الصورة: رئيس حكومة إيران مير حسين موسوي في البرلمان أثناء الحرب مع العراق وخلفه شعارات: “اليوم خورمشهر وغدا كربلاء” و”حرب حتى النصر”
*
بعد صمت دام 22 عاماً، رفع الزعيم الإيراني مير حسين موسوي النقاب عن دور المرشد خامنئي في خطف طائرة “الجابرية” الكويتية في أبريل 1988 وكشف أنه كان ضد تلك العملية الإرهابية التي قادها “عماد مغنية”. وقد استمرت عملية الخطف 16 يوماً، وتخلّلها إعدام مواطنين كويتيين هما عبدالله محمد حباب الخالدي وخالد اسماعيل ايوب بدر ورمي جثتيهما من الطائرة في مطار الجزائر (الصورة). وعدا تأكيد موسوي معارضة الحكومة التي كان يرأسها آنذاك للعملية، فإنه يملح ضمناً إلى أن خامنئي وشركاءه ضحّوا بصورة إيران أمام الرأي العام العالمي، التي كانت تحسّنت بعد أن قصف صدام “حلبجية” بالألسلحة الكيميائية، لمجرّد زعزعة الحكومة التي كان يرأسها.
وجدير بالذكر أن خامنئي ألغى منصب رئيس الحكومة فور تسلّمه منصب “المرشد” لكي يتخلّص من غريمه مير حسين موسوي.
ولأول مرة أيضاً، فقد صرّح موسوي أمام مجموعة من الصحفيين الإيرانيين بأن حكومته لم تلعب أي دور في الإعدامات السياسية الجماعية التي شهدتها إيران في نفس العام، 1988، وذهب ضحيّتها ما يتراوح، حسب التقديرات، بين 5000 و30 ألف شاب إيراني أغلبيّتهم الساحقة من حملة الشهادات العالية. وتُعتَبَر تلك المجزرة التي أصدر الخميني “فتوى” لتبريرها أبشع مجزرة في التاريخ الإيراني كله. وقد بدأت الإعدامات، سرّاً، في 19-7-1988 واستمرت خمسة أشهر.
ويشير كلام موسوي إلى العلاقة الوثيقة والقديمة بين حزب الله اللبناني والجناح الإرهابي في النظام الإيراني الذي يتزعمه خامنئي. ومن أبرز وجوهه “علي ولايتي” الذي “شرّف” لبنان بزيارته خلال الأسبوع الماضي، ويُعتَبَر بين أبرز المسؤولين عن إعدام المعارضين اليساريين في العام 1988. ومن أبشع تفاصيل تلك الإعدامات أن مسؤولي فرق الإعدام الذين “تعبوا” من نصب المشانق على مدى أشهر، طالبوا السلطات بالسماح لهم بإعدام الشبان الإيرانيين بالرصاص. ولكن النظام رفض ذلك بحجّة تعارضه مع “الشريعة الإسلامية”. والواقع أن الرفض كان حتى لا يُسمع صوت الرصاص في الخارج، أي حتى لا يعرف المجتمع الإيراني بعمليات إبادة خيرة أبنائه خلال 5 أشهر على طريقة “بول بوت” الكمبودي. مع فارق أنها كانت جريمة “إلهية” ضد “الإنسانية”!
هل هذا ما يريد تكراره حزب الله اللبناني وأذياله الذين ينادون كل يوم بـ”تعليق المشانق” في لبنان؟
*
طلبت إقفال المجال الجوي أمام “الجابرية”
تحدث مير حسين موسوي عن إستقالته في العام 1989، فقال: “في تلك الفترة، كنت قد حذّرت من عواقب التطرف والمغامرة في السياسة الدولية، وأعتقد أننا لم نخسر يوماً من جراء العودة إلى المبادئ والتمسك بقيمنا الأساسية في السياسة الخارجية والسياسة الداخلية. إن الإضرار التي تعرّضت لها إيران نجمت عن الجهل والمغامرة”.
وقال:
“بعد يوم واحد من الهجوم (بالأسلحة الكيميائية) الذي شنّه صدام على “حلبجة”، ذهبنا إلى هناك ورأينا المشاهد المروّعة عن قُرب. وبعد أن دعينا الصحفيين وانتشرت أفلام وصور المجرزة، فإن الرأي العام الدولي تغيّر قليلاً لصالحنا. ولكن، في تلك اللحظة بالذات، وأنا لن أكشف الآن من فعل ذلك وكيف- فقد تم اختطاف طائرة وطلب الخاطفون السماح لهم بالهبوط في مطار مهرآباد” بطهران. ولكننا طلبنا من أصدقائنا أن أصدقائنا أن يقفلوا المجال الجوي أمام الطائرة التي اتجهت، بعد ذلك، إلى “مشهد”. إن هذا الموقف (أي السماح للطائرة بالهبوط في “مشهد”) كان موقفاً يصعب الدفاع عنه وقد تسبّب لنا بأضرار جسيمة”.
ولكن مير حسين موسوي لم يعط تفاصيل أكثر عن ملابسات خطف الطائرة الكويتية قائلاً: “في رأيي أن إثارة مثل هذه المسائل بصورة تفصيلية ليس ضرورياً إلا بقدر ما يخدم ذلك مصالح الحركة الخضراء. ..”. ويعني ذلك أن موسوي يحتفظ بهذه الأوراق لكشفها إذا تزايدت الضغوط عليه.
