكفاح المسلح بعد عقدين من الزمن. والتي تمثلت بأشكال استعراضية كثيرة أبرزها (صواريخ القسام العظيمة) والمفجع بالأمر إن نتائجها كانت وبالاً على الفلسطينين ولم تحقق شيئا غير الدمار والموت والقتل المستمر على المساكين من الشعب الفلسطيني.
وأصبح الحديث عن الوحدة الوطنية مجرد ترهات وكلام بلا معنى، والدم الفلسطيني أودية في شوارع المدن الفلسطينية، ليس برصاص طائرات الاحتلال الصهيوني، بل بيد الإخوة الأعداء !!
جذر المسألة في تحليل السيد شفيق الحوت هو “إن كل الحروب التي حصلت إن كان في الأردن، أو مع السوريين،
وفي لبنان أخيرا، هو التنافس بين منطق الثورة ومنطق الدولة “.
الآن، وبعد ربع قرن على ذلك الحديث، يتكرر المشهد بشكل مخزي في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، وما نراه من فوضى قاتلة و فضاعات تذهل الأعداء قبل الأصدقاء أمرا عادياً !؟ ليس هذا الصراع بين إحدى الدول العربية أو (جيش إسرائيل) والفلسطينيين، بل بين أبناء الشعب الواحد؟؟ إن هذا الصراع الجديد ناتج عن ذهنية مزدوجة في التعاطي مع قضايا السيادة والاستقلال والدولة بشكلها الحضاري، والفوضى في التعاطي مع السلاح المشرّع والمباح في الشوارع الفلسطينية، أصبح مقتلا لكل هذا الشعب. هذا الصراع الذي ولد أصلا مع كل ولادة إن كانت طبيعية أو قيصرية لأي منظمة أو حركة أو انشقاق أو فصيل فلسطيني. فالتشظي العربي أصاب كل التنظيمات واختصر اسم فلسطين على (حمساوي، وفتحاوي، وجبهاوي، وجهداوي)، وضاع للأسف الأصل من المعنى !!وذهب اسم فلسطين مع شلل شقت ع! صا الطاعة على قيادتها في الشوارع، وطغى منطق (الثورة) القديم على عملها، وأصبح النضال الوحيد لها، احتلال موقع منافس، أو خطف عنصر والتمثيل به وبأبنائه من التنظيم الآخر، بأسلوب يخجل كل التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني منه؟ ونحيل السبب في ذلك كله إلى لعبة النظم العربية التي تاجرت بالقضية الفلسطينية على مدار ربع قرن من الزمان ولعبت بكل الخيوط بشكل خفي، لتحتكر بذلك ديمومة جديدة لنظمها لسنوات عديدة قادمة على حساب الدم الفلسطيني المسفوح؟؟؟
ونعود بالسؤال من جديد: ماذا فعلت كل هذه المليشيات المسلحة للقضية الفلسطينية؟؟
لا شيء للأسف!! إلا القتل والدمار !!.
صورة بشعة تناقلتها وكالات الأنباء (لمناضل ملثّم) يقتحم موقع أو يقف منتشياً بالنصر فوق جثة أخيه، ويصيح بأعلى صوته (الله وأكبر) وكأنه احتكر الله وكل دياناته ورسله؟؟ في نضاله المزعوم هذا، أو كأنه حرر بيت المقدس من جديد. وتتكرر هذه الصورة المأسوية في نهر البارد بنفس الأسلوب !! ونفسها في العراق المحتل عندما تهاجم عناصر ميليشيات المهدي أحد الجوامع أو الأحياء السكنية ويصيح أفرادها بنفس الصوت العالي ” وياك ياعلي “؟؟.
إلى أي حد وصل الرخص في أرواح بعضنا البعض؟؟
منذ سنتين في أزمة الرسوم الكاريكاتورية التي استهدفت الرسول، اهتز العالم لذلك وخاصة العالم الإسلامي وهب لهذا (الأمر العظيم) كل من يقول (الله وأكبر) للاحتجاج على ذلك.
اتسائل الآن: ألا يستحق قصف جامع أو مسجد أو حسينية أو قتل مؤمن في أحد بيوت الله يصلي للذي يستنصرون به عليه الاستنكار أو الاحتجاج، من قبل جموع العالم الإسلامي. وأيهما أفظع؟؟
لقد وصل القرف من كل شيء. إلى كل شيء. إلى حد الثمالة؟؟
Marwan62hamza@yahoo.com
شهبا- سوريا
ميليشيات فلسطين المسلحة، ماذا قدّمت لفلسطين؟؟
“وياك يا حمزة” , العقدة تكمن في المرجعية الدينية المبنية على خرافة أني المحق.
وغيري في ظلال دربه الجحيم , وأني قاحم في رفضي للأخر لأبواب الجنة.
ويحه هذا العقل السائد كيف نوئسس لتبديله من خلال نظام فكري لا يتبدل؟
ميليشيات فلسطين المسلحة، ماذا قدّمت لفلسطين؟؟
It just takes two Arabs to start a fight then a war.Enjoy the ride around your own blood.