مومبرتي لـ”الراعي”: الفاتيكان مع المحكمة الدولية وحلف الأقليات وهم مدَمِّر”

أثار كلام البطريرك الراعي، في عظته الدينية الأخيرة، بأنه طلب من الأديرة عدم استخدام “أجانب غير مسيحيين” للحراسة و”عدم إيوائهم في الأديرة” إستهجاناً في أوساط مسيحية، خصوصاً أن مثل هذا الكلام يُقصَدُ به “العمال السوريون”! وتساءلت أوساط مسيحية كيف كان الرأي العام الأوروبي سيردّ لو “تجرّأ” كاردينال أوروبي على الإنطلاق من جريمة قتل فردية مأساوية (هزّت “كل” اللبنانيين..) لإطلاق مثل هذا التحذير “العنصري”ضد عمّال أجانب، جزائريين أو مغاربة مثلا! أو حتى لمطالبة القضاء بتطبيق أقصى عقوبة ضد الجاني! هل هذا ضغط على القضاء الذي يُفترض أن يكون “مستقلاً”، نعم أم لا؟

وفي ضوء جريمة “كترمايا” المروّعة التي شهدها لبنان ولطّخت سمعته، فهل يتحمّل “سيّدنا” مغبة أي أعمال ثأرية يمكن أن يولّدها كلامه “الديماغوجي”؟

خصوصاً أنه لم يستلفت نظر البطريرك الماروني أن عشرات من العمّال السوريين المقصودين بـ”عظته” تعرّض لعمليات خطف وترويع شاركت بها أجهزة أمنية رسمية.

كلام “العظة” يليق بـ”نائب منطقة” يسعى لكسب شعبية ديماغوجية ولا يليق بمن “أعطي له مجد لبنان”! عدا أنه، في تقديرنا المتواضع، لا يرقى إلى مرتبة عظة “مسيحية”!

بيار عقل

*

“الشفاف”، خاص- الفاتيكان

أثمرت الضغوط الفاتيكانية على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تغييرا تدريجيا في خطابه السياسي خصوصا في ما يتعلق بالمحكمة ذات الطابع الدولي الناظرة في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقيادات ثورة الارز. فقد سحب البطريرك الراعي من خطابه المتعلق بالمحكمة الشروط التي كان يضعها على المحكمة وهي”أن لا تكون مسيَسة او ان تتسبّب بفتنة”.

وتشير معلومات ان البطريرك الراعي سمع من وزير خارجية الفاتيكان ما لا يسر خاطره، حيث واجهه الوزير بأسئلة واضحة ومحددة في اللقاء الجاف الذي جرى بينهما في طريق عودة الراعي من زيارته الراعوية الى الولايات المتحدة.

تقول المعلومات أن الوزير مومبرتي توجه الى الراعي بالقول: لقد دمرت جهد سنوات من عمل الفاتيكان ومن جهد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في تعزيز العلاقات الإسلامية المسيحية وأعمال “السينودوس من أجل لبنان. وقال مومبرتي للراعي: إذا كانت مواقفك ناجمة عن تهديدات تتعرض لها فتلك مصيبة، وإن كانت ناجمة عن قناعات فالمصيبة أعظم!

وأضاف الوزير مومبرتي أنه من غير المسموح لأي شخصية دينية ان تعمل على “خربطة” الجهود الفاتيكانية، خصوصا ما يتعلق منها بالعدالة، وتحديداً المحكمة الدولية التي يدعم الفاتيكان جهودها ويمحضها ثقته التامة بوصفها أرفع جهة دولية قانونية لا غبار على صدقيتها.

وتضيف المعلومات ان الوزير مومبرتي أبلغ الراعي ان عليه سحب الإشتراطات التي يضعها على المحكمة والتي تنم عن تشكيك مسبق بصدقيتها وبصدقية عملها.

الفاتيكان لم يبلّغ الراعي بزيارة الرئيس السنيورة!

وتشير المعلومات الى ان التوجيهات تم إبلاغها الى مجلس المطارنة الموارنة تدعو إلى عدم الموافقة بشكل آلي على مواقف البطريرك الراعي وان من واجب المجلس وضع النقاط على الحروف عندما يشعر ان هناك إنحرافا في سياسة الكنيسة المارونية بما لا ينسجم مع مواقفها التاريخية من جهة، ومع المواقف الفاتيكانية من جهة أخرى.

وفي السياق عينه تشير المعلومات الى ان المواقف التي كان يصدرها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير كانت نابعة من ضرورات الإنسجام مع السياسة الفاتيكانية في ما يدحض الإدعاءات التي ساقها فريق عمل البطريرك الراعي من انه ينفذ “سياسة فاتيكانية”.

وتضيف ان الوزير مومبرتي ابلغ الراعي أن مسألة “حلف الاقليات” هي “وهم مدمِّر” خصوصا أن النظام السوري الحالي لن يعيش لما بعد شهر شباط/فبراير المقبل، وأن مرحلة “الربيع العربي” هي ضمانة للمسيحيين، عموما، واللبنانيين خصوصا، الذين يجب عليهم ان يضطلعوا بدورهم التاريخي والريادي في العالم العربي، إنسجاما مع التوصيف الذي حدده البابا الراحل يوحنا بولس الثاني للبنان، حين وصفه بأنه “أكبر من بلد، فهو رسالة”.

وتضيف المعلومات ان الاستياء الفاتيكاني من البطيريك الراعي بلغ مرحلة حرجة، وان الاخير وُضِع تحت مجهر الحاضرة الفاتيكانية. وتشير الى ان الفاتيكان، وكتعبير عن إستيائه من الراعي، خرقَ الاعراف البروتوكولية المعمول بها مع الكنيسة المارونية حين أحجم عن إبلاغ البطريرك الماروني بزيارة رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق فؤاد السنيورة الى الفاتيكان، إضافة الى عدم إطلاع الراعي على تفاصيل هذه الزيارة.