واستطرد موسوي قائلاً أن الهجمات التي يتعرض لها إداء حكومته في الثمانينات هي هجمات منظمة وهي جزء من “مشروع” أوسع، وأنها تهدف إلى “تشويه التاريخ”، وقال:
“لقد سمعت شخصاً يقول أنه لو وفّرت لنا الحكومة (التي كان موسوي رئيسها) في ذلك الحين الموارد الكافية، لكنّا استطعنا أن نحتلّ بغداد في السنة الخامسة للحرب (استمرت الحرب الإيرانية-العراقية 8 سنوات)، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. وسبق أن ألمحت إلى ضرورة وضع حدّ لتسريب مثل هذه الأكاذيب. أما إذا استمرّت، فلدينا كثير من القصص التي لم نخبر الناس عنها منذ تلك الفترة.
ولدى التطرّق إلى أحداث السنوات العشر الأولى من عمر الجمهورية الإسلامية قال موسوي: “قلت مرات عديدة أن تلك الأزمنة لم تخلُ من الأخطاء والنواقص. ولكن المناخ الذي خلقته السلطات الحالية يجعل كل إنجازات الثورة على مدى 30 عاماً موضع تشكيك، وهذا أمر خطر جداً”.
بهشتي دافع عن بازركان
وأضاف: “من حقّ المرء أن يناقش كل الأمور الغامضة في بداية الثورة.. لقد شهدت بنفسي كيف قامت حكومة “بازركان (رئيس أول حكومة مؤقتة بعد الثورة) باستبعاد نفسها بنفسها من الإدارة العليا للبلاد. وقد راقبت عن كثب الأحداث في مجلس قيادة الثورة. وكنت صديقاً لـ”بازركان” ولأعضاء “حركة الحرية”. إن العديد من الأشخاص الذين كانت الحكومة المؤقتة تعتبرهم خصومها كانوا(في الواقع) يسعون إلى الحؤول دون سقوطها.
واستطرد قائلاً: “بعد استقالة “بازركان”، قال السيد بهشتي (رئيس القضاء الذي تم اغتياله لاحقاً) أنه “سيتم إعلان أسماء أعضاء مجلس قيادة الثورة الجديد وسوف أصرّ بشدة أمام الإمام الخميني لكي يبقى إسم بازركان بين أعضاء المجلس”. وحدث ذلك في وقت كانت الصحف المرتبطة ببازركان تكتب أن مصير “بهشتي” هو الجحيم.. وبالفعل، قام “بهشتي” بزيارة الإمام وأصرّ على تعيين بازركان عضواً في مجلس قيادة الثورة”.
وأشار موسوي إلى الظروف الصعبة التي اضطرت الثورة للتعامل معها في البدايات وذلك في مناطق مثل كردستان وخوزستان وفي مرفأي “توركمان” و”لانغيه”: “على المرء أن ينظر إلى تلك البيئات وأن يفهمها في الإطار العام..”
وأثناء الإجتماع، ردّ موسوي الذي كان رئيساً لحكومة الحرب العراقية-الإيرانية على إسئلة كثيرة طُرحت عليه حول الإعدامات الجماعية في العام 1988 للسجناء الذين كان لهم علاقات مزعومة مع جماعات يسارية أو مع جماعة “مجاهدي الشعب”.
هل كانت حكومتي تملك أية معلومات حول الإعدامات؟
وقال موسوي: “ينبغي النظر إلى قضية إعدامات 1988 الجماعية في إطارها التاريخي، ثم علينا أن نسألل: هل كانت الحكومة التي كنت أرأسها تملك أية معلومات بخصوص ذلك الموضوع؟ بل، وهل كانت حكومتي قادرة على التدخّل في الموضوع؟ هل يرد أي ذِكر للحكومة في أي من أحكام الإعدام أو وثائق المحاكمة؟ إن حكومتي لم تلعب أي دور في تلك القضية. إن الكثير من الناس ليسوا مطلعين على هذه النقطة. ولكنني أجد نفسي مضطرّاً لعدم بحث هذه القضية بالتفصيل”.
وقال موسوي: “حينما قدّمت استقالتي من رئاسة الحكومة، فقد تمّ نشر نصّ الإستقالة، ولكن لم تبدر من الرأي العام الإيراني أية رد فعل على قضية الخطف. وقد يكون السبب هو أن ذلك كان أمراً مرغوباً من المجتمع في ذلك الحين..”.
إقرأ أيضاً:
موسوي لخامنئي: القنص في شوارع لبنان والمتفجرات في السعودية وخطف الطائرات تتم بدون علم الحكومة!
موسوي: زرت “حلبجة” وكنت ضد خطف “الجابرية” وإعدام 30 آلف معارض
الى الشفاف:
“…. “علي ولايتي” ….. يُعتَبَر بين أبرز المسؤولين عن إعدام المعارضين اليساريين في العام 1988. ومن أبشع تفاصيل تلك الإعدامات أن مسؤولي فرق الإعدام الذين “تعبوا” من نصب المشانق على مدى أشهر، طالبوا السلطات بالسماح لهم بإعدام الشبان الإيرانيين بالرصاص. ولكن النظام رفض ذلك بحجّة تعارضه مع “الشريعة الإسلامية”. والواقع أن الرفض كان حتى لا يُسمع صوت الرصاص في الخارج، ”
السؤآل هو: هل أنّ المتحدّث هنا موسوي أم الأستاذ بيار؟
هل هناك رابط (لنك) لتصريحات موسوي؟
موسوي: زرت “حلبجة” وكنت ضد خطف “الجابرية” وإعدام 31 آلف معارض
يقول المفكر الإيراني الشيعي د. علي شريعتي: “الدولة الصفوية قامت على مزيج من القومية الفارسية، والمذهب الشيعي حيث تولدت آنذاك تيارات تدعو لإحياء التراث الوطني والاعتزاز بالهوية الإيرانية، وتفضيل العجم على العرب، وإشاعة اليأس من الإسلام، وفصل الإيرانيين عن تيار النهضة الإسلامية المندفع، وتمجيد الأكاسرة”.