الكاتبة الإسبانية : خوليا نابارو – موقع : اوروبا برس
ترجمة : الحدرامي الأميني
قالها الديكتاتور السوري بشار الأسد لصحيفة الديلي تلغراف: إذا تدخل الغرب في سوريا فإنه سوف يتسبب في زلزال للمنطقة كلها. وحذر من أن سوريا ليست مصر ولا هي تونس أو ليبيا، ولكنها من الممكن أن تتحول إلى أفغانستان جديدة. لكم أن تتخيلوا مغزى هذا الكلام!
بينما كنت أقرأ هذه التصريحات في الصحيفة البريطانية كنت أفكر في سيرة حياة الديكتاتور السوري ابن الديكتاتور السوري السابق. فهذا الأسـد قد تعلم في انكلترا، بل إنه مارس مهنته في العاصمة البريطانية، وهو متزوج من امرأة انكليزية. هذا يعني أن بشار الأسد يعلم تمام العلم ما هي الديموقراطية، و ما معنى العيش في دولة القانون، ويعلم بشكل مباشر ما هي الحرية. لكن بالرغم من ذلك عندما عاد هذا الرجل، الذي اعتقد كثيرون أنه سيقوم بالخطوات الضرورية من أجل دمقرطة بلاده، أخذ يتصرف كديكتاتور تماماً مثل والده. الأمر الذي يعني أن لا تعلمه في بريطانيا ولا حياته في بلد ديموقراطي قد نفعاه بشيء أو تركا أثراً فيه.
من المؤكد أن تهديداته لم تقع على آذان صماء، إذ إنه حتى اللحظة الراهنة لم تفعل الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي أكثر من الأسف وإدانة المجازر والانتهاكات التي يرتكبها نظام الأسـد.
لقد بلغ عدد القتلى في سوريا، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة، أكثر من ثلاثة آلاف شخص، من بينهم مائتا طفل. و لأمر أقل من هذا قرر “الناتو” التدخل في ليبيا من أجل إنهاء نظام القذافي.
أما و أن الحال هي على هذه الصورة، فإنني أتساءل إلى متى سينظر حكامنا الى الجانب الآخر مفضلين التغاضي عن القمع الفظيع الذي يمارسه بشار الأسـد ضد مواطني بلده. أتكلم عن حكامنا و أعني بذلك الأوروبيين منهم، و لكنني أنظر أيضاً باتجاه الولايات المتحدة و “الناتو” وأتساءل لماذا لا يصح في سوريا ما كان قد صح في ليبيا .
يقوم الغرب بمساندة ما يسمى بـ”الربيع العربي” بطرق متعددة. لقد فعل ذلك في مصر، و في تونس، ناهيك عن ليبيا، لكنه ما زال يتخذ موقفا حذراً ومنافقاً فيما يخص سـوريا. إنني أفترض أن السوريين ليسوا ملزمين بأن يفهموا لماذا نتركهم وحيدين بمواجهة حظهم العائر، و أفترض أيضاً إنهم إذا نحجوا يوماً ما في التخلص من النظام الديكتاتوري الذي يعانون منه فإنهم لن يكونوا مدينين بالشكر للغرب على الإطلاق، بل بكثير من العتب و التأنيب.
من الواضح أننا لا نعلم حتى الآن عواقب هذا “الربيع العربي” وأن الغرب يرقب بكثير من القلق صعود الأحزاب الدينية، كما في الحالة التونسية حيث فازوا في الانتخابات، و هو الأمر نفسه الذي قد يحدث في مصر. زد على ذلك أن زعيم المقاومة الليبية كان قد صرح بأن القانون في بلاده يجب أن يكون الشريعة. لكـن مهما كان الذي سيحدث، فمن المؤكد أن هذه البلدان قد تحررت من حكامها الطغاة و أنها بدأت بالسير في طريق الديموقراطية.
غير أنه في الحالة السورية لا يبدو أن أحداً يجرؤ على التصدي للمهمة، وفي غضون ذلك يستمر السوريون الذي يجرؤون على تحدي النظام بالتعرض للاعتقال و التعذيب و المجازر.
إن الأمر الذي لا يمكن تحمله من الغرب في بعض الأحيان هو هذه الازدواجية الأخلاقية التي ترتكز على قاعدة المصالح الاقتصادية والجيو استراتيجية الخاصة .
لقد ألقى بشار الأسد بقفَّاز التحدي وهدد بزلزال في الشرق الأوسط، و بودي أن أعلم إن كان هناك في هذه الجهة من العالم من سيقبل التحدي من أجل الدفاع عن حقوق الإنسـان و المسيرة الديموقراطية، شاحذاً عزيمته بالعلم بأن قسماً كبيراً من المواطنين السوريين يقومون بالمخاطرة بحياتهم. إنني أتساءل: هل سيتجرأ أحد على مواجهة واحد من أواخر المتنمرين (البلطجية أو الزعران) في الشرق الأوسط؟
www.europapress.es/opinion/julianavarro/julia-navarro-escano-cero-quien-teme-siria-20111101120030.html