من أبطال عملية نهاريا (جمال عبد الناصر)
بعد عملية التبادل الأخيرة للأسرى وجثامين الشهداء اللبنانيين والعرب، وفتح جراح مزمنة عمرها من عمر تاريخ كل عملية، عاد كل شيء إلى نقطة الصفر. أهالي زغردت بعودة أبنائها من الأسر بعد طول غياب ، وعائلات كثيرة فتحت مناحات جديدة مليئة بالدموع والحسرات لعودة ابنها في تابوت حديث موشح بأعلام كثيرة. هذا حال من استقبالات الأهالي على تنوعها. أما المأساة الافضع هي بانتظار طويل دون جدوى لتابوت احرق الوقت أعصاب أهله وملا عيونهم بدموع غزيرة لا تتوقف على أمل جواب شاف من كل المسؤولين المتابعين لتفاصيل العملية على كل الأسئلة:
لماذا استثني من العودة جثمان الشهيد مهنا المؤيد؟
قد تكون والدته المفجوعة بالانتظار في قرية – عرمان – بمحافظة السويداء – هي الوحيدة التي افتقدته من جديد بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على غيابه الاستشهادي.. عند سماعها بعودة جثمانه جهزت له في (خيالها) استقبال لائق يعوضها عن مرارة الفراق لحظة خروجه لتنفيذ تلك العملية… تذكرت في لحظات الانتظار الطويلة كل تفاصيل حياته الدقيقة ولكن.. إلى الآن دون جدوى… كل التحاليل الوراثية اكتملت.. ولم تصل الجثة بعد… وتكرر السؤال أكثر من مرة.. ولا إجابات شافية!!
وقد تكون الحرقة مضاعفة لدى ذويه ومعارفه وأصدقائه حين اطل عميد الأسرى سمير القنطار في أول (إطلالة) مباشرة له عند استقباله مع المحررين في احتفالات حزب الله ولقاء مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله (لدقائق معدودة).. عندما خاطبه بالقول (كلفنا تحريرك حرب مدتها 33 يوما يا سمير؟؟؟) . وفي رده عند ذلك حيا (العميد) في خطبته تلك كل المقدسات؟؟ ولكنه (للأسف) لم يتذكر (لهول اللقاء) رفاقه في عملية نهاريا: الشهيدين – مهنا المؤيد – وعبد المجيد أصلان – الذين آثروا الشهادة على أن يستمر رفاقهم أحياء لإنجاح العملية، وذلك باشتباكات مسلحة بشوارع المدينة من الساعة الواحدة ليلا إلى السادسة صباحا ليتسنى – لسمير القنطار واحمد الأبرص – في إتمام عملية اختطاف العالم النووي والخروج بهم من نهاريا بسلام بزورق صغير.. ليقعوا بعدها في الأسر جريحين، ومقتل المخطوفين.
لن نتطرق إلى أية تفاصيل قد تقترب من المس بقدسية الشهادة أو إلى الشهداء أنفسهم. ولم نكتب ما كتب إلا للتذكير بان لهؤلاء الجنود المجهولين حق في أعناقنا علينا أن نوفيه لهم يوما ما..
لكل الشهداء الرحمة ولأهلهم الصبر والسلوان.
والتحية لكل الأسرى المحررين والذين يقبعون أبطالاً في سجون الاحتلال الصهيوني.
والحرية لكل معتقلي الضمير أصحاب الرأي السياسي في كل السجون العربية بشكل عام والسجون السورية بشكل خاص.
*
بعض المفارقات في استقبال جثمان الشهيدة زهر أبو عساف في محافظة السويداء
حين تجهزت قرية سليم لاستقبال موكب الشهيدة زهر أبو عساف سارعت مختلف (الأجهزة) إلى حشد مكثف لكل عناصرها من كل حدب وصوب و استنفار (منظم) لكل فيالق معسكراتها من شبيبة وصاعقة وفصائل مسلحة لإتمام مراسم الاستقبال تلك. واقتربت سيارة النعش وبدأت عملية نقلها إلى مركز الاحتفال وعند تلك اللحظة انفلت كل شيء وتدافعت الفيالق إلى النعش بهياج فظيع غير مبرر والمفارقة بالأمر ليس للمشاركة في حمل النعش؟ بل لتمزيق العلم الملفوف بالنعش وهو / علم الحزب القومي السوري / .. واستبداله بعلم البلاد.. ونتج من جراء ذلك صراخ وشجار وجرحى مع وتحشيد وملاسنات كثيرة أفقدت الموقف بعض من هول القدسية المرافق للمناسبة.
والسؤال الذي يطرح: هل كان يخطر في بال الشهيدة زهر عند قيامها بتلك العملية أن يحصل الذي حصل اليوم؟
من المؤكد بأنها كانت ستقول: إن مساحة التابوت الذي ارقد فيه يتسع لعشرات الأعلام الملونة, وكان يمكن أن يكون ذلك دون تمزيق لأي علم، ودون إقصاء لأي جهة كانت , أو لأي حزب على الساحة السورية، وكان يمكن أن يكون كذلك, دون كراهية بين المشيعين، ودون صراخ اقلق نومي الهانئ الطويل, وأنساني بمرارة قاسية الهدف الذي استشهدت لأجله !!وقد أكون نادمة بحق على العودة لأرقد بسلام على تراب بلدي!!
ولو خيرت بين العودة او البقاء فوق ارض فلسطين التي هي قبلة الشهداء والثوار وكل الأحرار , لفضلت البقاء في ترابها على ألا يختلف أبناء بلدي من اجل غطاء لنعشي……..
marwanhamza@maktoob.com
السويداء – شهبا